ملخص
وضع دونالد ترمب الفضاء الأميركي في مشكلة كبيرة بالفعل لكن مواقع علمية وإخبارية وهيئات غير مؤيدة لهذه القرارات بالغت في تقدير الضرر الناتج منها.
يشبه علماء فلك أميركيون قرارات الرئيس دونالد ترمب وقف كثير من مهمات "ناسا" في مجال الفضاء بشكل سريع في الآونة الأخيرة باصطدام سيارة مسرعة في شجرة بشكل مفاجئ. لكن، ومن وجهة نظر ثانية ولأسباب عدة، هولت الصحافة العالمية وبعض المجلات العلمية من حجم مهمات "ناسا" التي أصبحت في خطر تحت إدارة ترمب الثانية.
وفي وقت سابق من هذا العام، اقترحت إدارة ترمب إلغاء أكثر من 40 مهمة لناسا، بما في ذلك 14 مهمة في الأقل لعلوم الأرض، غير أن اقتراحات الرئيس الجمهوري لم تُعرض بدقة كافية في أروقة الصحافة العالمية وفي مختلف صفحات المجلات العلمية. فما هي أهم مهمات "ناسا" التي تأكد أنها في خطر حقاً في ظل الإدارة الأميركية الحالية؟
مشاريع حالمة
أخيراً، وجد كثير من علماء وكالة الفضاء الحكومية الأميركية "ناسا" أنفسهم وأبحاثهم التي قضوا عقوداً في العمل عليها، مهددين بخطر إيقاف التمويل، وشطبهم من موازنة الفضاء الأميركي، وذلك في ظل ولاية ترمب الثانية.
ويرى هؤلاء العلماء أن التزام ترمب بتمويل ورعاية مشاريع "حالمة" بخاصة في مجالات حيوية مثل الفضاء الذي يعبر عن "فخر الأميركيين" بحضارتهم، قد لا يكون كافياً بالنسبة لهم. والمطلوب أيضاً هو عدم وقف الإنفاق بـ"بذخ"، ومن دون حدود على الفضاء، لأنه مجال بحث علمي شيق للغاية، ولذلك هو بحاجة ماسة إلى كثير من الوقت ليؤتي أكله.
الإنجاز الاقتصادي
لكن الرئيس الأميركي وغيره من زعماء العالم ورجال الأعمال شغوفون أكثر بالإنجاز المادي والاقتصادي السريع والمباشر، ولا يملكون صبر ومثابرة العلماء. وبناء عليه أوقف ترمب مطلع هذا العام عشرات من مهمات "ناسا" العلمية المرتقبة بـ"دم بارد"، وهو ما وصف بكونه مشكلة كبيرة للغاية بالنسبة للفضاء الحكومي الأميركي في الوقت الراهن وفي المستقبل القريب وعلى المدى البعيد أيضاً.
وكما أسلفنا هناك 40 مهمة عامة، بما في ذلك 14 مهمة في الأقل خاصة بعلوم الأرض جاءت مباشرة في مرمى نيران إدارة ترمب الثانية. وأكثر هذه المهمات الأربعين هي مهمات لأقمار اصطناعية "شبه خاملة" أو في نهاية عملها، ولكن هناك أقماراً اصطناعية عاملة وفاعلة حالياً شملتها تلك القرارات، بينما هناك جزء منها كان مقرراً تشغيله مستقبلاً.
مشكلة كبيرة
ووفق مقالة لجيسيكا ماكنزي وهي محررة علمية، نُشرت أعمالها في "نيويورك تايمز" و"ناشيونال جيوغرافيك" وغيرها من المجلات العالمية، وحازت جوائز أو إشادات شرفية من جمعية التحرير والكتابة الصحافية المميزة، فإن نُخبة من علماء "ناسا" أكدوا لها أن "فقدان الجيل المقبل من الأقمار الاصطناعية والأجهزة الفضائية، إضافة إلى جزء من الجيل الحالي، سيكون مشكلة كبيرة للغاية".
صدور التعليمات
في السياق ذاته أكدت وسائل إعلام مطلعة أن هناك تأكيدات بصدور تعليمات للقيام بالأعمال التحضيرية لإنهاء برامج الأقمار الاصطناعية والأجهزة، وجهّت فعلاً إلى موظفي الوكالة. ووفقاً لديفيد كريسب العضو السابق في فريق تطوير أقمار (أو سي أو) الاصطناعية، فإن إيقاف عدد من الأقمار الاصطناعية الأميركية الفاعلة بعد إنفاق مليارات الدولارات على بنائها واقتنائها، وبعد أن أصبحت كلفة تشغيلها زهيدة للغاية، هو أشبه بشراء سيارة جديدة ثم صدمها بشجرة بعد بضع أعوام، فقط لتوفير ثمن تغيير خزان الوقود.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفقاً لهذه النظرية التي تنتقد سلوك الرئيس ترمب المتهور مع علماء الفضاء، فإن كثيراً من الأقمار الاصطناعية المُقرر إيقاف تشغيلها، لا تزال في أوج عطائها، وسيكون إيقاف تشغيلها إهداراً هائلاً للموارد، إضافة إلى أنه يحد بشدة من قدرة العلماء على فهم الكوكب.
شكوى علماء آخرين
أما غريتشن كيبل-أليكس وهي عالمة المناخ في جامعة ميشيغان، والتي تستخدم بيانات من (أو سي أو 2) و(أو سي أو 3) في أبحاثها والتي جاءت آراؤها في السياق الذي ينتقد قرارات ترمب ذاته فقالت "في الماضي، عندما لم يرغب السياسيون في الالتزام بالعمل المناخي، كانوا في الأقل يعترفون بإمكانية دراسة نظام المناخ، ويبدو أن كليهما مهدد الآن، أليس كذلك؟".
ولتوخي الدقة بقدر المستطاع في هذا المبحث العلمي الحساس، أوردت مجلات علمية أميركية القائمة الكاملة للأقمار الاصطناعية والأدوات التي شملتها قرارات إيقاف التشغيل. وتشمل أولاً قائمة الأقمار النشطة والعاملة بدرجات متفاوتة حتى هذه اللحظة وهذه الأقمار هي:
أولاً (تيرا)، وهو قمر اصطناعي أُطلق عام 1999 لجمع بيانات عن الغلاف الجوي للأرض والمحيطات واليابسة والثلوج والجليد، وتشمل مهامه أيضاً موازنة الطاقة.
ثانياً (أورا) وهو قمر اصطناعي أُطلق عام 2004 لقياس الأوزون والهباء الجوي والغازات النزرة الأخرى في الغلاف الجوي.
ثالثاً (أكوا)، وهو قمر اصطناعي أُطلق عام 2002 لجمع معلومات عن دورة المياه العالمية ومرصد الكربون المداري (OCO-2) (أو سي أو 2) و(أو سي أو 3). وهذا ليس قمراً اصطناعياً تقنياً، بل أداة مُثبتة على محطة الفضاء.
أدوات أخرى
هناك أيضاً أدوات أخرى في مرمى نيران الإدارة مثل (أس أي جي إي 3) ونظام الملاحة العالمي للأقمار الاصطناعية للأعاصير (سيغنس) وهو عبارة عن ثمانية أقمار اصطناعية صغيرة تقيس سرعة الرياح فوق المحيطات، ويستخدمها العلماء لدراسة الأعاصير والتنبؤ بها. إضافة إلى مرصد مناخ الفضاء العميق (ديسكفر) وهو مشروع مشترك بين الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (نوا) و(ناسا). وجميعها هي المهام النشطة أو العاملة التي سوف تُستبعد من قِبل إدارة ترمب.
إيقاف تطوير الجيل المقبل
لكن اقتراح الموازنة يوصي أيضاً بإيقاف تطوير الجيل المقبل من الأقمار الاصطناعية والأجهزة الفضائية المخصصة لعلوم الأرض، بما في ذلك قمر (أي أو أس ستورم) الذي سيجمع معلومات عن هطول الأمطار، وحركات الهواء العمودية، والسحب الرقيقة، والهباء الجوي.
وكذلك قمر (أي أو أس سكاي) الذي يُمكنه رصد تفاعلات الهباء الجوي والسحب وهطول الأمطار، وديناميكيات العواصف، ودورات الطاقة والمياه. إضافة إلى مقياس إشعاع السحب الجليدية دون المليمترية المستقطبة أو (بولسير) والذي سيرصد السحب الجليدية عالية الارتفاع.
وأخيراً قمر (إنكوس) وهي مهمة من المقرر إطلاقها في عام 2027، حيث ستستخدم ثلاثة أقمار اصطناعية صغيرة لدراسة سبب حدوث أنواع معينة من العواصف والهطول المطري الغزير.