Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تفاصيل في صورة قمة السلام حول غزة تحمل دلالات سيئة

عندما نشرت صور ممثلي أكثر من 25 دولة ومنظمة دولية ممن حضروا قمة السلام في شرم الشيخ حول غزة، كان هناك نقطة بارزة دفعت كثراً إلى التساؤل عن مغزاها

تعهد القادة بـ"إنعاش" غزة، لكن هل بحثوا مستقبل نساء المنطقة وفتياتها على الإطلاق؟ (غيتي)

ملخص

تظهر التقارير أن النساء والأطفال في غزة كانوا الأكثر تضرراً من القصف، وسط انهيار الخدمات الصحية الأساس، بينما تفتقر خطة السلام وإعادة الإعمار إلى تفاصيل واضحة تراعي حاجات النساء اللاتي يعشن في ظروف قاسية، مما يثير القلق في شأن شمولية هذه الخطط وإنصافها للجانب الإنساني والنسوي.

تحملت النساء والأطفال خصوصاً وزر الصراع في غزة. لكن إن كنت تزور الكوكب للمرة الأولى، وتشاهد قمة السلام الأخيرة المنعقدة في شرم الشيخ، فلن يتسنى لك أن تعرف ذلك أبداً. عندما نشرت مصر قائمة بأسماء القادة والمسؤولين العالميين الذين حضروا قمة شرم الشيخ للسلام المنعقدة حول غزة - وهم أكثر من 25 دولة ومنظمة دولية بالإجمال - كانت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني المرأة الوحيدة في تلك القائمة.

باعتبار ميلوني أصغر الحضور حجماً [قامة]، قد يعتقد المرء أنهم سيدعونها للوقوف في الصف الأمامي. لكن ليس هذا ما حدث. بل تركت في الخلف، تحاول أن تطل برأسها، مخفية تماماً عن الأنظار، ويجري تجاهلها، إلى أن جاءت تلك اللفتة الخاصة من الرئيس دونالد ترمب اعترافاً بوجودها في المؤتمر الصحافي الختامي، حين وصفها بـ"الجميلة". لكن هذا ليس نوع الاهتمام بالتفاصيل الذي تحتاج إليه النساء خلال مفاوضات سلام.

يمثل غياب القيادات النسائية على الساحة العالمية مشكلة ملحة، وهو أمر مهم بالنسبة إلى حياة النساء والفتيات في المنطقة، وفي رأيي أنه مهم كذلك بالنسبة إلى فرص تحقيق السلام المستدام على نطاق أوسع. أفاد البنك الدولي بأن تولي النساء مناصب قيادية من شأنه التقليل من احتمالية نشوب نزاعات عنيفة، كما يمكن أن تعزز هذه القيادات فرص التوصل إلى حلول سلمية للنزاعات القائمة. ومن ناحيته، شدد البرلمان الأوروبي على أهمية المساهمة النسائية في طرح وجهات نظر مختلفة حول معنى السلام والأمن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على رغم أننا خلال عام 2025، ربما كان علينا ألا نتفاجأ كثيراً من هذا التشكيل الذي لا يضم سوى امرأة واحدة بين حشد من الرجال، إذ إن أكثر من 100 دولة في العالم لم تترأسها امرأة حتى يومنا هذا. ونحن نعلم أن القيادات النسائية تواجه عوائق لا حصر لها، بدءاً من الصورة النمطية التي ترسمها لهن وسائل الإعلام كي تظهرهن أقل كفاءة من الرجال، مروراً بتدني الدعم المالي لهن، ووصولاً إلى العنف الجنسي والتهديدات بالقتل التي يتلقينها عبر الإنترنت، والتي قد تشكل جميعها عوائق تحول دون نجاحهن.

لكن هذا الأمر مهم. بداية، إن منع وقوع العنف الجنسي والتصدي له مسألة محورية بالنسبة إلى حل النزاعات وإرساء أسس التنمية وبناء سلام مستدام. وردت هذه النقاط ضمن بيان شكل جوهر قمة عقدتها الحكومة البريطانية عام 2014، وكانت أيضاً في صلب تقرير صادر عن ويلتون بارك - المنظمة التابعة للحكومة البريطانية المعنية بالحوار السياسي الدولي - يسلط الضوء على أهمية إشراك النساء والفتيات في أية عملية سلام تركز على الناجين والناجيات من الحرب.

كانت التقارير عن استخدام العنف بصورة استراتيجية ضد النساء الفلسطينيات والإسرائيليات بمثابة لازمة رهيبة ظلت تتكرر طوال فترة الحرب. وفقاً لمشروع دينا، المؤلف من مجموعة خبيرات إسرائيليات في مجال القانون والجندر، استخدمت "حماس" العنف الجنسي "كجزء من استراتيجية إبادة جماعية متعمدة" خلال هجومها على المستوطنات الإسرائيلية أثناء السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وخلصت بعثة للأمم المتحدة خلال وقت لاحق إلى وجود معلومات مقنعة تدعو إلى الاعتقاد أن العنف الجنسي المرتبط بالصراع وقع بالفعل خلال الهجوم في مواقع متعددة.

وفقاً لتقرير صادر عن لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة، فإن الهجمات المباشرة التي شنتها إسرائيل على المرافق الصحية التي تقدم خدمات الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية أثرت في نحو 540 ألف امرأة وفتاة في سن الإنجاب داخل غزة.

لا تتضمن خطة السلام التي وضعت لغزة أية إشارة محددة إلى عملية تركز على الناجين. ولكن ربما لا يكون هذا مفاجئاً عندما يهيمن الرجال على التخطيط. ماذا عن أية إشارات أخرى إلى إعادة بناء حياة السكان؟ دفعت النساء والفتيات الثمن الأغلى في الصراع بحسب الأمم المتحدة التي تقول إنه خلال عام واحد فحسب، قتلت في غزة سبع من كل 10 نساء لقين مصرعهن في الصراعات على مستوى العالم.

وخلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، أفادت وزارة الصحة في غزة بأن ثلثي قتلى القطاع، والبالغ عددهم آنذاك 11 ألف شخص، كانوا من النساء والأطفال. وأفادت وكالات الأمم المتحدة عن تعطل حاد في خدمات صحة الأمهات والمواليد والأطفال بسبب القصف وتدمير البنية التحتية. ووصفت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة الوضع بأنه اعتداء على كرامة المرأة الفلسطينية وحقوقها. وأشارت هيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين إلى أن النساء اللاتي يعشن في غزة لديهن حاجات خاصة وملحة، وهن عرضة لأخطار تتعلق بالصراع والتمييز الهيكلي بين الجنسين.

تعهدت خطة السلام التي كشف عنها ترمب وآخرون بأن تضع لجنة من الخبراء خطة تنمية اقتصادية لـ"إعادة بناء غزة وإنعاشها". وفي تحليله لهذه الخطة، سلط "مجلس العلاقات الخارجية" Council on Foreign Relations، وهو مركز أبحاث أميركي مستقل، الضوء على ما أوردته عن تأسيس منطقة اقتصادية خاصة فيها تعريفات جمركية وأسعار وصول تفضيلية، ذاكراً وجود "مقترحات استثمارية مدروسة وأفكار إنمائية مثيرة" هدفها "استحداث الوظائف وخلق الفرص والأمل" لغزة.

لكن الشيطان يكمن دائماً في التفاصيل، وفي غيابها، ليس من الواضح إلى أية درجة ناقش الرجال الذين يظهرون في الصورة الجماعية ما يعنيه ذلك بالنسبة إلى آلاف النساء والفتيات الفلسطينيات، اللاتي يعشن في ملاجئ مكتظة، محرومات من الخصوصية، وإمكاناتهن محدودة للحصول على الطعام والماء، فيما ليس متاحاً لهن استخدام مرافق صحية آمنة تصون كرامتهن.

لا يبدو أن العنوان العريض حول "الفرص والأمل" يخصص أية نقطة للنساء والفتيات اللاتي يحتجن إلى مستلزمات النظافة الشخصية أثناء الدورة الشهرية، وإلى وسائل الصحة الجنسية والإنجابية، وإلى الدعم الاجتماعي. كما لا يبدو أن الإشارة إلى الوظائف تتضمن كيفية حصول النساء على الوظائف بموجب القوانين في فلسطين التي تفترض أن المرأة تحت حماية الرجل ووصايته.

أما النقطة الأخيرة التي تطرحها خطة السلام فهي أن "تقيم الولايات المتحدة حواراً" بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية للاتفاق على أفق سياسي "بغية التعايش السلمي والمزدهر".

ربما يكون لهذا المقترح الأخير فرصة للنجاح، إن أقام حواراً مع النساء. لكن حتى ذلك الحين، سيتعين علينا أن نثق في أن الرجال يعرفون ما تريده النساء وما يحتجن إليه. لكنها التفاصيل، وما أدراك ما التفاصيل!

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل