ملخص
استعاد لوكورنو منصبه في ظل أجواء من عدم اليقين، إذ تعهد تيار اليسار المتطرف طلب تصويت بحجب الثقة اليوم الإثنين، في حين أن الاشتراكيين، الذين لديهم القدرة على إسقاطه، يبقون خياراتهم مفتوحة.
رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعوات الاستقالة ووجه انتقادات حادة إلى معارضيه اليوم الإثنين في وقت تواجه حكومته خطر السقوط بسبب اقتراحين لسحب الثقة قد يطيحان بها بحلول نهاية الأسبوع.
وتمر فرنسا بأسوأ أزمة سياسية منذ عقود، إذ تسعى حكومات الأقلية المتعاقبة إلى تمرير موازنات تهدف إلى تقليص العجز وسط برلمان منقسم إلى ثلاث كتل أيديولوجية مختلفة.
وعند وصوله إلى مصر اليوم الإثنين للمشاركة في اجتماع يهدف إلى إنهاء الحرب في غزة، بدا ماكرون متحدياً، ملقياً باللوم على خصومه في زعزعة استقرار فرنسا، ومؤكداً أنه لا يعتزم التنحي عن منصبه قبل انتهاء ولايته الثانية والأخيرة في عام 2027. وقال "أكرّس جهودي للحفاظ على الاستقرار وسأواصل ذلك".
وسيواجه لوكورنو تصويتاً على سحب الثقة يوم الخميس وسط حالة من عدم اليقين بشأن ما إذا كان يملك الأصوات الكافية للبقاء في منصبه، إذ لا يزال الحزب الاشتراكي، الذي يُعد دعمه ضرورياً، متردداً ولم يحسم أمره.
يريد الاشتراكيون من لوكورنو إلغاء إصلاحات ماكرون للمعاشات التقاعدية وفرض ضريبة على المليارديرات، وهو إجراء يرفضه اليمين رفضاً قاطعاً. ويُعد لوكورنو أقصر رؤساء وزراء فرنسا خدمةً، إذ لم تتجاوز مدة ولايته الأولى 27 يوما. ولم يستبعد إمكانية الاستقالة مجدداً إذا تعذر عليه أداء مهامه.
وكانت الرئاسة الفرنسية أعلنت أمس الأحد، عن التشكيلة الحكومية الجديدة بقيادة لوكورنو، التي أعيد فيها تعيين رولان ليسكور، الحليف المقرب من ماكرون، وزيراً للمالية.
ولم تستمر حكومة لوكورنو الأخيرة سوى 14 ساعة. ويتولى ليسكور وزارة المالية في وقت تتعرض فيه الحكومة لضغوط شديدة لإقرار موازنة عام 2026 عبر برلمان منقسم بشدة.
وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي، أمس الأحد، تشكيلة حكومية تضم سياسيين وعدداً من التكنوقراط وشخصيات من المجتمع المدني، في محاولة لتجنيب البلاد مزيداً من التأزم السياسي. وشدد لوكورنو في منشور على منصة "إكس" على أن الأهم "مصلحة البلاد"، شاكراً الوزراء "المشاركين في هذه الحكومة بكامل حريتهم بعيداً من المصالح الشخصية والحزبية".
وفي ما يبدو أنه مسعى لإبعاد شبح تقديم مذكرة فورية لحجب الثقة، قال لوكورنو، إن الحكومة الجديدة مهمتها منح البلاد "موازنة قبل نهاية العام".
وتقع على عاتق ليسكور المنتمي إلى معسكر ماكرون إعداد مشروع موازنة لعام 2026 قادرة على نيل ثقة البرلمان، في حين بلغ الدين العام للدولة 3300 مليار يورو، أي أكثر من 115 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
واجتمع لوكورنو مع ماكرون لوضع القائمة، مساء أمس الأحد، بعد يومين من إعادة تعيينه رئيساً للوزراء وفي خضم أسوأ أزمة سياسية تشهدها فرنسا منذ عقود.
ويتعرض لوكورنو لضغوط لتقديم موازنة سريعاً للوفاء بالمهل الدستورية، إذ قال مكتب الرئيس إن الاقتراح يجب أن يكون جاهزاً بحلول الأربعاء للامتثال للمهلة الدستورية. ويتعين شغل المناصب الوزارية في الحكومة كشرط رسمي مسبق لتقديم الموازنة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستقال لوكورنو، الأسبوع الماضي، بعد 27 يوماً فقط من توليه المنصب عندما أثارت اختياراته الوزارية غضب أعضاء ائتلاف يمين الوسط الذي ينتمي إليه.
وفرنسا غارقة في أزمة منذ شهور، وواجهت مصاعب في ظل سلسلة من حكومات الأقلية لإقرار تدابير خفض العجز عبر برلمان منقسم يتطلع كثيرون فيه بالفعل إلى السباق لخلافة ماكرون في الرئاسة عام 2027.
الحكومة الجديدة
في الحكومة الجديدة التي "شُكّلت لكي تحظى فرنسا بموازنة قبل نهاية العام"، أسند لوكورنو حقيبة الداخلية إلى قائد شرطة باريس لوران نونيز، خلفاً لزعيم حزب الجمهوريين برونو روتايو، وحقيبة العمل إلى الرئيس السابق لشركة السكك الحديد "أس أن سي في" جان-بيار فاراندو.
وأعيد إسناد حقيبة الخارجية إلى جان-نويل بارو فيما ذهبت حقيبة الدفاع إلى وزيرة العمل في الحكومة المستقيلة كاترين فوتران.
ومن بين الوجوه الحكومية الجديدة مونيك باربو، موفدة ماكرون الخاصة إلى مؤتمر "قمة الكوكب الواحد" التي أسندت إليها حقيبة التحول البيئي، فيما أسندت حقيبة التربية الوطنية إلى إدوار جوفريه، خلفاً لإليزابيت بورن.
ومصير الفريق الحكومي الذي سيقوده لوكورنو سيكون مهدداً جداً. فباستثناء الحزب الاشتراكي، دعت كل القوى اليسارية من الآن إلى عدم منح حكومة لوكورنو الثانية الثقة، فضلاً عن التجمع الوطني اليميني المتطرف واتحاد اليمين من أجل الجمهورية بزعامة إريك كوتي.
أما المجموعة الاشتراكية في الجمعية الوطنية التي تضم 69 نائباً فتهدد أيضاً بذلك بسبب استيائها جراء مداولات غير مثمرة بشأن مطالبها منذ أربعة أسابيع.