ملخص
في غرب كردفان أعلن قائد فيلق "البراء بن مالك" المتحالف مع الجيش، المصباح طلحة، أن قواته باتت على مشارف مدينة الخوي أقصى شمال شرقي الولاية، مبشراً "بنصر وشيك على هذا المحور، بعدما باتت المدينة على مرمى حجر في ظل تقدم الجيش وحلفائه".
شهدت مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، أمس الإثنين الـ13 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، قصفاً مدفعياً مكثفاً وتحليقاً مستمراً للطائرات المسيرة التابعة لقوات "الدعم السريع"، في وقت بلغ فيه تفاقم الأوضاع الإنسانية درجة كارثية نتيجة الانعدام التام للمواد الغذائية وتوقف معظم التكايا والمطابخ الخيرية، مما أدى إلى انتشار الجوع والمرض داخل الأحياء السكنية بالمدينة، وبات آلاف المواطنين من الأطفال والنساء في مراكز الإيواء يتضورون جوعاً، من دون توفر الحد الأدنى من الغذاء والدواء ومياه الشرب، وتفاقمت، خلال اليومين الماضيين، الأزمة الغذائية التي تعيشها المدينة بصورة حادة تنذر بتحول الوضع في المدينة المحاصرة إلى مأساة إنسانية كبرى، بخاصة عقب توقف التكايا الخيرية التي كان المواطنون يعتمدون عليها بصورة رئيسة في وجباتهم اليومية.
وأطلقت تنسيقية لجان المقاومة وناشطون نداءات استغاثة عاجلة بسبب تفاقم الأوضاع الإنسانية لدرجة كارثية إثر الانعدام التام للغذاء والدواء ومياه الشرب وانتشار مظاهر الجوع والمرض في معظم الأحياء السكنية، وقالت في بيان "إن المدينة تعيش واقعاً مأسوياً نتيجة القصف العنيف واستمرار استهداف المدنيين"، مؤكدة أن الأرواح التي تزهق يومياً ليست مجرد أرقام في عداد الموت المتصاعد، "بل وصمة عار في جبين كل من تولى المسؤولية وتخلى عنها أو صمت تجاه الجرائم الجارية".
عجز وصمت
وحمل بيان التنسيقية المسؤولية الأخلاقية والسياسية لقيادة الدولة بكامل هياكلها، بخاصة قيادات دارفور التي قال إنها "وقفت عاجزة وصامتة أمام هذا الانهيار الكامل الذي تدفع ثمنه أرواح النساء والأطفال والمدنيين الأبرياء، متهمة إياها بالاكتفاء بإصدار البيانات ومناشدات الأمم المتحدة من دون اتخاذ خطوات عملية لحماية المدنيين"، كذلك أطلق ناشطون متطوعون نداءات عاجلة لإنقاذ المدينة من خطر المجاعة، بعدما وصل الوضع الإنساني فيها إلى مرحلة كارثية غير مسبوقة، وبات آلاف المواطنين بلا غذاء ولا دواء، وتزايدت حالات سوء التغذية الحاد بسبب الحصار الخانق الذي تعيشه منذ ما يقارب عامين، وطالب الناشطون برفع الحصار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية وتنفيذ مزيد من عمليات الإسقاط الجوي للمواد الغذائية والطبية لإنقاذ المدنيين المحاصرين، محذرين من أن أي تأخير يمثل تهديداً لحياة السكان، وكشف المتطوعون عن أن الأسواق أصبحت شبه خالية من السلع الضرورية، وأنه حتى علف الحيوانات "الأمباز" الذي كان ملاذاً أخيراً للجوعى، أصبح نادراً، ولجأ كثر إلى أكل ورق الأشجار لمواجهة الجوع والبقاء على قيد الحياة.
تمدد المأساة
وأشار المتطوعون إلى أن المأساة الإنسانية لم تعد تقتصر على مدينة الفاشر وحدها، بل تمددت إلى مناطق أخرى مجاورة في شمال مدينة كتم التي باتت الآن تعيش ظروفاً مشابهة، إذ يضطر السكان إلى قطع مسافات طويلة أكثر من 50 كيلومتراً يومياً على ظهر الدواب للحصول على بعض الغذاء، عبر طرق خطرة قد يتعرضون فيها للموت أو الاختطاف أو النهب على أقل تقدير، ولفتوا إلى الارتفاع الكبير في أعداد اليتامى إما بالقتل بالقصف أو الخطف خلال اجتياح "الدعم السريع" معسكر زمزم للنازحين وأحياء المدينة، وتابعوا "معظم المستشفيات والصيدليات بالفاشر أغلقت أبوابها، وتنعدم الأدوية المنقذة للحياة في المستشفيات الحكومية الثلاثة العاملة، وأصبحت جروح العشرات من المصابين تتعفن بسبب نقص المستهلكات الطبية والمعقمات وصعوبة نقلهم إلى المراكز الطبية تحت القصف المستمر"، مشيرين إلى أن الحصار أغلق المنافذ والطرق إلى المدينة بحيث لم يعد هناك مجال لإيصال أي إمدادات سوى عبر الإسقاط الجوي.
وتفرض "الدعم السريع" حصاراً مشدداً على الفاشر منذ ما يقارب عامين، وتمنع دخول أي مساعدات إنسانية أو طبية، مما أدى إلى انعدام المواد الغذائية والأدوية، في ظل تصاعد القصف والمواجهات العسكرية في المدينة.
وتؤكد هذه القوات أنها تحرز تقدماً من كل الاتجاهات داخل الفاشر مع تمركز الجيش والقوات المشتركة في منطقة حي الدرجـة وجامعة "الفاشر"، وبثت "الدعم السريع" على منصاتها بمواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تواصل فيها ما تسميه بـ"قوات تأسيس" عمليات إجلاء المدنيين من مناطق الاشتباكات بالمدينة وتقديم المساعدات الإنسانية والعون اللوجيستي للوصول إلى مراكز إيواء آمنة.
مرمى حجر
في غرب كردفان أعلن قائد فيلق "البراء بن مالك" المتحالف مع الجيش، المصباح طلحة، أن قواته باتت على مشارف مدينة الخوي أقصى شمال شرقي الولاية، مبشراً "بنصر وشيك على هذا المحور، بعدما باتت المدينة على مرمى حجر في ظل تقدم الجيش وحلفائه"، وأشار طلحة، في منشور على "فيسبوك" إلى أن العمليات في محور كردفان تسير وفق الخطة المرسومة، "وتتمتع القوات بروح معنوية عالية بعد النجاحات الأخيرة التي حققتها"، وفي المحور ذاته نفذ طيران الجيش للمرة الثانية خلال هذا الأسبوع عملية إسقاط جوي للفرقة 22 مشاة بمدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان التي ظلت محاصرة بواسطة "الدعم السريع" منذ أكثر من عامين وحتى الآن. وكشفت مصادر عسكرية عن أن مقاتلات الجيش شنت غارات جوية على مواقع "الدعم السريع" في محيط المدينة تزامناً مع عملية الإسقاط، أوقعت خسائر كبيرة في صفوفها، وأمنت أطراف المدينة وعملية الإسقاط في الوقت نفسه.
وتواصل القوات المشتركة تنفيذ عمليات تمشيط واسعة في المنطقة، في وقت أكد متحدث عسكري أن الأوضاع تحت السيطرة بالكامل وأن الروح المعنوية للمقاتلين في أعلى مستوياتها بعد هذا النجاح الجوي الجديد.
واتهمت غرفة طوارئ دار حمر "الدعم السريع" باستهداف مقر ناظر عموم قبائل الحمر، عبدالقادر منعم منصور، في مدينة النهود، بطائرة مسيرة في هجوم أسفر عن مقتل امرأة وإصابة آخرين، وحمل بيان للغرفة هذه القوات مسؤولية قصف دار نظارة الحمر لإجبار الناظر على مغادرة المدينة باتجاه مدينة نيالا بجنوب دارفور.
إسقاط مسيرات
في جنوب كردفان تمكنت المضادات الأرضية للفرقة العاشرة - مشاة بمدينة أبي جبيهة بالولاية، من إسقاط ثلاث مسيرات تابعة لـ"الدعم السريع" أثناء محاولتها استهداف مواقع تابعة للجيش بالمدينة. وأوضحت مصادر محلية أن السكان يعيشون حالاً من الذعر والخوف نتيجة التحركات الأخيرة لهذه القوات في محيط المدينة، ومنذ أسابيع تشهد محاور القتال في إقليم كردفان ودارفور تصاعداً في وتيرة العمليات العسكرية البرية والغارات الجوية وهجمات الطيران المسير من الجانبين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
توترات بالشمال
في شمال البلاد شهدت مدينة عطبرة بولاية نهر النيل توترات أمنية مقلقة نتيجة إطلاق نار داخل مستشفى "المدينة التعليمي"، من قبل أحد منسوبي القوات المشتركة مما أدى إلى مقتل ثلاثة مواطنين وإصابة ستة آخرين بجروح من بينهم أحد أفراد الطاقم الطبي. وأوضحت مصادر ولائية أن التحقيقات لا تزال جارية لكشف ملابسات الحادثة ودوافعها، في وقت طالب ناشطون ولجان مقاومة بفتح تحقيق شفاف ومستقل حول الواقعة، ومحاسبة كل من تسبب في إزهاق أرواح الأبرياء داخل منشأة يفترض أن تكون ملاذاً آمناً للمرضى. واتهمت تنسيقية لجان مقاومة عطبرة عناصر من القوة المشتركة المساندة للجيش باقتحام المستشفى وإطلاق النار داخلها، محملة القيادة السياسية والعسكرية المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة.
مبادرة الحميات
صحياً تم في مدينة بورتسودان تدشين المبادرة الوطنية لحشد وتنسيق الجهود الوطنية لدعم القطاع الصحي، وتعزيز استجابة السودان لمكافحة تفشي حمى الضنك والملاريا، بحضور رئيس الوزراء كامل إدريس وعدد من الوزراء ورجال الأعمال ورؤساء الهيئات والمؤسسات ومديري بنوك. وتهدف المبادرة إلى تعزيز استجابة السودان لمكافحة تفشي الحميات والعمل على توفير الدعم المالي والعيني للمناطق المتأثرة. وشدد وزير الصحة الاتحادي هيثم محمد إبراهيم على أهمية استدامة آليات المكافحة واستمرارها للحد من انتشار الأمراض، مشيراً إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالملاريا وحمى الضنك في عدد من الولايات بخاصة ولايتا الجزيرة والخرطوم. ولفت إبراهيم إلى أن اللجنة العليا للمكافحة كثفت جهودها لمحاصرة الأوبئة، وأن المبادرة تهدف إلى سد الفجوة لما تبقى من فصل الخريف، وفق الحاجات المطلوبة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، التي تشمل المحاليل الوريدية وأدوية الطوارئ، إلى جانب الآليات والمبيدات لمواصلة عمليات مكافحة النواقل.
عودة العدالة
في الأثناء نظمت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين بدارفور، مسيرات سلمية تأييداً لإدانة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي للمدعو علي كوشيب أحد قادة ميليشيات الجنجويد 2003-2004 بدارفور، لارتكابه انتهاكات وجرائم مروعة في حق أهالي الإقليم. وانطلقت المسيرات، بحسب المتحدث باسم المنسقية العامة للنازحين بدارفور آدم رجال، في معسكرات كلمة وعطاش والحميدية وخمس دقائق ونيرتتي وطويلة وسورتوني وقولو وكساب، مشيراً إلى أن الظروف الأمنية حالت دون تسيير المواكب في ثمانية معسكرات أخرى. ووصف بيان لمتحدث المنسقية إدانة كوشيب بأنها نقلة نوعية في مسار العدالة التي غابت، أعواماً طويلة، في ظل الحكومات السودانية المتعاقبة، مطالباً المحكمة الجنائية الدولية والمجتمع الدولي بممارسة أشكال الضغوط كافة على سلطة بورتسودان لتسليم بقية المطلوبين.