Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل باتت بريطانيا تعجز عن حماية يهودها؟

معاداة السامية في مؤسسات الصحة وبرمنغهام تمنع مشجعي "مكابي" من حضور مباراته

مشجعو فريق "مكابي" الإسرائيلي يمنعون من حضور مباراة له في برمنغهام البريطانية (غيتي)  

ملخص

قررت برمنغهام البريطانية منع مشجعي فريق "مكابي تل أبيب" الإسرائيلي من حضور مباراة مع "أستون فيلا" في المدينة، مما أثار ردود فعل اعتبرت القرار "خاطئاً" ويفهم في إطار "معاداة السامية"، وفي السياق ذاته أعلن رئيس الوزراء كير ستارمر عن مراجعة رسمية لهذه الظاهرة في مؤسسات الصحة والمدارس والجامعات، فيما تقول تقارير إعلامية محلية إن الحكومة تبدو وكأنها لا تستطيع حماية اليهود في البلاد.

يتصاعد جدل كبير في بريطانيا حول قدرة الحكومة على حماية اليهود والتصدي لمعاداة السامية في أماكن وفعاليات مختلفة، فتشير تقارير إعلامية محلية إلى تزايد مخاوف أبناء الجالية، وبخاصة بعد الهجوم الذي نفذه بريطاني من أصل سوري على كنيس يهودي في مدينة مانشستر شمال إنجلترا أخيراً، قتل فيه اثنان وجرح آخرون.

تأخذ الدولة البريطانية المخاوف على محمل الجد، وتتواصل البيانات الرسمية التي تؤكد حرص الجهات المعنية على توفير الحماية المطلوبة لليهود في تجمعاتهم وخارجها، لكن مباراة لكرة القدم ستقام في مدينة برمنغهام وسط البلاد قريباً، فجرت شكوكاً كبيرة في تلك التعهدات وأعادت حكومة كير ستارمر إلى مربع الصفر. 

خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل سيلتقي فريق "مكابي" الإسرائيلي مع "أستون فيلا" على ملعب الأخير في بيرمنغهام، ولكن لجنة تنفيذية في المدينة قررت منع مشجعي الفريق الإسرائيلي من الحضور خوفاً من حالات "معاداة السامية" قد تقع بحضور جمهور كبير مؤيد للقضية الفلسطينية في المدينة التي تحتضن تجمعاً كبيراً للجالية المسلمة.

اتخذت اللجنة قرارها بناء على توصية قدمتها شرطة منطقة "ويست ميدلاندز" التي تتبع لها المدينة، إلا أن رئيس الوزراء اعتبره "قراراً خاطئاً" ودعا إلى إعادة النظر فيه بعد أن وجده مراقبون تعبيراً عن عجز الدولة عن حماية اليهود في المدينة، مما يعزز مخاوف أبناء هذه الديانة إزاء سلامتهم وإمكانية العيش بأمان في عموم مدن المملكة المتحدة.

مفوض الشرطة في "ويست ميدلاندز" سيمون فوستر، أصدر بياناً رسمياً طالب فيه مجلس برمنغهام بإعادة النظر فوراً في قرار منع مشجعي "مكابي" الإسرائيلي من حضور المباراة، يشرف فوستر، المسؤول المنتخب، على عمل الشرطة في المنطقة، لكنه لا يتحكم بالقرارات التنفيذية للمدينة مثل السماح أو منع الجمهور من حضور فعالية عامة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اللجنة دافعت عن قرارها بالخشية من مواجهات وصدامات يمكن أن تقع بين مشجعي الفريق الإسرائيلي وأولئك الذين يدينون حرب غزة بين صفوف الجمهور، منوهاً إلى أن الإشكاليات يمكن أن تقع بسبب أنصار "مكابي" وليس بالضرورة نتيجة استفزازات وأعمال عدائية يمكن أن تصدر من الطرف الآخر الذي ينتقد تل أبيب ويؤيد قضية فلسطين.

نادي "أستون فيلا" قال في بيان رسمي إن منع مشجعي فريق "مكابي" من حضور المباراة المقررة الشهر المقبل، محمول على الخشية من تكرار أعمال العنف التي وقعت في العاصمة الهولندية أمستردام قبل عام تقريباً، حيث ألقت السلطات هناك القبض على أكثر من ستين شخصاً بعد اشتباكات تفجرت في أعقاب مباراة "مكابي" و"أياكس".

وطالبت الحكومة الإسرائيلية بإلغاء قرار مدينة برمنغهام، فتدخل رئيس الوزراء البريطاني فوراً وتوجه في خطاب اعتبرته وسائل إعلام محلية توبيخاً للشرطة في "ويست ميدلاندز"، حيث اعتبر الخطوة خاطئة وطالبت بالعدول عنها لأنها تبعث برسالة خاطئة فحواها أن البلاد لم تعد قادرة على حماية يهودها وضبط الأمن في الفعاليات العامة.

الاحتجاج على قرار برمنغهام صدر أيضاً عن "مجلس القيادة اليهودي" وحملة "مكافحة معاداة السامية" في المملكة المتحدة، والسؤال الذي أثاره التجمعان هو إن كانت المدينة الواقعة على بعد ساعتين من العاصمة لندن، عاجزة عن ضبط الأمن في مباراة واحدة فكيف يمكن أن تستضيف بطولة العالم لكرة القدم للسيدات في عام 2035.

تقود الحكومة حالياً جهوداً لإلغاء القرار، ويؤيد مساعيها زعيمة حزب "المحافظين" كيمي بادينوك، ورئيسي "ريفروم" و"الليبراليين الديمقراطيين"، حتى أن رئيس مجلس برمنغهام جون كوتون يقف إلى جانب ستارمر في هذا الشأن، ولكن رئيس بلدية "ويست ميدلاندز" قال إن مراجعة القرار تتطلب دعماً من الحكومة في قوات الشرطة. 

ملاعب كرة القدم هي ليست المكان الوحيد الذي تخشى فيه بريطانيا من "معادة السامية"، فقد أمر ستارمر بإجراء مراجعة شاملة لمدى انتشار هذه الظاهرة في مؤسسات الصحة الوطنية التي تعرف اختصاراً بـ NHS، وتقرر إجراء دورات توعية لموظفي تلك المؤسسات في هذا الصدد، وتقدر تقارير رسمية عددهم بنحو 1.5 مليون شخص.

 

المراجعة سوف تشمل سلوك الموظفين وطريقة تعاملهم مع المواقف الصادرة عن المرضى في هذا الصدد، كذلك ستطاول الزي والأكسسوارات التي يرتديها العاملون في مؤسسات الصحة الوطنية وقد توحي بشكل غير مباشر أو مباشر بتعصب أو تمييز ديني أو عنصري، إضافة إلى أن الحكومة ستطالب من خلال المراجعة فعاليات القطاع على اختلافها بتبني تعريف "التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست" لمعاداة السامية.

وتحالف "ذكرى الهولوكوست" هو ائتلاف يضم 35 دولة أغلبها أوروبية، تأسس عام 1998 بهدف تعزيز التوعية العالمية بتلك المجازر، فصاغ في 2016 ما وصفه بـ"تعريف عملي لمعاداة السامية" تضمن أي تصور قد يتمثل في كراهية اليهود، ويوجه إلى أفراد أو ممتلكات أو مؤسسات تتبع لهذه الديانة، مما أثار حينها انتقادات كبيرة.

الموقف الرسمي لحزب العمال الذي أدين زعيمه السابق جيرمي كوربين بتهمة معاداة السامية قبل سنوات، لن يتوقف فقط عند مرافق الصحة الوطنية، حيث بدأت الحكومة بتتبع الظاهرة في المدارس والجامعات البريطانية، وبحسب ستارمر تباطأت بعض المؤسسات الأكاديمية في معالجة المشكلات التي ظهرت فيها أخيراً على هذا الصعيد.

وعززت لندن من إجراءات الأمن على المرافق والمؤسسات اليهودية، وكذلك دفعت بمزيد من القوى الشرطية إلى المناطق ذات الأكثرية اليهودية، وبخاصة بعد الحادث في مدينة مانشستر، لكن يبدو أن جمهور القضية الفلسطينية يصعد أيضاً، ويمضي أبعد في خصومته مع الحكومة التي تحاول الموازنة بين توجهين متناقضين تماماً.

وخسرت الحكومة اليوم محاولة لمنع إحدى مؤسسي حركة "فلسطين أكشن" المناصرة لوقف حرب غزة من رفع دعوى قضائية ضد قرار حظر الحركة بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، وحصلت هدى عموري، التي أسهمت في تأسيس الحركة في عام 2020، على إذن بالطعن في قرار الحظر، ومن المقرر النظر في القضية الشهر المقبل.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير