Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تساؤلات أثرية حول واقعة سرقة لوحة من مقبرة مصرية

متخصصون: كيف يجري تحويل مقبرة أثرية إلى مخزن لم يفتح ويجرد منذ 6 أعوام في ظروف جوية متقلبة ربما تؤدي إلى تلف الآثار؟

لدى مصر ما يقارب 2 مليون قطعة أثرية موجودة في مخازن أثرية (رويترز)

ملخص

تعتبر تلك الواقعة واحدة من بين سلسلة وقائع سابقة لحالات سرقة واختفاء بعض المقتنيات الأثرية، فخلال مايو 2024، نظرت محكمة مصرية أولى جلسات محاكمة ثلاثة أشخاص، لاتهامهم باختلاس تمثال أثري من البرونز لـ"أوزوريس" من مقر عملهم بالمتحف المصري والتزوير في أوراق ومستندات مخازن الآثار بالمتحف، ليعاد فتح القضية بعد 12 عاماً من وقوعها، وعام 2014، سرقت مشكاوات من محتويات مخزن الحضارة ترجع إلى السلطان حسن والسلحدار بيعت بمبلغ نصف مليون دولار لأحد هواة جمع التحف الإسلامية، وفي عام 2011، أعلنت السلطات المصرية فقدان ثماني قطع أثرية قيمة من المتحف المصري أثناء عملية جرد.

لم تمض أيام على واقعة سرقة سوار ذهبي نادر من معمل الترميم بالمتحف المصري في القاهرة على يد متخصصة ترميم قامت ببيعه وصهره لإعادة تشكيله ضمن مجموعة مصوغات أخرى، حتى فوجئ المصريون بصدمة جديدة بسرقة لوحة أثرية من الحجر الجيري من مقبرة "خنتي كا" بمنطقة سقارة الأثرية (جنوب غربي القاهرة)، وسط ضجة واسعة في أوساط الرأي العام المصري وحال من الدهشة والتعجب من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي وكثير من النشطاء الأثريين والمدافعين عن الحضارة المصرية.

وأصدرت وزارة السياحة والآثار المصرية بياناً رسمياً، أمس الأحد، أعلنت خلاله اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وإحالة الموضوع برمته إلى النيابة العامة للتحقيق، وأوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، خلال بيان الوزارة أن "المقبرة كانت مغلقة تماماً، وتُستخدم مخزناً للآثار منذ اكتشافها في خمسينيات القرن الماضي، ولم تُفتح منذ عام 2019"، مشيراً إلى أنه فور العلم بالواقعة جرى تشكيل لجنة أثرية برئاسة المشرف على منطقة آثار سقارة الدكتور عمرو الطيبي، لجرد محتويات المقبرة، لافتاً إلى أن "وزارة السياحة والآثار تتابع عن كثب مجريات التحقيق بالتنسيق مع الجهات المعنية، حرصاً على صون وحماية التراث الأثري المصري والحفاظ عليه من أي تجاوزات أو ممارسات غير قانونية".

وتعتبر تلك الواقعة واحدة من بين سلسلة وقائع سابقة لحالات سرقة واختفاء بعض المقتنيات الأثرية، فخلال مايو (أيار) 2024، نظرت محكمة مصرية أولى جلسات محاكمة ثلاثة أشخاص، لاتهامهم باختلاس تمثال أثري من البرونز لـ"أوزوريس" من مقر عملهم بالمتحف المصري والتزوير في أوراق ومستندات مخازن الآثار بالمتحف، ليعاد فتح القضية بعد 12 عاماً من وقوعها، وعام 2014، سرقت مشكاوات من محتويات مخزن الحضارة ترجع إلى السلطان حسن والسلحدار بيعت بمبلغ نصف مليون دولار لأحد هواة جمع التحف الإسلامية، وفي عام 2011، أعلنت السلطات المصرية فقدان ثماني قطع أثرية قيمة من المتحف المصري أثناء عملية جرد، وعام 2004 اختفت 38 قطعة ذهبية منها 36 سواراً وخاتمان تعود إلى العصرين اليوناني والروماني تقدر قيمتها التأمينية بنحو 150 مليون جنيه مصري.

كشف الغموض

وفي محاولة لكشف الغموض حول الواقعة، تواصلت "اندبندنت عربية" مع أكثر من مسؤول أثري في محاولة لتجميع خيوط وملابسات تفاصيل الواقعة، إذ يقول كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار الدكتور مجدي شاكر إن كل المعلومات تشير إلى أن الواقعة حدثت حينما كانت المقبرة والمقتنيات الأثرية بها تحت إشراف وعُهدة مفتشة تخصص "آثار إسلامية" منذ أعوام عدة، إلا أن المفارقة أن منطقة سقارة لا تحوي أي آثار إسلامية، مشيراً إلى أن منطقة سقارة والهرم من أكثر المناطق التي تُغري أي أثري للعمل بها بسبب الحوافز المادية المُجزية مثل الحصول على عائد مادي حال المشاركة في بعثات أثرية أجنبية يصل لـ3000 جنيه (63.04 دولار) شهرياً، إضافة إلى ما يراوح بين 700 (14.71 دولار) إلى 900 جنيه (18.91 دولار) حال استلام أي عُهدة أثرية، وفي بعض الأحيان يقع العاملون بالقطاع الأثري لإغراءات المتلاعبين بإمكانية المشاركة في بعثات خارجية أو الحصول على شهادات علمية رفيعة أو عوائد مالية مُربحة.

وفق شاكر فإن هناك ما يقارب 300 بعثة أثرية أجنبية تعمل في مصر، أبرزها فرنسا 23 بعثة، وأميركا 19، وإسبانيا 14، والصين 5، مشدداً على ضرورة أن يتخذ صناع القرار المعنيون بالقطاع الأثري في مصر قراراً بعقد اجتماع عاجل مع كل رؤساء البعثات الأثرية الأجنبية، وطلب إيقاف التنقيب عن الحفائر إلا بعد أن تقوم كل بعثة بإخطار الجهات الرسمية بتوثيق كل أعمالها منذ بداية عملها والنشر العلمي لكل نتائج الحفائر وترميم ما جرى كشفه وتوثيقه والمساعدة في توفير الدعم الفني والعلمي والتقني إذا وجد لوضع خطة عاجلة لتأمين تراثنا الأثري.

يضيف شاكر، خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية"، أن استهداف تلك اللوحة يؤكد أن وراءها أثري محترف يعي قيمتها الأثرية ويستطيع تسويقها وبيعها بأسعار طائلة، متسائلاً "هل يُعقل أن القطعة المفقودة من مقبرة كانت تستخدم مخزناً أثرياً، ولم تفتح منذ عام 2019 أي منذ ستة أعوام، لو هناك آثار لكانت تآكلت، لأن المقبرة ليست مخزناً صحياً، ولا بد أن تتوافر للآثار درجات موائمة من الحرارة والظروف المناخية".

وكان الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل أعلن في تصريحات متلفزة قبل ساعات، أن مصر لديها ما يقارب 2 مليون قطعة أثرية موجودة في مخازن أثرية، وفي منطقة سقارة بالتحديد تم بناء مخزن متحفي هو الرابع لتخزين الآثار المكتشفة في تلك المنطقة، مردفاً "مصر شهدت خلال الأعوام الـ10 الأخيرة طفرة كبيرة في بناء المتاحف الأثرية والمخازن للحفاظ على هذا الإرث العظيم"، مشيراً إلى اكتشاف البعثة الأثرية التي كانت تعمل بالمقبرة اختفاء القطعة مع استئناف عملها في الموقع، الذي توقف منذ عام 2019، بسبب جائحة كورونا.

يمضي في حديثه، تلك اللوحة المفقودة من الحجر الجيري وجزء من جدارية منحوتة بالنحت البارز وتُعد من أهم العناصر الجنائزية في المقابر المصرية القديمة نقشت عليها الفصول الثلاثة في مصر القديمة، وهما الأخت فصل الفيضان والبرت فصل الشتاء والزراعة والشيمو فصل الصيف والحصاد، وتشبه لوحة مقبرة مريروكا ويُقدر حجمها بنحو 40×63 سم ووزنها نحو 150 كيلو، وكل من تلك الفصول يوجد أسفله خرطوش به أربعة أهلة تمثل أشهر السنة عند المصريين القدماء، واللوحة جرى نشرها بواسطة منشار لكونها جزءاً من حائط داخل المقبرة، وتعود إلى عصر الدولة القديمة الأسرة الخامسة القرن الـ25 قبل الميلاد، وهي من القطع النادرة التي توثق مشاهد من الحياة اليومية في مصر القديمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويوضح كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار أنه يجب التعامل مع تلك الواقعة بأنها ليست أزمة عابرة ولكن جريمة تستوجب إجراءات جادة على أرض الواقع لمواجهتها لمنع تكرارها في المستقبل، أبرزها إنشاء مخازن مركزية مؤمنة على أعلى مستوى وتسجيل كافة الآثار في المتاحف المتحفية وعددها 2 مليون قطعة أثرية ومراجعة كل الآثار التي سافرت إلى الخارج من لجنة عليا ومطابقتها بالواقع للتأكد من عدم تقليدها، علاوة على اختيار مجموعة من الشباب الخريجين من أوائل كليات الحاسبات والمعلومات مع الفني والأثري لتطوير العنصر البشري والتكنولوجي ومراقبة كافة البعثات الأثرية الأجنبية العاملة في مصر لمتابعة مدى الاستفادة من أعمالها خلال الأوان الماضية، إضافة إلى إنشاء ستة مخازن مركزية كبرى على مستوى محافظات الجمهورية بحيث يستوعب كل مركز ما يُقارب 300 ألف قطعة أثرية وتكون مرتبطة بغرفة تحكم مركزية تشرف عليها غرفة بالقاهرة تراقب كافة المخازن وإنشاءهم، بعيدة عن المناطق السكنية وقريبة من أماكن التأمين حتى يتكون هناك سرعة تحرك واستجابة في حال حدوث أي عمليات سرقة أو سطو، فضلاً عن أماكن للترميم وقاعات وغرف للمرممين لتسجيل وتوثيق وعمل سيرة ذاتية تاريخية لكل قطعة والأدوات المستعملة فيها لتكون قاعدة معلوماتية عنها ووضع كل التطور الزمني عنها.

وكان وزير السياحة والآثار شريف فتحي أعلن، عبر تصريحات نقلها أحد البرامج التلفزيونية قبل ساعات، عن توجيه رئاسي بإنشاء مخزن جديد لحفظ آثار مصر، وأنه سيُقام في "منطقة مؤمنة وسيتم تجهيزه بأحدث أنظمة التكنولوجيا".

أختام ومغلقة بأقفال

فيما يرى مصدر مُطلع، طلب عدم الإفصاح عن اسمه، ويمتلك خبرة تزيد على 36 عاماً في المجال الأثري، أن اكتشاف تلك الوقائع في فترات زمنية متقاربة يشير إلى وجود ما يُسمى بحرب "تكسير عظام"، بحسب وصفه، بين قيادات القطاع الأثري السابقة والحالية، متسائلاً "هل يُعقل أن يجري الكشف عن واقعة فقدان لوحة منذ عام 2019 في التوقيت الحالي؟".

ويلفت المصدر الانتباه إلى أن إشارة بيان وزارة السياحة والآثار إلى أن تلك المقبرة كانت مستخدمة كمخزن من الخمسينيات ومغلقة منذ عام 2019 ولم تفتح، تتطلب مراجعة ما إذا كان عليها أختام ومغلقة بأقفال وتلك الأختام بلجنة ثلاثية من الأثريين أثناء فتح البعثة الأثرية الأجنبية المقبرة واكتشاف عدم وجود تلك اللوحة، كما يجب الرجوع لمحضر فتح المقبرة مع البعثة الأثرية، متسائلاً "هل اللجنة التي قامت بفتح المقبرة وجدت تلك الأختام عليها سليمة، فإذا كانت سليمة فيسأل في استقطاع ونشر هذه اللوحة إلى اللجنة التي أغلقتها عام 2019"، مشيراً إلى أن هناك ما يقارب 6000 إلى 7000 مقبرة أثرية في سقارة.

وفق المصدر، فإن الآثار المصرية لها بريقها وسمعتها على مستوى العالم، وبخاصة الآثار الفرعونية القديمة، وعودتها إلى البلاد أمر حتمي ويصعب على أحد شرائها، لا سيما بعدما أبلغ المتخصص الأثري المصري الأسترالي الدكتور نجيب القنواتي عن سرقتها، وأنها معروضة في أحد المزادات وأبلغ الوزارة بذلك، وعلى الوزارة أن تخطر إدارة المزادات التي تعرض اللوحة بأنها مسروقة للمطالبة بوقف بيعها وإخطار الأنتربول الدولي لتعود على الفور طبقاً للقوانين الدولية.

على النقيض من الطرح السابق، يُرجح الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد عبدالمقصود أن واقعة اختفاء لوحة أثرية من الحجر الجيري من مقبرة "خنتي كا"، قد تكون وراءها مافيا دولية متخصصة في الاتجار في هذا النوع من المقتنيات الأثرية، مشيراً إلى أن استهداف قطعة بعينها من جدار عليه نقوش كاملة في مقبرة مهمة منشورة في الكتب العلمية واستقطاع هذا المنظر الجذاب ونشره بـ"منشار" يؤكدون وجود تشكيل عصابي يتزعمه أفراد من الخارج وبمساعدة أشخاص من الداخل.

ويستبعد عبدالمقصود المزاعم التي تُثار في شأن أن تلك الواقعة "مفتعلة" أو صراع قيادات بين مسؤولي القطاع الأثري، مشيراً إلى أن ملابسات تلك الواقعة تبين أن أحد الأشخاص بالخارج من المهتمين بتلك الجدارية تواصل مع شركائه في الداخل وأرسل لهم صوراً برغبته فيها، متسائلاً "المقبرة بأكملها عليها نقوش، فلماذا جرى استقطاع تلك القطعة بعينها؟".

وفي شأن ما جرى تداوله حول إنشاء مخزن ضخم لجمع كافة المقتنيات الأثرية، يقول عبدالمقصود، إن تلك الفكرة يصعب تنفيذها، متسائلاً "ما الذي يمنع من زيادة عدد المخازن المركزية الموجودة في كل محافظة وتكون مؤمنة على أعلى مستوى من التكنولوجيا مثلما يحدث في المتحف المصري ومتحف الحضارة؟ وما علاقة سرقة قطعة من جدار بإنشاء مخزن ضخم؟"، منوهاً إلى أن أقل سرقات لمقتنيات أثرية تحدث من المخازن، بحسب تعبيره.

ويلفت الأمين العام السابق النظر إلى حتمية الاهتمام بأوضاع الأثريين لمواجهة تلك الجرائم المتكررة، قائلاً "آن الأوان لأن تكون هناك نظرة إنسانية لأوضاع العاملين في القطاع الأثري، وأن يتقاضوا مرتبات مناسبة توائم قيمة وأهمية العمل الأثري والحفاظ على المقتنيات المصرية النادرة".

تعتيم على وقائع السرقة

بلهجة لا تخلو من الدهشة والتعجب، يرى عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة الدكتور عبدالرحيم ريحان أننا اعتدنا على كشف أي كوارث بالآثار من طريق "السوشيال ميديا"، وبعد التحقق من صحة الخبر تقوم الوزارة بإصدار بيان رسمي بأن الموضوع أمام النيابة وجهات التحقيق، متسائلاً "أين المسؤولون منذ عام 2019، وكيف يجري تحويل مقبرة أثرية إلى مخزن لم يتم فتحه وجرده منذ ستة أعوام في ظروف جوية متقلبة ربما تؤدي إلى تلف الآثار؟"، علاوة على خطر سرقة هذه الآثار وقد حدثت تعديات على مقبرة "مريروكا" منذ أشهر وقد أوصت النيابة العامة بتركيب كاميرات مراقبة تزامناً مع وقوع عمليات تشويه المقبرة، لكنه لم يجرِ تركيب سوى كاميرتين بالمنطقة، وهما غير موصلتين بنظام التسجيل، مردفاً "ألم تكن هذه الوقائع جرس إنذار لجرد كل المخازن بسقارة؟".

يرى ريحان، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، أن كلمة "الجرد" أصبحت تقع كالصاعقة على البعض لعلمهم بأن هناك قطعاً مسروقة بالفعل وضع مكانها قطع مقلدة وأن الجرد سيكشف عن كوارث، وفي هذه الحادثة فإن البعثة الإنجليزية هي من اكتشفت السرقة من أن هناك لوحة جرى قصها بواسطة منشار وكانت البعثة تعد نشراً علمياً للمنطقة وأبلغت اللجنة الدائمة للآثار وإدارة المنطقة في مايو (أيار) الماضي وبالطبع جرى التعتيم على الخبر ولم تبدأ لجنة من المجلس الأعلى للآثار في جرد محتويات مقبرة "خنتي كا" بمنطقة سقارة الأثرية إلا بعد تداول أنباء عن اختفائها.

وفي تقدير عضو لجنة التاريخ والآثار فإن استمرار هذه السرقات والتعديات يستلزم توجيه الشكر للمعنيين بالقطاع الأثري على كل ما بذلوه من مجهودات خلال توليهم المنصب وإحداث تغييرات جذرية بفصل الآثار عن السياحة وتغيير قيادات الآثار.

القيمة التاريخية لـ"خنتي كا"

وعن القيمة التاريخية لمقبرة "خنتي كا"، يقول "ريحان"، إنها من المقابر المهمة التي تعود إلى عصر الأسرة الخامسة (حوالى 2500 – 2350 قبل الميلاد) وهو العصر الذهبي لبناء المعابد الشمسية والمقابر المزخرفة بالنقوش البديعة وكان صاحب المقبرة يشغل مناصب رفيعة أبرزها "كاهن المعبودة ماعت" و"المشرف على القصر الملكي"، مما يعكس مكانته الدينية والإدارية في البلاط الملكي، وتقع مقبرته ضمن مجموعة مقابر كبار رجال الدولة قرب الهرم المدرج للملك زوسر وتتميز المقبرة بنقوشها التي تجسد مشاهد من الحياة اليومية في مصر القديمة من الزراعة والصيد وصناعة الخمر وصولاً إلى طقوس تقديم القرابين مما يجعلها مرجعاً فنياً وتاريخياً لفهم تفاصيل الحياة في ذلك العصر.

وعن أهمية سقارة، يشير "ريحان" إلى أن ممفيس ومقبرتها سُجلت تراث عالمي استثنائي باليونسكو عام 1979 لعدة معايير باعتبارها تقف شاهداً فريداً على معتقدات خاصة بالعمارة الجنائزية في عهد مصر القديمة واستثنائياً على حضارة المصريين القدماء ككل، واقترنت المنطقة بأحداث كثيرة على مدار تتويج الملوك بممفيس، واحتلت أهمية استثنائية لأول حضارة عرفت على وجه الأرض، لأن ممفيس عاصمة مصر من 2700 إلى 2150 قبل الميلاد، ولعبت دوراً بارزاً في تاريخها حتى العصر الروماني حتى إن تتويج الإسكندر تم في ممفيس، وتمثل هذه المنطقة عاصمة مصر القديمة في بداية التاريخ المصري، حيث اتخذها الملك مينا "نعرمر" عاصمة لمصر، وكانت تسمى الجدار الأبيض ثم منف في ما بعد، واستمرت أهميتها الدينية والتاريخية والإستراتيجية طوال عصر مصر القديمة، وقد خرج منها تمثال رمسيس الثاني الذي كان موجوداً بميدان رمسيس وتم نقله إلى المتحف المصري الكبير، وتضم المنطقة معبد الإله بتاح ومعبد التحنيط ومعبد الإلهة حاتحور ومتحف تمثال رمسيس الثاني الضخم ومتحف إيمحتب.

استخدام المقابر الأثرية مخازن أمر مرفوض

في السياق ذاته، يرى متخصص الآثار ورئيس الإدارة المركزية لآثار القاهرة والجيزة السابق الدكتور منصور بريك، ضرورة عدم استخدام المقابر الأثرية كمخازن مطلقاً ونقل ما فيها إلى المخازن المتحفية فوراً.

وعن إمكانية إنشاء مخزن ضخم لضم كافة المقتنيات الأثرية المصرية، يقول "بريك" إن فكرة إنشاء مخزن يضم المقتنيات الأثرية فكرة جيدة ولكن من الأجدى أن يتم إنشاء مخزن مجمع في كل منطقة مركزية، مثل "الهرم" و"سقارة" على سبيل المثال، مردفاً "آثار مصر لا يكفيها مخزن واحد فقط، لأن هناك مقتنيات أثرية على مر العصور والأزمنة، فهناك آثار ما قبل التاريخ، مروراً بالآثار المصرية القديمة، والعصر اليوناني الروماني والقبطي والإسلامي، وعصر النهضة، لذلك يصعب وضع تراث البلد بأكمله في مكان واحد".

وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تطرق خلال أبريل (نيسان) 2021 لجهود مصر في حماية الآثار، موضحاً أن الدولة تنتهج مساراً متزناً ما بين التنمية والتطوير، والحفاظ على قيمة وسلامة المواقع الأثرية الفريدة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير