ملخص
دعت دانييلا فايس الملقبة في إسرائيل بـ"أم المستوطنين" إلى طرد ملايين الفلسطينيين من أراضيهم، معلنةً نيتها بناء مستوطنات جديدة في غزة بعد الإفراج عن الرهائن، في تصريح اعتبره المذيع البريطاني بيرس مورغان بأنه دعوة للتطهير العرقي.
أثارت الناشطة الإسرائيلية دانييلا فايس الجدل بعد تصريحاتها خلال مقابلة مع الإعلامي البريطاني بيرس مورغان، قالت فيها إن "لا وجود للفلسطينيين"، واعتبرت أن الشعب الفلسطيني "أمة مخترعة" تسعى إلى سلب اليهود حقوقهم.
وخلال المقابلة ذكرت فايس الملقبة بـ"أم المستوطنين" لدعمها التوسع الاستيطاني أن "أرض إسرائيل تنتمي لأمة واحدة، هي الأمة اليهودية"، مشيرة إلى أن الفلسطينيين ليسوا إلا "عرباً يعيشون في أرضنا، ويريدون أن ينتزعوها منا".
وأثارت تصريحاتها حفيظة المذيع البريطاني الذي رد عليها، "في الحقيقة أنتم من أخذ أرضهم"، ووصف كلامها بأنه يدل على "فوقية" وعنصرية، معرباً عن استغرابه من ترشيحها لجائزة نوبل للسلام.
وفي ردها على سؤال حول حدود إسرائيل، قالت فايس إنها لا تريد "كل الضفة الغربية وحسب، بل كل الأراضي من الفرات إلى النيل"، معلنة نيتها "بناء مجتمعات يهودية في كامل قطاع غزة بعد تحرير الرهائن".
وعن مصير ملايين الفلسطينيين في تلك الأراضي، أجابت فايس، "من يقبل سيادتنا وحكومتنا يبقى، ومن يرفض فسنقاتله أو يذهب إلى مكان آخر"، وهو ما اعتبره المذيع البريطاني بأنه دعوة لـ"التطهير العرقي".
وقال مورغان إن "الاستيلاء على الأراضي وتهجير الفلسطينيين لا يمكن وصفهما بعمل سلمي"، في حين دافعت فايس عن موقفها قائلة "نحن نبني مجتمعات في أراضٍ مملوكة للحكومة، هذه أرضنا التي أعطاها لنا الله".
عرابة الاستيطان
تعد دانييلا فايس، البالغة من العمر 79 سنة، الشخصية الأبرز في حركة المستوطنين الإسرائيليين منذ أكثر من خمسة عقود، ووفق موقع "جويش إنسايدر"، يطلق عليها مؤيدوها لقب "عرابة" حركة الاستيطان، إذ شاركت منذ سبعينيات القرن الماضي في إقامة وتعزيز المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية. وفي الأشهر الأخيرة، عادت للواجهة من جديد من خلال حملتها المثيرة للجدل لإعادة إنشاء تجمعات يهودية في قطاع غزة.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، دخلت فايس شمال قطاع غزة، بما في ذلك موقع مستوطنة نتساريم السابقة، وذلك خلال العملية العسكرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي في المنطقة. وسمح لها جنود الجيش الإسرائيلي بتفقد المواقع، على رغم صدور أوامر عسكرية تقيد دخول المدنيين إلى المنطقة. وفيما بعد، قال الجيش الإسرائيلي إنه فتح تحقيقاً في الحادثة. وصرحت فايس لوسائل الإعلام بأنها "نظمت مئات المستوطنين المستعدين للدخول في أية لحظة"، مضيفة أنه سيكون من الصعب على السلطات إبعادهم.
وفي لقاءاتها التلفزيونية، تظهر فايس موقفاً متصلباً، لا يخلو أحياناً من انفعالات حادة تتقاطع مع أداء تمثيلي لدور الضحية، خصوصاً عند طرح أسئلة تتعلق بحقوق الفلسطينيين أو الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة.
وفي مقابلة صحافية سابقة مع مجلة "نيويوركر"، في شأن رد فعلها الإنساني على المشاهد المرعبة في السابع من أكتوبر لأطفال إسرائيليين ومثلها اليوم لأطفال فلسطينيين في غزة، قالت بحزم وقسوة "أنا أتبع قانون الطبيعة الأساسي: أطفالي قبل أطفال العدو، نقطة".
خطاب عقائدي لدعم الاستيطان
ولدت فايس عام 1945 في بني براك، وهي ضاحية يسكنها اليهود المتشددون قرب تل أبيب، وكانت آنذاك جزءاً من فلسطين تحت الانتداب البريطاني. كان والدها من الولايات المتحدة، أما والدتها فولدت في بولندا ونشأت في فلسطين منذ طفولتها المبكرة. وتفسر نشأتها في عائلة تنتمي لمنظمة صهيونية شبه عسكرية ومدرسة دينية نشاطها وعقيدتها الأيديولوجية التي تقف وراء نشاطها السياسي، إذ كان والداها عضوين في جماعة "ليحي"، وهي منظمة صهيونية شبه عسكرية نشطت خلال فترة الانتداب البريطاني.
ولا تشغل فايس منصباً حكومياً، إلا أنها تملك حضوراً سياسياً لا يقل تأثيراً عن صناع القرار الرسميين، وتستثمر خطاباً دينياً وعقائدياً لتبرير التوسع الاستيطاني، متجاهلة الأسئلة الحقوقية والإنسانية المرتبطة بالصراع.
وفي مايو (أيار) الماضي، أعلنت الحكومة البريطانية فرض عقوبات تشمل فرض قيود مالية ومنع السفر إلى المملكة المتحدة، على ثلاثة أشخاص بينهم فايس واثنتين من البؤر الاستيطانية غير القانونية، ومنظمتين ضالعتين في دعم العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والتحريض عليه وتشجيعه، بما في ذلك حركة "نحالا"، وفق ما جاء في البيان المنشور على موقع الحكومة.