Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معركة الفاشر محتدمة ومقتل 17 من القيادات الأهلية بشمال كردفان

لقاء تشاوري بين وفد من "صمود" وفريق الوساطة المكون من الاتحاد الأفريقي و"إيقاد" والأمم المتحدة والجامعة العربية

حصار وظروف إنسانية قاسية يعيشها المدنيون في الفاشر (أ ف ب)

ملخص

مدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب حال الطوارئ الوطنية الخاصة بالسودان لمدة عام آخر بناءً على التقييم السنوي الذي يشير إلى أن سياسات وأفعال حكومة السودان، والوضع في السودان ودارفور، ما زالا يشكلان تهديداً استثنائياً للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة. ومنذ عام 1997 أعلنت الولايات المتحدة حال الطوارئ الوطنية ضد السودان، وظلت تجدد سنوياً، حيث كان من المقرر أن ينقضي أثرها في الثالث من نوفمبر المقبل.

تمكنت قوات الجيش والمشتركة والقوات المساندة الأخرى أمس الجمعة من صد الهجوم واسع وعنيف شنته قوات "الدعم السريع" بالمشاة والمركبات القتالية على مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور من المحورين الشمالي الشرقي والغربي.

وأكد بيان لقيادة الفرقة السادسة - مشاة أن الهجوم رقم 258 بدأ منذ الصباح الباكر، واستخدمت فيه "الدعم السريع" أكثر من 50 مركبة قتالية وعدداً من المصفحات، إلا أن الجيش والقوات المساندة تصديا للهجوم، ودُمِّرت 10 مركبات قتالية وأعطبت واستولت على بعضها بكامل عتادهما وقتلت العشرات من المهاجمين، ولفتت قيادة الفرقة على أن الأوضاع مستقرة حالياً.

وشهدت المدينة أثناء عمليات التصدي للهجوم اشتباكات عنيفة بين الطرفي في محوري القتال الشمالي والشمالي الغربي، وبث جنود من الفرقة السادسة مقاطع فيديو وهم يتجولون في شوارع الفاشر بعد صد هجوم "الدعم السريع". وأعلنت المقاومة الشعبية بشمال دارفور أن الجيش والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية، تمكنت من دحر هجوم جديد على مدينة الفاشر، وأوقعت بالمهاجمين خسائر فادحة. وأوضح بيان للمقاومة أن "الدعم السريع" نفذت هجومها مستخدمة سيارات قتالية مصفحة مدعومة بعناصر من المشاة، تم التصدي له ودحره بقوة بواسطة نيران المدفعية والطائرات المسيرة.

ظروف قاسية

جددت المقاومة الشعبية تأكيد بقاء مدينة الفاشر صامدة وثابتة على رغم الحصار المفروض والظروف الإنسانية القاسية التي يعيشها المدنيون، بخاصة الأطفال الذين تتهددهم المجاعة وسوء التغذية، مناشدة المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية ضرورة التحرك العاجل لفك الحصار عن الفاشر، وإيصال المساعدات الإنسانية عاجلاً لإنقاذ حياة المدنيين التي باتت على المحك.

في المقابل بثت "الدعم السريع" على منصاتها بمواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لعناصرها، قالت فيها إنها من داخل حي درجة أولی، الذي يمثل آخر معاقل الجيش والقوات المشتركة، مشيرة إلى أن قواتها تتقدم بثبات خلف حقول الألغام والأنفاق وسواتر الحاويات.

في المحور ذاته أعلنت القوات المشتركة تحرير منطقة أبو قمرة التابعة لمحلية كرنوى المتاخمة لمحلية الطينة بولاية غرب دارفور، في خطوة وصفها مراقبون بأنها نصر استراتيجي مهم ضمن العمليات الأمنية في المنطقة. وكانت "الدعم السريع" سيطرت قبل يومين على المنطقة في أعقاب انسلاخ انشقاق قوة عسكرية قوامها نحو 20 مركبة قتالية تتبع لتجمع "قوى تحرير السودان" بقيادة الطاهر حجر، عضو مجلس السيادة السابق، المتحالف مع "الدعم السريع"، وانضمامها إلى حركة "جيش تحرير السودان" المتحالفة مع الجيش ضمن القوات المشتركة.

مجزرة المزروب

في شمال كردفان لقي نحو 17 من قيادات الإدارة الأهلية بشمال كردفان مصرعهم وأصيب خمسة آخرون في مجزرة دموية نتيجة استهداف طائرة مسيرة اجتماعاً ضم القيادات الأهلية بمنطقة المزروب (غرب مدينة بارا)، التي تسيطر عليها "الدعم السريع" بالولاية.

وفيما لم يصدر بيان رسمي في شأن عدد القتلى في الهجوم، قالت غرفة طوارئ دار الحمر إن العدد الأولي للقتلى من قادة الإدارة الأهلية بلغ 11 قتيلاً، ورجحت مصادر محلية أن يتجاوز العدد 17 قتيلاً.

تبادل الاتهامات

فيما لم يعرف الطرف الذي تتبع له الطائرة المسيرة المهاجمة، تبادل كل من الجيش و"الدعم السريع" الاتهامات باستهداف الاجتماع.

ونعى بيان لمجلس السيادة الانتقالي زعيم قبيلة "المجانين" بشمال كردفان الناظر سليمان جابر جمعة سهل الذي قتل مع عدد من أعيان القبيلة من العمد والمشايخ. واتهم البيان "الدعم السريع" بالوقوف وراء الهجوم "خلال اجتماع صلح عقدته للإدارة الأهلية في المنطقة".

في المقابل اتهم بيان للمجلس الرئاسي بقيادة "الدعم السريع" الجيش بتنفيذ الهجوم المسير الذي أدى إلى مجزرة القيادات الأهلية في شمال كردفان. وعبر المجلس عن قلقه واستنكاره لما وصفه بالهجوم الإرهابي على تجمعات مدنية بمنطقة المزروب، أودى بحياة عشرات المدنيين الأبرياء، بينهم الناظر وعدد من القيادات الأهلية لقبيلة "المجانين". وتابع بيان المجلس أن "رئيسه محمد حمدان دقلو ونائبه وجميع أعضائه يشعرون بحزن عميق لفقدان عدد من رموز وأعيان قبيلة المجانين"، مشدداً على ضرورة معاقبة المتورطين في الحادثة والهجمات المماثلة في إقليمي كردفان ودارفور، كما حمل تحالف السودان التأسيسي "تأسيس" بقيادة "الدعم السريع"، قادة الجيش مسؤولية الهجوم، مطالباً المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ خطوات عاجلة لوقف الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين.

إدانات واستنكار

دان التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة "صمود" اغتيال قيادة الإدارات الأهلية لقبيلة "المجانين" التي قال إنها تمت بواسطة مسيرة للجيش. ودعا التحالف أطراف الحرب إلى القبول بالهدنة الإنسانية التي جاءت في بيان الرباعية، والانتظام في عملية تفاوضية تضع ترتيبات لإيقاف وإنهاء الحرب.

وشجب "حزب الأمة القومي" ما سماه القصف الجوي الغادر الذي استهدف قيادات الإدارة الأهلية أثناء اجتماعهم بمنطقة المزروب، وعده انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، كما طالبت "هيئة محامي كردفان" بفتح تحقيق دولي عاجل ومستقل حول ما وصفته بالهجوم الإرهابي المسير على منطقة المزروب والوقف فوري لكل صور الاستهداف الممنهج للمدنيين.

التشاور السياسي

سياسياً، عقد وفد من التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة "صمود"، بقيادة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، لقاء تشاورياً مع فريق الوساطة المكون من الاتحاد الأفريقي و"إيقاد" والأمم المتحدة والجامعة العربية. وأتى اللقاء بناءً على دعوة من فريق الوساطة للبحث في سبل إطلاق عملية سياسية ذات صدقية تقود إلى إنهاء الحرب وإحلال السلام في السودان. وأوضحت لجنة الاتصال السياسي بـ"صمود" أن الوفد قدم رؤيته للوساطة التي تؤكد ضرورة أن يشمل تصميم العملية السياسية ثلاثة مسارات، "الإنساني، وقف إطلاق النار، والحوار السياسي لمعالجة جذور الأزمة". وأشارت اللجنة إلى أن الرؤية تشدد كذلك على تكامل المسارات بقيادة وملكية سودانية، مع أهمية توحيد الوساطات الدولية والإقليمية.

حزمة إجراءات

أكد التحالف أن خريطة طريق دول الرباعية التي وردت ببيانها في الـ12 من سبتمبر (أيلول) الماضي جاءت ملبية بتطلعات قطاعات واسعة من الشعب السوداني، ويجب البناء عليها وإنشاء آلية تنسيق واسعة تضمن توحيد الجهود كافة لإحلال السلام في السودان. وشملت رؤية "صمود" بحسب لجنة الاتصال، "أهمية إقرار حزمة من الإجراءات الممهدة لحل شامل وحقيقي، وعلى رأسها إقرار هدنة إنسانية في أرجاء السودان كافة، وتوصيل المساعدات للمتضررين من الحرب، وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين، وإلغاء القوانين والمراسيم المنتهكة لحقوق الإنسان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الرباعية وتشاد

دولياً، بحث كبير مستشاري رئيس الولايات المتحدة للشؤون الأفريقية مسعد بولس مع الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي ونائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي قضايا الصراع في السودان والاستقرار في منطقة الساحل. وقال بولس في منشور على "إكس" إنه أجرى نقاشاً بناء مع دبي وبحث بصورة ثنائية مع نائب وزير الخارجية السعودي تعزيز الجهود لحل النزاعات وتعزيز السلام في المنطقة، مؤكداً أن بلاده تعمل الآن على دعم السلام والاستقرار لضمان مستقبل أكثر ازدهاراً لشعوبها.

وأكد المستشار الأميركي بدوره أن الولايات المتحدة تعمل من خلال المجموعة الرباعية على اتخاذ إجراءات عاجلة ومنسقة لاستعادة السلام والاستقرار وإنهاء معاناة الشعب السوداني.

في سياق متصل أكدت الخارجية السعودية أن نائب وزير الخارجية عقد لقاء رسمياً الخميس الماضي ضم رئيس جمهورية تشاد وبولس، وأوضحت على منصة "إكس" أن الخريجي بحث خلال اللقاء تكثيف الجهود الرامية لتعزيز الأمن والسلام في السودان وحل النزاعات في تلك المنطقة بما يحقق الاستقرار والازدهار، فضلاً عن أبرز المستجدات والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك والجهود المبذولة في شأنها.

طوارئ أميركية

في الأثناء، مدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب حال الطوارئ الوطنية الخاصة بالسودان لمدة عام آخر بناءً على التقييم السنوي الذي يشير إلى إن سياسات وأفعال حكومة السودان، والوضع في السودان ودارفور ما زالا يشكلان تهديداً استثنائياً للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة. ومنذ عام 1997 أعلنت الولايات المتحدة حال الطوارئ الوطنية ضد السودان، وظلت تجدد سنوياً، حيث كان من المقرر أن ينقضي أثرها في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

العودة الطوعية

على خط آخر، أكدت لجنة العودة الطوعية استمرار مشروع العودة الطوعية للسودانيين من مصر، وقالت رئيسة اللجنة ومديرة إدارة المسؤولية المجتمعية بمنظومة الصناعات الدفاعية أميمة عبدالله إن لجنة العودة تواصل تنفيذ عمليات التفويج عبر القطارات والباصات وفق جداول أسبقية التسجيل، بما يضمن انسيابية الرحلات ووصول العائدين إلى مختلف ولاياتهم بأمان وكرامة. وتمكنت المنظومة حتى الآن من تفويج أكثر من 120 ألف عائد ضمن عمليات العودة المنظمة.

إنعاش اقتصادي

اقتصادياً، دعت محافظة بنك السودان المركزي آمنة ميرغني إلى إعداد خطة استراتيجية شاملة تهدف إلى إعادة تنشيط مؤسسات الدولة السودانية، مؤكدة أن هذه الخطوة تمثل أولوية وطنية عاجلة في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة. وشددت ميرغني، خلال اجتماع موسع مع مديري الإدارات والفروع بالبنك، على ضرورة أن يلعب البنك المركزي دوراً محورياً في تحقيق الاستقرار المالي والنقدي باعتباره الركيزة الأساسية لإعادة بناء الثقة في الاقتصاد السوداني.

المزيد من العالم العربي