Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الذكاء الاصطناعي لن يسرق وظيفتك... على الأرجح

كشفت دراسة حديثة نهضت بها "جامعة يال" عن ندرة الأدلة التي تدعم المخاوف من "نهاية الوظائف" بسبب الذكاء الاصطناعي ولكن هذه النتائج لا تنفي ضرورة الاستعداد لتداعيات هذه التكنولوجيا

المؤشرات تقول إن الذكاء الاصطناعي لن يؤدي إلى تسريح الموظفين (كوبايلوت)

ملخص

على رغم المخاوف من أن الذكاء الاصطناعي سيقضي على الوظائف، تظهر دراسة لـجامعة يال" أن تأثيره في سوق العمل لا يزال محدوداً، وأن التحولات التقنية الكبرى تحتاج إلى عقود لتحدث، فيما تستغل هذه المخاوف أحياناً لتبرير تسريح الموظفين أو الضغط لزيادة الإنتاجية.

حضر كوباً من الشاي، إجلس، إرفع قدميك واسترح... ففي النهاية، ربما لن يستولي الذكاء الاصطناعي على وظيفتك. خلصت إلى هذه النتيجة دراسة حديثة أجراها "مختبر الموازنة" في "جامعة يال" في الولايات المتحدة الأميركية، بالتعاون مع "مركز بروكينغز للأبحاث" في واشنطن.

فمن المعلوم أن الذكاء الاصطناعي يثير قلقاً كبيراً لدى البالغين في سن العمل، خصوصاً أبناء "الجيل زد" الذين يجدون أنفسهم على خط المواجهة مع التأثيرات التي تطرحها هذه الثورة التكنولوجية على حياتهم المهنية، إذ يخشى نحو ثلثي هؤلاء أن يقتحم الذكاء الاصطناعي سوق وظائفهم أو يحل مكانهم.

ومع ذلك، تفيد الدراسة بأن "مؤشراتنا تظهر، في المجمل، أن سوق العمل الأوسع لم تشهد أي اضطراب واضح منذ إطلاق روبوت الدردشة الشهير ’تشات جي بي ت‘ قبل 33 شهراً، مما يخفف حدة المخاوف من أن الأتمتة القائمة على الذكاء الاصطناعي تقوض الطلب على العمل المعرفي [بمعنى الوظائف التي تعتمد على التفكير والتحليل واتخاذ القرار والمعرفة...] في مختلف قطاعات الاقتصاد".

وعلاوة على ذلك، "يلاحظ أن التحولات التكنولوجية الواسعة النطاق في أماكن العمل تحدث، تاريخياً، على امتداد عقود من الزمن، لا في غضون أشهر أو أعوام"، وفق الدراسة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بناء عليه، ربما نبدأ بالقلق بعد بضع سنوات... وليس في الوقت الحاضر.

واستند الباحثون في استنتاجاتهم إلى تحليل بيانات رسمية مستقاة من سوق العمل في الولايات المتحدة، إضافة إلى أرقام تتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعي ومدى التعرض له في قطاع التكنولوجيا. وفي النتيجة، لم يجدوا في هذه المصادر سوى مؤشرات محدودة جداً تدل على أن الذكاء الاصطناعي يؤدي إلى تسريح الموظفين من مناصبهم.

والتغيرات التي شهدتها تركيبة الوظائف منذ ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي [المصمم لتوليد محتوى جديد على صورة نص مكتوب أو صوت أو صور أو مقاطع فيديو] عام 2022 تبدو، وفق الدراسة، "انعكاساً للاتجاهات" نفسها التي شهدتها الابتكارات التكنولوجية الثورية السابقة من قبيل ظهور الإنترنت، فيما تشير التحولات الأخيرة إلى أن هذه التغيرات في تركيبة الوظائف "تسير بوتيرة أعلى بنحو نقطة مئوية واحدة فقط مقارنة بما كانت عليه مطلع القرن الـ21"، عندما رحنا جميعاً نبدأ يومنا بفتح نوافذ متصفح الويب مع أول رشفة قهوة صباحاً.

فلماذا، مثلاً، وجدت منصة "أدزونا" Adzuna المتخصصة في التوظيف، أن عدد فرص العمل التي لا تتطلب خبرة طويلة أو مؤهلات أكاديمية متقدمة قد تراجع نحو الثلث (تحديداً 31.9 في المئة) منذ إطلاق "تشات جي بي تي" في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2022؟ هل المملكة المتحدة التي تستند إليها أرقام "أدزونا"، مختلفة حقاً إلى هذا الحد عن الولايات المتحدة؟ أم أنها ببساطة كانت أسرع في تبني التكنولوجيا الجديدة؟

أم أن المشهد أكثر تعقيداً مما يبدو؟ إذا كنت قد خلصت إلى هذا الاستنتاج، هنيئاً لك، لقد أصبت كبد الحقيقة. فالمصارف وسائر الشركات الكبرى ربما تمارس ببساطة ما اعتادت فعله دائماً: البحث عن سبل لخفض الكلف، حتى إن كان ذلك يعني، كما تعلم، إغلاق أبواب التوظيف في وجه الداخلين الجدد، مما يؤدي لاحقاً إلى كلف أعلى بأشواط عند الحاجة إلى توظيف أصحاب خبرات بعد بضعة أعوام. ولن تكون هذه المرة الأولى التي تقع فيها المصارف والشركات الكبرى، على جانبي الأطلسي، في فخ قصر النظر المدفوع بالرغبة في تحقيق مكاسب سريعة.

لماذا إذاً يثير الرؤساء التنفيذيون والعاملون في قطاع التكنولوجيا كل هذا الضجيج والتهويل حول ما يصفونه بالثورة في عالم الأعمال والوظائف؟ ثورة توحي أرقام "أدزونا" بأنها بدأت بالفعل، بينما يناقضها البحث الصادر عن "جامعة يال"؟

اعتدنا أن ننظر إلى الذكاء الاصطناعي على أنه الشخصية "الشريرة" في أحداث القصة. لذا، ليس مستغرباً أن يستغل الرؤساء التنفيذيون هذه الصورة عندما يقدمون على تسريح الموظفين طمعاً في زيادة مكافآتهم. في الواقع، تمنحهم هذه التكنولوجيا "عدواً ملائماً" ينحون باللائمة عليه. ولا شك أيضاً في أن بعضهم يرى أن إبقاء القوى العاملة في حال خوف دائم من أن تحل الروبوتات الذكية محلها يشكل ربما وسيلة فاعلة تحثهم على العمل أكثر. إنه الوقت المثالي لرفع الإنتاجية.

إليك نصيحة بسيطة: تجاهل ذلك كله. ففي بدايات مسيرتي المهنية، كنا نستخدم حواسيب مركزية ضخمة وثقيلة ذات واجهات نصية [شاشات] خضراء اللون على خلفية سوداء [قبل أن تظهر الواجهات الرسومية]. ولم تكن الإنترنت متوافرة، وكانت الهواتف المحمولة حكراً على مصوري الصحافة. أما إذا أردت الرجوع إلى مقالات سابقة عن شخصية معينة أو موضوع محدد، فكان عليك أن ترسل طلباً إلى مكتبة مركزية. وهناك، ينبش الموظفون في الأرشيف ويخرجون مجموعة من قصاصات الصحف، ثم يبعثون بنسخ منها عبر جهاز الفاكس.

واضح أن ظهور الإنترنت أدى إلى فقدان العاملين في تلك المكتبات وظائفهم، ولكنهم بطبيعة الحال وجدوا وظائف بديلة. أضف إلى ذلك أن معدلات التوظيف في المملكة المتحدة اليوم أعلى كثيراً مما كانت عليه آنذاك، على رغم زيادة الأتمتة وتسارع وتيرة التطور التكنولوجي خلال العقود الأخيرة.

ولا ريب أن معدلات البطالة آخذة في الارتفاع حالياً. ولكن ربما يهتم بعض الأكاديميين الموجودين في هذا الجانب من المحيط، بعقد مقارنة بين تأثير الذكاء الاصطناعي وتأثير وزيرة الخزانة البريطانية رايتشل ريفز. من جهتي، أراهن أن الأخيرة، مقارنة بـ"تشات جي بي تي" ونظائره، تترك أثراً سلبياً أعظم بكثير بسبب سياسات رفع الضرائب على العمالة.

وفي الواقع، يتباين خوف الأجيال من الذكاء الاصطناعي بصورة كبيرة. فأظهر استطلاع رأي نهض به "دويتشه بنك" [أو البنك الألماني] شمل نحو 10 آلاف شخص في الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة، أن العمال الذين تراوح أعمارهم ما بين 18 و34 سنة يشعرون بقلق أكبر من فقدان وظائفهم مقارنة بكبار السن الذين تخطوا الـ55 من عمرهم.

ويبدو أبناء جيل "طفرة المواليد" وأبناء "الجيل إكس"، أكثر تفاؤلاً تجاه الذكاء الاصطناعي مقارنة بنظرائهم الأصغر سناً. ويرجع ذلك في جزء منه إلى اعتلائهم مراكز وظيفية متقدمة، وفي جزء آخر إلى مرورهم بتجارب مشابهة سابقاً، على الأرجح.

نعم، واجهنا في الماضي تحولات تكنولوجية كبيرة كانت أشبه بـ"زلزال" ضرب حياتنا، ولكننا نجحنا في التأقلم معها، وسنفعل ذلك مرة أخرى. لذا، اهدأوا يا أبناء "جيل زد". ستنجون بلا شك. ولكن ربما من الحكمة إعادة التفكير قليلاً في تلك الشكاوى التي تسجلونها على "تيك توك" فيما تجلسون على مقعد السيارة الخلفي... فهي على الأرجح لن تساعدكم في الحصول على وظيفة جديدة عندما يسيطر التوتر والغضب على رئيسكم التنفيذي المرة المقبلة، ويقرر تسريحكم من العمل.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من علوم