Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شرم الشيخ... مدينة المفاوضات المصرية الأشهر حول "السلام"

المنتجع السياحي الواقع على البحر الأحمر كان شاهداً على محاولات إقليمية ودولية متعددة لحل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين

صورة تجمع القادة المشاركون في "مؤتمر صانعي السلام" الذي استضافته مدينة شرم الشيخ عام 1996 (أ ف ب)

 

ملخص

كان منتجع شرم الشيخ شاهدا منذ تسعينيات القرن الماضي على محاولات دولية وإقليمية عدة لجسر الهوة في مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي غالباً ما كانت تُجرى بمشاركة أميركية، وعليه لقبت بـ"مدينة السلام".

باستضافتها محادثات غير مباشرة بين حركة "حماس" وإسرائيل لوقف الحرب في قطاع غزة، تعود مدينة شرم الشيخ المصرية السياحية للواجهة مجدداً بعدما كانت على مدى عقود مضت موطئاً للتفاوض وعقد مؤتمرات السلام المعنية بالصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.

شرم الشيخ، تلك المدينة الحائزة جائزة مدن السلام لعامي 2000 و2001 على التوالي، كانت شاهدة منذ تسعينيات القرن الماضي على محاولات دولية وإقليمية عدة لجسر الهوة في مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي غالباً ما كانت تُجرى بمشاركة أميركية، ومن أشهرها قمة السلام عام 1996 بمشاركة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون والرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شيمون بيريز، فضلاً عن توقيع اتفاق "واي 2" عام 1999 بين رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها إيهود باراك وعرفات، مما جعلها تشتهر في المنطقة بـ"مدينة السلام".

فما هي أبرز المحطات التي شهدتها شرم الشيخ في مسار مفاوضات السلام، وماذا نعرف عن تلك المدينة الساحلية الواقعة على البحر الأحمر بين جبال جنوب سيناء؟ في وقت تواصل وفود "حماس" وإسرائيل مفاوضاتها لبحث خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف الحرب في غزة بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة، وهي المحادثات التي ينظر إليها على نطاق واسع على أنها الأكثر بعثاً على التفاؤل حتى الآن لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.


قمة السلام 1996

كانت قمة السلام التي استضافتها مدينة شرم الشيخ في مارس (آذار) من عام 1996، أولى القمم الدبلوماسية الرفيعة وأبرزها التي تستضيفها المدينة في شأن مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بمشاركة الرئيس الأميركي آنذاك بيل كلينتون.

 

في تلك القمة التي جاءت تحت عنوان "مؤتمر صانعي السلام" لدعم السلام سياسياً واقتصادياً في الشرق الأوسط وتشكيل لجنة لمحاربة الإرهاب، حضرها فضلاً عن كلينتون والرئيس المصري آنذاك حسني مبارك، كل من الرئيس الروسي بوريس يلتسين والرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الألماني هيلموت كول والرئيس التركي سليمان ديميريل والعاهل الأردني الملك حسين والعاهل المغربي الملك الحسن الثاني والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى، والأمين العام للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي، إضافة إلى بيريز وعرفات.

وجاء مؤتمر 1996 الذي ترأسه مبارك وكلينتون في وقت تصاعد الحديث حينها عن احتمالات حل القضية الفلسطينية وتحقيق السلام في المنطقة، ولا سيما بعدما وقعت السلطة الفلسطينية على اتفاقات أوسلو عام 1993 وتلاها توقيع الأردن اتفاق سلام مع إسرائيل عام 1994 حمل اسم "اتفاق وادي عربة".

اتفاق "واي 2" 1999

في سبتمبر (أيلول) من عام 1999، استضافت المدينة باراك وعرفات لتوقيع اتفاق تفاهم بين الحكومة الإسرائيلية و"منظمة التحرير الفلسطينية" برعاية الولايات المتحدة ومصر والأردن، لتحديد جدول زمني لتنفيذ التزامات اتفاق أوسلو والمضي قدماً في مفاوضات الوضع النهائي للمسائل العالقة مثل القدس والحدود واللاجئين والمستوطنات، وأطلق على الاتفاق اسم "واي 2".

 

ونصت على التزام الحكومة الإسرائيلية و"منظمة التحرير الفلسطينية" التنفيذ الكامل والمتبادل للاتفاق الانتقالي الموقع بينهما في وقت سابق ولجميع الاتفاقات المعقودة بين الجانبين، وأقرّتا باستئناف مفاوضات الوضع النهائي بصورة مكثفة، وبذل كل الجهد المستطاع للتوصل إلى هدفهما المشترك باتفاق سلام، فضلاً عن التأكيد على بذل الجهود للتوصل إلى اتفاق إطار حول مسائل مفاوضات الوضع النهائي كافة خلال خمسة أشهر من استئناف مفاوضات الوضع النهائي.

قمة "عرفات- باراك" 2000

في عام 2000، تحديداً في مارس (آذار)، استضاف الرئيس المصري مبارك في ذلك الوقت كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في منتجع شرم الشيخ، بهدف التباحث والرد على خطة السلام الأميركية التي اقترحها آنذاك الرئيس بيل كلينتون، بعدما اعتبر الطرفان أنها تتضمن فجوات واسعة وكبيرة لا يمكن القبول بها.

 

ومثلت تلك القمة أول لقاء مباشر بين باراك وعرفات منذ اندلاع المواجهات في الأراضي الفلسطينية (الانتفاضة الثانية) وهدفت إلى إعداد إطار لاستئناف المفاوضات بين الجانبين، فضلاً عن أنها جاءت مع انتهاء المهلة التي حددها الرئيس الأميركي للإسرائيليين والفلسطينيين للرد على مقترحات التسوية التي قدمها للجانبين بالقبول أو الرفض من دون إدخال أية تعديلات عليها.

وحينها تضمن مقترح كلينتون للسلام، احتفاظ إسرائيل عملياً بنسبة تسعة في المئة من أراضي الضفة الغربية وغزة ضمن اتفاق سلام نهائي، وتضم إليها خمسة في المئة من الأراضي الفلسطينية تمثل تجمعات مستوطنات يهودية، على أن يعطى الفلسطينيون مقابل ذلك أراضي بديلة، إضافة إلى استئجار إسرائيلي طويل الأمد لـثلاثة في المئة من الأراضي الفلسطينية وإلحاق مستوطنات يهودية في أرض نسبتها واحداً في المئة بالقدس، في محاولة لوضع نهاية لمأزق عملية السلام والتوصل إلى اتفاق قبل مغادرته للبيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) عام 2001.

قمة 2005

في فبراير (شباط) عام 2005، استضافت مدينة شرم الشيخ قمة مهمة بهدف إيجاد مخرج سياسي لإنهاء حال العنف المستمرة، واستئناف عملية السلام التي تعطلت بسبب الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي عرفت بـ"انتفاضة الأقصى" والتي انطلقت في أواخر سبتمبر عام 2000 واستمرت لسنوات، مع تصاعد العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وشارك في القمة رئيس السلطة الفلسطينية آنذاك محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون وممثلون عن الأردن والولايات المتحدة وأطراف دولية أخرى داعمة لعملية السلام. وفي أعقاب تلك القمة صدر إعلان رسمي عن إنهاء الانتفاضة الفلسطينية الثانية من قبل الطرفين والتزام خريطة الطريق للسلام والاتفاق على الإفراج عن مئات السجناء الفلسطينيين ودعم خطوات بناء الثقة بين الطرفين لتمهيد الطريق لمفاوضات سلام مستدامة.

محاولة إحياء السلام 2010

عام 2010، تحديداً في سبتمبر، استضافت شرم الشيخ الجولة الثانية من المفاوضات الفلسطينية- الاسرائيلية المباشرة بحضور وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون والمبعوث الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل، بعد تأجيل قصير بسبب الخلافات بين الجانبين في ما يخص مسألة الاستيطان.

 

وسبق تلك الجولة التفاوضية، عقد مبارك لقاءين منفصلين مع عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استعرض خلالهما الجانبان مواقفهما في المفاوضات والقضايا المقررة مناقشتها خلال الجولة الثانية للحوار.

وجاءت تلك الجولة التفاوضية في أعقاب إطلاق الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما في الثاني من سبتمبر من العام ذاته، محادثات مباشرة بين عباس ونتنياهو لكنها انهارت بسبب ملف المستوطنات الإسرائيلية.

محاولة أخيرة للتقارب 2023

في مارس (آذار) عام 2023 وقبيل اندلاع حرب غزة الدائرة حتى الآن، اجتمعت وفود من إسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر والأردن والولايات المتحدة في شرم الشيخ، ضمن محاولات إقليمية ودولية لوقف التدهور الأمني والسياسي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بخاصة مع تصاعد حوادث العنف والهجمات والاحتكاكات، وكذلك التوتر حول التوسع الاستيطاني الإسرائيلي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما جاء الاجتماع بهدف التزام وقف الإجراءات الأحادية مثل بناء المستوطنات الجديدة والتوسع في المستوطنات القائمة لفترة موقتة من ثلاثة إلى ستة أشهر، وتشكيل آلية لحل النزاعات على الأرض والتخفيف من التوترات، والحفاظ على الوضع التاريخي للمواقع المقدسة في القدس.

تاريخ المدينة

على مدى العقود الأخيرة، اكتسب منتجع شرم الشيخ السياحي مكانة بارزة كمكان للدبلوماسية، ولا سيما خلال عهد مبارك، لدرجة تسمية أحد أهم طرقها السريعة "طريق السلام" وميدانها الأبرز بالاسم ذاته، مع وجود نصب تذكاري مخصص لـ"السلام" يرمز إلى الدور الذي قامت به المدينة سابقاً كمركز إقليمي لمفاوضات السلام.

تلك المدينة التي احتلتها إسرائيل في أعقاب حرب يونيو (حزيران) عام 1967، واستعادتها مصر في أبريل (نيسان) عام 1982، تقع بين جبال شبه جزيرة سيناء ومياه البحر الأحمر، وتبلغ مساحتها قرابة 480 كيلومتراً مربعاً ويسكنها نحو 35 ألف نسمة، إضافة إلى السياح الذين يفدون إليها بالآلاف سنوياً، بعدما شيد فيها مئات الفنادق الفاخرة ومواقع للغوص.

 

ولم تكن شرم الشيخ بتلك الأهمية حين احتلتها إسرائيل خلال ستينيات القرن الماضي، وأطلقت عليها اسم "عوفيرا" لتكون مركزاً لقاعدتها الجوية، بل إن الاهتمام بتحويلها إلى وجهة سياحية ودبلوماسية جاء بعدما استعادتها القاهرة في أعقاب توقيع اتفاق السلام مع تل أبيب عام 1979، لتتحول تدريجاً إلى وجهة سياحية بارزة في مصر، دفعت بعضهم إلى إطلاق اسم "ريفييرا الشرق الأوسط" عليها، نظراً لما تتمتع به من مقومات طبيعية غنية وتوافر مقومات البنية الأساسية الراقية، لتشهد المدينة عدداً كبيراً من مؤتمرات القمة العربية والدولية.

وفي عام 2000 وعام 2001 على التوالي حصلت مدينة شرم الشيخ على جائزة "مدينة السلام"، وهي الجائزة التي تمنحها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، كما احتلت كذلك المركز الأول كأفضل مقصد سياحي على البحر الأحمر.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير