ملخص
خلال وقت يحاول فيه لبنان بناء الثقة مع السلطات الجديدة في سوريا عبر تبادل الزيارات وفتح الحوارات بين المسؤولين من البلدين، أثار تسريب صور لجوازات سفر مسؤولين سوريين زاروا بيروت خلال الآونة الأخيرة بلبلة واسعة وشكوكاً حول من يمسك الأمن فعلياً على المرافئ الحدودية اللبنانية.
أثار نشر صور جوازات سفر لمسؤولين سوريين زاروا لبنان خلال الآونة الأخيرة بلبلة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اتهم متابعون عناصر عاملة في مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت بالتسريب، بينما ذكرت مصادر صحافية محلية أن الصور المصورة بكاميرا هاتف نشرت منذ ثلاثة أسابيع على صفحات تابعة لمعارضين للحكومة السورية الجديدة، أي قبل زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى العاصمة اللبنانية بنحو أسبوعين.
وتحدث مراقبون عن أن الصور المتداولة قد تكون اتخذت على "معبر المصنع" الحدودي بين البلدين، لوفد سوري زار لبنان قبل أسابيع.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، صوراً من جوازات سفر مدير إدارة التنمية الإدارية في وزارة الخارجية السورية أنس البدوي، ومدير إدارة الشؤون العربية محمد الأحمد.
متري يستنكر
وسرعان ما استنكر نائب رئيس الحكومة اللبنانية طارق متري تسريب الوثائق، معتبراً في منشور على "إكس"، أن "هذا تصرف غير مقبول، بل مشين". وأضاف "سنطلب من الجهات المعنية التحقيق في الأمر، وسيترتب عليها أن تضع حداً لممارسة كهذه، تسعى إلى التشويش على الزيارة"، في إشارة إلى الزيارة التي قام بها وزير العدل السوري مظهر الويس إلى بيروت أول من أمس الثلاثاء الـ14 من أكتوبر الجاري، على رأس وفد رسمي التقى خلالها متري ونظيره اللبناني عادل نصار ومسؤولين آخرين.
ورأى متري أن "العلاقة بين العاملين على تعزيز الثقة بين اللبنانيين والسوريين أقوى من محاولات التشويش والتخريب".
هذا تصرف غير مقبول، بل مشين. سنطلب من الجهات المعنية التحقيق في الامر. وسيترتب عليها ان تضع حدا لممارسة كهذه، تسعى الى التشويش على الزيارة. غير ان العلاقة بين العاملين على تعزيز الثقة بين اللبنانيين والسوريين اقوى من محاولات التشويش والتخريب.
— Tarek Mitri (@TarekMitri) October 15, 2025
رسامني: التحقيقات مستمرة والحقيقة ستُكشف قريباً
من جهته، رأى وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني فايز رسامني تعليقاً على ما أثير في شأن جوازات سفر الوفد السوري الزائر، أنه "حتى الساعة، لا يوجد أي دليل يؤكد أن ما يتداول حصل داخل الأراضي اللبنانية، ولا إثبات بأن الصور المنشورة صادرة من لبنان أو عن أية جهة لبنانية رسمية. التحقيقات جارية بالتنسيق مع المديرية العامة للأمن العام للتثبت من مصدر ما نشر وكشف الملابسات المحيطة به".
وأضاف رسامني "يجدر التوضيح أن بعض جوازات السفر العائدة لأعضاء من الوفد السوري لم تدخل الأراضي اللبنانية خلال هذه الزيارة، وهو ما يدل بوضوح على أن هناك جهات تحاول، من خلال هذه الأفعال، التشويش على العلاقات اللبنانية - السورية. ونرفض رفضاً قاطعاً أي تلاعب أو استغلال يمكن أن يمس بروح التعاون القائمة بين لبنان وسوريا، ونعتبر أن هذه التصرفات الصغيرة لا تعبر سوى عن محاولات عبثية لإحداث بلبلة لن تنال من متانة العلاقة بين البلدين الشقيقين".
وأكد أن "التحقيقات مستمرة والحقيقة ستُكشف قريباً، ولن يسمح لأي طرف بأن يعبث بعلاقة أساسها الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة".
نفوذ "حزب الله" في المطار والمرفأ
في الموازاة، علقت مصادر حكومية معارضة لـ"حزب الله"، في تصريح لـ"اندبندنت عربية" على موضوع التسريب، بالقول إن "نفوذ الحزب في المطار صحيح أنه تراجع لكنه لم يختف، وهو الأمر نفسه يحصل في مطار رفيق الحريري الدولي وكذلك في مرفأ العاصمة بيروت، حيث لا يزال الحزب قادراً على إدخال بضائع من دون تفتيش ومن دون دفع الرسوم الجمركية بصورة كاملة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مطالبات بإجراء تحقيق
إلى ذلك اعتبر الصحافي القضائي يوسف دياب أنه "يفترض أن يحصل تحقيق في ما حصل وإن لم يحصل فسيعد ذلك فضيحة، فهذه المرة الأولى التي يحدث فيها داخل لبنان أن تتسرب جوازات سفر ومعلومات خاصة بوفد رسمي سوري زار لبنان. وهذه المعلومات والبيانات إن تسربت فهذا يعني أن كل الضيوف الرسميين الذين يأتون إلى لبنان قد تتسرب المعلومات الخاصة بهم".
ورأى دياب في ما حصل "فضيحة وتحدياً كبيراً للدولة، ودليلاً على أن المطار ما زال مخترقاً بصورة خطرة وعلى مستوى عالٍ جداً. وهذا الأمر يتطلب معالجة عاجلة، لأنه يضع صدقية الدولة على المحك". وأضاف "إما أن تكون هناك دولة أو لا تكون". وسأل الصحافي اللبناني "إذا كانت الدولة غير قادرة على ضبط المطار، فكيف ستفرض سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية؟ وكيف ستتمكن من حصر السلاح وجعل القرار حصرياً بيدها؟ بالتالي ما حصل تحد للدولة ولمؤسساتها الأمنية والسياسية والإدارية".
وشدد على أنه "كما حصل خرق أمني، هناك أيضاً خرق إداري في المطار، وهذا الأمر يجب أن يعالج بسرعة. لننتظر الساعات المقبلة لنرى إن كانت ستحصل توقيفات أو ستباشر ملاحقات في هذا الملف، فعندها يمكننا القول إن هناك تحركاً جدياً من قبل الدولة، أما إذا لم يحصل شيء من ذلك، للأسف ستكون الدولة والعهد فقدا صدقيتهما في بدايته وأوج عطائهما".
وختم بالقول إن "من سرب هذه البيانات تقف خلفه جهات حزبية متضررة من تحسين العلاقات بين لبنان وسوريا، وهي ترسل رسالة مفادها أنها قادرة على تخريب هذه العلاقات متى شاءت، وأنها تستطيع كشف هويات كل الشخصيات التي تأتي إلى لبنان. وإذا كانت قادرة على الكشف عنها عبر البيانات، فهذا يعني أنها قادرة أيضاً على الكشف عنها أمنياً، بالتالي هذه مسألة يجب على الدولة أن تجيب عنها".
يشار إلى أنه لم يصدر بعد أي بيان رسمي عن السلطات اللبنانية يوضح ما جرى فعلياً، بينما "حزب الله" الذي طالته اتهامات باستمرار سيطرته على المطار، لم يصدر أي تعليق في هذا الشأن.
يُذكر أن مجهولين أقدموا ليلاً على إحراق يافطة على طريق المطار كُتب عليها "كلنا معكم" دعماً للجيش وسيادة الدولة.