ملخص
الأزمة البحرية الحالية تكشف هشاشة قطاع النقل البحري في مواجهة التوترات الجيوسياسية والعقوبات الدولية الطويلة الأمد
تنتبه سلطات المرافئ في فرنسا إلى وضع سفينتين روسيتين ضخمتين عالقتين في مرفأي سان مالو (شمال) ومرسيليا (جنوب شرقي) بفعل العقوبات الأوروبية على موسكو وتراكم الديون عليهما منذ عام 2022.
والسفينتان المعنيتان هما سفينتا شحن متشابهتان طولهما 141 متراً جرى بناؤهما عام 2021 وهما قادرتان على نقل أكثر من 11 ألف متر مكعب من البضائع.
ولم تغادر "فلاديمير لاتيشيف" و"فيكتور أندريوخين" مرفأي سان مالو ومارسيليا منذ فبراير (شباط) ومارس (آذار) 2022 على التوالي، بعدما أمرت الجمارك الفرنسية بـ"تجميدهما" في سياق العقوبات المفروضة على موسكو على خلفية الحرب الروسية على أوكرانيا.
ويتناوب بحارة روس كل خمسة إلى سبعة أشهر لضمان صيانتهما.
وأوضح نائب رئيس منطقة بريتانيه مالكة مرفأ سان مالو، ستيفان بيران، "الجديد أن المالك لم يعد يريد الإيفاء بالتزاماته".
وتوقفت شركة "ألفا أل أل سي" الروسية المالكة للسفينتين عن تسديد نفقات الوقود والكهرباء وبدلات الميناء والمواد الغذائية للبحارة.
ولم ترد الشركة على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية بهذا الصدد.
وفي سان مالو، وصلت الكلفة المترتبة على شركة "تيماك أغرو" المصنعة للأسمدة التي كانت تتكفل بنفقات السفينة "فلاديمير لاتيشيف"، إلى 200 ألف يورو (234.85 ألف دولار) منذ مطلع العام، بحسب بيران.
واكتفت الشركة بالتوضيح أنها كلفت "السلطات المعنية" بمتابعة المسألة "بعدما أمنت حاجات الطاقم الآنية".
بيع بالمزاد العلني
باشرت الشركة التي تتخذ مقراً لها في سان مالو آلية حجز تحفظي للسفينة، وفق محضر اطلعت عليه وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي مرسيليا، قد تلقى السفينة "فيكتور أندريوخين" المصير ذاته، وأوضح المدير المالي لشركة "آي أف سي سي" للشحن البحري التي كانت تتولى تسديد نفقات السفينة حتى مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، دافيد لوبيك، "إذا تحتم بيع السفينة في المزاد العلني، فسوف نتحرك لاسترداد أموالنا".
وأوضح لوبيك أن المالك الروسي "يدين لنا بـ450 ألف يورو (528.41 ألف دولار)، وهذا يعرض الشركة للخطر"، مشيراً إلى أنه اضطر إلى التخلي عن السفينة "لإنقاذ" موظفيه الخمسة.
ولخص الوضع بالقول "وجدنا أنفسنا في مأزق، عالقين بين أجهزة الدولة والمصارف وروسيا، وهذا ابتلع أموالنا بالكامل"، مقدراً قيمة كل من السفينتين بما بين "15 و20 مليون يورو (17.61 و 23.48 مليون دولار(".
وما يزيد الوضع خطورة أن السفينتين لم تعودا مؤمنتين، بحسب رسالة إلكترونية من إدارة "ألفا أل أل سي"، ويفيد فيها المالك برفض شركات التأمين تغطية السفينتين بسبب آلية التجميد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت المفتشة في الاتحاد الدولي للنقل لور تالونو إنه "في حال حصول حادثة عمل أو مرض، ليس هناك آلية تتكفل بالبحارة، وفي حال الوفاة، لا تعويضات".
ولفتت إلى أن "البحارة لا يريدون إعادتهم إلى بلادهم طالما أنهم يتقاضون رواتبهم، لكنهم لا يدركون مدى خطورة غياب التأمين".
من جهة أخرى، ذكرت أن الإمدادات الغذائية لطاقم السفينة في سان مالو مؤمنة حتى الـ20 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري فقط وقد ينفد الوقود قريباً.
وضع خطر
حذر بيران من أن "الوقت حان للتحرك"، داعياً الدولة إلى "تحمل مسؤولياتها... نحن اليوم في وضع حرج، المرحلة الأخيرة، هي التخلي ببساطة عن السفينة، وسيكون هذا وضعاً خطراً، يتحتم علينا بأي ثمن الخروج من هذا الوضع سريعاً".
وامتنعت منطقة إيل إيه فيلان عن التعليق رداً على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية.
من جهتها، أعلنت وزارة الاقتصاد والمالية "لا علم لدينا في الوقت الحاضر بوضع تخل وشيك عن السفينة".
وفي مرسيليا، قرر المرفأ مواصلة "الإمداد بالتيار لأسباب إنسانية ولدواعي السلامة في آن"، وفق ما أوضح مساعد مدير إدارة منطقة البحر المتوسط ستيفان بيرون.
وأوضح أن "وضع الطاقم مقبول عموماً، الرواتب لا تزال تُدفع وينفذ المالك مناوبات الطواقم".
وأضاف "إذا ما تدهور وضع البحارة، فقد نطلب إذا اقتضت الحاجة تمويلاً طارئاً... للسماح بشراء الأغدية والمواد الأساسية، وصولاً إلى إعادة" الطاقم إلى البلاد.