Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موسكو تتهم حكومة الدبيبة بتغذية الإرهاب في الساحل الأفريقي

قالت زاخاروفا إن العمل الثنائي بين أوكرانيا وليبيا "شمل إرسال طائرات مسيرة هجومية وتنظيم تدريبات ميدانية تحت إشراف ضباط استخبارات أوكرانيين"

التزام حكومة عبدالحميد الدبيبة الصمت إزاء الاتهامات لها بتغذية الإرهاب بالساحل الأفريقي، هل يصب في خانة صحة التصريحات الروسية؟ (المكتب الإعلامي لحكومة الوحدة الوطني)

ملخص

بحسب الدبلوماسية الروسية، فإن كلاً من "حكومة الدبيبة وأوكرانيا متورطتان في عمليات إرهابية استهدفت النيجر ودولاً مجاورة"، وقالت زاخاروفا "الأسلحة الغربية المخصصة لأوكرانيا باتت متوفرة في أيدي جماعات إرهابية في عدد من دول القارة، بما في ذلك مالي والنيجر والسودان والصومال وتشاد".

اتهمت الخارجية الروسية حكومة الوحدة الوطنية الليبية، برئاسة عبدالحميد الدبيبة، بالتنسيق مع أوكرانيا في دعم الإرهاب في الساحل الأفريقي بوساطة بريطانية. الاتهامات نقلتها المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، التي قالت في مؤتمر صحافي من العاصمة الروسية موسكو "النظام الأوكراني لا يكتفي بتوسيع رقعة النزاع داخل أراضيه، بل يصدر الإرهاب إلى دول أخرى عبر التعاون مع سلطات محلية، كما الحال في ليبيا"، ووصفت المتحدثة باسم الخارجية الروسية المؤشرات بـ"المتزايدة على تورط أوكرانيا في دعم جماعات مسلحة في منطقة الساحل الأفريقي بدعم مباشر من حكومة الدبيبة وتسهيل لوجستي من الاستخبارات البريطانية"، موضحة أن العمل الثنائي بين أوكرانيا وليبيا "شمل إرسال طائرات مسيرة هجومية، وتنظيم تدريبات ميدانية في ليبيا تحت إشراف ضباط استخبارات أوكرانيين".

صراع نفوذ

وبحسب الدبلوماسية الروسية، فإن كلاً من "حكومة الدبيبة وأوكرانيا متورطتان في عمليات إرهابية استهدفت النيجر ودولاً مجاورة"، وقالت زاخاروفا "الأسلحة الغربية المخصصة لأوكرانيا باتت متوفرة في أيدي جماعات إرهابية في عدد من دول القارة، بما في ذلك مالي والنيجر والسودان والصومال وتشاد". وفي الوقت الذي لم يصدر أي رد رسمي حتى اللحظة على هذه الاتهامات الروسية من حكومة الوحدة الوطنية، قال المدير السابق لإدارة الإرهاب والمخابرات السودانية اللواء عيسى أبكر إن هذه الاتهامات الروسية لكل من حكومة الدبيبة وأوكرانيا تأتي في إطار الصراع الغربي على النفوذ في أفريقيا، إذ يتسارع التمدد الروسي بسرعة، وهو أمر مقلق للدول الغربية، بخاصة دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التي حركت أدواتها الدبلوماسية وكثفت من تحركاتها في ليبيا التي تعد بوابة النفوذ الغربي نحو أفريقيا. وأكد أبكر "أن المجموعات الإرهابية التي تشير إليها المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية في سياق الاتهامات، لكل من كييف وحكومة الدبيبة، لها أهداف أساسية يأتي في مقدمها استهداف مصالح الدول الغربية، ومن بينها بريطانيا وفرنسا وأميركا"، وتابع أن أخطر هذه  الجماعات الإرهابية التي توجد بالنيجر ومالي وبوركينا فاسو وتشاد تبقى جماعة "بوكو حرام"، التي تعمل على تهديد مصالح الدول الغربية الموجودة بالساحل الأفريقي، موضحاً أن التهديدات تأتي على صورة استهداف السفارات والمؤسسات والمنظمات الدولية التي ترعاها الدول الغربية.

أضاف اللواء السابق بالاستخبارات السودانية "بما أن روسيا ذكرت أن حكومة الوحدة الوطنية الليبية وأوكرانيا متورطتان في دعم الإرهاب بالساحل الأفريقي بوساطة بريطانية، فإن هذه المجموعات الإرهابية كان هدفها ضرب مؤسسات رسمية ليبية وأيضاً بريطانية، ولا غرابة في الزج باسم حكومة الدبيبة في اتهامات روسية كهذه باعتبار أن حكومة الوحدة الوطنية هي صناعة غربية". واستدرك المتخصص بالشؤون الاستخبارية سائلاً "كيف تدعم بريطانيا وأوكرانيا حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة لتغذية الإرهاب بالساحل الأفريقي؟ هذا منطقياً لا يمكن تصديقه"، مشيراً إلى أن الخارجية الروسية تريد أن تنتقم من خصومها على غرار أوكرانيا وبريطانيا الداعمتين لحكومة الدبيبة. ووصف الاتهامات الروسية بالخطرة، إذ لا يمكن بأية حال من الأحوال أن تذهب بريطانيا في طريق دعم هذه الجماعات الإرهابية عن طريق حكومة الوحدة الوطنية الليبية، لأن بريطانيا هدفها الأول مقاومة هذه الجماعات الإرهابية التي تعد تهديداً لحكومة الدبيبة التي تعمل مع شركائها، وعلى رأسهم "الأفريكوم"، لمكافحة الإرهاب بالساحل الأفريقي. وأكد أبكر أن عدداً من الدول الغرببة لديها وحدات أمنية مختصة في مكافحة الإرهاب تعمل مع ليبيا، انطلاقاً من العاصمة السياسية طرابلس، ومهمتها الأساسية متابعة الجماعات الإرهابية بالساحل الأفريقي، لذلك ليس من المنطق أن تدعم بريطانيا حكومة الوحدة الوطنية التي قالت الخارجية الروسية إنها تدعم بدورها أوكرانيا لتغذية الإرهاب بالساحل الأفريقي، لافتاً إلى أنه حتى لو كانت توجد مشكلة سياسية بين كل من روسيا وأوكرانيا وبريطانيا، "فهذا لا يعني أن تتدخل الدبلوماسية الروسية في عمل كهذا لأنه ليس منطقياً"، مستبعداً تماماً أن تعمل بريطانيا وأوكرانيا على أعمال إرهابية كهذه في الساحل الأفريقي أو غيره "لأن المجموعات الإرهابية في الساحل الأفريقي هدفها الأساس تهديد الوجود الغربي لبريطانيا وفرنسا وأميركا وغيرها من الدول الغربية، وحكومة الدبيبة من الحكومات الأساسية التي تكافح الإرهاب وتنسق تنسيقاً كاملاً مع الدول السالف ذكرها في هذا الملف".

الأزواد

المستشار العسكري السابق للمجلس الرئاسي ولجنة الأمن القومي للمجلس الأعلى للدولة العميد عادل عبدالكافي أكد أن الاتهامات الصادرة عن الخارجية الروسية "تأتي في إطار استياء روسيا من تزايد خسارتها في الساحل الأفريقي، فمنذ ما يقارب شهرين تلقت قوات الفيلق الأفريقي الروسي ضربات عدة من مقاتلي الأزواد في دول الساحل والصحراء الأفريقية وتحديداً في مالي". وقال عبدالكافي إن أوكرانيا لديها دور في السودان وعدد من البلدان الأفريقية، "لأنها دعمت في ما سبق قوات الدعم السريع ضد الجيش السوداني ثم انقلبت الأدوار، ودعمت الجيش السوداني بطائرات استهدفت الدعم السريع"، ونوه إلى أن الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا تقتضي وجود تلاحق بينهما، "لذلك أوكرانيا تلاحق القوات الروسية أينما وجدت عبر دعمها الطرف المضاد للوجود الروسي سواء كان بالآليات أم بالطائرات أم أحياناً بالمعلومات الاستخبارية عن تحركات الروس في أفريقيا، لذلك قامت أوكرانيا بتقديم الدعم للمقاتلين الأزواد، وبناء عليه استطاعوا إحداث خسار في صفوف المقاتلين من عناصر الفيلق الأفريقي - الروسي، وأيضاً من الجانب الآخر، وروسيا لديها تحالف مع معسكر الرجمة الذي يعتبر مضاداً لحكومة الوحدة الوطنية"، وبين عبدالكافي أن توجيه روسيا الاتهام لحكومة الوحدة الوطنية بأنها تدعم الجماعات الإرهابية "يعد أمراً بعيداً من الواقع، لأن حكومة الوحدة الوطنية لديها أساساً تحالف مع الأفريكوم التي تناهض الإرهاب في أفريقيا، فكيف ستدعم حكومة الدبيبة الجماعات الإرهابية في الساحل الأفريقي، وأفريكوم تتحرك في ليبيا وفي عدد من الدول الأفريقية بهدف تتبع تحركات الفيلق الأفريقي - الروسي؟".

ونفي المتخصص بالشؤون الأمنية أن يكون هناك تحالف بين حكومة الدبيبة وأوكرانيا لدعم الإرهاب بالساحل الأفريقي بوساطة بريطانية، "لأن من المستحيل أن تورط أية حكومة نفسها بمثل هكذا تحالفات، ولكن ربما يكون هناك دعم للمقاتلين الأزواد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، لأن تركيز الدعم من أوكرانيا للمقاتلين الأزواد هو ما دفع وزارة الخارجية الروسية إلى الخروج بهذا البيان، بخاصة بعد تلقيها عدداً من الصفعات في أفريقيا، فروسيا الآن تتلقي ضربات قوية في مالي من خلال الدعم الذي تقدمه أوكرانيا للمقاتلين الأزواد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إرهاق روسيا

في المقابل أشار المحلل السياسي سعد الدينالي إلى أن اتهام الخارجية الروسية حكومة الدبيبة بالتعاون مع أوكرانيا لتغذية الإرهاب بالساحل الأفريقي هو أمر متوقع، "فمنذ فترة يوجد تمدد روسي في منطقة الساحل الأفريقي، بخاصة أن روسيا تمكنت من تنصيب عدد من الأنظمة الموالية لها، وهو أمر مزعج لعدد من الدول الأوروبية على غرار بريطانيا"، ورأى أن الدعم الأوروبي لمثل هذه التيارات معارضة للتمدد الروسي في الساحل الأفريقي وأيضاً للأنظمة التي وضعتها روسيا، "متوقع بخاصة في ظل تلاقي المصالح الأوروبية مع حكومة الدبيبة التي تحاول هي الأخرى التخلص من النفوذ الروسي في ليبيا"، وقال الدينالي إنه لا يستبعد أن يكون هناك دعم من حكومة الدبيبة لبعض الجماعات المتطرفة الموجودة في تلك المنطقة التي تحاول مقاومة التمدد الروسي، ولكن ليس بالضرورة أن تكون هذه الجماعات إرهابية، منوهاً إلى أنه ربما تصنفها روسيا بالجماعات الإرهابية لأنها تقف فقط ضد مشروعها في تلك المنطقة، مرجحاً أن تكون تيارات وطنية تحاول إعادة الأمور لما كانت عليه قبل التدخل الروسي في  الساحل الأفريقي. وتابع أن الزج بليبيا في هذه الاتهامات يأتي انطلاقاً "من أن هذه المسألة مرتبطة جداً بما يجري في ليبيا، حيث يوجد تدخل روسي على الأرض ضد حكومة الدبيبة، وبالتالي من المرجح وجود تعاون أوروبي - ليبي في إطار الحد من النفوذ الروسي"، وأضاف أن اتهامات روسيا حكومة الدبيبة بتغذية الإرهاب في الساحل الأفريقي ستتضح ملامحه داخل ليبيا، باعتبار أن حكومة الوحدة الوطنية تحاول عرقلة النفوذ الروسي خارج ليبيا حتى ترهق النفوذ الروسي داخل الأراضي الليبية، لتكون مقاومته سهلة في مرحلة موالية، وأكد أن هذا التعاون الأوروبي سيمتد مع حكومة الدبيبة لمحاولة تقليص الوجود الروسي في منطقة الساحل والصحراء الأفريقية، لذلك سيبرز أكثر دعم المجموعات الإرهابية في هذا الإطار.

الوجود التركي

وعلاقة بانعكاس هذا الاتهام على العلاقات التركية مع حكومة الدبيبة، إذ من المحتمل أن تحاول روسيا إقناع تركيا برفع يدها تماماً عن دعم حكومة الوحدة الوطنية، أكد الدينالي أن الوجود التركي في ليبيا كان مبرره الأساس إحداث توازن لتقليص الامتداد الروسي في ليبيا، "وبالتالي لا يمكن لروسيا أن تقنع تركيا برفع يدها عن ليبيا، بل بالعكس ربما سيظهر ضغط تركي وغربي على روسيا للانسحاب من ليبيا"، وقال إن رحى الحرب الباردة التي تدور في ليبيا سببها الوجود الروسي، "لذلك لا يمكن أن تقنع روسيا تركيا بالانسحاب من الغرب الليبي"، منوهاً إلى أنه حتى وإن صحت ادعاءات روسيا بأن حكومة الوحدة الوطنية لها يد في دعم الإرهاب بالساحل الأفريقي، "فإن ذلك لن يؤثر في الوجود التركي في ليبيا، الذي لم يكن بالأساس من أجل حكومة الدبيبة، فالقوات التركية موجودة بالغرب الليبي قبل وصول الدبيبة إلى سدة الحكم"، مشدداً على أنه لو صحت اتهامات روسيا لحكومة الدبيبة، فإن تركيا بالتأكيد على دراية بالأمر الذي يأتي في إطار محاولة تقليص الوجود الروسي من المنطقة، بخاصة أن الدول الأوروبية تستخدم حكومة الدبيبة للحد من النفوذ الروسي في المنطقة.

أداة ضغط

عميد كلية العلوم السياسية بجامعة نالوت إلياس الباروني أوضح أن روسيا لديها مصالح ونفوذ متزايد في ليبيا وأيضاً في أجزاء من الساحل الأفريقي، "لذلك تعمل على تشويه خصوم محليين، بخاصة من يدورون في فلك الغرب"، وقال إن هذا الاتهام يأتي كأداة ضغط دبلوماسي - سياسي ليهيئ الأرضية لتصعيد دبلوماسي في المؤتمرات الدولية للعمل على تمرير سياسات تقييدية ضد الأطراف المتهمة، وعلى رأسها حكومة الدبيبة. وأضاف أن هناك ثلاثة احتمالات نسبية تنتظر حكومة الوحدة الوطنية على خلفية اتهام الخارجية الروسية لها بتغذية الإرهاب بالساحل الأفريقي، "أولها يتمثل في تصعيد دبلوماسي محدود ضد حكومة الدبيبة، إذ ستطرح روسيا الملف على منابر دولية في شكل بيانات ومؤتمرات إعلامية، كمحاولة لفتح مناقشة في مجلس الأمن، مما سيزيد الضغط السياسي والدعائي ضد الدبيبة، ويضع الحكومة في موقف دفاعي ويمنح خصومها السياسيين داخلياً مادة لاتهامها بعدم الحياد أو بتصدير عدم الاستقرار لدول الجوار"، موضحاً أن هذا الأمر يبقى من دون دليل ملموس، إذ يصعب على مجلس الأمن تمرير تدابير قضائية أو عقوبات فورية ضد حكومة الدبيبة.

وفي ما يخص الاحتمال الثاني، نوه الباروني إلى أنه من المحتمل أن تتحول الاتهامات الروسية إلى أزمة إدانة دولية، بخاصة لو طلب تحقيق أممي في الموضوع وظهرت أدلة موثوقة، ستتعرض على إثره حكومة الدبيبة لضغوط كبيرة، "أما الاحتمال الثالث فسيكون بصورة اتهام معلوماتي لفترة قصيرة إذا فشل الروس في تقديم دليل، وتمكن الدبيبة أو جهات تحقيق مستقلة من نفي الاتهامات، مما سيفقد الاتهام زخمه ويكون نتاج حملة معلوماتية وتلاعب سياسي أكثر منه واقعة حقيقية ثابتة".

وبخصوص كيفية استخدام الفاعلين السياسيين هذا الاتهام ضد حكومة الدبيبة، قال عميد كلية العلوم السياسية بجامعة نالوت إن موسكو ستستثمر هذا الاتهام سياسياً ضد أوكرانيا والغرب لتبرير تعزيز وجودها في الساحل وليبيا على خلفية محاربة التهديدات، في وقت سيجعل منه خصوم الدبيبة داخلياً مادة لتقويض شرعيته وإشاعة أنه يعمل بخلفية خارجية، "سيطالب الغرب، أي بريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بأدلة موثوقة تؤكد صحة الاتهام الروسي، فإن وجدت سيتصاعد التباين الدبلوماسي، وإلا ستحاول القوى الغربية دحض الاتهام إعلامياً وتبرئة حلفائها أو الضغط لتحقيق مستقل".

المزيد من تقارير