Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصارف "وول ستريت" تجني المليارات من دعم شركات الصين للتوسع عالميا

حققت البنوك الأميركية عاماً استثنائياً بجمع 23 مليار دولار لشركات في هونغ كونغ على رغم التوترات التجارية والعسكرية

 تراجعت البورصات الأميركية أخيراً عن استقبال الشركات الصينية تجنباً للحساسيات السياسية (أ ف ب)

ملخص

مع احتدام المنافسة في الداخل تتجه الشركات الصينية إلى الخارج بحثاً عن النمو، فبينما يصعب دخول السوق الأميركية بسبب الرسوم الجمركية المرتفعة فإن المستهلكين في أنحاء العالم باتوا أكثر تقبلاً للعلامات التجارية الصينية وتقنياتها.

تحقق كبار البنوك الأميركية أرباحاً ضخمة هذا العام من مساعدة الشركات الصينية في التوسع عالمياً، في وقت تشهد العلاقات بين واشنطن وبكين توتراً متصاعداً على الصعيدين التجاري والعسكري، وبينما تثير هذه الشراكات غير المتوقعة قلقاً في الكونغرس الأميركي بدواعي الأمن القومي، فإنها تنعش أسواق المال في هونغ كونغ، إذ يلتقي رأس المال الأميركي بالطموح الصيني لتحقيق مصالح مشتركة.

وتعد "بورصة هونغ كونغ" الأكثر نشاطاً في العالم هذا العام من حيث الطروحات الجديدة، إذ جمعت الشركات نحو 23 مليار دولار حتى نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، في وقت تتصدر المدينة الأخبار بسبب حملة أمنية قادتها بكين ضد معارضيها.

وخلال الشهر الماضي قادت "مورغان ستانلي" طرحاً أولياً بقيمة 3.2 مليار دولار للوحدة الدولية لشركة التعدين الصينية "زجين" العاملة في استخراج الذهب، بينما أدت "بلاك روك" دور المستثمر الباكر الذي دعم الصفقة، مما أتاح للشركة تمويل صفقة استحواذ على منجم ذهب في كازاخستان، وقال أحد مديري عمليات الأسهم في "سيتي غروب" لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ روبرت تشان لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إن العام الحالي "استثنائي بكل المقاييس"، فقد شهدت السوق أيضاً الطرح الضخم لشركة كاتل "CATL" (أكبر مصنع للبطاريات في العالم)، والتي جمعت 5.3 مليار دولار في مايو (أيار) الماضي عبر بورصة "هونغ كونغ"، في أكبر اكتتاب عام هذا العام عالمياً، وأيضاً جمعت شركات عملاقة مثل "بي واي دي" و "شاومي" و"علي بابا" مليارات الدولارات من خلال أسواق المال في هونغ كونغ.

بحث صيني عن التمويل الخارجي

ومع احتدام المنافسة في الداخل تتجه الشركات الصينية إلى الخارج بحثاً عن النمو، فبينما يصعب دخول السوق الأميركية بسبب الرسوم الجمركية المرتفعة وتهديدات الرئيس دونالد ترمب بفرض رسوم إضافية بنسبة 100 في المئة، فإن المستهلكين في أنحاء العالم باتوا أكثر تقبلاً للعلامات التجارية الصينية وتقنياتها، في حين يتطلب هذا التوسع الخارجي تمويلاً بالعملات الأجنبية، ولا سيما الدولار الأميركي، لشراء الأصول وبناء المصانع وتوظيف العمال في الخارج، ففي الماضي كانت هذه الشركات تلجأ إلى بورصة "نيويورك" لجمع الأموال، لكن السلطات الصينية أصبحت متوجسة من الإدراجات في الولايات المتحدة، ودعت المستثمرين إلى تحويل رؤوس أموالهم نحو هونغ كونغ.

وفي المقابل تراجعت البورصات الأميركية عن استقبال الشركات الصينية تجنباً للحساسيات السياسية، مما جعل هونغ كونغ الخيار الوحيد تقريباً لجمع التمويل الدولي، وفقاً لرئيس الخدمات المصرفية الاستثمارية في آسيا لدى "مورغان ستانلي" جورج تايلور.

هونغ كونغ جسر الصين إلى العالم

وتعد هونغ كونغ أقرب إلى نيويورك من بكين من حيث نظامها المالي، فالعملة المحلية (الدولار الهونغ كونغي) مربوطة بالدولار الأميركي وقابلة للتحويل بحرية، على عكس اليوان الصيني، كما أن السفر من وإلى المدينة لا يزال سهلاً نسبياً، ويقول هان شين لين من مجموعة "آسيا غروب" الاستشارية للصحيفة نفسها إن "دور المدينة تغير جذرياً، حيث كانت هونغ كونغ في الماضي بوابة لدخول الصين أما الآن فهي جسر الصين إلى العالم".

لكن في واشنطن تتزايد التساؤلات عما إذا كان على "وول ستريت" أن تواصل بناء هذا الجسر، فقد استدعى الكونغرس في يوليو (تموز) الماضي وثائق من بنوك أميركية كبرى بينها "جي بي مورغان" و"بنك أوف أميركا"، تتعلق بدورها في طرح "كاتل" بعد أن قالت وزارة الدفاع الأميركية إن الشركة ترتبط بجيش الصين، ونفت الشركة الصينية ذلك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأيضاً ناقشت لجنة تابعة للكونغرس الشهر الماضي دور هونغ كونغ كمركز محتمل لغسل الأموال وتجاوز العقوبات، فضلاً عن كونها منفذاً رئيساً لتدفق التمويل نحو الشركات الصينية، ومن جانبها قالت حكومة هونغ كونغ إنها ملتزمة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتطبيق العقوبات الصادرة عن الأمم المتحدة، مؤكدة أن أسواق رأس المال في المدينة "تشهد زخماً إيجابياً"، وأنها ستواصل تنفيذ سياسات جديدة لتعزيز مكانتها كمركز مالي عالمي.

وأوضح الناشط الديمقراطي السابق الذي فر من هونغ كونغ بعد تشديد القبضة الصينية وأصبح زميلاً في "مؤسسة جيمستاون" بواشنطن ساني تشيونغ، أن "استمرار تدفق رؤوس الأموال الأميركية إلى هونغ كونغ قد يقوض مصالح الولايات المتحدة"، مضيفاً أنه "لا يمكن للحكومة الأميركية أن تقبل بأن تذهب استثماراتها لدعم شركات التكنولوجيا الصينية التي تعزز قدرات بكين".

"وول ستريت" تدافع عن مصالحها

ويدافع مصرفيون أميركيون عن وجودهم في هونغ كونغ مؤكدين أن شركات "وول ستريت" تبني علاقات تجارية هناك منذ عقود، وأن عملها يقتصر على الشركات الخاصة غير الحكومية، وتتربع "مورغان ستانلي" و"غولدمان ساكس" على رأس قائمة البنوك الأكثر نشاطاً في جمع الأموال عبر سوق الأسهم في هونغ كونغ هذا العام، إذ أدرجت أكثر من 65 شركة، وهناك 200 طلب قيد المراجعة حالياً لدى هيئة البورصة.

وافتتحت "كاتل" مصنعاً جديداً في المجر بتمويل من اكتتابها في هونغ كونغ والذي شاركت فيه صناديق تديرها مؤسسات كبرى مثل "يو بي إس" و"أوك ترى كابيتال مانجمنت".

ومن الشركات التي فضلت هونغ كونغ على نيويورك متجر الأزياء الإلكترونية "شي إن" الذي تراجع عن الإدراج في الولايات المتحدة بعد انتقادات تتعلق بسلسلة التوريد وبعد درس خيار لندن، فاختار في النهاية طرح أسهمه في هونغ كونغ.

وأسهم صعود شركة "ديب سيك" المنافسة الصينية لشركة "أوبن إيه آي" الأميركية في تعزيز ثقة المستثمرين بقدرة الصين على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما رفع مؤشر "هانغ سنغ" 30 في المئة هذا العام ليصبح من أفضل الأسواق أداء في العالم.

أرباح قياسية للبنوك الأميركية

وكشف الرئيس التنفيذي لــ "مورغان ستانلي" تيد بيك في يوليو الماضي أن أداء البنك في آسيا كان استثنائياً مع ارتفاع الإيرادات 28 في المئة إلى 4.6 مليار دولار خلال النصف الأول من العام، أما "غولدمان ساكس" فسجل زيادة مقدارها ثمانية في المئة في إيراداته من آسيا خلال الفترة نفسها.

وعلى رغم أن اقتصاد هونغ كونغ الأوسع لا يزال يعاني تراجع قطاع العقارات فإن الانتعاش المالي يعيد الحياة للمدينة، حيث ارتفعت الإيجارات في الحي المالي وشهدت سوق العقارات الفاخرة صفقات بملايين الدولارات، من بينها بيع قصر على تل في مقابل 140 مليون دولار أميركي ضمن صفقة هي الأغلى هذا العام.

اقرأ المزيد