ملخص
تأزم الوضع في الفاشر بعد توقف شبه كامل لمصادر المياه عقب سيطرة "الدعم السريع" على المحطة الرئيسة التي تغذي المدينة بالمياه والكهرباء، إذ أدى هذا التطور الخطر إلى انهيار منظومة الإمداد الحيوي، مما دفع السكان إلى مواجهة ظروف معيشية قاسية وسط انعدام الخدمات الأساسية.
هاجمت طائرات مسيرة العاصمة السودانية الخرطوم الأربعاء متسببة بوقوع انفجارات، بحسب ما أفاد مصدر عسكري وشهود وكالة الصحافة الفرنسية. وأكد المصدر العسكري أن "دفاعاتنا الجوية أسقطت معظم المسيرات. وقد هاجمت عشرة منها انتحارية معسكري ساركاب وخالد بن الوليد شمال أم درمان".
وأفاد شهود من سكان أم درمان عن رؤية مسيرات تحلق في سماء المدينة منذ الساعات الأولى للصباح وسماع أصوات انفجارات عالية من جهة الشمال.
وقال أحد سكان أم درمان للوكالة الفرنسية، "استمر التحليق وأصوات الانفجارات من الثانية (بعد منتصف الليل) بالتوقيت المحلي وحتى الخامسة صباحاً".
في الموازاة ما زال الوضع العملياتي في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال درافور، محتدماً في ظل واقع إنساني مرير للغاية بعد عجز التكايا (المطابخ المجانية) لليوم الثالث على التوالي عن تقديم وجبات للنازحين والسكان العالقين. وبحسب مصادر عسكرية، فإن اشتباكات ضارية دارت أمس الثلاثاء بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في المحورين الشمالي والجنوبي دوت خلالها انفجارات قوية تصاعدت على إثرها أعمدة الدخان في أنحاء متفرقة من سماء المدينة.
صد هجوم
وأشارت تلك المصادر إلى أن الجيش و"القوات المشتركة" التابعة للحركات المسلحة الموالية له، تمكنا من صد هجوم شنته "الدعم السريع" على مقر السلاح الطبي التابع للفرقة السادسة - مشاة.
وأوضحت المصادر أن "الدعم السريع" كثفت منذ الصباح الباكر قصف مدفعيتها الثقيلة بصورة عنيفة ومتواصلة باتجاه أجزاء متفرقة من المدينة، بما في ذلك الارتكازات المتقدمة لقيادة الفرقة، مشيرة إلى أن الجيش تعامل مع القوة المهاجمة التي حاولت التوغل نحو سلاح المهندسين بالقصف المدفعي والطائرات المسيرة، مما أدى إلى تدمير مركبات قتالية ومقتل عشرات من القوة المهاجمة.
وفي تصريحات صحافية أفاد المتحدث الرسمي باسم "القوات المشتركة" أحمد حسين مصطفى بأن "الدعم السريع" ظلت تهاجم بصورة يومية مدينة الفاشر، "لكنها تتجرع الهزيمة في كل مرة من القوات المرابطة لحراسة الفاشر والدفاع عنها، وبالتالي ستظل عصية على الغزاة". ولفت مصطفى إلى أن الجيش وحلفاءه "لن يهدأ لهم بال حتى القضاء على هذه القوات المتمردة في كل أنحاء البلاد". وتسعى "الدعم السريع" من خلال هجماتها المستمرة على الفاشر إلى بسط سيطرتها على آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور، سعياً إلى توسيع نفوذها وترسيخ هيمنتها على هذا الإقليم.
تجويع وصمت
ووفقاً لتنسيقية "لجان مقاومة الفاشر" فإن الجوع في المدينة بلغ مستوى "الكارثة"، إذ إن "الأمباز" الذي يستخدم علفاً للحيوانات بات يستهلك من السكان كبديل للغذاء بينما اختفى تماماً من الأسواق. وتابعت التنسيقية في بيان أن "الموت بالجوع أصبح حقيقة يومية يعيشها سكان الفاشر، وكل يوم تسجل وفيات لأطفال ونساء وشيوخ لم يجدوا ما يسد الرمق".
وعد البيان السبب الأول للأزمة "الحصار الممنهج" الذي تفرضه "الدعم السريع"، مستخدمة التجويع والقصف كوسائل حرب ضد المدنيين، فيما حدد البيان السبب الثاني بـ"صمت الحكومة وسلبية الأجهزة الرسمية والأطراف المسؤولة عن حماية المدنيين"، التي عجزت حتى الآن عن اتخاذ أية خطوة جادة لفك الحصار.
وانتقدت التنسيقية المجتمع الدولي والأمم المتحدة لعدم تنفيذ مقترحاتها في شأن إنزال مساعدات إنسانية جواً للمدنيين، موضحة أن "المقترح الأممي طال انتظاره في وقت لم يعد الانتظار خياراً لأن الناس تموت الآن بالجوع. وطالب البيان بوقف معاناة السكان بصورة عاجلة، قائلاً "أوقفوا نزف الفاشر، وافتحوا جسراً جوياً الآن".
انعدام المياه
في الوقت ذاته تأزم الوضع في الفاشر بعد توقف شبه كامل لمصادر المياه عقب سيطرة "الدعم السريع" على المحطة الرئيسة التي تغذي المدينة بالمياه والكهرباء، إذ أدى هذا التطور الخطر إلى انهيار منظومة الإمداد الحيوي، مما دفع السكان إلى مواجهة ظروف معيشية قاسية وسط انعدام الخدمات الأساسية. وبحسب مواطنين فإن سعر برميل المياه ارتفع إلى 30 ألف جنيه سوداني (تسعة دولارات)، في ظل غياب شبه تام للمياه في معظم الأحياء، مما فاقم معاناة المدنيين الذين يواجهون في الوقت ذاته خطر الجوع والقصف المتواصل.
وأشار هؤلاء المواطنين إلى توقف غالبية الآبار الخاصة عن العمل خلال الأيام الأخيرة نتيجة احتدام العمليات العسكرية، مما تسبب بندرة المياه وارتفاع أسعارها، لافتين إلى أن هذا التوقف المفاجئ في مصادر المياه البديلة جاء في وقت حرج، إذ يعتمد السكان بصورة شبه كاملة على هذه الآبار بعد خروج المحطة الرئيسة عن الخدمة.
غارات جوية
وعلى محور كردفان، شن طيران الجيش أمس الثلاثاء، غارات مركزة على مواقع وتجمعات "الدعم السريع" في مناطق عدة في هذا المحور شملت محلية سودري شمالاً، ومدينة النهود بغرب كردفان.
وبحسب مصادر ميدانية، أسفرت الغارات عن خسائر في الأرواح، وتحييد عدد من أفراد "الدعم السريع" وتدمير مركبات وآليات عسكرية تابعة لها.
ويشتكي سكان مدينة النهود التي سيطرت عليها "الدعم السريع" مطلع مايو (أيار) الماضي من انفراط عقد الأمن في المدينة، التي غرقت في الفوضى والنهب.
ونزح كثيرون من سكان المدينة إلى القرى والمناطق المحيطة بها، إلا أن انعدام الخدمات وتدهور الوضع الأمني أجبرهم أيضاً على النزوح مرة أخرى إلى مناطق شرق البلاد وشمالها.
ومنذ شهرين كثف الجيش غاراته الجوية في إقليم كردفان، بهدف تدمير القوة الصلبة لـ"الدعم السريع" في مناطق بجنوب كردفان وشمالها وغربها، تمهيداً للوصول إلى إقليم دارفور وإنهاء حصار الفاشر، بينما تسعى الأخيرة إلى عرقلة تقدم الجيش.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هجوم بالمسيرات
وفي تطور جديد لقي سبعة أشخاص فجر أمس الثلاثاء مصرعهم وأصيب أخرين بجروح في هجوم متزامن بالطيران المسير استهدف ضاحية عد بابكر شرق الخرطوم ومدينة الدبة بالولاية الشمالية، إذ تشير أصابع الاتهام لقوات "الدعم السريع" التي لم تتبن الهجوم.
ووفقاً لبيان صادر عن السلطات المحلية في مدينة الدبة، فإن "الدعم السريع" استهدفت بالمسيرات المدينة، مما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص وجرح آخرين بكلية الهندسة.
وقال رئيس اللجنة الأمنية، المدير التنفيذي لمحلية الدبة، محمد صابر كشكش، "ما زالت الدعم السريع تستهدف الأعيان بالمدنية، فمثل هذه الجرائم الإرهابية لن تثنينا عن دعم القوات المسلحة، بل تزيدنا قوة وإصراراً لاقتلاع هذه الميليشيات التي تروع المدنين وتستهدفهم ولا تراعي للقوانين الدولية".
وأفاد شهود بأن أربع مسيرات استهدفت منازل سكنية في ضاحية عد بابكر التابعة لمحلية شرق النيل بالخرطوم بحري، تتمركز فيها عناصر تابعة لقوات "درع السودان" بقيادة أبو عاقلة كيكل المتحالفة مع الجيش. وأسفر الهجوم عن مقتل طبيب وأحد أبنائه، فضلاً عن إصابة إثنين آخرين من أبناء الطبيب، وأشار الشهود إلى إن الهجوم أحدث انفجارات قوية بمحيط المنطقة التي استهدفتها المسيرات الانتحارية.
نمو الاقتصاد
اقتصادياً، توقع "صندوق النقد الدولي" نمو اقتصاد السودان بعد انكماش قصير، تزامناً مع انخفاض معدل التضخم على أساس سنوي بحال توقفت الحرب بين الجيش و"الدعم السريع" بنهاية العام.
واعتمد صندوق النقد في توقعاته على نمو الاقتصاد السوداني هذا العام بنسبة 3.2 في المئة بدلاً من انكماش بسالب 0.4 في المئة، على أن يرتفع النمو في 2026 إلى 9.5 في المئة بدلاً من 8.8 في المئة، وأبقى الصندوق توقعاته بانكماش الاقتصاد بسالب 23.4 في المئة خلال عام 2024. وأوضح أن توقعاته في شأن نمو اقتصاد السودان تفترض أن ينتهي الصراع القائم في البلاد بنهاية هذا العام، على أن تبدأ عملية إعادة الإعمار بعد ذلك بوقف قصير. وتوقع الصندوق انخفاض معدل التضخم على أساس سنوي خلال العام الحالي إلى 54.6 في المئة، وفي 2026 إلى 16.1 في المئة، لافتاً إلى أن معدل التضخم على أساس سنوي بلغ 87.2 في المئة في 2024. وجاءت توقعات صندوق النقد وفقاً لتقديرات خبرائه، نظراً إلى عدم تحديث السودان البيانات الاقتصادية الرسمية بعد 2019، كما لم يجر تحديث على النظام الإحصائي منذ الثمانينيات، ولم يحدث النظام الوطني للحسابات القومية منذ 1982.
وتنعقد حالياً في واشنطن فعاليات الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي تستمر حتى الـ18 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، وأحدث الصراع المندلع في السودان منذ الـ15 من أبريل (نيسان) 2023 دماراً واسعاً في القاعدة الصناعية والأنشطة التجارية والزراعية والرعوية، كما قلص الإيرادات الحكومية.