Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كنوز مصر بين الأيدي... جدل لا ينتهي حول المعارض الأثرية بالخارج

توفر عائداً مادياً مربحاً وفرصة ترويج للحضارة المصرية لكن متخصصين يحذرون من ثغرات التلاعب وتبديد التراث

تحقق المعارض الأثرية في الخارج عائداً مادياً لمصر واهتماماً متزايداً بالحضارة المصرية (رويترز)

ملخص

يتساءل أثريون ما الضمانات لخروج القطع الأثرية الأصلية وعودتها بهيئتها نفسها مرة أخرى دون التلاعب بها لا سيما في ظل التطور التكنولوجي الهائل وتطور أساليب وألاعيب المزورين؟ وهل لو طلبت الدولة استعارة القطع المصرية الأصلية التي تزين متاحف العالم لمدة ثلاثة أشهر، مثل حجر رشيد والكاتب المصري وعصا نفرتيتي لعرضها أثناء افتتاح المتحف المصري الكبير هل سيجري الموافقة؟ بعض القطع الأثرية تتعرض للسطو والسرقة والاختفاء والتلف داخل حدود الوطن، فكيف نضمن تأمينها وحمايتها من التلاعب والتدمير والتشويه خارج حدود الوطن؟

بين مؤيد يراها "فرصة ذهبية لجني عوائد مالية ضخمة وجذب للعملة الصعبة وترويج للحضارة المصرية القديمة في كبرى المتاحف والمعارض العالمية"، ورافض يعدها "منفذاً للتلاعب والفساد وتبديد وتشويه الآثار والتراث المصري"، يتجدد الجدل بين المتخصصين في القطاع الأثري والثقافي والسياحي في شأن جدوى إقامة المعارض الأثرية المصرية بالخارج، لا سيما في أعقاب القبض على اختصاصية ترميم في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد سرقتها سواراً ذهبياً نادراً من معمل ترميم بالمتحف المصري داخل القاهرة كان يجهز لنقله ضمن مجموعة من القطع الأثرية الأخرى إلى إيطاليا، للمشاركة في المعرض الأثري "كنوز الفراعنة" المقرر إقامته في روما نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وبينما تحتفي المؤسسات الرسمية المعنية بالقطاع الأثري والسياحي بمصر أخيراً، بحجم الأرقام والمعدلات التي حققتها تلك المعارض في جذب الزوار وبلوغ نسبة الزيادة في أعداد السياحة الثقافية لتصل إلى 25 في المئة بفضل تنظيمها خلال الآونة الماضية. معتبرة أنها أصبحت "جسراً في الحوار بين الثقافات وتقريب الشعوب وتتيح لجمهور العالم استكشاف ثراء الحضارة المصرية القديمة"، تعالت في المقابل أصوات نشطاء أثريين وباحثين ومدافعين عن الحضارة المصرية، مطالبين بضرورة إيقافها موقتاً لحين ضبطها كونها تمثل "بوابة للفساد" تستغلها بعض الشركات الخاصة للاحتيال والتلاعب بالكنوز المصرية، وهو أمر ليس وليد اللحظة بل كانت له جذور قديمة، برزت جلياً خلال حملات أطلقها نشطاء عبر منصات التواصل الاجتماعي، كان أبرزها حملة "كنوزنا متطلعش بره" عام 2015، للمطالبة بإلغاء تلك المعارض التي تسمح بخروج آثار مصر وتعرضها لأخطار لا حصر لها ورفض تأجيرها في بلدان أخرى.

مغامرة وكارثة

في هذا الصدد يقول رئيس المجلس العربي للاتحاد العام للآثاريين العرب الدكتور محمد الكحلاوي، إن خروج الآثار من مصر لعرضها في متاحف ومعارض العالم بالخارج " كارثة بكل المقاييس، لأنها تصبح عرضة للتبديد والسرقة والتشويه، مثلما حدث في واقعة تدمير قطع أثرية في زلزال اليابان من قبل وعدم حصول مصر على تعويضات عن كنوزها المدمرة آنذاك".

ويضيف الكحلاوي خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية"، أنه عارض فكرة إقامة تلك المعارض الأثرية بالخارج لأعوام طويلة، ولجأ إلى ساحات المحاكم لرفع دعوى قضائية في عهد وزير الثقافة السابق الدكتور فاروق حسني، للمطالبة بعدم نقل الآثار المصرية إلى الخارج منعاً للتلاعب بها وخشية على التراث المصري الذي لا يقدر بأي ثمن، متسائلاً "هل أموال الدنيا تكفي تعويض كنوز فريدة ونادرة تكون عرضة للأخطار والتلف بالخارج؟ ولماذا تصر الحكومة على تبديد التراث المصري الذي يعد حقاً لأبناء الشعب، ويجب الاحتفاظ به في بيئته الأصلية؟".

وألقى الكحلاوي، الذي كان له واقعة سابقة رفض فيها إخراج قطع أثرية من المتحف الفني الإسلامي للخارج أثناء رئاسته، باللائمة على الحكومة الحالية، مشيراً إلى أنها أصبحت تتنازل عن القيم والكنوز الأثرية والتراثية، مدللاً على ذلك بالسماح بإزالة بعض المقابر التراثية من أجل إنشاء وتوسيع الطرق، قائلاً "أتمنى أن تعف الحكومة نفسها عن جمع المال على حساب التراث المصري، لأن قيمة التراث المصري داخل الدولة المصرية لا خارجها".

وتساءل رئيس المجلس العربي للاتحاد العام للآثاريين العرب، ما الضمانات لخروج القطع الأثرية الأصلية وعودتها بهيئتها نفسها مرة أخرى دون التلاعب بها لا سيما في ظل التطور التكنولوجي الهائل وتطور أساليب وألاعيب المزورين؟ وهل لو طلبت الدولة استعارة القطع المصرية الأصلية التي تزين متاحف العالم لمدة ثلاثة أشهر، مثل حجر رشيد والكاتب المصري وعصا نفرتيتي لعرضها أثناء افتتاح المتحف المصري الكبير هل سيجري الموافقة؟ وبعض القطع الأثرية تتعرض للسطو والسرقة والاختفاء والتلف داخل حدود الوطن، فكيف نضمن تأمينها وحمايتها من التلاعب والتدمير والتشويه خارج حدود الوطن؟

 

التخوف ذاته عبرت عنه عالمة المصريات وأستاذ مساعد الآثار والتراث الحضاري الدكتورة مونيكا حنا، قائلة "المعارض الخارجية رغم أنها تشكل مصدر دخل للعملة الصعبة، فإنها أصبحت أيضاً تمثل عنصر خطورة على المقتنيات الأثرية"، منوهة إلى أن هناك معارض لا تحقق الدولة أية استفادة منها مثلما حدث في معرض الصين الأخير الذي استضاف مقتنيات أثرية لإبراز الحضارة المصرية القديمة، مرجعة ذلك أن غالب الأموال دخلت في جيب الشركة المنظمة للحدث وقليل منها إلى خزانة الدولة المصرية.

وفي تقدير مونيكا، فإن هناك "شبهات فساد تشوب تلك المعارض"، إذ يلجأ بعض لعمل شركات من الباطن ويقومون بالتأثير في صناع القرار في الجهات المعنية بالقطاع الأثري لإخراج قطع أثرية للخارج وفي النهاية لا تستفيد الدولة من ورائها أي شيء، مطالبة بضرورة إيقافها لحين ضبطها وفتح تحقيق في ملفات فساد المعارض منذ عام 2002.

"أوقفوا المتاحف الطائرة"، هكذا يعقب المؤرخ والمحاضر الدولي في علم المصريات بسام الشماع، موضحاً أنه طالب بمنع المعارض الخارجية طوال أكثر من 25 عاماً. مرجعاً ذلك إلى أننا نعيش في عالم غير آمن ومتاحف العالم أصبحت "أماكن خطرة"، ومهددة إما بالحرائق أو سقوط طائرات أو السرقة أو التشويه أو حدوث اضطرابات سياسية.

ودلل الشماع على رؤيته بأكثر من مثال حينما حرقت ودمرت 20 مليون قطعة أثرية في متحف ريودي جانيرو أكبر متاحف أميركا اللاتينية وليس البرازيل فحسب، وكان يحوي قطعاً أثرية من الفنون والرسومات والنيازك والأحفورات والديناصورات، وكذلك 700 قطعة مصرية تضم ممياوات وجميعها دُمر وحُرق، ولم تعوض البرازيل مصر عن تلك المقتنيات، وأيضاً حينما حدث زلزال في كاليفورنيا بأميركا تزامناً مع الترويج لقطع أثرية مصرية، وكذلك حينما أعلن مدير المتحف البريطاني العام الماضي في استقالته المسببة أن السبب يرجع إلى سرقة 2000 قطعة أثرية من المتحف وجرى بيعهم على "الإي باي"، إضافة إلى أنه قبل خمسة أعوام، شهد موقع جزيرة المتاحف الشهير في برلين هجوماً وصف بأنه "الأكبر من نوعه في تاريخ ألمانيا"، إذ جرى رش قطع أثرية وفنية تضمها المتاحف الخمسة التي تعدها "يونيسكو" أحد مراكز التراث العالمي، بسائل يشبه الزيت ترك عليها علامات مرئية.

وتتوافق رؤى الشماع مع الأطروحات السابقة في أن المعارض الخارجية تجعل المقتنيات المصرية "عرضة للتشويه والتدمير والسرقة، إلى جانب أنها تؤدي إلى تقلص نسب السياحة الوافدة إلى مصر، كون أن الشخص حين يشاهدها في بلد آخر تجعله لا يقبل على مشاهدتها مرة أخرى في مصر"، موضحاً أن الحل هو وضع خطط جاذبة لاستضافة الزوار من مختلف بلدان الخارج لمشاهدة الآثار المصرية في مصر وليس خارجها.

اشتراطات العرض في المتاحف الخارجية

تتسق الآراء السابقة مع ما ذهب إليه كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار المصرية الدكتور مجدي شاكر، إذ يقول إن المعارض الخارجية قد تكون في بعض الأحيان "منفذاً للتهريب والتلاعب بالآثار المصرية"، إضافة إلى إمكانية حدوث تهديدات محتملة لتلك الكنوز الفريدة أثناء عملية النقل لأية دولة أخرى مثل الكسر أو التلف، مردفاً "على رغم عوائد الربح المادية جراء الترويج لتلك القطع، فإنه قد تحدث بعض الأخطار لكنها ليست كبيرة، فلم تحدث إلا ثلاث مرات في التاريخ من قبل، إما لعوامل بشرية تتعلق باستغلال بعض المزورين في الخارج التطور التكنولوجي والاستيلاء على القطع الأصلية المعروضة أو أخطار طبيعية تتعرض بإمكانية حدوث زلزال في الدول المستضيفة لتلك الآثار، أو تعرض متاحف وقاعات للحرق مثلما حدث في ريودي جانيرو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، فإن نقل الآثار للمشاركة في المعارض الخارجية يتطلب عدة اشتراطات، أبرزها أن تكون الجهة المنظمة هيئة علمية أو متحف من الدولة المستضيفة ممثل بها آثاريون وفنانون متخصصون باختيار القطع المرادة، ثم تقوم مصر بدورها بالاستفسار من خبراء الترميم المصريين لمعرفة ما إذا كانت تلك القطع تتحمل السفر من عدمه، يعقب ذلك إرسال تلك التقارير الرسمية إلى اللجنة الدائمة، ومن ثم رفع الأمر لجهات رقابية أمنية للتفاوض حول نسب التعاقد والأموال بالعقد والاستعانة بشركة تأمين عالمية ضد الأخطار على كل قطعة على حدة، ثم موافقة المجلس الأعلى للآثار ثم مجلس الوزراء، علاوة على ضرورة أن يرافق الأثر أثناء نقله وخروجه متخصص من الخبراء الآثاريين بحوزته تقرير حالة لكل قطعة، إضافة إلى مرمم ومسؤول أمنى للتأكد من عدم حدوث أي تغيير، علاوة على أن قانون حماية الآثار به فصل كامل ينظم خروج هذه المعارض وشروطها، ويشترط عدم خروج القطع الفريدة أو النادرة وعدل القانون عام 2010 وأعطى الحق لرئيس الجمهورية في الموافقة على ذلك، معرباً عن تمنيه في إضافة القطع الذهبية إلى ذلك خلال المستقبل ومنعها.

وأقرت المادة الـ10 في قانون رقم 117 لعام 1983 لحماية الآثار أنه "يجوز للهيئة تبادل بعض الآثار المنقولة المكررة مع الدول أو المتاحف أو المعاهد العلمية العربية أو الأجنبية، وذلك بقرار من رئيس الجمهورية بناءً على اقتراح الوزير المتخصص بشؤون الثقافة، ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية ولمدة محدودة عرض بعض الآثار في الخارج، ولا يسري هذا الحكم على الآثار التي يحددها مجلس إدارة الهيئة سواء لكونها من الآثار الفريدة أو التي يخشى عليها من التلف".

وكانت محكمة القضاء الإداري بمصر قضت خلال سبتمبر 2012، بعودة 179 قطعة تخص الملكة كليوباترا من الولايات المتحدة الأميركية على رغم موافقة رئيس الوزراء السابق الدكتور أحمد نظيف. وأكدت المحكمة في حكمها أنه لم يثبت من الأوراق المعروضة صدور قرار من رئيس الجمهورية بالموافقة على عرض هذه الآثار قبل سفرها بالخارج، إضافة إلى أن الجهات التي جرى التعاقد معها هي مؤسسات خاصة ولا تعد متاحف أو معاهد علمية متخصصة على النحو الذي حدده قانون حماية الآثار.

 

ويستشهد شاكر بمثال "أثناء تولي منصب الإدارة العلمية لتسجيل الآثار المصرية الثابتة، جرى إسناد مهمة نقل تمثال طوله 11 متراً إلى أميركا، إضافة إلى قطع أخرى مع وضع أختام الرصاص عليها لمنع التلاعب بها، ونظراً إلى ضخامة حجم التمثال اضطررت لنقله عبر النقل البحري للولايات المتحدة الأميركية من الإسكندرية، فيما جرى نقل باقي القطع الأخرى عبر الطائرة، واستمرت عملية النقل لمدة 12 يوماً، وكانت تشكل مصدر خطورة على تلك الآثار.

وفي تقدير شاكر فإن المؤسسات المعنية بالقطاع الأثري تحاول الحد من أخطار نقل الآثار للمعارض الخارجية عبر وضع بصمة ميكروسكوبية في وجود متخصصين وجهات عليا وأثرية، على رغم أن التطور التكنولوجي أعطى الفرصة للمزورين للتحايل على ذلك واختراق هذا الأمر.

وعلى رغم تخوفاته، فإنه يرى أيضاً أن تلك المعارض تمثل نافذة تسويقية وترويجية للكنوز المصرية، علاوة على كونها تمثل مصدر عائد مادى كبير للدولة المصرية، إذ تربح الدولة في حال تزايد أعداد الزوار المشاركين داخل تلك المعارض، وتزداد النسبة إذا زادت الأعداد على النسب المتفق عليها.

وخلال أكتوبر 2024، احتفت مصر بما حققته المعارض الأثرية الخارجية الموقتة والمقامة في ألمانيا والصين، إذ استقبل معرض "رمسيس وذهب الفراعنة" بمدينة كولون بألمانيا 113 ألف زائر، واستقبل معرض "قمة الهرم، حضارة مصر القديمة" بمدينة شنغهاي بالصين ما يقارب 724 ألف زائر.

منافع بالجملة ولكن بشروط وضوابط

فيما يعدد رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية الدكتور عبدالرحيم ريحان إيجابيات تلك التجربة، مؤكداً أنها مفيدة على مختلف الصعد، كونها تمثل دعاية إيجابية للسياحة المصرية، كما أنها تمثل فرصة للآثاريين للاحتكاك بثقافات الدول الأخرى ودراسة كيفية الحفاظ على آثارهم وأحدث نظم عرض في متاحفهم، إلى جانب إلقاء محاضرات عن الحضارة المصرية، لذلك تمثل فرصة طيبة للتبادل الثقافي، مستشهداً "شاركت في أحد المعارض ببرشلونة ورأيت كيف يحتفي العالم بالآثار المصرية، وينفذ لها دعاية كبرى ويتعامل مع الآثار المصرية معاملة خاصة، من حيث الدعاية والكتيبات والبروشور، بل والإعلان عن موقع المعرض بمجرد نزولك من مطار الدولة العارضة".

ويضيف ريحان، الذي يشغل أيضاً منصب عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، أن تلك المعارض توفر عائداً مادياً لمفتشي الآثار، وبخاصة في ظل تدني الرواتب على رغم أنهم مؤتمنون على أغلى ما تمتلكه البلاد ويعانون ظروف عمل شاقة خلال الحفائر وأعمال الترميم ويتميز أقرانهم بقطاع السياحة بنفس الوزارة بتأمين صحي راق محروم منه الآثاريون ولا تتاح لهم فرص للإعارة أو العمل بالخارج، لذلك تمثل هذه المعارض فرصة نادرة بالنسبة إليهم للحصول على عائد مادى، مشترطاً أن يُوضع نظام عادل لتلك المعارض بحيث تكون الأولوية للأقدم، وبخاصة القريبين من سن المعاش لتضاؤل الفرص أمامهم، كما أن هناك من يذهب أكثر من مرة وهناك أشخاص أحيلوا للتقاعد ولم يسافروا في أي معرض.

وفي تقدير ريحان، فإن الأخطار المحتملة الناجمة عن تلك المعارض يمكن مجابهتها عبر عدة أمور أبرزها، التأمين على القطع الأثرية عبر شركات تأمين وطنية مثلما يحدث حالياً، إذ يصل حجم التأمين على القطعة الواحدة لـ20 مليون جنيه، ويشترط في القطع المختارة أن تكون مسجلة ومحفوظة بأحد المتاحف أو المخازن الأثرية وتسجيل الحالة الفنية لها بكل دقة بعد أعمال الترميم اللازمة، ويسجل كل ذلك في تقرير يصاحب المفتش المرافق للمعرض حتى يعود به آخر مفتش مرافق بعد مطابقته قبل رجوع القطع وبعد رجوعها إلى أرض الوطن، إضافة إلى ألا تسافر كل القطع في طائرة واحدة بل على عدة رحلات خاصة في ظل ظروف العالم المتوترة، ويلزم جرد كل مخازن الآثار في مصر والبدء بجرد كل القطع الأثرية التي سافرت في معارض خارجية، منوهاً إلى أنه في حال اكتشاف أية قطع سافرت في معرض وهي ليست أصلية يمكن المطالبة بمنع أية معارض أو تعاون أثري مع هذه الدولة فقط وفتح تحقيق دولي.

 

وفي شأن احتمالية تقليد بعض القطع، يقول ريحان إن هناك خبراء آثار ومتخصصى ترميم على درجة عالية من الكفاءة، وكذلك خبراء في المنافذ البحرية يكشفون الأصلي من المزيف بسهولة، فلا تنقصنا الخبرة في ذلك.

يتوافق الطرح السابق مع رؤية المتخصص الأثري ورئيس الإدارة المركزية لآثار القاهرة والجيزة السابق منصور بريك، قائلاً إنه لا يعارض إقامة المعارض الأثرية الخارجية كونها تمثل أحد أهم الموارد المالية للقطاع الأثري، كما أنها تمثل دعاية ضخمة لتاريخ مصر على مر العصور، مستشهداً بـ"حينما خرجت آثار توت عنخ آمون بما فيها قناع الملك الشهير لعرضها في أحد المعارض كانت الطوابير عليه من الزوار تمتد كيلومترات، ثم استمرت سياسة المعارض في الانتشار".

وعلى رغم أهميتها فإن بريك يرى، خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية"، ضرورة سد الثغرات التي تسمح بالتلاعب، مثل أن تكون التعاقدات بضمان حكومات الدول المستضيفة، وأن تحصل مصر على نسبة من تذاكر الدخول بناءً على أعداد الزائرين، ونسبة من بيع المستنسخات والكتب وغيرها، علاوة على إنشاء لجنة عليا للإشراف على تلك المعارض يمثل فيها كبار الآثاريين المتخصصين لتضع ضوابط صارمة، وتراقب تلك المنظومة برمتها، ولا تسمح بخروج المقتنيات الأثرية وفقاً للأهواء الشخصية، إضافة إلى عدم إخراج المقتنيات التي لا تتحمل السفر وقابلة للكسر أو التلف، لضبط تلك المنظومة.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات