ملخص
أوضح عالم الكواكب فرانك بوتسبرغ المشارك في إعداد الدراسة ضمن بيان أن "الجزيئات التي وجدناها في المادة المقذوفة حديثاً، تثبت أن الجزيئات العضوية المعقدة التي رصدها كاسيني ليست مجرد نتاج التعرض الطويل للفضاء، بل هي موجودة في محيط إنسيلادوس".
يحتوي محيط إنسيلادوس على جزيئات عضوية معقدة، في دليل إضافي على أن هذا القمر الجليدي التابع لكوكب زحل يضم ظروفاً مواتية لوجود حياة خارج كوكب الأرض، وفق ما بينت دراسة نشرت نتائجها مجلة "نيتشر أسترونومي".
هذا القمر الصغير غير المرئي بالعين المجردة عبارة عن كرة بيضاء قطرها 500 كيلومتر فحسب، ويبدو سطحه مخططاً بالندوب ويدور حول زحل، سادس كواكب المجموعة الشمسية.
كثيراً ما اعتقد العلماء أنه بعيد جداً من الشمس، بالتالي شديد البرودة بما يحول دون إمكان إيوائه أشكالاً من الحياة.
لكن الوضع تغير بعدما أثبت المسبار "كاسيني" الذي حلق قربه مرات عدة خلال مهمته إلى زحل وحلقاته بين عامي 2004 و2017، وجود محيط شاسع من المياه المالحة تحت طبقة سميكة من الجليد.
ومذاك، استمرت البيانات التي جمعها المسبار في تقديم أدلة جديدة حول وجود العناصر الضرورية لظهور الحياة، من الأملاح إلى الميثان مروراً بثاني أكسيد الكربون والفوسفور وغيرها.
وفي قطبه الجنوبي، اكتشف "كاسيني" ينابيع حارة تنفجر من الشقوق وتقذف في الهواء جزيئات جليدية أصغر من حبيبات الرمل.
وبعض هذه الحبيبات الجليدية تسقط عائدة إلى سطح القمر، بينما تتسرب أخرى إلى الفضاء لتنضم إلى حلقة حول زحل.
العودة إلى إنسيلادوس
أثناء مروره عبر الحلقة "إي" E وهي الحلقة الخارجية من حلقات زحل، رصد المسبار "كاسيني" باستمرار عينات من إنسيلادوس، وفق ما ذكر المعد الرئيس للدراسة نذير خواجة عالم الكواكب في جامعة برلين الحرة، ضمن بيان صادر عن وكالة الفضاء الأوروبية.
حدد العلماء عدد من الجزيئات العضوية هناك، بما في ذلك سلائف الأحماض الأمينية وهي عناصر أساس للحياة، لكن هذه الجسيمات ربما كانت موجودة في الحلقة لمئات الأعوام، وتغيرت بفعل الإشعاع الكوني المكثف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خلال عام 2008، مر المسبار "كاسيني" مباشرة عبر العمود الجليدي، واصطدمت حبيبات الجليد المقذوفة قبل ذلك ببضع دقائق فقط بجهاز تحليل الغبار الكوني الخاص بالمسبار بسرعة 18 كيلومتراً في الثانية، واحتاج الباحثون أعواماً لتحليلها الكيماوي المتعمق، وهو موضوع الدراسة الجديدة.
وأوضح عالم الكواكب فرانك بوتسبرغ المشارك في إعداد الدراسة، ضمن بيان، أن "الجزيئات التي وجدناها في المادة المقذوفة حديثاً تثبت أن الجزيئات العضوية المعقدة التي رصدها كاسيني ليست مجرد نتاج التعرض الطويل للفضاء، بل هي موجودة في محيط إنسيلادوس".
وقالت عالمة الكيمياء الفلكية كارولين فريسينيه التي لم تشارك في الدراسة لوكالة الصحافة الفرنسية، إن تأكيد وجود هذه الجزيئات التي "لم تكن لدينا أية شكوك جدية في شأنها"، يزيد "عنصراً إضافياً" على المعارف المتوافرة في هذا المجال.
وأكدت الباحثة في مختبر الأجواء والرصد الفضائي (LATMOS) أن هذا يظهر، قبل كل شيء، أنه "بفضل التقنيات الجديدة، كالتعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، أننا أصبحنا قادرين على إجراء تحليلات وتفسيرات جديدة للبيانات القديمة"، وأضافت "لا يزال هناك كثير مما يمكن استخلاصه من بيانات البعثات التي لم تعد موجودة اليوم".
ولتحقيق تحديد "دقيق للغاية" للجزيئات، وفق فريسينيه، "علينا من الناحية المثالية الهبوط حيث توجد السخانات، في القطب الجنوبي، وجمع العينات".
أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية دراسات لمثل هذا المشروع. وتقول الوكالة إن مهمة ستأخذ قياسات مباشرة على سطح القمر، بحثاً عن علامات الحياة، "ستمنح أوروبا مكانة رائدة في استكشاف النظام الشمسي".
وقال خواجة "حتى لو لم نجد حياة على إنسيلادوس فسيكون ذلك اكتشافاً كبيراً، لأنه سيطرح أسئلة جوهرية حول سبب غياب الحياة داخل بيئة تبدو فيها كل الظروف مناسبة".