ملخص
ضج الشارع السوري بأنباء عن اعتقال "أبو دجانة التركستاني" و "أبو إسلام الأوزبكي" منذ شهرين تقريباً، من دون ما توضيح أسباب توقيفهما أو صدور بيان رسمي يشرح مبررات التطور الجديد بملف أبرز الشخصيات الأجنبية المقاتلة.
أثار بقاء أبرز الشخصيات الأجنبية المقاتلة في سوريا رهن الاحتجاز في سجن يتبع لوزارة الداخلية جدلاً بين السوريين، وانقسمت الآراء حيال واقع المقاتلين الأجانب ممن وقفوا إلى جانب الثورة، وعملوا ضمن القوات المسلحة المعارضة لنظام بشار الأسد حتى إسقاطه، وفتح اعتقال اثنين من أبرز القادة الباب واسعاً حول مستقبلهم في البلاد.
مليونا دولار
وضج الشارع السوري بأنباء عن اعتقال "أبو دجانة التركستاني" و "أبو إسلام الأوزبكي" منذ شهرين تقريباً من دون ما توضيح أسباب توقيفهما أو صدور بيان رسمي يشرح مبررات التطور الجديد بملف أبرز الشخصيات الأجنبية المقاتلة.
وبلغت تداعيات حادثة الاعتقال ذروتها حين أسفرت عن ردود فعل من العناصر الأجنبية المقاتلة في إدلب، وتشير المعلومات إلى اندلاع اشتباكات متفرقة بين عناصر من المقاتلين الأوزبك وقوات الأمن العام في ريف إدلب الغربي، بينما حاول وسطاء التهدئة خوفاً من توسع رقعة الاشتباكات، كما حاول سوريون الوصول إلى السجن، إذ يقبع "أبو إسلام الأوزبكي" مطالبين بالإفراج عنه.
وكان لافتاً ظهور مقاتل أجنبي زار "أبو دجانة التركستاني" في السجن، وسرد في مقطع مصور ما دار بينهما من حديث، فنفى أن يكون سبب اعتقاله عائد لاتهامات وجهت له أثناء التحقيق، ومنها عدم مشاركته في المعارك وامتلاكه مليوني دولار، بينما أفادت معلومات بأن الغرض من اعتقاله تتمحور حول المحاسبة القانونية بتهم ارتكاب انتهاكات في الساحل السوري، أو تصفيات داخل المنظومة المتشددة السابقة وقادتها من العناصر الأجنبية.
وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي صورة تجمع "أبو دجانة" و"أبو إسلام" خلف القضبان، مما أثار حفيظة مؤيديهما وطالبوا بتوضيح رسمي عن أسباب الاعتقال، والإفراج عنهما في حال لم تثبت عليهما أية تهمة.
"أبو دجانة" ومناكفات الداخل
وعرف "أبو دجانة" بإطلالاته على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي بأحاديث لاقت ترحيباً في أوساط شعبية، وحظي بمتابعة واسعة من السوريين، في المقابل يرى فريق أنه مصدر تحريض طائفي، وأنه لم يشارك في المعارك، بل كان يقدم استعراضاً فقط من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
ولعب القيادي التركستاني البارز دوراً مهماً ومحورياً في العمليات العسكرية في الحرب السورية التي امتدت على مدى عقد من الزمن إثر اندلاع الثورة في عام 2011 لإسقاط النظام السابق، بقيادته فصيل مسلح، كما له دور بارز في "الحزب الإسلامي التركستاني"، ويضم في صفوفه كذلك مقاتلين من الأويغور القادمين من الصين.
ويجزم الأمين العام للحركة الوطنية السورية الدكتور زكريا ملاحفجي في حديث لـ"اندبندنت عربية" بتمكن الحكومة الانتقالية من "تأطير المتشددين وفصائل المقاتلين الأجانب ضمن وزارة الدفاع عبر فرقة خاصة هي الفرقة 83 المتمركزة في أماكن عدة بالساحل وريف حماه، وهذا أتى ضمن تفاهم مع الولايات المتحدة على وضعهم". وتابع "ما يحدث من استعراض إعلامي لدى بعض المقاتلين يعطي إشارة إلى الداخل والخارج بأنهم يسرحون ويمرحون مع مظاهر الصخب والثراء، وهذا غير وطني وذو أبعاد طائفية".
وكان المقاتلون الأجانب شاركوا بقوة في القتال ضد قوات الأسد وأبرزهم "حزب التحرير الإسلامي التركستاني"، ويتألف مقاتلوه من عرقية الأويغور ويضم 2500 مقاتل، وتنظيم "حراس الدين" الذي يضم أردنيين ومغاربة وتونسيين ومصريين وأتراكاً وقوامه 800 مقاتل، و"كتيبة المجاهدين الغرباء" التي تضم مقاتلين أويغور وأوزبك وطاجيك، ومن جنسيات فرنسية وعربية (400 مقاتل)، و"مهاجرو أهل السنة الإيرانيين" ويضم أكراد وتركمان وإيرانيين (150 مقاتلاً)، و"كتائب أجناد القوقاز" وتضم 250 مقتلاً شيشانياً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تاريخ وتصحيح
في غضون ذلك ذهب المدافعون عن "المقاتل التركستاني" إلى حدود ضرورة الضغط على الحكومة السورية للإفراج عنه، ونشر أحدهم "عندما اشتدت وطأة تنكيل الأمن الصيني بالأخوة الأويغور، لم يهاجروا مثلنا بحثاً عن حياة جديدة في أوروبا، ولم يقدموا ملفات لجوء لدى الأمم المتحدة، كان الفرد الواحد يتكلف 25 ألف دولاراً للعبور براً حصراً من الصين إلى باكستان وأفغانستان ثم إيران وتركيا وأخيراً سوريا في رحلة تستغرق أشهراً".
واستقرت الجماعات التركستانية في الشمال السوري منذ بداية الصراع المسلح في سوريا بعد توقف الحراك السلمي للثورة السورية، وانتقلوا إلى أطراف الجبهات المشتعلة، وشيدوا هناك بيوتاً موقتة. ويصفهم بعض أبناء الشمال بأنهم "كانوا درع المحرر في الجبهة الغربية (الكبانة)، وهناك مقبرة توثق تضحياتهم في سبيل الله وسبيل قضيتنا، باعوا أرواحهم لنصرتنا بصمت، وبذلوا في سبيل سوريا ما لم يبذله معظم السوريين".
في المقابل أيد سوريون موالون للحكومة الجديدة خطوة توقيف أبو دجانة ووضعه في سجن بإدلب، معتبرين ذلك خطوة في الاتجاه الصحيح لاستئصال الفكر المتشدد من المجتمع السوري.