Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرلمان الإيراني: نمو سلبي وبطالة واسعة النطاق وفقر متفش

تقرير يرى أن استمرار المسار القائم على المواجهة الخارجية والعقوبات يدفع اقتصاد طهران خلال الأعوام المقبلة إلى مرحلة أعمق من الانهيار البنيوي

لم يتجاوز معدل النمو الاقتصادي في إيران خلال عام 2024 حاجز الـ3.1 في المئة (أ ف ب)

ملخص

أعلن مركز البحوث التابع للبرلمان في تقريره أن العوامل الرئيسة وراء تراجع الاقتصاد الإيراني تتمثل في اختلال التوازن في قطاع الطاقة والتسعير القسري والتضخم المرتفع وهرب رؤوس الأموال، وهي جميعها مشكلات نابعة من السياسات الداخلية الفاشلة.

في وقت يواصل النظام الإيراني سياساته العدوانية ومشروعه النووي-العسكري المكلف في مواجهة الغرب وإسرائيل، كشف أحدث تقرير صادر عن مركز البحوث التابع للبرلمان الإيراني عن واقع مروع، إذ أكد أن النمو الاقتصادي في إيران خلال النصف الأول من العام الحالي كان سلبياً، وأشار إلى فجوة عميقة بين أهداف الخطة السابعة للتنمية والأداء الفعلي للاقتصاد الإيراني.

وتشكل هذه المعطيات ليس إنذاراً جدياً لمستقبل الاقتصاد وحسب، بل تكشف أيضاً عن أن المسار الحالي للنظام يرسم مستقبلاً أكثر قتامة للشعب الإيراني.

وكان البنك الدولي أعلن خلال تقريره الصادر في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري أن اقتصادات جميع دول الشرق الأوسط ستشهد نمواً بحلول عام 2026، باستثناء إيران.

وبحسب التقرير الرسمي الصادر عن مركز البحوث، فإن النمو الاقتصادي المحقق عام 2024 (وفق التقويم الإيراني) لم يتجاوز 3.1 في المئة، وهو نمو يعود بالكامل لقفزة موقتة في قطاع النفط (قفزة ناجمة عن ظروف خاصة بصادرات النفط واستغلال الطاقات الإنتاجية المعطلة)، من دون أن تحمل أية مؤشرات على الاستدامة.

والأخطر من ذلك أن النمو الاقتصادي في النصف الأول من العام الحالي، أي الفترة الواقعة ما بين يناير (كانون الثاني) ويونيو (حزيران) تراجع إلى سلبي 0.3 في المئة، مما يعني ببساطة أن محرك الاقتصاد الإيراني توقف مجدداً، وكل ما بدا تحسناً موقتاً العام الماضي تلاشى تماماً الآن.

وكانت الخطة السابعة للتنمية استهدفت خلق مليون فرصة عمل سنوياً، وأن يأتي 35 في المئة من النمو الاقتصادي من خلال تحسين الإنتاجية، غير أن الأرقام الرسمية تشير إلى أن عدد الوظائف الجديدة عام 2024 لم يتجاوز 298 ألف وظيفة، في حين لم تتعدَّ نسبة الإنتاجية 1.9 في المئة، وهو رقم يقل كثيراً عن الهدف المحدد البالغ 2.8 في المئة.

وتظهر هذه البيانات بوضوح أن السياسات الاقتصادية للنظام الإيراني لم تفشل وحسب في خلق فرص العمل، بل دفعت جزءاً كبيراً من القوى العاملة الإيرانية إلى الهامش، ووسط تضخم جامح يدفع حياة ملايين العمال والموظفين نحو الانهيار، فإن غياب فرص العمل المستقرة يعني تعمق الفقر البنيوي على المستوى الوطني.

وبحسب المادة الثانية من قانون الخطة السابعة، كان من المفترض أن تحقق إيران نمواً اقتصادياً بنسبة ثمانية في المئة، لكن تقرير مركز البحوث يؤكد أن هذا الهدف لم يحقق، بل إن أياً من القطاعات الاقتصادية لم يقترب حتى من بلوغ الأهداف المحددة، فقد بلغ نمو المخزون الرأسمالي أقل من 1.5 في المئة، بينما ظلت الإنتاجية في حال جمود، ولم يتمكن القطاع الخاص بسبب عدم الاستقرار السياسي والعقوبات من جذب الاستثمارات، أما الجزء الأكبر من النمو الاقتصادي العام الماضي، فجاء من قطاع النفط وحسب، في حين ظلت بقية القطاعات إما راكدة أو في مسار انكماشي.

عجز مالي هائل وعجز حكومي عن تأمين الموارد

وبحسب التقرير نفسه، فإن تحقيق معدل نمو بنسبة ثمانية في المئة عام 2025 يتطلب توفير 8 آلاف مليار تومان (74 مليون دولار) من الموارد المالية، في حين أن الموارد المتاحة فعلياً لا تتجاوز 5 آلاف و300 ألف مليار (46 مليون دولار)، مما يعني وجود فجوة تمويلية بقيمة 2700 ألف مليار تومان (25 مليون دولار).

أما الأدوات التي طرحتها حكومة الرئيس مسعود بزشكيان لسد هذه الفجوة، بدءاً من الطروحات الأولية للأسهم وسندات الدين وصولاً إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، فبقيت إما على الورق، أو اصطدمت بعقبة العقوبات والبيئة السياسية المغلقة، مما جعل تحقيقها شبه مستحيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وهذه الأزمة الاقتصادية ليست عشوائية، إذ دخل الاقتصاد الإيراني حالاً من الركود التضخمي وتراجع الإنتاجية في وقت يواصل النظام الإيراني بقيادة المرشد علي خامنئي، تبني سياسة خارجية تركز على توسيع النفوذ العسكري الإقليمي ودعم الميليشيات المسلحة في دول الجوار والمضي في مشاريع صاروخية ونووية باهظة الكلفة، فضلاً عن الدخول في مواجهة عسكرية علنية مع إسرائيل. وهذه السياسات أدت إلى تشديد تدريجي للعقوبات الغربية منذ العام الماضي، واقتراب الاستثمارات الأجنبية من الصفر، بينما ظلت صادرات النفط الإيرانية رهينة لأخطار دولية جسيمة.

وفي ظل هذه المعطيات، فإن قطاع النفط نفسه لم يعد

قادراً على القيام بدور المنقذ، خصوصاً مع تصاعد الضغوط بفعل العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها، و"آلية الزناد" (Snapback) التي تهدد بتوسيعها.

وأعلن مركز البحوث التابع للبرلمان ضمن تقريره أن العوامل الرئيسة وراء تراجع الاقتصاد الإيراني تتمثل في اختلال التوازن في قطاع الطاقة والتسعير القسري والتضخم المرتفع وهرب رؤوس الأموال، وهي جميعها مشكلات نابعة من السياسات الداخلية الفاشلة، بدءاً من التدخل الحكومي المفرط في الأسواق، مروراً بقمع سعر الصرف، ووصولاً إلى عدم استقرار القوانين والفساد البنيوي في توزيع الموارد في البلاد.

ومع توجيه الموارد المحدودة نحو المشاريع العسكرية والأمنية، وتحويل الاقتصاد الداخلي إلى ساحة للصراعات الخارجية، لا تكون النتيجة سوى الانهيار التدريجي للاقتصاد.

انهيار الثقة وهرب رؤوس الأموال ومستقبل أكثر قتامة

وفضلاً عن هذه المؤشرات السلبية، أدى الهرب الواسع لرؤوس الأموال من إيران خلال العامين الماضيين وغياب أية ضمانات للمستثمرين المحليين والأجانب وانهيار ثقة الرأي العام بالسياسات الاقتصادية الحكومية إلى جعل آفاق المستقبل أكثر ظلمة.

وأعلن رسمياً أن أكثر من 75 في المئة من الوثائق التنفيذية المرتبطة بالخطة السابعة في حاجة إلى مراجعة وتعديل، فيما لم ينفذ نحو نصف أحكام الخطة على الإطلاق، مما يعكس عجز الحكومة عن تنفيذ برامجها وافتقارها إلى خطة حقيقية للخروج من الأزمة.

واستمرار هذا المسار، المبني على الجمع بين سياسة خارجية قائمة على المواجهة، واقتصاد موجه ومثقل بالعقوبات، قد يدفع اقتصاد إيران خلال الأعوام المقبلة إلى مرحلة أعمق من الانهيار البنيوي.

تراجع حاد في النمو الاقتصادي وبطالة واسعة النطاق وأزمة معيشية متفاقمة وتصاعد الفقر واتساع الفجوة الطبقية، إضافة إلى تسارع وتيرة هجرة النخب ورؤوس الأموال، كلها سيناريوهات مرجحة وقابلة للتنبؤ.

ويرى محللون أن حتى أية زيادة موقتة في صادرات النفط لن تسهم في أفضل الأحوال سوى في الحفاظ على البنية السياسية- العسكرية القائمة، من دون أن تترجم إلى تنمية مستدامة.

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"

اقرأ المزيد