ملخص
سبق أن نقلت صحيفة "بوليتيكو" عن مسؤولين أوكرانيين أن زيلينسكي قال مراراً "بصورة دراماتيكية" لوسائل الإعلام الغربية إنه مستعد للاستقالة، لتبرئة نفسه من اتهامات التشبث بالسلطة، لكن "الأوكرانيين ليسوا مستعدين لأخذ كلماته على محمل الجد".
عاد الحديث مرة أخرى حول احتمالات رحيل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المنتهية ولايته منذ مايو (أيار) 2024 بما يمكن معه ترشح فاليري زالوغني القائد السابق للقوات الأوكرانية المسلحة وسفير كييف الحالي لدى بريطانيا.
وكان الجدل احتدم حول مثل هذه الاحتمالات منذ إقالة زالوغني عن منصبه في فبراير (شباط) 2024 في وقت تناقلت فيه وسائل الإعلام الأوكرانية أخباراً تقول إن زيلينسكي أعلن عن استعداده للرحيل عن منصبه في حال التوصل إلى قرار حول وقف إطلاق النار.
وسبق أن نقلت صحيفة "بوليتيكو" عن مسؤولين أوكرانيين أن زيلينسكي قال مراراً "بصورة دراماتيكية" لوسائل الإعلام الغربية إنه مستعد للاستقالة لتبرئة نفسه من اتهامات التشبث بالسلطة، ولكن "الأوكرانيين ليسوا مستعدين لأخذ كلماته على محمل الجد".
ترشيح زالوغني
على رغم التزام زالوغني الصمت تجاه ما يتردد منذ إقالته من منصبه كقائد عام للقوات الأوكرانية المسلحة وصدور قرار حول تعيينه سفيراً لكييف لدى لندن في مارس (آذار) عام 2024، فقد نشر عديد من المواقع الإلكترونية والصحف المحلية والأجنبية ومنها "إنتليجنس أونلاين" الفرنسي ما مفاده أن زالوغني بدأ "بتشكيل فريق لمرشح رئاسي محتمل في أوكرانيا. وتلقى عدد من كبار المسؤولين العسكريين عروضاً للانضمام إلى هذا الفريق".
وقال الموقع إنه "عرض على عسكريين من القوات المسلحة الأوكرانية الانضمام إلى مجموعة من نواب البرلمان الأوكراني (الرادا) عقب احتمال استبدال فاليري زالوغني بزيلينسكي . ولم يتضح بعد ما إذا كان هذا يتضمن إنشاء حزب جديد غير الحزب الحاكم ’خادم الشعب’ الذي ينتمي إليه زالوغني".
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن زالوغني قد يحصل على "دعم كبير" بمجرد أن تقرر كييف إجراء انتخابات، حسب "إنتليجنس أونلاين". وكانت مصادر الاستخبارات الخارجية الروسية سبق وأشارت إلى أن "ممثلين من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عقدوا اجتماعاً سرياً في منتجع جبلي، وقرروا ترشيح زالوغني لرئاسة أوكرانيا".
ووفقاً لجهاز الاستخبارات الخارجية الروسي، حضر الاجتماع الأميركي - البريطاني كل من زالوغني وكيريل بودانوف رئيس جهز الاستخبارات العسكرية الأوكرانية السابق (المدرج في قائمة الإرهابيين والمتطرفين في روسيا الاتحادية)، والرئيس الحالي للمكتب الرئاسي الأوكراني أندريه يرماك"، وهو ما لم تؤكده مصادر أخرى. غير أن وكالة أنباء "نوفوستي" شبه الرسمية في روسيا، نقلت أخباراً تقول إن زيلينسكي وعد في وقت سابق وفي مقابلة مع موقع "أكسيوس"، بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها، في حال التوصل إلى اتفاق حول تسوية الأزمة الأوكرانية. وكان زيلينسكي سبق وأصدر في مايو 2024 قراراً بإلغاء الانتخابات المقررة لعام 2024 وفرض الأحكام العرفية والتعبئة العامة في البلاد.
نفي سريع
في المقابل سارع السفير الأوكراني لدى لندن فاليري زالوغني إلى نفي كل هذه الأخبار التي تتردد في الساحتين المحلية والدولية منذ ما قبل تعيينه سفيراً لبلاده لدى بريطانيا. ولعل هذا النفي عبرت عنه مستشارته الإعلامية أوكسانا توروب ونقلته عنها وكالة "سترانا"، قائلة "مهما قيل أو كتب عن ترشح زالوغني للانتخابات الرئاسية في أوكرانيا من مصادر مختلفة، فإن موقفه واضح وغير قابل للتغيير".
زالوغني نفى مراراً إشاعات نيته الترشح للانتخابات الرئاسية، مؤكداً في قناته على "تيليغرام" أنه لا يعتقد بإمكان إجراء تصويت أثناء العمليات العسكرية. وقال أيضاً إنه "لا يؤيد أي فكرة لإجراء انتخابات أثناء العمليات العسكرية. وعلى أي شخص يتلقى عرضاً باسمي للانضمام إلى أي عملية عبر أي منظمة إبلاغ جهات إنفاذ القانون بذلك".
على رغم تأكيدات قائد الجيش الأوكراني السابق أنه لا ينشئ حملات أو أحزاباً سياسية، ولا ينتمي إلى أي قوة سياسية، أشارت مصادر في صحيفة "آر بي كيه" الأوكرانية إلى إمكان ترشحه للرئاسة، لكنه اختار بنفسه عدم إعطاء إجابة مباشرة، معتبراً مناقشة هذه القضية سابقة لأوانها وغير مناسبة.
من جانبها، وعلى رغم تطرق البرامج الحوارية على قنوات الأخبار الرسمية الروسية إلى مثل هذه الأخبار حول احتمالات ترشح زالوغني بديلاً لزيلينسكي "المنتهية ولايته"، نشرت وكالة أنباء "تاس" الرسمية ما قاله فاليري زالوغني حول "أنه لا يستعد ولا ينوي المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأوكرانية"، كما نشرت ما كتبه على قناته على "تيليغرام"، حول "أنه لا يؤيد أي فكرة لإجراء انتخابات في الوقت الحالي، وعلى كل من يتلقى عرضاً من جهة يفترض أنها تسميني للانضمام إلى أي عملية عبر أي منظمة إبلاغ الجهات الأمنية. أنا لا أنشئ أي مقار أو أحزاب، وليس لي أي ارتباط جوهري بأي قوة سياسية".
إجبار على التراجع
من اللافت في هذا الصدد أن وكالة "تاس" أعادت أول أمس الأربعاء نشر كل ما تناقلته وسائل الإعلام المحلية والعالمية حول هذا الموضوع، ومنه على سبيل المثال التقارير التي "تفيد بأن زالوغني بدأ التحضير للترشح في الانتخابات الرئاسية، حيث اتخذ مقره في العاصمة البريطانية. وعلاوة على ذلك، وقعت اللجنتان الانتخابيتان الأوكرانية والبريطانية اتفاقية تعاون"، إلا أن دائرة زالوغني حاولت نفي التقارير التي أفادت بإنشاء مقر لحملته في لندن.
يشار إلى أنه في الـ29 من يوليو (تموز) الماضي، قال المكتب الصحافي لجهاز الاستخبارات الخارجية الروسي إن "الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قررتا خلال اجتماع سري في منتجع جبلي، ترشيح زالوغني لرئاسة أوكرانيا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكدت الوكالة الروسية الرسمية أنه "وقبل عام، رأى عديد من المحللين السياسيين زالوغني المنافس الرئيس لفولوديمير زيلينسكي في الانتخابات المقبلة، وربطوا استقالة القائد العام و’نفيه’ إلى لندن بهذا. وأفادت مصادر لوكالة سترانا أن "مكتب زيلينسكي يبذل جهوداً حثيثة حالياً لإجبار زالوغني على التخلي عن ترشحه للرئاسة".
وفي حال بقاء زيلينسكي
لم يستبعد رفاق زيلينسكي السابقون والحاليون إصرار الرئيس الأوكراني على البقاء على رأس السلطة في كييف بعد انتهاء الأزمة وقبول التسوية المنشودة، بغض النظر عن أبعاد هذه التسوية. ومن هؤلاء الرفاق السابقين المستشار السابق للرئيس الأوكراني والمتحدث باسمه ألكسي أريستوفيتش الذي سارع إلى الرحيل عن أوكرانيا بعد خلاف في أعقاب بداية العملية العسكرية الروسية في البلاد.
ففي حديثه الذي أدلي به في لندن إلى كسينيا سوبتشاك الإعلامية الروسية وابنة أناتولي سوبتشاك ذات الحظوة لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إكراماً لتاريخ والدها الذي يعده بوتين أستاذه ومعلمه منذ أن اختاره معه نائباً له في رئاسة سان بطرسبورغ في مطلع تسعينيات القرن الـ20، قال إنه يتوقع احتمالات ترشح زيلينسكي منافساً لفاليري زالوغني، لكنه لا ينتظر فوزه.
أريستوفيتش الذي كان أحد أعضاء الوفد الأوكراني في أول محادثات يجريها في إسطنبول مع الروس خلال مارس عام 2022، أرجع توقعه بخسارة زيلينسكي إلى اعتبارات تتعلق بشعبية زالوغني الطاغية في أوساط العسكريين الأوكرانيين قبل إقالته من منصب قائد القوات الأوكرانية في مطلع عام 2024. وأوضح أيضاً أن زيلينسكي سيواجه تبعات أخطائه وانحسار شعبيته، وهو الذي سبق وفاز في الانتخابات الماضية على أنقاض أخطاء الرئيس السابق بيوتر بوروشينكو، ووعوده بالاستقرار والسلام في جنوب شرقي أوكرانيا، وهو ما لم يستطع تحقيقه.
وأخيراً، تحدث أريستوفيتش عن الفساد المالي الذي أشار إلى مفردات بعض جوانبه، في الوقت الذي تفجرت فيه فضيحة تورط زيلينسكي في تحويل 50 مليون دولار كل شهر إلى أحد البنوك خارج البلاد من عائدات بيع الأسلحة الغربية التي كانت تدفقت على أوكرانيا إبان سنوات ولاية الرئيس الأميركي السابق جو بايدن.