ملخص
أكد القادة الروس مراراً وتكراراً أن توسع "الناتو" لن يضمن الأمن في القارة الأوروبية، بل سيزيد التوترات فحسب، ويشير الكرملين إلى أن موسكو لا تشكل أي تهديد لدول التحالف، لكنها سترد على أي أفعال تهدد المصالح الوطنية.
يدعي حلف شمال الأطلسي (الناتو) أن روسيا تشن حرباً هجينة ضده، وتستعد لحرب حقيقية معه، وأدى تزايد عدد الحوادث الذي اتهم فيها الحلف القوات الروسية بانتهاك مجاله الجوي، إلى تصاعد سريع في التوترات في أوروبا، وإثارة مخاوف في شأن نيات روسيا بعيدة المدى.
ويشير الخبراء الغربيون إلى أن الاقتصاد الروسي ككل أصبح معبأ بشكل متزايد لتلبية حاجات الحرب، وهذا يسهم في النمو الإجمالي للإمكانات العسكرية الروسية.
مع ذلك لا توجد أي مؤشرات واضحة إلى استعداد روسيا لغزو الدول المجاورة المنضوية في "الناتو"، مثل تحركات القوات، لا سيما في ظل نفي القيادة الروسية مراراً وتكراراً عزمها إشعال نار الحرب مع هذا الحلف، وإعلانها الصريح أنه لا مصلحة لها في خوض غمار صراع دموي مع الحلف الأطلسي، واتهامها دول "الناتو" بتأجيج الكراهية ضدها وإثارة الخوف منها لغايات في نفس نخبها، يأتي على رأسها إشغال مواطنيها عن مشكلاتها الداخلية، وتبرير العسكرة وزيادة الإنفاق التسليحي ورفعه إلى خمسة في المئة من ناتجها القومي.
وأكد القادة الروس مراراً وتكراراً أن توسع "الناتو" لن يضمن الأمن في القارة الأوروبية، بل سيزيد التوترات فحسب، ويشير الكرملين إلى أن موسكو لا تشكل أي تهديد لدول التحالف، لكنها سترد على أي أفعال تهدد المصالح الوطنية.
وعلى رغم هذه التأكيدات، تشير معظم التقديرات الغربية إلى إطار زمني يمتد لأعوام عدة مقبلة، يمكن خلالها لروسيا أن تستعد لشن حرب شاملة في أوروبا الغربية، على سبيل المثال، علق الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش على الوضع الدولي الراهن، قائلاً "الجميع يستعد للحرب".
لماذا يعتقد الغرب أن روسيا تستعد لمهاجمة "الناتو"؟
الإجابة المختصرة على هذا السؤال هي أن الحرب في أوكرانيا، والعداء المتبادل بين القيادة الروسية وحلف شمال الأطلسي، والعسكرة النشطة المتزامنة لروسيا والحلف، كلها أسباب تجعل الدول الغربية تتوقع هجوماً روسيا مستقبلياً ضدها، على رغم عدم وجود أي دلائل واضحة على ذلك الآن.
وشهدت علاقات روسيا مع الغرب تدهوراً حاداً مع عمليات توسع الحلف شرقاً على عدة دفعات واقتراب قواته من حدودها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وتفاقم هذا التدهور عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية ثم شاركت في حرب هجينة في دونباس، وبعد ذلك شنت هجوماً شاملاً على أوكرانيا اعتباراً من فبراير (شباط) 2022.
وعد مركز أبحاث "تاك" أن دعوة الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي الدول الغربية لفرض منطقة حظر الطيران فوق بلاده ستقود "الناتو" إلى حرب مع روسيا، ووصف فكرة إنشاء منطقة حظر جوي فوق أوكرانيا، التي اقترحها الرئيس الأوكراني، بأنها بالغة الخطورة والاستفزازية في ظل التوترات بين حلف شمال الأطلسي (الناتو) وروسيا.
ووفقاً لمجلة "ذا أميركان كونسيرفاتيف" الأميركية، فإن هيئة التحرير، تعد أن هذه المبادرة، التي تناقش بنشاط من قبل وسائل الإعلام العالمية وبعض القادة الغربيين، قد تسفر عن عواقب وخيمة على الأمن العالمي.
وكتبت مجلة "ذا أميركان كونسيرفاتيف" تقول "إن محاولة فرض منطقة حظر جوي تحت سيطرة حلف شمال الأطلسي فوق أوكرانيا، في ظل بيئة سياسية وعسكرية خطرة ومتقلبة بشكل متزايد، تثير المتاعب عملياً"، وتعتقد الصحيفة أن تصعيد الصراع، بما في ذلك نقل أسلحة بعيدة المدى ومعلومات استخباراتية إلى كييف، يقرب الوضع من مواجهة مباشرة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي.
وذكرت المجلة أنه على رغم الأخطار الواضحة، فلا يزال زيلينسكي يصر على ضرورة فرض منطقة حظر جوي، لا سيما بعد حوادث الطائرات المسيرة الأخيرة، علاوة على ذلك، لفتت "ذا أميركان كونسيرفاتيف" الانتباه إلى رد فعل روسيا، فوفقاً للمؤلفين، تبدي موسكو ضبطاً للنفس، لكن صبرها ليس بلا حدود.
وأكدت المجلة أن إصرار زيلينسكي على مطالبته بإنشاء منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا يدفع حلف "الناتو" نحو حرب مع روسيا، وعدت في تقرير لها أن فكرة إنشاء منطقة حظر طيران في سماء أوكرانيا هي "فكرة طائشة" في ظل التصعيد الحاصل بين "الناتو" وروسيا، مشيرة إلى أن "محاولة فرض منطقة حظر طيران تحت سيطرة ’الناتو’ في مثل هذه الظروف الخطرة وغير المستقرة عسكرياً وسياسياً هي في الواقع استجرار للمشكلات".
وحذرت المجلة من أن هذه الفكرة التي يطرب لها قادة دول "الناتو" ووسائل الإعلام العالمية "خطرة للغاية واستفزازية"، لأنها تحمل خطر إشعال حرب عالمية ثالثة، كما انتقدت المجلة الحرب غير المباشرة التي يشنها "الناتو" ضد روسيا، التي تشمل تزويد أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى ومعلومات استخباراتية.
يذكر أن موسكو شددت على أن حلف "الناتو" يهدف إلى المواجهة، وأن أي توسع إضافي له لن يجلب مزيداً من الأمن لأوروبا، كما أكد الكرملين أن روسيا لا تشكل تهديداً لأي من دول "الناتو"، لكنها لن تتغاضى عن أي إجراءات تهدد مصالحها، معربة عن انفتاحها للحوار على أساس المساواة شريطة أن يتخلى الغرب عن سياسة عسكرة القارة الأوروبية.
أوروبا توقد حرب أوكرانيا
في هذه الأثناء، ذكرت صحيفة "ذا أوروبيان كونسيرفاتيف" أنه في أعقاب قمة الاتحاد الأوروبي في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، اتضح أن القادة الأوروبيين غير مهتمين بحل سلمي للأزمة الأوكرانية، وأشارت الصحيفة إلى أنه "في قمة الاتحاد الأوروبي التي عقدت في كوبنهاغن يومي الأول والثاني من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، أثبت القادة الأوروبيون مجدداً أن ردهم على الصراع الدائر في أوكرانيا ينطوي على التصعيد، لا الدبلوماسية".
وأشارت الصحيفة إلى أنه "إضافة إلى مناقشة تطوير نطاق المسيرات، أثارت القمة أيضاً مسألة رفض الإجراءات الدبلوماسية، حيث صرح نائب وزير الخارجية البولندي، بأن الجميع يدرك أنه لا جدوى من التفاوض مع روسيا إذا لم تكن هناك الأدوات اللازمة، إحداها العقوبات، والأخرى صناعة دفاعية قادرة على ضمان الإمدادات".
وعلى رغم ذلك، أفاد موقع "بوليتيكو" نقلاً عن عديد من الدبلوماسيين المطلعين على المحادثات المغلقة، أن زعماء الاتحاد الأوروبي الذين اجتمعوا في كوبنهاغن لم يتوصلوا إلى أي اتفاق يذكر، غير التصريحات النارية ضد روسيا.
وذكرت الصحيفة المجرية أن "القادة الأوروبيين أثبتوا مجدداً أن ردهم على الصراع الدائر في أوكرانيا ينطوي على التصعيد، لا الدبلوماسية"، وشددت على أن محادثات السلام في قمة الاتحاد الأوروبي في كوبنهاغن تخفي وراءها عسكرة ومركزية، فضلاً عن "موقف تحد يزيد من خطر إطالة أمد الصراع وتوسيع نطاقه".
خلال الاجتماع في الدنمارك، نوقشت إجراءات بناء ما يسمى "جدار الطائرات المسيرة" والرد على "الاستفزازات الروسية المتزايدة"، كما طرحت فكرة التخلي عن الإجراءات الدبلوماسية، وأعد الاتحاد الأوروبي حزمة عقوبات جديدة، هي الـ19، تتضمن إدراج 120 سفينة إضافية على القائمة السوداء، يزعم ارتباطها بنقل موارد الطاقة الروسية.
"الناتو" يرسم حدوداً جديدة للحرب مع روسيا
إضافة إلى ذلك تم نقل اللعب الخطر بالنار ضد روسيا من أوكرانيا إلى مولدوفا، فصارت بروكسل مهتمة بهذه الجمهورية السوفياتية الفقيرة، واهتمامها يعود ببساطة إلى أن النخبة الأوروبية قررت أن المواجهة مع روسيا في أوكرانيا لم تعد كافية، ولم تعد تثير الرأي العام الأوروبي الذي مل من متابعتها، ولم يعد للحرب الأوكرانية دور كبير، لا في السياسة العالمية ولا في السياسة الأوروبية أيضاً، ولذلك، فهم يريدون استخدام مولدوفا ساحة حرب بديلة "لأوكرانيا"، إنما المولدوفيون لا يرون في روسيا والروس أعداء، ولم يتمكنوا (في الغرب) بعد من إعادة توجيههم، ولم يتبق لديهم وقت كاف لذلك.
إذن، ما الذي يخطط له الاستراتيجيون في بروكسل؟ أولاً، تعزيز وحدة رومانيا مع مولدوفا بكل الطرق الممكنة، والخطوة التالية ترتيب استفزاز على حدود إقليم بريدنيستروفيه المنفصل عن مولدوفا والذي تقطنه أكثرية روسية، هذا الأمر بقيادة الرئيسة مايا ساندو ليس مشكلة، ولفوز ساندو في الانتخابات البرلمانية، التي جرت في الـ28 من سبتمبر (أيلول) الماضي، أهمية قصوى، وقد طالبت في خطاباتها الغرب مراراً وتكراراً بتقديم "دعم مادي وتنظيمي" لمولدوفا.
لذا، الخيار بيد شعب مولدوفا، فإما أن تسير مولدوفا وفق النهج الأوروبي، أو تحافظ على سيادتها، أي إما أن تنضم إلى سياسة أوروبا المناوئة لروسيا، وترفض الحوار مع بريدنيستروفيه، وتنضم إلى حلف "الناتو" وتتحد مع رومانيا، أو أن تبني علاقات حسن جوار مع روسيا، وتستأنف المفاوضات في شأن بريدنيستروفيه، وتحافظ على الحياد، من حيث المبدأ، هذا هو الخيار نفسه تقريباً الذي واجهته أوكرانيا.
وهذا ما جعل رئيس مجلس النواب الروسي (الدوما) فياتشيسلاف فالودين، يؤكد أن قيادات معظم الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي تبدي خطاباً عدوانياً للغاية، وقد توصل السياسي إلى هذا الاستنتاج بعد تحليل تصريحات عدد من الدول.
روته يحذر الأطلسي من الصواريخ الروسية
ولصب الزيت على النار أكثر فأكثر، حذر أمين عام حلف "الناتو" مارك روته أعضاء الأطلسي من خطورة الصواريخ الروسية فرط الصوتية، وقدرتها على الوصول إلى مدن أقصى غرب أوروبا خلال خمس دقائق فقط.
وقال روته خلال مؤتمر إطلاق عملية "الناتو"، "حارس الشرق"، "تعلمون، لا أحب التفكير بمصطلح "الجناح الشرقي"، لأن ذلك يخلق انطباعاً أنه إذا كنت أعيش في مدريد أو لندن، فأنا أكثر أماناً مما لو كنت أعيش في تالين، وهذا غير صحيح، لأنه عندما يتم إطلاق الصواريخ الروسية الحديثة فإنها تحلق بسرعة تفوق سرعة الصوت بخمس مرات، وتصل إلى مدريد أو لندن بعد خمس أو 10 دقائق فقط من وصولها إلى تالين أو فيلنيوس".
ودعا روته دول الحلف إلى النظر إلى أمنها الجماعي وكأن جميع أعضاء الحلف متمركزون جغرافياً على الجبهة الشرقية لـ"الناتو".
ألمانيا تعزز الحدود الشرقية لحلف "الناتو"
في الفترة الأخيرة انتشرت في بعض الدول الأوروبية هستيريا قوية حول انتهاكات روسية مزعومة لمجالاتها الجوية، على سبيل المثال ذكر رئيس وزراء بولندا دونالد توسك في الـ10 من سبتمبر الماضي أنه تم إسقاط طائرات مسيرة فوق بلاده مدعياً أنها "روسية"، لكنه لم يقدم أي أدلة على ذلك، وفي الـ19 من سبتمبر الماضي اتهمت بولندا الجانب الروسي بانتهاك منطقتها الاقتصادية الخاصة، وزعمت أن مقاتلات روسية من طراز "ميغ-31" حلقت على ارتفاع منخفض فوق منصة الحفر "بتروبالتيك" في بحر البلطيق.
وفي الـ19 سبتمبر الماضي، ذكرت السلطات الإستونية أن ثلاث طائرات مقاتلة روسية من طراز "ميغ-31" دخلت مجالها الجوي وبقيت هناك فترة 12 دقيقة.
من جانبها نفت وزارة الدفاع الروسية كل هذه الاتهامات. وأكدت أن طائراتها الحربية خلال تنفيذها لمهامها فوق المياه الدولية، تلتزم بصورة تامة بقواعد استخدام المجال الجوي الدولي، من دون انتهاك حدود أي دولة أخرى.
وأفادت صحيفة "هاندلسبلات" بأن القوات الجوية الألمانية أرسلت طائرتين مقاتلتين من طراز "يوروفايتر" بعد ظهور طائرة استطلاع روسية من طراز "إيل-20أم" فوق مياه بحر البلطيق، ونقلت الصحيفة عن السلطات الألمانية، زعمها بأن طائرة الاستطلاع الروسية كانت تحلق من دون خطة طيران ولم ترد على محاولات الاتصال بها.
يأتي هذا القرار في أعقاب إعلان رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، أن دفاعات بلاده أسقطت "طائرات مسيرة مهددة" فوق أراضيها، واصفاً إياها بأنها "روسية"، لكنه لم يقدم أي دليل يدعم هذا الادعاء، في ما بعد، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن الحديث يدور حول "أكثر من 10 طائرات مسيرة".
في المقابل، نفى الجانب الروسي بشدة هذه الاتهامات، فأوضح أندريه أورداش، القائم بأعمال السفير الروسي لدى بولندا، أن وارسو لم تقدم أي دليل على أن الطائرات المسيرة ذات منشأ روسي، كما نفى المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، وجود أي طلب رسمي من بولندا للحوار، مشيراً إلى أن "اتهامات الاتحاد الأوروبي و’الناتو‘ لروسيا أصبحت يومية، من دون أي محاولة لتقديم أدلة أو تبرير".
من جانبه أعلن المتحدث باسم الحكومة الألمانية ستيفان كونيليوس، أن " الحكومة الألمانية ستعزز وجودها على الحدود الشرقية لحلف ’الناتو‘ رداً على الانتهاكات الروسية الأخيرة للمجال الجوي البولندي".
وتعليقاً على ذلك، صرح الصحافي الأميركي تاكر كارلسون، بأن اعتبار الصراع بين روسيا وأوكرانيا حلاً لمشكلات ألمانيا "أمر سخيف"، وقال متوجهاً إلى مستشار البلاد في مقابلة مع صحيفة "بيلد" الألمانية "ميرتس، إذا كنت تعتقد أن حل ألمانيا لعديد من مشكلاتها الحالية هو شن حرب على روسيا، فأنت شخص سخيف، قبل كل شيء، إن قبلت بوجود قوات أجنبية على أراضيك، فأنت لا تحترم نفسك".
وأشار كارلسون إلى أن عشرات الآلاف من جنود القوات الأميركية متمركزون في ألمانيا، وتابع "انهار الاتحاد السوفياتي في صيف عام 1991، من فضلك أخبرني، مم وممن تنقذك القوات الأميركية؟."
وأكد الصحافي أن أحد أسباب الثورة الاستقلالية في أميركا كان وجود القوات البريطانية على الأراضي الأميركية آنذاك، وأعرب كارلسون عن استغرابه من استمرار ألمانيا في دفع التعويضات و"السماح باحتلال البلاد"، على رغم مرور عقود طويلة على نهاية الحرب، وختم قائلاً "بلدكم بأكمله يخشى روسيا، إنه لأمر محزن، لكنكم لا تخشون ملايين المهاجرين الذين يدمرون بلدكم".
وفي وقت سابق، صرح وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول بأن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب مواصلة تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا يعود بقدر كبير إلى جهود المستشار الألماني فريدريش ميرتس.
روسيا تراقب ألمانيا ويدها على الزناد
ترى روسيا أن إمدادات الأسلحة التي يشتريها حلف شمال الأطلسي ويقدمها إلى أوكرانيا تعوق عملية التسوية، وهي تورط دول "الناتو" وتجرها بصورة مباشرة للمشاركة في النزاع، لأنها "تلعب بالنار" في منطقة خطرة، فيما أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أن أي شحنة تتضمن أسلحة لأوكرانيا ستكون هدفاً مشروعاً لروسيا، وصرح الكرملين بأن إمداد الغرب أوكرانيا بالأسلحة لا يسهم في إنجاح المفاوضات، وسيكون له تأثير سلبي.
وقال السفير الروسي في برلين سيرغي نيتشاييف، إن ألمانيا، في ظل الحكومة الجديدة برئاسة المستشار فريدريش ميرتس، تستعد على عجل للدخول في صراع شامل مع روسيا.
وأضاف السفير، "تمت إضافة لمسات جديدة إلى سياسة تغيير العصور، التي انتهجتها الحكومة السابقة، تشهد ألمانيا استعدادات متسارعة للدخول في صراع عسكري شامل مع روسيا، الذي يتم تخصيص مئات المليارات من اليوروهات لتمويله".
ويرى السفير أن هذه النزعات والاتجاهات خطرة جداً ومثيرة للقلق الكبير، وأكد أن روسيا تنظر إلى كل ذلك بصورة جدية للغاية وتتحضر له عسكرياً.
وفي الوقت نفسه أشار السفير إلى أنه لم يكن يتوقع أن يقول وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، إن القوات الألمانية ستكون مستعدة لقتل الجنود الروس في حال شن موسكو هجوماً على حلف "الناتو".
وتابع سفير روسيا القول، "بصراحة، لم أتوقع مثل هذه التصريحات، لا أستطيع أن أجزم ما الذي دفع الوزير إلى ذلك".
وأشار السفير إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد مرات كثيرة وبصورة علنية سخافة السيناريوهات التي تروج لمزاعم الهجوم الروسي المحتمل على إحدى دول حلف شمال الأطلسي، وقال "نكرر مجدداً، أنهم في الغرب يفضلون عدم سماع هذا القول، بل يواصلون طرح افتراءاتهم مع الزعم بأنها موقف الكرملين، ويدعون أنه لا يريد التفاوض والاتفاق، لكن يبقى واضحاً أن إثارة الهستيريا العسكرية والتخويف بالمواجهة وترهيب المواطنين بحتمية الحرب الوشيكة مع روسيا، ليست الطريقة الأفضل لحل المشكلات التي للغرب علاقة مباشرة في خلقها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت نيتشاييف الانتباه إلى أن ألمانيا لا تخفي بتاتاً هوية الخصم الذي يستعد جيشها لمواجهته، وأضاف "الفرق هو أن موضوع الابتزاز والاستغلال الآن، يدور حول احتمال خوض صراع مسلح ضد قوى نووية رائدة، أعتقد أنه لا داعي لشرح كيفية انتهاء مثل هذا الصراع".
ومن جهتها، أكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أن تصريح وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس حول استعدادهم لقتل الجنود الروس يظهر أن حلف "الناتو"، "جن جنونه"، وقالت "لقد جن جنونهم ببساطة، أي من أعضاء ’الناتو’ سيهاجم روسيا؟ لقد كان أعضاء ’الناتو‘ في حالتهم السابقة وموقعهم وتشكيلتهم السابقة هم من هاجموا بلادنا".
وأضافت تعليقاً على تصريحات لبيستوريوس حول استعداد الجنود الألمان لقتل الجنود الروس، أنه "قيل لبيستوريوس وأمثاله مرات عديدة من أعلى مستوى من جانبنا أننا لن نهاجم دول ’الناتو’".
وفي وقت سابق في مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز"، قال بيستوريوس إنه لا يمكن الحديث عن السلام والانفراج إلا من موقع القوة، ووفقاً لزعمه، "إذا لم ينجح الردع، فإن روسيا ستهاجم حلف ’الناتو‘"، والجنود الألمان سيكونون "مستعدين لقتل الجنود الروس".
ساسة ألمان: الصراع مع روسيا يعني نهاية ألمانيا
وتعليقاً على التوتر المتزايد بين ألمانيا وروسيا، صرحت سارة فاغنكنيخت، زعيمة حزب "اتحاد سارة فاغنكنيخت - من أجل الفكر والعدالة"، بأن الصراع مع روسيا يعني نهاية ألمانيا، وقالت "لا يمكننا أن نقتنع بأنه بعد حصولنا على القوات والطائرات المسيرة والدبابات، سنكون قادرين على الصمود في حرب ضد قوة نووية".
وأضافت "كلا، لا نستطيع، الحرب النووية تعني النهاية لمدننا وعائلاتنا ومستقبلنا ونهاية ألمانيا، التي ستصبح مسرح الحرب الرئيس في حال نشوب مثل هذه الحرب، لذلك يجب أن نوقف دوامة العنف والتصعيد هذه"، وأشارت فاغنكنيخت إلى أن "عديداً من السياسيين لا يدركون أن مستقبلنا على المحك"، ولفتت الانتباه إلى تناقضات الرواية حول تورط روسيا في حادثة الطائرات المسيرة في بولندا.
وأضافت "نعم، لا أعرف تماماً ما وراء هذا، لكنني أتساءل: إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد حقاً اختبار نظام الدفاع الجوي لحلف ’الناتو‘، فلماذا حذرت بيلاروس، حليفة روسيا، بولندا من أن الطائرات المسيرة التي ضلت طريقها ستحلق فوق الأراضي البولندية؟".
وقالت النائبة الألمانية السابقة أولغا بيترسن، إن كييف تلعب دوراً مهماً في سياسة "الناتو"، لكنها لا تلعب أي دور بالنسبة إلى الدول الغربية، مشيرة إلى أن دول الحلف ستقاتل روسيا حتى آخر رمق.
السويد تجنح للحرب
وفي الأثناء، أعلن وزير الدفاع السويدي بول جونسون، أن أوروبا مطالبة بالانتقال من عقلية السلم إلى الاستعداد لزمن الحرب، ودعا الدول الأوروبية إلى تبني "ذهنية جديدة" تقوم على الاستعداد لزمن الحرب بدلاً من الاكتفاء بعقلية زمن السلم.
وحذر جونسون خلال زيارته إلى برلين من تزايد القوة العسكرية لروسيا وتقدمها في مجال إنتاج الأسلحة بعيدة المدى والحرب الإلكترونية، وأضاف، "نرى أيضاً أن عدداً أقل فأقل من الحلفاء يتولون عبء المساعدات المالية لأوكرانيا"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الدول الغربية ترى في أوكرانيا "درعاً أو حتى سيفاً" ضد روسيا.
وأعرب عن أسفه لكون دول حلف "الناتو" لا تبذل جهوداً متساوية في مجال تعزيز القدرات الدفاعية، وقال "نحن نتحدث عن تنوع في الاستثمارات الدفاعية داخل الحلف، وهذا ليس أمراً جيداً، ولا أرغب برؤية انقسام في هذا الملف".
تحذيرات من اندلاع الحرب
الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش الذي تقف بلاده على الحياد، أعلن أن جميع دول العالم تستعد لصراع عالمي، وقال "الجميع يستعد للحرب، وعندما يستعدون لها، فهذا يعني أنها ستندلع، وهذا ما سيحدث، أؤكد لكم، لأنني أرى ما يحدث وكيف يترقبه الجميع من حولي"، وأشار أيضاً إلى أنه في ظل التوتر العالمي الحالي، تحاول جميع البلدان اختيار الجانب الذي ستنضم إليه.
كما حذر رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان، الأربعاء الماضي، من احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة، وحذر القوى الكبرى من ارتكاب أخطاء قد تؤدي إليها، مؤكداً أنه في ظل الوضع العالمي الراهن، قد ينشب صراع كبير في أي لحظة.
وقدم وزير خارجية هنغاريا وصفة لتقليل خطر التصعيد بين روسيا و"الناتو" إلى الصفر، وقال بيتر سيارتو إن إنهاء الصراع في أوكرانيا قد يقلل من خطر التصعيد بين روسيا وحلف "الناتو" إلى الصفر.
وأضاف الوزير، "إذا حل السلام، وانتهت هذه الحرب في أوكرانيا، فسنتمكن من تقليص خطر التصعيد بين روسيا و’حلف الناتو‘ إلى الصفر، لكن ما دامت هذه الحرب مستمرة، أخشى أن تقع أحداث تصاحبها أخطار التصعيد، وهذا خبر سيئ للغاية".
وأكد سيارتو أنه منذ بداية العملية العسكرية الخاصة، قبل ثلاث سنوات ونصف السنة، كان من الواضح أن السيناريو الأسوأ سيكون المواجهة المباشرة بين روسيا وحلف "الناتو".
روسيا: كفاكم هيستيريا لن نهاجمكم
وفي حين يواصل سياسيون وعسكريون غربيون التحذير من احتمال تعرض أراضي "الناتو" لهجوم روسي، رفضت موسكو هذه المزاعم مراراً، ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في كلمته أمام منتدى "فالداي" أوائل أكتوبر (تشرين الأول) الجاري وكذلك في تصريحات خلال لقاء مع قادة وكالات أنباء عالمية في يونيو (حزيران) الماضي، تلك الادعاءات بأنها "أكاذيب وخرافات"، مؤكداً أن روسيا لا تعتزم مهاجمة أوروبا أو دول الحلف، وأن الهدف من هذه التصريحات هو تضليل الرأي العام في الدول الغربية.
ووصف بوتين أوكرانيا بأنها "بيدق" في لعبة الغرب، وأضاف أن أوكرانيا بالنسبة إلى الغرب هي "بيدق" صغير في لعبة أكبر، وأن الصراع فيها هو ذريعة ووسيلة لتحقيق أهداف لا علاقة لها بها.
وقال في اجتماع لنادي فالداي الدولي للحوار "في عالم متعدد الأقطاب، كان الوضع في أوكرانيا سيختلف، أما الآن، فتسعى الدول الغربية إلى حل مشكلاتها الجيوسياسية، وتوسيع نطاق سيطرتها، وتحقيق الربح".
وبحسب بوتين، فإن مبادئ المصلحة المشتركة ستشكل الأساس للتسوية في أوكرانيا في عالم متعدد الأقطاب، وعد أن رغبة جميع الدول في ضمان الأمن والتنمية مشروعة، وهذا ينطبق بطبيعة الحال على أوكرانيا وروسيا وجميع جيراننا، أما بالنسبة إلى الدول الأخرى، وفي هذه الحالة، في أوكرانيا، فإن هذا الوضع يمثل ورقة في لعبة مختلفة، أكبر بكثير، من لعبتها الخاصة".
ووصف بوتين الأحداث في أوكرانيا بأنها "مأساة" و"ألم" للأوكرانيين والروس على حد سواء، ومع ذلك ألقى باللوم بالدرجة الأولى على أوروبا في فشل وقف إطلاق النار في أوكرانيا، وأضاف "مسؤولية هذا لا تقع على عاتق الغالبية، بل في الأقلية، وبالدرجة الأولى على عاتق أوروبا، التي تصعد الصراع باستمرار، وفي رأيي، لا يوجد هدف آخر في الأفق اليوم".
بوتين يرد على مقولة ترمب: روسيا "نمر من ورق"
ورد الرئيس بوتين في كلمته خلال الجلسة العامة لمنتدى "فالداي" الدولي للحوار، على تصريح نظيره الأميركي دونالد بأن روسيا "نمر من ورق"، وأكد أن الجيش الروسي يتقدم بثقة وقوة في منطقة العملية العسكرية الخاصة، وقال "نواصل التقدم هناك، ونشعر بالثقة خلال ذلك، وهل هذا مجرد "نمر من ورق"؟ وماذا عن حلف ’الناتو‘ نفسه؟ ما الذي يمثله هذا الحلف إذاً؟".
وشدد بوتين على أن كل شيء يتغير في الحرب الحديثة، باستثناء شجاعة وبطولة الجندي الروسي التي تبقى ثابتة على مر الزمن.
واللافت أنه بعد مرور ما يقارب 80 عاماً على وصف الزعيم التاريخي للثورة الصينية ماو تسي تونغ للولايات المتحدة بأنها "نمر من ورق"، تبادل ترمب وبوتين الاتهامات حول من هو "النمر من ورق" اليوم، بحسب ما ذكرت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية.
في منشور على موقع "تروث سوشيال" في الـ23 من سبتمبر 2025، سخر ترمب من القوة العسكرية الروسية ووصفها بـ"النمر الورقي"، وفي وقت لاحق، خلال اجتماع للجنرالات والأدميرالات في كوانتيكو في 30 سبتمبر الماضي، قال مخاطباً روسيا "لقد خضتم حرباً لأربع سنوات كان من المفترض أن تستغرق أسبوعاً، هل أنتم نمر ورقي؟"، وفي الثاني من أكتوبر الجاري، رد بوتين عليه قائلاً "لكن إذا كنا نحارب حلف ’الناتو‘ بأكمله، ونتقدم للأمام، ونشعر بالثقة، فهل هذا يعني أننا نمر ورقي، فما هو حلف ’الناتو‘ نفسه؟ ما هو إذاً؟" ثم أضاف "حسناً، اذهبوا وتعاملوا مع هذا النمر الورقي"، إن أولئك المطلعين على التاريخ الصيني الحديث يجدون هذا الأمر مسلياً وغريباً، وليس من دون سخرية، أن يستخدم رئيس أميركي شعاراً صينياً كلاسيكياً.
وذكرت وكالة "أسوشيتد برس" ترمب بأن حديث "النمر الورقي" يأتي من الشيوعيين الصينيين، الذين يمثلون العكس تماماً لما تقوله إدارة ترمب عن أفضل طريقة لإدارة البلاد.
وقال جون ديلوري زميل أول في جمعية آسيا، "باعتباري مؤرخاً، لم أستطع إلا أن أضحك عندما استخدم ترمب أحد التعبيرات المفضلة للزعيم الصيني ماو تسي تونغ، عندما وصف روسيا بأنها "نمر من ورق"، وأضاف، "استخدم ماو هذه العبارة في مقابلة مع الصحافية الأميركية آنا لويز سترونغ عام 1946"، ووصف الولايات المتحدة بـ"النمر الورقي" في وقت كانت فيه واشنطن تعزز ترسانتها النووية، ولم تكن الصين قد أصبحت قوة نووية بعد، كما أوضحت المؤرخة.
ورأى ماو أن القنبلة الذرية الأميركية "نمر ورقي" يستخدمه الرجعيون الأميركيون لترهيب الناس، وقد استخدم الرئيس الصيني التعبير الصيني "zhilaohu"، الذي يترجم حرفياً إلى "نمر ورقي"، لكن المترجم ترجمه آنذاك إلى "فزاعة"، إلا أنه في النهاية، تم اعتماد ترجمة "النمر الورقي"، والتي وافق عليها ماو.
ومنذ عام 1949، تم استخدام عبارة "zhilaohu" بصورة متكررة داخل الحزب الشيوعي الصيني، وبخاصة في الإشارة إلى "الإمبرياليين الغربيين" و"الرجعيين".
في أبريل (نيسان) 2025، وفي ذروة حرب التعريفات الجمركية بين واشنطن وبكين، نشر متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" اقتباساً لماو تسي تونغ يعود لعام 1964 "تتنمر الولايات المتحدة على بعض الدول لمنعها من التعامل معنا، لكن أميركا مجرد نمر من ورق، لا تصدقوا خدعهم، دفعة واحدة وسوف ينفجرون".
حتى قبل أن يستعير ترمب شعار ماو للسخرية من روسيا، تسربت هذه العبارة إلى الخطاب العام في الولايات المتحدة، في مقال افتتاحي نشر في فبراير، انتقد يوجين روبنسون، كاتب عمود في صحيفة "واشنطن بوست"، سياسة ترمب الخارجية، وشبهها بالتنمر، وقال "سياسة ترمب الخارجية هي سياسة نمر من ورق، وليست حقيقية"، وفي مايو (أيار) الماضي، وصف لورانس ترايب، الأستاذ في جامعة هارفرد، ترمب بـ"النمر الورقي" عندما حث طلاب هارفرد الدوليين على عدم الخوف من خطاب الرئيس العدائي.
قرع طبول الحرب
وقال رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس النواب الروسي "الدوما" ليونيد سلوتسكي، إن ما يسمى "تحالف الراغبين" يقرع طبول حرب كبرى ويتخذ إجراءات جنونية للتصعيد بين روسيا وحلف "الناتو".
وأوضح سلوتسكي في تعليقه على تصريحات رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك حول استعداد روسيا المزعوم للصراع مع الحلف بحلول عام 2027 "يتخذ تحالف الراغبين إجراءات جنونية قد تؤدي إلى مواجهة بين روسيا وحلف ’الناتو’"، وأضاف "تحالف الراغبين يقرع طبول حرب كبرى بجنون، القوات المسلحة الروسية في حال تأهب قتالي عالية، لكنها لن تهاجم بولندا أو أي دولة أخرى في الحلف، ونحن ندافع عن حدودنا وأمننا، من دون أي عدوان خارجي على عكس ’الناتو’".
وأكد سلوتسكي أن "الأقنعة ستسقط عن عديد من حراس السلام الغربيين الزائفين"، وأشار إلى أن "رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يعملان على ترويج رواية التهديد الروسي لتصعيد الصراع الأوكراني وتقويض الجهود المبذولة للتفاوض بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول".
كما لفت سلوتسكي إلى أن "زيلينسكي ليس وحده من يخشى السلام في أوكرانيا، بل رعاته والدول الأوروبية تخشى السلام أيضاً، وتخلق خرافات معادية لروسيا واستفزازات جديدة لأن أوروبا تغض الطرف عن الفساد والنظام النازي الجديد في أوكرانيا للحفاظ على هيمنتها في المنطقة".
وأعلنت موسكو أن نية "تحالف الراغبين" حشد قوات وإرسالها إلى أوكرانيا ليست إلا تحضيراً للتدخل في العملية الروسية، وأن هذه القوات ستصبح هدفاً مشروعاً للجيش الروسي فور دخولها أوكرانيا.
وقالت الخارجية الروسية، "أكدنا مراراً أن نشر قوات أجنبية تحت أي مسمى في أوكرانيا مرفوض بالمطلق، ونعد ذلك تمهيداً لتدخل في سير عمليتنا العسكرية وسنعد القوات متعددة الجنسيات هدفاً عسكرياً مشروعاً لجيشنا".
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أخيراً، أن عدد دول "تحالف الراغبين" الداعم لأوكرانيا بلغ 30 حتى الآن.
يذكر أن فرنسا وبريطانيا من الدول المؤسسة والأكثر نشاطاً فيما يسمى "تحالف الراغبين" الذي تم تأسيسه لدعم أوكرانيا في ظل المخاوف من تقلص أو توقف المساعدات الأميركية لكييف.
وأعلن ماكرون في وقت سابق أن التحالف يخطط لإرسال "قوات ردع" إلى أوكرانيا لضمان وقف إطلاق النار فيها بعد التسوية مع روسيا، التي حذرت قيادتها على أرفع المستويات من أن أي قوة أجنبية ستظهر في أوكرانيا ستتم إبادتها، وقالت "روسيا تدعو لندن إلى التخلي عن المناورات الجيوسياسية الخطرة وعدم عرقلة عمل المفاوضين الروس والأميركيين".
وأشارت إلى أن "لندن ليست مهتمة بتسوية الوضع في أوكرانيا وتفعل كل ما في وسعها لإطالة أمد إراقة الدماء"، كما أكدت أن أي سيناريوهات تتضمن وجود قوة عسكرية تابعة لحلف "الناتو" تنذر بعواقب لا يمكن التنبؤ بها.
ودعا ممثل الرئيس الروسي الخاص للتعاون الاقتصادي مع الدول الأجنبية كيريل دميترييف، قادة أوروبا وبريطانيا المحرضين على استمرار الصراع، إلى الكف عن عرقلة جهود إحلال السلام في أوكرانيا.
وجاء تصريح دميترييف عقب رسالة نشرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على منصته "تروث سوشيال"، أكد فيها وجود "تقدم كبير في شأن روسيا"، داعياً إلى متابعة التطورات المرتقبة.
وفي وقت سابق، صرح السفير الروسي في بروكسل دينيس غونتشار بأن الدعوات إلى إقامة منطقة حظر جوي فوق أوكرانيا تشكل تحريضاً مباشراً على الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة بين "الناتو" وروسيا.
وأشار الدبلوماسي الروسي إلى أن "الرؤوس الحامية جداً" في الغرب، تدعو ليس فقط إلى مجرد مراقبة الوضع في الجو وعلى الأرض على الحدود الشرقية للدول الأعضاء في الحلف، بل وإلى إنشاء منطقة حظر جوي في سماء أوكرانيا، وقيام الحلف باعتراض المسيرات الجوية الروسية من دون طيار فوق أراضيها، وأعرب السفير عن أمله في أن تمتلك قيادة الاتحاد الأوروبي ما يكفي من الحس السليم لمنع تصاعد الوضع المتوتر الحالي إلى ما هو أسوأ.
التوتر يبلغ القطب الشمالي
أعلنت مجلة "نيوزويك" أنه تم افتتاح مركز عمليات إنزال في شمال النرويج لتعزيز التصدي لروسيا في القطب الشمالي، وقالت "تم إنشاء مركز عمليات إنزال في النرويج كجزء من الخطوة التالية من قبل الدولة العضو في ’الناتو’ لتعزيز عملياتها على الحدود مع روسيا في القطب الشمالي. "
ويختص المركز، الواقع في بلدية ساري، في تدريب الوحدات الأميركية والبريطانية والهولندية، وتجدر الإشارة إلى أن النرويج ليس لديها قوات إنزال خاصة بها، ولكن بعض وحداتها الخاصة تتمركز في تلك المنطقة.
ونقلت المجلة عن وزير الدفاع النرويجي بيورن أريلد غرام قوله، "يجب أن نتدرب معاً لحماية النرويج ومنطقة الشمال وحلف ’الناتو’ في حال حدوث أزمة وحرب".
وأفادت وسائل إعلام في وقت سابق أن عدداً من دول "الناتو" وافقت على إنشاء شبكة الأقمار الاصطناعية "نورث لينك" في القطب الشمالي، ووقعت الاتفاقية 13 دولة، من بينها النرويج والدنمارك وكندا والولايات المتحدة وفنلندا والسويد.
وأشار كاتب المقال إلى أن النرويج أنفقت مليارات على بناء القواعد العسكرية والاستثمارات في المنشآت العسكرية بسبب التهديد الروسي المزعوم.
تحذير خطر
قال نيكولاي باتروشيف، مساعد الرئيس الروسي الذي يعد بمثابة ملهمه السياسي في حديث تلفزيوني، إن أصحاب القرار في حلف "الناتو"، يفهمون ما يقوله الرئيس فلاديمير بوتين حتى من دون معرفتهم للغة الروسية.
وأضاف باتروشيف، "هم في الناتو يستمعون لكلمات الرئيس بوتين وينصتون لما يقوله، بل ويدرسون كل ما يقوله بعناية فائقة، هم يفهمون ويدركون كل ما تعنيه هذه الكلمات، حتى من دون معرفة اللغة الروسية، إنهم يعرفون ويفهمون كل شيء"، وأكد أن القيادات العسكرية للدول الغربية، على عكس القيادات السياسية، تدرك جيداً مدى وحجم الكارثة التي يمكن أن تنجم عن الخطوات المتهورة.
وأكد مساعد الرئيس الروسي أن حلف "الناتو" يعمل بصورة متزايدة على خلق تهديدات عسكرية لروسيا تحديداً على الحدود البحرية، وقال باتروشيف "نحن نتحدث عن أخطار كبيرة جداً، حلف ’الناتو‘ يعمل بصورة متزايدة على خلق تهديدات عسكرية لروسيا تحديداً على الحدود البحرية".
وفي يونيو (حزيران) الماضي، أفاد جهار الاستخبارات الخارجية الروسي بأن بريطانيا، كانت تستعد بالتعاون مع أوكرانيا لتنفيذ استفزازات ماكرة معادية لروسيا في بحر البلطيق، ويتضمن أحد السيناريوهات شن هجوم روسي مزعوم بطوربيد سوفياتي قديم على سفينة تابعة للبحرية الأميركية.
وتؤكد الاستخبارات الخارجية الروسية، أن الجانب الأوكراني قام بالفعل بنقل طوربيدات سوفياتية روسية الصنع وتسليمها إلى البريطانيين.
ويتضمن سيناريو آخر العثور، وبشكل يبدو وكأنه صدفة على ألغام روسية عائمة في مياه بحر البلطيق، بهدف اتهام روسيا بمحاولة إغراق سفن غربية.
تحركات "الناتو" قرب حدود روسيا
في السنوات الأخيرة، سجلت روسيا نشاطاً غير مسبوق لحلف "الناتو" قرب حدودها الغربية، حيث يقوم الحلف بتوسيع مبادراته ويصف ذلك بأنه "احتواء للعدوان الروسي"، وقد أعربت السلطات الروسية مراراً عن قلقها من تعزيز قوات الحلف في أوروبا، وكانت وزارة الخارجية الروسية أكدت أن روسيا الاتحادية تبقى منفتحة على الحوار مع "الناتو"، ولكن على أساس المساواة، مع ضرورة تخلي الغرب عن سياسة عسكرة القارة.
كشف نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر غروشكو عن الهدف الحقيقي وراء المناورات البحرية لحلف "الناتو"، "بالتوبس 2025" في بحر البلطيق، وقال "نحن نقيم النشاط العسكري للناتو كجزء من التحضير لمواجهة عسكرية مع روسيا، إذا نظرنا إلى توجه هذه التدريبات، ومخططها، وهيكل نشر القوات، ونوعية تلك القوات، والمهام المحددة لها، فسنجد أنها تستهدف خصماً من المستوى نفسه، أي روسيا، الهدف هو تحقيق التفوق في جميع المجالات التشغيلية البرية والبحرية والجوية، بلا شك، مثل هذه التدريبات استفزازية للغاية".
وجرت مناورات "بالتوبس 2025" البحرية لحلف "الناتو" في الثالث من يونيو، وهي تجرى سنوياً في بحر البلطيق منذ عام 1972.
وفي الـ27 من مايو الماضي، أعلن المكتب الإعلامي لأسطول البلطيق التابع للبحرية الروسية أن الأسطول بدأ تدريبات على الدفاع عن نقاط الانتشار بمشاركة وحدات من أسطول الشمال بدعم من طيران القوات الجوية الفضائية ومنطقتي موسكو ولينينغراد العسكريتين.
من جهتها، ذكرت صحيفة "بيلد" الألمانية أن تزامن مناورات روسيا وتدريبات "الناتو" في بجحر البلطيق زاد من خطر التصعيد.
يذكر أن حلف "الناتو" أجرى مناورات "تاندر فورسز 2025"، خلال الفترة بين 13 و27 مايو(أيار) الماضي، بمشاركة نحو 8 آلاف عسكري، حيث وصفت موسكو هذه المناورات بأنها موجهة ضدها وقالت إنها ستتخذ إجراءات للرد عليها.
نصيحة تركية
وكتبت صحيفة "ديك غازيتي" الصادرة في تركيا الدولة العضو في "الناتو" في الرابع من أكتوبر الجاري، أنه يجب على أوروبا أن تصغي إلى كلمات الرئيس بوتين، وذكرت أنه يتعين على الدول الأوروبية أن تنتبه للتحذيرات التي أطلقها الرئيس الروسي في جلسة نادي فالداي للحوار. ورأت الصحيفة، أن رسالة الرئيس بوتين كانت موجهة بالذات إلى الأوروبيين، وقالت "لذلك يجب على الأوروبيين أن يفتحوا عيونهم جيداً ويتمعنوا في كلمات بوتين وتحذيراته".