Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما حجم خطر المسيرات على الطائرات المدنية؟

اتخذ صانعو السياسات والأجهزة الأمنية حول العالم خطوات لإيصال رسائل قوية مفادها أن تشغيلها في هذه المساحة قد يؤدي إلى عقوبات مالية واتهامات جنائية، وحتى السجن

تشكل الطائرات من دون طيار خطر الاصطدام بالطائرات المدنية خصوصاً أثناء الإقلاع أو الهبوط (أ ف ب)

ملخص

كثيراً ما لعب الرادار دوراً في كشف الطائرات من دون طيار، ولكن في بيئة المطارات قد يعطي الرادار نتائج إيجابية خاطئة نتيجة لعدم قدرته على التمييز بوضوح بين الطائرة من دون طيار والأجسام الطائرة الأخرى مثل الطيور.

خطفت ألمانيا الأضواء خلال اليومين الماضيين، وذلك بعدما أغلقت سلطاتها مطار ميونيخ لليلتين متتاليتين بعيد رصد طائرات من دون طيار في مجالها الجوي، إذ جرى تحويل مسار 23 رحلة مقبلة وإلغاء 12 رحلة متجهة إلى ميونيخ.

ويحدث ذلك بعدما اضطرت مطارات في الدنمارك والنرويج خلال الأيام الأخيرة إلى الإغلاق بعد ورود تقارير عن وجود طائرات من دون طيار في مجالها الجوي، وتعد هذه الحوادث جزءاً مما يراه بعض المسؤولين الأوروبيين نمطاً من التشويش الروسي، والذي كشف عن هشاشة المجال الجوي الأوروبي في ظل التوترات الشديدة بين موسكو وحلف شمال الأطلسي (الناتو).

والحال أن هذه الحوادث طرحت إلى العلن تساؤلات عن الخطر الذي تشكله الطائرات من دون طيار على المطارات وحركة الطيران الجوية، ولماذا تلجأ المطارات إلى الإغلاق عند رصد هذه الطائرات.

ماذا حدث؟

إضافة إلى ما حصل داخل مدينة ميونيخ الألمانية، أغلق مطار آلبورغ المدني - العسكري في الدنمارك لليلتين متتاليتين الأسبوع الماضي، وتوقفت الطائرات عن الإقلاع، وذلك بعدما صرحت الشرطة الدنماركية بأن الطائرات من دون طيار اتبعت نمطاً مشابهاً لتلك التي تسببت في إغلاق مطار كوبنهاغن قبلها بأيام قليلة.

وأضافت الشرطة الدنماركية أنه جرى رصد طائرات من دون طيار قرب مطارات في مدن إسبيرغ وسوندربورغ وسكريدستروب، حيث يتمركز أسطول الدنمارك من طائرات "أف-16" و"أف-35" المقاتلة.

وفي النرويج، اضطرت السلطات إلى إيقاف الرحلات الجوية داخل مطار أوسلو لمدة ثلاث ساعات الإثنين الماضي بعد رصد طائرة من دون طيار، ويأتي هذا بعد ورود تقارير عن اختراق طائرات روسية من دون طيار للمجال الجوي لبولندا ورومانيا، مما دفع إلى إجراء محادثات في شأن المادة الرابعة داخل حلف شمال الأطلسي.

وتسببت سلسلة من مشاهدات الطائرات من دون طيار في تعطيل المطارات بصورة متكررة منذ عام 2018، فخلال ديسمبر (كانون الأول) من العام ذاته اضطر مطار "جاتويك" ثاني أكثر مطارات المملكة المتحدة ازدحاماً إلى إغلاق مدرجه لما يقارب 30 ساعة، بعد رصد أكثر من 100 طائرة من دون طيار على مدار ثلاثة أيام.

وبالمثل، أجبرت مشاهدات الطائرات من دون طيار المسؤولين الأميركيين العام الماضي على إغلاق قاعدة "رايت باترسون الجوية" قرب دايتون، أوهايو، لمدة أربع ساعات تقريباً.

لماذا يعد الأمر خطراً؟

عندما تحلق الطائرات من دون طيار فوق المطارات فإنها تشكل خطر الاصطدام بالطائرات المدنية، خصوصاً أثناء الإقلاع أو الهبوط. وخلال عام 2018، نشر باحثون في معهد بحوث جامعة "دايتون" الأميركية لقطات فيديو لما يمكن أن يحدث عندما تصطدم طائرة من دون طيار صغيرة بجناح طائرة، وقام الفريق بمحاكاة اصطدام بين طائرة من دون طيار وطائرة صغيرة من طراز "موني أم 20" بسرعة 350 كيلومتراً في الساعة، وأظهرت اللقطات الطائرة من دون طيار وهي تحدث ثقباً في الجناح وتلحق أضراراً بعارضة الطائرة.

وقبل أعوام عدة، اصطدمت طائرة من دون طيار بمقدمة طائرة مدنية في مطار "تيخوانا الدولي" بالمكسيك، مما تسبب في تلف معدات الراديو والاتصالات داخل مقدمتها. وعلى رغم أن الطائرة المدنية هبطت بسلام من دون أية إصابات تذكر بين الركاب، فإن هذه الحادثة أثارت جدلاً واسعاً حول أضرار الطائرات من دون طيار على المطارات، لا سيما أن تقنيات مثل الراديو والاتصالات بالغة الأهمية لهبوط الطائرات بأمان.

وأظهرت دراسة معمقة لكلية الهندسة والعلوم التطبيقية في جامعة "بافالو" الأميركية، اختبرت تأثير اصطدام الطائرات من دون طيار في الطائرات المدنية باستخدام المحاكاة الحاسوبية، أن طائرة من دون طيار رباعية المراوح صغيرة الحجم يمكنها تمزيق شيفرات مروحة محرك "توربوفان" في أقل من جزء من 200 من الثانية، وأن شظايا الطائرة من دون طيار تنتقل بعد الاصطدام بسرعات عالية، مما يؤدي إلى انتشار الضرر من طريق التمزق داخل المحرك النفاث.

وأجرت هيئة الطيران الفيدرالية الأميركية دراسة حول تأثير اصطدام الطائرات من دون طيار في الطائرات المدنية، لاختبار ما إذا كانت أكثر ضرراً من اصطدام الطيور، وأجريت الاختبارات على مدار 14 شهراً، وتناولت 140 سيناريو، بما في ذلك خطر نشوب حريق في البطارية بعد الاصطدام، وخلصت الدراسة إلى أن الزجاج الأمامي للطائرات المدنية هو الأكثر عرضة لاصطدامات الطائرات من دون طيار، وأن منع الاصطدامات يشكل عاملاً حاسماً لضمان السلامة العامة.

هل يجب إغلاق المطارات تماماً؟

ليس من الضروري إغلاق المطارات تماماً عند رصد طائرة من دون طيار، ولكن من المعتاد إيقاف حركة الطيران داخل وخارج المطار لتجنب الاصطدامات.

ويؤثر هذا الأمر سلباً في المسافرين، إذ يتسبب في تأخير الرحلات وتحويلها إلى وجهات أخرى، فيما يقرر مالك أو مشغل المطار ما إذا كان سيغلق المنشأة ومدة توقف الطائرات.

وكما سبق وأشرنا، تشكل الطائرات من دون طيار خطراً كبيراً للاصطدام بالطائرات المدنية، خصوصاً خلال أكثر مراحل الطيران ضعفاً، أي الإقلاع والهبوط، عندما تكون الطائرات المدنية منخفضة وبطيئة. ويمكن أن يسبب الاصطدام أضراراً جسيمة، بما في ذلك الأضرار الهيكلية أو تلف هيكل الطائرة، لذا تفضل السلطات عادة إغلاق المطارات عند رصد أية طائرة من دون طيار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كيف تتعامل المطارات مع هذا الخطر؟

اتخذ صانعو السياسات والجهات التنظيمية والأجهزة الأمنية ومشغلو المطارات حول العالم خطوات لإيصال رسائل قوية مفادها أن تشغيل طائرات من دون طيار غير مرخصة قرب المطارات أمر غير قانوني، وقد يؤدي إلى عقوبات مالية واتهامات جنائية، وحتى السجن. وهناك تقنيات متعددة يمكن استخدامها لمنع اصطدام الطائرات من دون طيار بالطائرات المدنية، ولكن ما يجب مراعاته في ما يتعلق بالمطارات هو أنها بيئة حساسة للغاية مقارنة بالبيئة التي نشأت منها تقنيات مكافحة الطائرات من دون طيار التقليدية، أي ساحة المعركة العسكرية.

دفعت الأخطار المرتبطة بالطائرات من دون طيار مطارات عدة إلى البدء في تقييم خيارات تقنيات مكافحة الطائرات من دون طيار الفعالة والمتخصصة، والتي تناسب بيئات المطار الفريدة والحساسة. ومع ذلك، فقد ثبت أن تحقيق المستويات المطلوبة من سلامة المجال الجوي في ظل تزايد نشاط هذه الطائرات يمثل تحدياً كبيراً، لأن إجراءات مكافحة التقنيات العسكرية التقليدية تسبب مشكلات خطرة في بيئة المطارات المدنية.

وكثيراً ما لعب الرادار دوراً في كشف الطائرات من دون طيار، ولكن في بيئة المطارات قد يعطي الرادار نتائج إيجابية خاطئة نتيجة لعدم قدرته على التمييز بوضوح بين الطائرة من دون طيار والأجسام الطائرة الأخرى مثل الطيور.

وإلى جانب الطرق التقليدية في إسقاط الطائرات من دون طيار، تختبر إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية حالياً استخدام إشارات الراديو لتشويش الطائرات من دون طيار أو إجبارها على الهبوط قرب المطارات، وتدرس ما إذا كانت ستنشر موجات ميكرو-ويف عالية الطاقة أو أشعة ليزر لتعطيلها.

وتدرس دول عدة فكرة إنشاء نظام مشابه لكاميرات السرعة على الطرق، قادر على التقاط رمز الاستجابة للطائرة من دون طيار وإرسال مخالفة إلى طياريها عبر البريد، والنظر في لوائح تلزم جميع المصنعين ببرمجة وحدة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في الطائرات من دون طيار لمنعها من التحليق قرب المطارات والمناطق الحساسة الأخرى، وهي طريقة تسمى "السياج الجغرافي".

وعلى عكس عدد من تقنيات مكافحة الطائرات من دون طيار القديمة، يكتشف الجيل الجديد من الكشف السيبراني باستخدام الترددات الراديوية ويتتبع كلاً من الطائرات من دون طيار المرخصة وتهديدات المارقة منها، مما يوفر وعياً ظرفياً إلى جانب مجموعة غنية من القدرات، بما في ذلك التتبع الدقيق لموقع الطائرة من دون طيار وموقعها الأصلي وموقع مشغلها. ويفهم نظام الكشف السيبراني المعرفات الفريدة لكل طائرة من دون طيار، وبمجرد تصنيف الطائرة على أنها "مرخصة"، يسمح لها بالتحليق من دون إزعاج في مناطق محددة. وتضمن القدرة على التمييز بين الطائرات المرخصة وغير المرخصة استمرارية عمل الطائرات من دون طيار التي تؤدي وظائف أساس في المطارات.

المزيد من تقارير