Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

4 أيام من الحرب التركية في سوريا... ماذا جنت أنقرة دولياً؟

4 دول تعلَّق تسليح الجيش التركي وتظاهرات تتسع رقعتها بأوروبا ضد أردوغان... والعقوبات الأميركيَّة في طريقها

نُظّمت تظاهرات في عدة دول أوروبيَّة تنديداً بالهجوم التركي على سوريا (رويترز)

بالتوازي مع الانتقادات الدوليَّة المتصاعدة ضد أنقرة إثر عمليتها العسكريَّة التي أطلقتها في الشمال السوري منذ يوم الأربعاء الـ9 من أكتوبر (تشرين الأول)، تتزايد حملة الضغوط على الحكومة التركيَّة لوقف الهجوم، معتبرة أن "الخطوة التركيَّة من شأنها إضافة مزيد من التعقيد على المشهد السوري"، وتعد "انتهاكاً صارخاً للقوانين والأعراف الدوليَّة".

ومن الإدانة إلى قرارات وقف التسليح للجيش التركي، فضلاً عن تظاهرات في عواصم غربيَّة تتسع رقعتها ضد سياسات أنقرة، إضافة إلى تخوَّفات حقوقيَّة وإنسانيَّة لتبعات الخطوة على الأوضاع الإنسانيَّة في سوريا التي تعاني حرباً طاحنة منذ أكثر من 8 سنوات، تتراوح أشكال الضغط على الحكومة التركيَّة التي تلوّح بفتح حدودها للاجئين نحو الدول الأوروبيَّة ما لم تُوقف نقدها لعمليتها العسكريَّة المسماة "نبع السلام"، التي تهدف من خلالها إلى خلق "منطقة آمنة" خاليَّة من المسلحين الأكراد (تعتبرهم أنقرة إرهابيين) يمكن أن يقيم فيها اللاجئون السوريون.

4 دول تعلق تسليح أنقرة
بعد قرار من النرويج وهولندا بتعليق تصدير أي شحنات أسلحة جديدة إلى أنقرة إثر الهجوم الذي بدأته في شمال شرق سوريا، أعلنت برلين وباريس اليوم قراراً مماثلاً.

ووفق ما نقلت صحيفة "بيلد" الألمانيَّة عن وزير الخارجيَّة هايكو ماس، فإن ألمانيا ستوقف تسليم تركيا أسلحة "يمكن أن تستخدم في شمال شرق سوريا" ضد المقاتلين الأكراد.

وقال ماس للصحيفة، "نظراً إلى الهجوم العسكري التركي في شمال شرق سوريا لن تصدر الحكومة الاتحاديَّة أي تراخيص جديدة لكل العتاد العسكري الذي يمكن أن تستخدمه تركيا في سوريا".

 

وبلغت قيمة صادرات الأسلحة الألمانيَّة عام 2018 إلى تركيا 242,8 مليون يورو، ما يساوي ثلث القيمة الإجماليَّة لصادرات الأسلحة الألمانيَّة (770,8 مليون يورو).

ووصلت قيمة مبيعات الأسلحة الألمانيَّة لتركيا إلى 184,1 مليون يورو في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2019، وتركيا هي أكبر مشترٍ للأسلحة الألمانيَّة داخل حلف شمال الأطلسي.

واليوم السبت أيضاً، قالت فرنسا إنها "علَّقت كل مبيعات السلاح إلى تركيا"، وحذَّرت أنقرة من أن هجومها على شمال سوريا "يهدد الأمن الأوروبي".

وقال بيان مشترك من وزارتي الدفاع والخارجيَّة الفرنسيتين "قررت فرنسا، التي تتوقع انتهاء هذا الهجوم، تعليق كل خطط تصدير السلاح إلى تركيا، الذي يمكن أن يستخدم في هذا الهجوم. القرار يسري على الفور".

وتابع البيان، "وزراء خارجيَّة دول الاتحاد الأوروبي سينسقون مواقفهم في اجتماع يُعقد يوم الإثنين في لوكسمبورغ".

وجاء القراران الألماني والفرنسي بعد يوم من إعلان وزارة الخارجيَّة الهولنديَّة "تعليق تصدير أي شحنات أسلحة جديدة إلى أنقرة".

وقال نائب رئيس الوزراء هوغو دي يونغي، في مؤتمر صحافي بلاهاي، إثر الجلسة الأسبوعيَّة لمجلس الوزراء التي لم يحضرها رئيس الوزراء مارك روته بسبب وجوده في أستراليا، "ندعو الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى القيام بالأمر نفسه".

وأضاف المسؤول الهولندي، "نحن قلقون جداً للتداعيات الإنسانيَّة المحتملة لهذه العمليَّة" التي تهدد "بإعاقة المعركة ضد تنظيم داعش (وتهدد) الاستقرار في المنطقة".

وكانت النرويج، العضو في حلف شمال الأطلسي، هي الأخرى أعلنت تعليق تصدير شحنات الأسلحة إلى تركيا.

ومن المتوقع أن تهيمن المسألة التركيَّة على جدول الأعمال في اجتماع وزراء خارجيَّة الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ الإثنين المقبل، كما سيناقش قادة الاتحاد الأوروبي هذه المسألة في قمة تُعقد في بروكسل يومي الخميس والجمعة المقبلين.

تحقيقات واحتماليَّة فرض عقوبات
وفيما يصر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على استكمال العمليَّة العسكريَّة بدأت الإدارة الأميركيَّة في الاتجاه إلى "فرض عقوبات اقتصاديَّة"، وصفها مسؤولون في البيت الأبيض بأنها ستكون "قاسيَّة"، وتعمل على "شل" الاقتصاد التركي، جاء ذلك في وقت أعلنت فيه أيضاً دول الاتحاد الأوروبي اعتزامها "فرض عقوبات" على تركيا حال إصرارها على مواصلة العمليَّة العسكريَّة في سوريا.

ففي واشنطن، أعلن وزير الخزانة الأميركي ستيفين منوشين، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب فوَّض وزارة الخزانة في اتخاذ الإجراءات التي تستهدف "شل" الاقتصاد التركي.

العقوبات الجديدة لن تستهدف الاقتصاد التركي فقط، لكنها تمتد حسب وزير الخزانة الأميركي إلى "أي شخص يدعم النظام التركي، وأي شخص أو كيان يتعامل مع الحكومة التركيَّة في الأمور التجاريَّة". ومن المقرر أن تُفرض هذه العقوبات على مراحل أوليَّة وثانويَّة.

وقال منوشين، "الرئيس دونالد ترمب وقَّع بالفعل أمراً تنفيذياً يمنح إدارته السلطة لفرض عقوبات على تركيا بسبب توغلها في سوريا".

 

وأضاف، "توجد عقوبات قويَّة للغايَّة، نأمل أن لا نستخدمها، ويمكننا تدمير الاقتصاد التركي إذا احتجنا إلى ذلك".

وكان الرئيس الأميركي هدد بمحو اقتصاد تركيا إذا تجاوزت الحد المسموح به خلال العمليَّة العسكريَّة التي بدأتها هذا الأسبوع في سوريا.

وفي هذه الأثناء، يسعى الجمهوريون في مجلس الشيوخ الأميركي إلى فرض عقوبات على تركيا، على خلفيَّة العمليَّة العسكريَّة ذاتها، إذ يعمل نحو 29 عضواً من أعضاء الكونغرس الجمهوريين مع نظرائهم الديموقراطيين لتفعيل إجراءات تشمل فرض عقوبات صارمة على القادة الأتراك، وفق تقارير أميركيَّة.

وعلى المستوي الأوروبي، هددت حكوماته بفرض عقوبات على تركيا، رافضة تهديدات الرئيس أردوغان من أنه "سيفتح الأبواب"، ويرسل 3.6 مليون لاجئ إلى أوروبا إذا لم تسانده.

وحسب الوزيرة الفرنسيَّة للشؤون الأوروبيَّة أميلي دي مونشالان، فإن فرض عقوبات على تركيا "مطروح" للنقاش.

وقال دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي، الذي يرأس قمم الاتحاد الأوروبي، على (تويتر)، "لن نقبل بأي حال أن يكون اللاجئون سلاحاً، وأن يُستخدموا في ابتزازنا". وأضاف "تهديدات الرئيس أردوغان ليست في محلها تماماً".

تخوفات إنسانيَّة
وبينما حذَّرت منظمات حقوقيَّة دوليَّة، وعلى رأسها منظمة العفو الدوليَّة من استهداف أنقرة المدنيين والأهداف المدنيَّة خلال عملياتها العسكريَّة في سوريا. قال برنامج الأغذيَّة العالمي التابع للأمم المتحدة، اليوم السبت، إن أكثر من 100 ألف شخص نزحوا من مدينتي رأس العين وتل أبيض السوريتين مع تصاعد العنف هناك.

وذكر البرنامج أنه سيواصل مع شركائه مساعدة السكان في شمال شرق سوريا على الرغم من تدهور الوضع الأمني هناك. إذ يعيش حالياً نحو 580 ألف شخص ممن يوفر لهم البرنامج الغذاء في المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد.

تظاهرات تتسع رقعتها
ومن المستوى الرسمي إلى غير الرسمي، اتسعت رقعت التظاهرات المنددة بالعمليات التركيَّة في عدد من الدول الأوروبيَّة.

وفي باريس وعدد من المدن الفرنسيَّة، تظاهر آلاف الأشخاص إلى جانب شخصيات سياسيَّة فرنسيَّة من اليسار دعماً للأكراد وتنديداً بالهجوم التركي على مواقعهم في شمال سوريا.

وتجمّع آلاف الأشخاص بعد الظهر بدعوة من المجلس الديموقراطي الكردي في فرنسا في ساحة الجمهوريَّة، ثم بدؤوا بالتوجه نحو ساحة شاتليه في قلب باريس. وقدر المنظمون عدد المتظاهرين "بأكثر من 20 ألف شخص".

 

ونظمت تظاهرات أيضاً في عدة مدن فرنسيَّة بعد ظهر السبت، ورفع المتظاهرون لافتات كُتِب عليها "ترمب سفاح"، و"خلف واجهة البغدادي، أردوغان القائد الفعلي لداعش" أو "تركيا تجتاح روجافا، وأوروبا تتأمل" في إشارة إلى مناطق الإدارة الذاتيَّة الكرديَّة في شمال شرق سوريا، وردد المتظاهرون هتافات "أردوغان، إرهابي" و"روجافا، مقاومة".

وشارك برلمانيون فرنسيون عديدون من أحزاب اليسار في التجمع، وألقوا كلمات تنديداً بالهجوم التركي.

ونظّمت تظاهرات مماثلة في عدة دول أوروبيَّة اليوم السبت، وفي ألمانيا، شارك "آلاف الأشخاص" بالتظاهرات في مختلف المدن حسب وكالة الأنباء الألمانيَّة "دي بي إيه" مشيرة إلى أكثر من عشرة آلاف متظاهر في كولونيا ونحو أربعة آلاف في فرانكفورت. وجرت تظاهرات داعمة الأكراد أيضاً، السبت، في قبرص وأثينا ووارسو وبروكسل.

في لاهاي، تجمَّع مئات الأكراد الهولنديين في وسط المدينة، ونظموا مسيرة، واضطرت الشرطة إلى التدخل فترة وجيزة للفصل بين هولنديين من أصل تركي ومتظاهرين أكراد، كما أفادت محطة التلفزيون الهولنديَّة العامة "إن أو أس"، وتظاهر المئات كذلك في بودابست والآلاف في فيينا.

خسائر بشريَّة واعتقال المنتقدين
ومع دخول العمليات العسكريَّة التركيَّة يومها الرابع، أعلنت وزارة الدفاع التركيَّة مقتل اثنين من قواتها بعد هجوم بالمورتر على منطقة قريبة من موقع عسكري في جزء من شمال سوريا كانت أنقرة شنَّت فيه عمليَّة ضد مسلحين أكراد العام الماضي.

وقالت الوزارة، في بيان، إن "الجنديين قُتِلا بعد أن قصف مسلحون من وحدات حمايَّة الشعب المنطقة التي يوجد بها موقع عسكري تركي داخل ما سمّته (منطقة غصن الزيتون)". ولم تذكر مزيداً من التفاصيل.

في غضون ذلك، واصلت السلطات التركيَّة اعتقالاتها في الداخل لمن ينتقدون العمليَّة العسكريَّة، وذلك بتهمة "الدعايَّة الإعلاميَّة الإرهابيَّة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحسب ما ذكرت وكالة الأناضول التركيَّة، اُعتقل نحو 121 شخصاً منذ بدء العمليات العسكريَّة بسبب انتقادهم لها. من بينهم هاكان ديمير رئيس موقع "بيرغون" اليساري بعد اتهامه بـ"تحريض الشعب على الكراهيَّة والعداوة"، بعد أن تحدّث الموقع عن وقوع إصابات بين المدنيين في الهجوم.

واعتقلت الشرطة التركيَّة 21 شخصاً في مدينة ماردين جنوب شرق تركيا بسبب "الدعايَّة الإعلاميَّة الإرهابيَّة" حسب الأناضول.

كما ذكرت الشرطة أنها فتحت 78 قضيَّة ضد أفراد بسبب نشرهم "دعايَّة إعلاميَّة" ضد العمليَّة.

وقال النائب العام في تركيا إنه فُتِحَت قضايا بحق زعيمي حزب الشعوب الديموقراطي الموالي الأكراد سيزاي تيميللي وبيرفين بولدان، وغيرهما من أعضاء الحزب.

وتحظر السلطات التركيَّة أي انتقاد للعمليات العسكريَّة، حتى إنها تطلب من أحزاب المعارضة الإشادة بها. وسبق للسلطات أن اعتقلت منتقدين على الإنترنت خلال عمليات سابقة ضد القوات التركيَّة في سوريا، واتهمتهم بـ"الدعايَّة الإعلاميَّة الإرهابيَّة".

وتنتقد جماعات حقوقيَّة تضاؤل حريَّة التعبير في ظل حكم الرئيس رجب طيب أردوغان، خصوصاً عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016 التي تلتها حملة قمع اُعتقل خلالها آلاف المعارضين السياسيين.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات