ملخص
بدأت القوات الإسرائيلية الانسحاب من مناطق في غزة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع "حماس"، فيما يعود آلاف الفلسطينيين إلى الشمال على رغم التحذيرات الأمنية. نتنياهو أكد أن القوات الإسرائيلية ستبقى في غزة للضغط على "حماس" حتى تلقي سلاحها.
عبر قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا، اليوم الجمعة، عن ترحيبهم باتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتعهدوا باستئناف المساعدات الإنسانية بمجرد سريان وقف إطلاق النار.
وتستأنف بعثة للاتحاد الأوروبي على معبر رفح عند الحدود بين غزة ومصر مهمتها عقب وقف إطلاق النار في القطاع، ومن المقرر إعادة فتح معبر المشاة هذا في الـ14 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري حسبما أعلنت إيطاليا اليوم.
والهدف من نشر بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية (EUBAM) تأمين وجود طرف ثالث محايد على هذا المعبر الرئيس، وتضم عناصر شرطة من إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، وقد نُشرت البعثة في يناير (كانون الثاني) الماضي لكن مهمتها عُلّقت في مارس (آذار) الماضي.
وصرّح وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو في بيان بأنه سمح باستئناف العمليات الإيطالية ضمن بعثة الاتحاد الأوروبي لإعادة فتح المعبر بالشروط نفسها التي كانت في يناير.
وقال كروسيتو "في الـ14 من أكتوبر 2025 وتطبيقاً لاتفاق ترمب، سيُفتح معبر رفح بالتناوب في اتجاهين: الخروج باتجاه مصر والدخول باتجاه غزة، بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي والأطراف".
وأورد أن إسرائيل "تعمل على استعادة الجاهزية اللوجيستية للبنية التحتية للمعبر بأسرع وقت".
وأضاف كروسيتو أن "نحو 600 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية ستدخل غزة من معابر أخرى (غير معبر رفح) يومياً".
وفي يناير الماضي أعلن الاتحاد الأوروبي أن الهدف الرئيس للبعثة هو تنسيق وتسهيل العبور اليومي لما يصل إلى 300 جريح ومريض.
وقال كروسيتو اليوم "لن يقتصر مرور الأفراد على الحالات الطبية الخطرة، بل سيتوسع ليشمل أي شخص يرغب في ذلك (رهناً بالموافقة المتبادلة بين إسرائيل ومصر)".
أنشأ الاتحاد الأوروبي البعثة المدنية عام 2005 للمساعدة في مراقبة معبر رفح، ولكن تم تعليقها بعد عامين عقب سيطرة حركة "حماس" على القطاع الفلسطيني.
بدء الانسحاب
بدأت القوات الإسرائيلية اليوم الجمعة الانسحاب من بعض المناطق في قطاع غزة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة "حماس"، وبدأ آلاف الفلسطينيين بالتوجه من جنوب القطاع إلى شماله على رغم عدم تيقنهم من سلامة تلك الخطوة بعد عامين من الحرب، فيما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن القوات الإسرائيلية ستبقى في غزة للضغط على "حماس" حتى تلقي سلاحها.
وأضاف نتنياهو أن جميع الرهائن سيعودون خلال الأيام المقبلة، موضحاً أن 20 من الرهائن في غزة أحياء و28 قتلى.
وقال إسماعيل زايدة (40 سنة) في حي الشيخ رضوان في مدينة غزة، "الحمد لله بيتنا ما زال قائماً... لكن المكان كله دمار، البيوت في حينا مدمرة، مربعات سكنية بأكملها زالت".
ورصدت الكاميرات طوابير من الرجال والنساء والأطفال يسيرون على الطريق الساحلية عقب بدء الهدنة عند الساعة الـ12 ظهراً بالتوقيت المحلي (09:00 بتوقيت غرينتش).
وحذّر الجيش الإسرائيلي سكان غزة من أن عدداً من مناطق القطاع ما زال "في غاية الخطورة". وجاء في بيان للمتحدث العسكري الإسرائيلي باللغة العربية أفيخاي أدرعي على منصة "إكس"، أنه "يعد الاقتراب إلى مناطق بيت حانون، بيت لاهيا، الشجاعية ومناطق تمركز القوات في غاية الخطورة". وأضاف، "وفي منطقة جنوب القطاع من الخطر جداً الاقتراب إلى منطقة معبر رفح، منطقة محور فيلادلفيا، وكافة مناطق تمركز القوات في خان يونس".
وصادقت الحكومة الإسرائيلية على اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة "حماس" في الساعات الأولى من صباح اليوم، بما يمهد الطريق لوقف الأعمال القتالية في قطاع غزة خلال 24 ساعة ولإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين هناك خلال 72 ساعة بعد ذلك.
وتنص المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب المستمرة منذ عامين في قطاع غزة، على انسحاب القوات الإسرائيلية من بعض أكبر المناطق الحضرية في القطاع لكنها ستظل على رغم ذلك تسيطر على نحو نصف مساحة القطاع.
وبمجرد دخول الاتفاق حيز التنفيذ، ستدخل شاحنات تحمل أغذية وأدوية إلى القطاع لإغاثة السكان الذين يعيش مئات الآلاف منهم في خيام بعد أن دمرت القوات الإسرائيلية منازلهم وأحالت مدناً بأكملها إلى ركام.
انسحاب القوات الإسرائيلية
أعلن الدفاع المدني في غزة، اليوم الجمعة، أن القوات الإسرائيلية بدأت الانسحاب من مناطق عدة في القطاع، ولا سيما من مدينتي غزة وخان يونس. وقال محمّد المغير مدير إدارة الدعم الإنساني والتعاون الدولي في الدفاع المدني بغزة "آليات الاحتلال انسحبت من مناطق عدة بمدينة غزة"، وأضاف "هناك تراجع لآليات الاحتلال من جنوب ووسط مدينة خان يونس باتجاه شرق المدينة".
وفي مخيم النصيرات في وسط القطاع فكك بعض الجنود الإسرائيليين مواقعهم واتجهوا شرقاً نحو الحدود الإسرائيلية، لكن قوات أخرى بقيت في المنطقة بعد سماع دوي أعيرة نارية في الساعات الأولى من صباح اليوم.
وانسحبت قوات إسرائيلية من طريق يمتد من ساحل البحر المتوسط إلى داخل مدينة غزة، حيث تجمع المئات على أمل العودة إلى المدينة التي تعرضت لحملة عسكرية إسرائيلية على مدى الشهر الماضي. وقال سكان إن إطلاق نار قرب المكان دفع الكثيرين للتردد في التقدم ولم يحاول سوى عدد قليل منهم العبور سيراً على الأقدام.
وبدأت فرق إنقاذ في مدينة غزة مهمات في المناطق التي لم يتمكنوا من الوصول إليها من قبل. وقال مسعفون إن 10 جثث على الأقل تم انتشالها من تحت أنقاض نجمت عن غارات سابقة.
وقال مهدي سقلة (40 سنة) إن بمجرد سماعهم لأنباء الهدنة ووقف إطلاق النار استعدوا للعودة لمدينة غزة، حتى وإن كانت منازلهم قد تدمرت وعبر عن سعادتهم بالعودة للمكان الذي كانت فيه منازلهم بعد عامين من المعاناة والنزوح المستمر.
تبادل الأسرى
قال الجيش الإسرائيلي إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة دخل حيز التنفيذ ظهر اليوم بالتوقيت المحلي (9:00 بتوقيت غرينتش). وجاء في بيان له، "دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ عند الساعة 12:00"، مضيفاً أنه "منذ الساعة 12:00، بدأت قوات الجيش الإسرائيلي بالتموضع على خطوط انتشارها الجديدة استعداداً لتنفيذ اتفاق الهدنة وعودة الرهائن".
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي اليوم إنه سيتم الإفراج عن 11 سجيناً من حركة "حماس" بدلاً من 11 سجيناً تابعين لحركة "فتح" في إطار اتفاق غزة، مضيفةً أنه حدث تغيير "في اللحظة الأخيرة" في الأشخاص الذين سيتم إطلاق سراحهم.
ومن المتوقع أن تفرج "حماس" عن الرهائن الإسرائيليين الأحياء الـ20 دفعة واحدة، بعد 72 ساعة من بدء وقف إطلاق النار.
وستفرج إسرائيل عن 250 فلسطينياً يقضون أحكاماً طويلة في سجونها، إضافة إلى 1700 آخرين اعتقلوا منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
تركيا مستعدة للمشاركة في أي مهمة في غزة
أكد رئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الذي شاركت بلاده في الوساطة لإنهاء حرب غزة أن نجاح المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار "مسؤولية جماعية". وكتب على "إكس"، "مع دخول المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، نؤكد أن دولة قطر لن تدخر جهداً بما يعكس واجبها الإنساني والتاريخي والدبلوماسي تجاه الأشقاء الفلسطينيين والمنطقة، كما أن نجاح هذه المرحلة مسؤولية جماعية لضمان تنفيذ الاتفاق وتحقيق السلام والاستقرار".
وأعلنت وزارة الدفاع التركية أن قواتها المسلحة "مستعدة لتولي أي مهمة تُكلّف بها" في إطار عملية لحفظ السلام في قطاع غزة المحاصر والمدمر. وقال مسؤول في وزارة الدفاع التركية رداً على سؤال أمام صحافيين إن "قواتنا المسلحة، التي تملك خبرة واسعة في فرض وحفظ السلام، مستعدة للاضطلاع بأي دور يُطلب منها."
ودعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) اليوم إلى فتح جميع المعابر لإتاحة دخول المساعدات الغذائية إلى غزة، محذرةً من خطر ارتفاع وفيات الأطفال بسبب ضعف مناعتهم.
وقال المتحدث باسم "اليونيسيف" ريكاردو بيريس، "الوضع حرج. نواجه خطر ارتفاع حاد في وفيات الأطفال، ليس فقط حديثي الولادة، بل أيضاً الرضع، نظراً لأن مناعتهم أصبحت أكثر ضعفاً من أي وقت مضى".
وفاقمت الحرب من عزلة إسرائيل على الساحة الدولية، وتسببت في توتر حاد في الشرق الأوسط بعد أن تطورت إلى صراع إقليمي استقطب إيران واليمن ولبنان. كما شكلت اختباراً للعلاقة الأميركية - الإسرائيلية، إذ يبدو أن ترمب قد نفد صبره تجاه نتنياهو ويضغط عليه للتوصل إلى اتفاق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"السلام والأمن والاستقرار"
وأعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في مقابلة نادرة مع قناة تلفزيونية إسرائيلية الخميس، عن أمله في أن يسود "السلام والأمن والاستقرار" بين الفلسطينيين وإسرائيل.
واعتبر عباس في مقابلة أجرتها معه القناة 12 في رام الله، مقر السلطة الفلسطينية، تعليقاً على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي أعلنته الولايات المتحدة أن "ما حدث اليوم كان يوماً عظيماً جداً".
وقال "لقد تأملنا أو نتأمل الآن، أن يقف شلال الدم هذا الذي يحصل في بلادنا، سواء في قطاع غزة أم في الضفة الغربية والقدس"، مضيفاً "اليوم، نحن سعداء أن شلال الدم قد توقف ونأمل أن يستمر، وأن يسود السلام والأمن والاستقرار بيننا وبين إسرائيل".
وقال المستشار الألماني فريدريش ميرتس اليوم إن بلاده ستقدم 29 مليون يورو (34 مليون دولار) مساعدة إنسانية فورية لغزة، مضيفاً على "إكس"، "سنوجه الدعوة، مع مصر، إلى مؤتمر لإعادة إعمار غزة".
200 عسكري
وقال مسؤولان أميركيان كبيران الخميس إن الولايات المتحدة ستنشر 200 عسكري ضمن قوة مهمات مشتركة لضمان استقرار غزة، من دون أي يكون هناك أي وجود فعلي لأميركيين على الأرض في القطاع الفلسطيني.
وأضاف المسؤولان، اللذان تحدثا للصحافيين شريطة عدم الكشف عن هويتهما، أن هذه القوة ستكون جزءاً أساسياً من قوة مهمات ستضم ممثلين من الجيش المصري وقطر وتركيا، وربما من الإمارات.
وذكر المسؤولان أن الموقع الدقيق للقوات الأميركية لم يحدد بعد، لكنهم سيؤسسون مركز تحكم مشتركاً ويتعاونون مع قوات أمنية أخرى ستعمل في غزة للتنسيق مع القوات الإسرائيلية لتجنب وقوع اشتباكات.
وأكد أحدهما أنه "ليس من المقرر دخول أية قوات أميركية إلى غزة".
وعبر المسؤولان عن أملهما في أن يسهم اتفاق غزة، بمجرد تنفيذه، في تهدئة التوتر في المنطقة وتهيئة الظروف لمفاوضات حول مزيد من اتفاقات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية.