Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجيش يصد هجوما بالفاشر ونداءات لإنقاذ المدنيين من الجوع

أدى تصاعد وتيرة العمليات العسكرية إلى أزمة إنسانية حادة بسبب انعدام الغذاء والدواء

تحولت مدينة الفاشر آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور إلى نقطة ساخنة ترزح تحت حصار مميت قرابة 18 شهراً (أ ف ب)

ملخص

في محور كردفان، واصل الطيران الحربي للجيش غاراته على مواقع وتمركزات "الدعم السريع" بعدد من مناطق إقليم كردفان، ونفذ طيران الجيش ضربات جوية مركزة استهدفت تمركزات وآليات تتبع لـ"الدعم السريع" في مدينة سودري بولاية شمال كردفان أسفرت عن تدمير عربات قتالية ومخازن أسلحة كانت تستخدمها هذه القوات في شن هجمات على قوات الجيش وحلفائه، وفق مصادر عسكرية أشارت، أيضاً إلى أن الجيش يفرض سيطرة جوية تامة على أجواء شمال كردفان

في وقت تحولت مدينة الفاشر آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور إلى نقطة ساخنة ترزح تحت حصار مميت قرابة 18 شهراً، دخلت المواجهات العنيفة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" محكاً صعباً، إذ أعلن الجيش، أمس الأحد، تصديه لهجوم نفذته الأخيرة على الدفاعات الأمامية لقاعدته العسكرية في المدينة. وبحسب مصادر عسكرية، فإن "الدعم السريع" سبقت الهجوم بقصف عنيف بالمدفعية الثقيلة وطيرانها المسير على الفرقة السادسة - مشاة، فضلاً عن استخدامها الدبابات والمركبات المصفحة في هذا الهجوم المباغت، مشيرة إلى أن الجيش تعامل مع القوة المهاجمة التي حاولت التوغل نحو مقاره بالقصف المدفعي والطائرات المسيرة. ووفقاً للفرقة السادسة - مشاة، فإن الهجوم استهدف محاور عدة داخل المدينة من بينها محيط الإشارة وحي المهندسين ومواقع السلاح الطبي. وأوضحت الفرقة، في بيان، أنها خاضت، بمساندة القوات النظامية الأخرى وقوات الحركات المسلحة، اشتباكات عنيفة مع "الدعم السريع" في محاور متعددة، لافتة إلى أن الدفاعات الأرضية ألحقت بالمهاجمين خسائر جسيمة شملت حرق وتدمير دبابات وآليات قتالية عدة وقتل ما لا يقل عن 100 عنصر.

وأفاد شهود بأن الوضع العملياتي في الفاشر بات محتدماً بسبب تصاعد وتيرة المعارك والقصف المدفعي العشوائي على الأحياء السكنية بخاصة أولاد الريف والوادي والدرجة الأولى، إضافة إلى منطقة قشلاق (ثكنات) الجيش. وأشاروا إلى أن السكان لم يعد بإمكانهم التحرك من منازلهم لقضاء حاجاتهم المعيشية بسبب استمرار القصف المدفعي على مختلف أنحاء المدينة وبلا هوادة. في حين، أكدت لجان مقاومة الفاشر أن المدينة تعرضت لقصف مدفعي مكثف باتجاه الأحياء السكنية ومراكز الإيواء والطرقات، وقالت اللجان، في بيان، إن توقف التكايا ونفاد المواد الغذائية يزيدان من معاناة الأطفال والمدنيين في مدينة أنهكها الحصار.

يأتي هذا التصعيد في إطار سلسلة هجمات متواصلة تشنها "الدعم السريع" على محاور الفاشر خلال الأيام الماضية، وسط تحذيرات محلية من تزايد الأخطار على المدنيين والبنية التحتية بالمدينة.

توقف المطابخ

وأدى تصاعد وتيرة العمليات العسكرية إلى أزمة إنسانية حادة بسبب انعدام الغذاء والدواء، وازدياد حالات الوفيات اليومية بين الفئات الأكثر ضعفاً، بخاصة الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن، نتيجة سوء التغذية والجوع. في وقت استمر عجز المطابخ المجانية، لليوم الثاني على التوالي، عن تقديم وجبات للنازحين في مراكز الإيواء والسكان داخل الأحياء، حيث دعا مشرف إحدى تكيات الفاشر، محيي الدين شوقار، الحكومة السودانية والجهات الإنسانية المحلية والدولية إلى التحرك الفوري لإنقاذ سكان مدينة الفاشر ونازحيها، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية ووصولها إلى مرحلة حرجة للغاية. 

 

 

وقال مضيفاً في بيان، "بلغ الوضع في الفاشر مرحلة كارثية، إذ نفدت المواد الغذائية من الأسواق المحلية، وتوقفت المرافق الحيوية التي يعتمد عليها آلاف الأسر، وعلى رأسها تكية الفاشر، التي لم تتمكن السبت والأحد من إعداد وتوزيع أي وجبة على النازحين، مما ينذر بحدوث مجاعة وشيكة وكارثة إنسانية لا يمكن تداركها"، وتابع البيان "لا بد من تدخل عاجل عبر إسقاط المواد الغذائية جواً، بصورة فورية، لمواطني الفاشر، إضافة إلى فتح ممرات إنسانية آمنة ومستدامة لإدخال الإمدادات الغذائية والطبية الضرورية"، وتابع البيان "إنقاذ من تبقى من إنسان الفاشر هو مسؤولية تاريخية وإنسانية لا تحتمل التأجيل، وعلى الجهات المتخصصة التحرك العاجل لتفادي كارثة إنسانية وشيكة تهدد حياة آلاف المدنيين".

استنكار واسع

إلى ذلك لقي استهداف "الدعم السريع"، أول من أمس السبت، مركزاً لإيواء النازحين بالفاشر بطائرة مسيرة، مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 60 شخصاً، بينهم نساء وأطفال وكبار سن، استنكاراً محلياً ودولياً واسعاً، إذ أعلن مجلس السيادة السوداني استنكاره الصمت الدولي حيال الجرائم التي ترتكبها "الدعم السريع"، بما في ذلك الجرائم الإنسانية وجرائم الحرب في حق المدنيين في مدينة الفاشر ومدن أخرى في البلاد. وقال المجلس، إن "الدعم السريع تستهدف المدنيين على أساس عرقي بصورة ممنهجة، كما تشن هجمات على البنية التحتية ومعسكرات النازحين ودور الإيواء في تحد واضح لقرارات مجلس الأمن ولا مبالاة بالقانون الدولي الإنساني"، وأشار البيان إلى أن "هذه الجرائم تحتم على الإرادة الدولية مساعدة السودان لاجتثاث هذه القوات ومحاسبة قادتها ومن يقف إلى جانبهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تحقيقات نزيهة

وطالب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" بتحقيقات نزيهة وشاملة في عملية القصف الذي شنته "الدعم السريع" على موقع يأوي نازحين في حي الدرجة الأولى بالفاشر، وأضاف في بيان "لا يجوز بأي حال من الأحوال استهداف المستشفيات أو الملاجئ أو أماكن اللجوء. ولا بد من احترام القانون الإنساني الدولي ووقف الهجمات فوراً على المدنيين والبنى التحتية المدنية". كما وصفت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "يونيسيف" كاثرين راسل الهجوم المدمر على الأطفال والأسر النازحة التي تبحث عن الأمان بالفاشر بأنه عمل شنيع. وأشارت إلى أن قتل الأطفال وإصابتهم يعد انتهاكاً جسيماً لحقوقهم، كما أن الهجمات على المدنيين في الأماكن التي يفترض أن توفر لهم الأمان والملجأ أمر لا يغتفر. وطالبت راسل بضرورة محاسبة المسؤولين عن الهجمات على المدنيين بمن فيهم الأطفال.

في إشارة إلى مقتل 17 طفلاً بينهم رضيع عمره سبعة أيام فحسب، وإصابة 21 طفلاً آخرين، في هجوم شن على مركز دار الأرقم للنازحين في الفاشر

"الدعم السريع" تنفي

من جهتها نفت قوات "الدعم السريع" صلتها باستهداف مركز إيواء في مدينة الفاشر. وقال الناطق الرسمي باسمها فاتح قرشي في بيان، "ننفي بصورة قاطعة ما تروجه الغرف الإعلامية التابعة لـلجيش من ادعاءات حول سقوط مدنيين نتيجة قصف جوي أو مدفعي زعمت أن قواتنا نفذته باستهداف ملجأ للنازحين في مدينة الفاشر"، وأضاف البيان "هذه الادعاءات غير صحيحة جملة وتفصيلاً وتأتي في سياق حملة تضليل منهجية تهدف إلى التغطية على الهزائم التي مني بها الجيش".

غارات على كردفان

في محور كردفان، واصل الطيران الحربي للجيش غاراته على مواقع وتمركزات "الدعم السريع" بعدد من مناطق اقليم كردفان، ونفذ طيران الجيش ضربات جوية مركزة استهدفت تمركزات وآليات تتبع لـ"الدعم السريع" في مدينة سودري بولاية شمال كردفان أسفرت عن تدمير عربات قتالية ومخازن أسلحة كانت تستخدمها هذه القوات في شن هجمات على قوات الجيش وحلفائه، وفق مصادر عسكرية أشارت أيضاً إلى أن الجيش يفرض سيطرة جوية تامة على أجواء شمال كردفان، ويقوم برصد ومراقبة تحركات "الدعم السريع" لمنع أي محاولات لإعادة التمركز أو تنفيذ عمليات هجومية جديدة. كما شملت الغارات مواقع استراتيجية لـ"الدعم السريع" في تخوم مدينتي النهود والخوي بولاية غرب كردفان اللتين تقعان تحت سيطرة الأخيرة، في وقت تعرضت مدينة أبو جبيهة بولاية جنوب كردفان التي يسيطر عليها الجيش لهجوم بطائرات مسيرة، هو الأول من نوعه منذ اندلاع النزاع في الإقليم. وأشار شهود إلى أن الهجوم استهدف مقر القوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة المتمركزة داخل مباني جامعة "شرق كردفان" التي اتخذتها مقراً لها منذ وصولها إلى المدينة قبل نحو أسبوعين. وعد مراقبون عسكريون هذا الهجوم بمثابة تطور نوعي في طبيعة المواجهات، فضلاً عن أنه يعكس تحولاً في أدوات القتال المستخدمة، مع دخول الطائرات المسيرة إلى ساحة النزاع بصورة مباشرة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات