Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السودان يعلن الاستنفار بمواجهة الفيضانات وجدل حول دور سد النهضة

مقتل 16 مدنياً بقصف في الفاشر ودعوة أممية إلى إجراءات عاجلة لتجنب وقوع "فظائع"

سودانيون ينقلون أمتعتهم على متن قارب بسبب انتشار مياه الفيضانات في بلدة ود رملي، شمال الخرطوم، في ض أكتوبر الحالي (أ ف ب)

ملخص

فاقمت مياه الفيضانات التي اجتاحت مناطق واسعة في السودان متاعب البلد الذي يعاني حرباً أهلية مستمرة، بينما توجهت أصابع الاتهام إلى سد النهضة الإثيوبي بالتسبب بالضرر.

دعت الأمم المتحدة اليوم الخميس إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع وقوع "فظائع وهجمات واسعة النطاق على أساس إتني" في مدينة الفاشر المحاصرة في غرب السودان.

وقال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك إن "الفظائع يمكن تجنبها إذا اتخذت جميع الأطراف إجراءات ملموسة لاحترام القانون الدولي والمطالبة باحترام حياة المدنيين وممتلكاتهم ومنع الاستمرار في ارتكاب الجرائم الفظيعة".

ميدانياً كثف الطيران الحربي للجيش السوداني، أمس الأربعاء، غاراته الجوية على مواقع ومناطق سيطرة "الدعم السريع" في محوري دارفور وكردفان، ووجهت المقاتلات الحربية سلسلة ضربات لتلك المواقع في مدينة نيالا بجنوب دارفور وعلى تخوم الفاشر بشمال الإقليم، إلى جانب غارات أخرى على غرب وجنوب كردفان.

استهداف نيالا

أكدت مصادر ميدانية أن ضربات جوية ساحقة شنتها مقاتلات الجيش أمس استهدفت مطار مدينة نيالا، عاصمة حكومة "تأسيس" (الموازية)، دُمرت خلالها مخازن للسلاح والمسيرات والذخيرة ومنصات مدفعية ومعسكرات للتدريب بمنطقتي دوماية وثلوج، غرب وجنوب غربي المدينة، خلفت مئات القتلى والمصابين من المستنفَرين، إلى جانب خسائر مادية كبيرة في العتاد والمعدات.

وأعلنت الفرقة السادسة مشاة بالفاشر تدمير الطيران الحربي بشمال دارفور منظومة للتشويش ومنصة إطلاق مدفعي بكامل طواقمها في منطقة شنقل طوباي جنوب المدينة كانت قادمة من جهة نيالا.

في الأثناء تعرضت الفاشر عاصمة شمال دارفور أمس لقصف مدفعي مكثف من قبل "الدعم السريع" أدى إلى مقتل عشرات المدنيين وجرح وإصابة آخرين.

وأكد بيان لشبكة أطباء السودان مقتل 16 مدنياً في قصف مدفعي جديد شنته ميليشيات "الدعم السريع" على المدينة، بينهم ثلاث نساء، إلى جانب 21 مصاباً بينهم خمسة أطفال.

وصفت الشبكة الحادثة بأنها "جريمة مروعة تحدث أمام أنظار العالم، وسط صمت دولي مخزٍ وتواطؤ مفضوح"، مطالبة "بتحرك دولي وأممي عاجل وفاعل يوقف آلة القتل ويفرض ممرات إنسانية آمنة، ويضع حداً لاستهداف المستشفيات والأسواق والنساء والأطفال".

كما أفاد تعميم لتنسيقية لجان مقاومة الفاشر بأن مسيّرة تابعة للميليشيات استهدفت أمس تجمعاً للمواطنين في حي الدرجة الأولى بالمدينة، تسبب أيضاً بمقتل وجرح عدد من المواطنين.

إحباط تسلل

من جانبها أعلنت الفرقة السادسة أمس عن إحباطها محاولة تسلل قناصة إلى بعض الأحياء بغرض التموضع في المباني العالية داخل المدينة، ونجحت في قتل عدد منهم في مكمن محكم تم نصبه لهم.

وأشار بيان للفرقة إلى أن "الميليشيات حاولت إخلاء جثث القتلى الأجانب تحت غطاء من القصف المدفعي الكثيف، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل بفضل عزيمة القوات وإجراءاتها الأمنية المحكمة".

وكان سلاح الطيران التابع للجيش نجح قبل ثلاثة أيام في تنفيذ عمليات إسقاط جوي لإمدادات للفرقة السادسة مشاة للجيش بالفاشر، للمرة الأولى منذ ما يقارب ستة أشهر.

ولاحظ مراقبون عسكريون تحولاً ملموساً في عمليات الجيش الحربية بالفاشر من الدفاع إلى الهجوم في أعقاب عملية الإنزال الأخيرة التي مكنت قواته وحلفاءه من استعادة زمام المبادرة، والتصدي لتوغلات "الدعم السريع" الهادفة للوصول إلى الدفاعات الرئيسة لمقر رئاسة الفرقة السادسة مشاة.

وعزا مراقبون تمكن الجيش من التحليق في سماء الفاشر بعد غياب كل تلك الفترة الطويلة، إلى نجاح مقاتلاته ومسيراته في تحييد المنصات والمضادات الأرضية التي كانت "الدعم السريع" تنصبها في محيط المدينة وأسقطت بها طائرة شحن عسكرية في أبريل (نيسان) الماضي.

في المقابل أكدت قوات "الدعم السريع" استمرار عملياتها الحربية وتقدمها المطرد نحو قيادة الفرقة السادسة، وبثت مقاطع فيديو على منصاتها في وسائل التواصل الاجتماعي، تشير إلى تمكن قواتها من السيطرة على عدد من نقاط ارتكاز الجيش والاستيلاء على مخازن للذخيرة والمسيرات تابعة له في محيط مقر الفرقة السادسة مشاة.

وفي خضم المأساة الإنسانية التي تعيشها الفاشر نتيجة الحصار الذي تفرضه عليها "الدعم السريع" منذ عامين تقريباً، وأدى إلى اختفاء السلع وانعدام الخدمات الأساسية وانتشار الجوع، أعلنت المنسقية العامة للنازحين بدارفور، عن ارتفاع الحالات التراكمية لوباء لكوليرا بالإقليم إلى 13426 إصابة وقفزت الوفيات إلى 569 وفاة، بينما يتواصل تفشي الوباء مسجلاً 212 إصابة و12 وفاة ليوم أمس.

تعزيزات واستطلاع في كردفان

أما في محور كردفان فتتواصل المناوشات وحشد التعزيزات والعمليات الاستطلاعية من الجانبين بانتظار انتهاء موسم الأمطار واستئناف المعارك، وأشارت مصادر عسكرية إلى أن وحدات الجيش بالمنطقة تعمل على "تجفيف وقطع خطوط وسبل إمداد العدو، تمهيداً للتحرك نحو منطقة جبرة الشيخ بشمال كردفان وفتح الطريق نحو جنوب كردفان لفك الحصار عن مدينتي الدلنج وكادوقلي".
في المحور ذاته شنّ الطيران الحربي للجيش أمس غارات جوية على منطقة "صريف عنكوش" الواقعة بين مدينتي النهود والخوي بغرب كردفان، أسفرت عن تدمير 34 عربة قتالية بكامل عتادها، كما هاجم الطيران معسكراً للتدريب في "جبل سروج" بجنوب كردفان.

وأعلنت المصادر عن نجاح طيران الجيش أمس في تنفيذ عملية إسقاط جوي أخرى شملت إمدادات ومؤناً لقواته بالفرقة 22 بمدينة بابنوسة غرب كردفان التي تحاصرها الميليشيات منذ أشهر.

استنفار بمواجهة الفيضانات

أما في مواجهة خطر الفيضانات التي تضرب البلاد، فأعلنت السلطات السودانية الاستنفار العام وتشكيل غرفة عمليات طارئة تعمل على مدار الساعة للتخفيف من حدة الفيضانات.

وارتفعت مناسيب المياه في نهر النيل والسدود السودانية خلال الأسبوع الماضي، نتيجة الأمطار الغزيرة وتدفق كميات كبيرة من مياه "سد النهضة" الإثيوبي وفق مراقبين، مما أدى إلى تأثر المدن وغمر أراضٍ زراعية واسعة، في ولايات الشريط النيلي (الخرطوم والجزيرة وسنار والنيل الأزرق ونهر النيل والشمالية).

وفي الخرطوم أجلت قوات الدفاع المدني السوداني أكثر من 500 أسرة من بلدة "ود رملي" الواقعة شمال العاصمة بعد اجتياح الفيضانات للمنطقة وغمر المياه لعدد من المنازل والمزارع في ظل تزايد الخطر على المنطقة.

وأكد مدير الدفاع المدني الفريق عثمان عطا نشر نقاط لمراقبة منسوب المياه على طول مجرى النيل والتعامل مع أي طارئ، إلى جانب وجود قوات الإنقاذ النهري للتدخل السريع.

وفي ولاية سنار اجتاحت مياه النيل الأزرق أمس عدداً من القرى شرق العاصمة سنجة، كما تضررت مئات المنازل وغادرت عشرات الأسر مناطق الهشاشة، كما نفقت حيوانات بعدد من القرى.

وأطلقت غرفة الطوارئ بمحلية وادي حلفا بالولاية الشمالية أمس تحذيرات عاجلة لجميع القاطنين على ضفاف النيل بضرورة توخي أقصى درجات الحذر، وإخلاء المناطق المنخفضة التي قد تغمرها المياه، نتيجة ارتفاع منسوب نهر النيل ببحيرة النوبة إلى مستوى أعلى مما كان عليه خلال اليومين الماضيين.

كما شهد إقليم النيل الأزرق ارتفاعاً مفاجئاً في منسوب النيل الأزرق تخطى فيه وارد المياه بخزان الروصيرص حاجز 750 مليون متر مكعب في اليوم الواحد، مما أدى إلى تضرر عدد من المناطق الزراعية والسكنية.

وأكدت إدارة الخزان نجاحها في تقليل الأضرار من خلال عمليات التصريف المُحكمة، متوقعة استقرار المناسيب خلال الأسبوع المقبل بعدما بدأت بالتراجع التدرجي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اتهامات لسد النهضة

ووسط الجدل الدائر حول مدى تسبب "سد النهضة" الإثيوبي في فيضانات السودان العارمة، أوضحت وزارة الزراعة والري السودانية أن اكتمال التخزين في بحيرة سد النهضة الإثيوبي وبدء تصريف المياه منها منذ الـ10 من سبتمبر (أيلول) الماضي، بمتوسط 750 مليون متر مكعب يومياً، أسهما في رفع مناسيب المياه في البلاد بصورة ملحوظة.

ولفت بيان للوزارة إلى أن "التصريفات في موسم الفيضان كانت في السابق تصل إلى قيم أكبر من ذلك، غير أن توقيتها هذه المرة كان له تأثير كبير في الأنماط الهيدروجينية للمناسيب"، وأشار البيان إلى أن "تجاوز معدلات الأمطار على الهضبة الإثيوبية للمتوسط هذا الموسم، تزامن مع زيادة غير مسبوقة منذ عام 2020، في إيراد النيل الأبيض، بنسبة تراوحت بين 60 و100 في المئة أعلى من المتوسط، إلى جانب الارتفاع الملحوظ في وارد نهر عطبرة، وهذه الزيادات كانعكاس للتغيرات المناخية بالمنطقة".

كذلك اتهم وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي "سد النهضة" بالتسبب في الفيضانات الكارثية التي تضرب مناطق مختلفة في السودان، وذلك نتيجة لغياب التنسيق في شأن تشغيل السد وتصرف إثيوبيا بصورة أحادية على رغم التحذيرات المتكررة من دولتي المصب.

في المقابل قال وزير المياه والطاقة الإثيوبي هبتامو إيتيفا، إن السد لعب دوراً في تخفيف حدة الفيضانات التي يشهدها السودان.

ورأى إيتيفا أن وجود السد حال دون وقوع أضرار كارثية في السودان بسبب الفيضانات الأخيرة، وأنه لولا وجوده لكانت العواقب أكثر خطورة، كما أكد مدير "سد النهضة" كيفليو أهورو، إجراء بلاده تنسيقاً مباشراً وتبادلاً للبيانات مع الجانب السوداني، مجدداً التزام بلاده بنشر البيانات اليومية بما يشمل تدفقات المياه الداخلة والخارجة من السد، إضافة إلى بيانات خاصة بجودة المياه.

أشار أوهورو إلى أن كميات المياه التي كانت ستصل إلى السودان تفوق الكميات الحالية بثلاثة أضعاف، غير أن السد أسهم في خفضها، مبيناً أن الأمطار الاستثنائية الغزيرة هذا الموسم دفعت بإدارة السد إلى اتخاذ إجراءات احترازية شملت إغلاق بوابات التصريف.

عودة إدريس

 إلى ذلك استعرض رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ80، والحراك الواسع الذي أجراه وفد الخرطوم في الاجتماعات وعلى هامشها في سبيل فك الحصار عن الفاشر وبقية المدن المحاصرة، وتقديم مطالبات قوية بتصنيف ميليشيات "الدعم السريع" كتنظيم إرهابي والضغط عليها لوقف انتهاكاتها ضد المدنيين، وأوضح إدريس، في مؤتمر صحافي عقب عودته إلى البلاد، أنه لمس خلال مشاركته ولقاءاته وقوف الأمم المتحدة ومؤسساتها إلى جانب السودان، مشيراً إلى أن قبول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، دعوته إلى زيارة البلاد، تأكيد على اهتمام المجتمع الدولي بالسودان وقضاياه الملحة.

مساندة مصرية

إقليمياً جددت جمهورية مصر العربية وقوفها إلى جانب السودان ودعم مؤسساته الوطنية وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية، واستعدادها لتقديم كل صور الدعم للسودان وإعمار ما دمرته الحرب بما يحافظ على مقدرات الشعب السوداني.

وأوضح وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، عقب لقائه برئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان ببورتسودان أمس، أن اللقاء تطرق إلى الجهود المصرية من أجل إنهاء الحرب من خلال مشاركتها في كل الأطر الدولية، بما في ذلك الآلية الرباعية الدولية بغرض التوصل إلى هدنة إنسانية تقود إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية تؤدي إلى توافق سوداني - سوداني.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات