ملخص
منذ نحو شهرين تكثف "الدعم السريع" هجماتها وقصفها على مدينة الفاشر ما مكنها من تحقيق بعض التقدم وتضييق الخناق بتوغلها داخل أحيائها، بخاصة معسكر أبو شوك للنازحين واقترابها من مقر الفرقة السادسة للجيش. وظلت هذه القوات تحاصر المدينة وتمنع وصول السلع الغذائية والأدوية والمساعدات الإنسانية إليها منذ ما يقارب العامين، ما تسبب في كارثة إنسانية.
نجح سلاح الطيران التابع للجيش في تنفيذ عمليات إسقاط جوي ناجحة لإمدادات من المؤن الغذائية للفرقة السادسة - مشاة بمدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، في وقت عاودت قوات "الدعم السريع" عمليات القصف المدفعي العشوائي مستهدفة أحياء المدنية عقب العملية مباشرة.
وللمرة الأولى منذ ما يقارب ستة أشهر حلق الطيران الحربي للجيش في سماء مدينة الفاشر من دون مقاومة أرضية، مما اعتبره مراقبون نجاح مقاتلات ومسيرات الجيش في إسكات منصات الدفاع الجوي التي كانت تنصبها "الدعم السريع" حول المدينة وفي منطقة جقو جقو شرقها خصوصاً. وأوضحت مصادر عسكرية أن الإمدادات التي تم إسقاطها شملت مواد لوجيستية وكميات من المواد الغذائية والأدوية، وأيضاً أموالاً نقدية، وأفاد بيان لإعلام الفرقة بأن الأخيرة تنتصر براً وجواً مشيراً إلى أن عملية الإسقاط الجوي رفعت من الروح المعنوية لقواتهم في "ميدان الكرامة".
احتفالات وقصف
وعدت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر عودة الطيران الحربي للمدينة بعد غياب طويل، ونجاح الإسقاط الجوي، "أول سطور النصر وفك الحصار"، موضحة أن المواطنين استقبلوا عملية الإسقاط بفرح كبير، وعلت الهتافات داخل الأحياء، إلا أن "الدعم السريع" حاولت قمع احتفالات الناس بشن قصف مدفعي عشوائي على الأحياء المدنية. ووصف المتحدث الرسمي باسم المقاومة الشعبية بولاية شمال دارفور أبو بكر أحمد إمام مشهد الإسقاط الجوي للجيش بأنه ولادة جديدة للأمل في نفوس أهالي الفاشر الذين عانوا من وطأة الحصار والتجويع، مضيفاً "مجرد سماع صوت الطائرة كان رسالة واضحة بأن الحصار لم يعد مطلقاً، وأن خطوط الإمداد لم تنقطع والدعم قادم، وللمرة الأولى منذ أشهر يشعر مواطن الفاشر أنه ليس وحيداً في هذه المعركة".
وقال شهود عيان من الفاشر إن طائرة شحن حلقت أكثر من نصف ساعة في سماء عاصمة شمال دارفور قبل أن تفرغ حمولتها من الجو وتغادر أجواء المدينة من دون أن تعترضها مضادات "الدعم السريع".
وكثفت مسيرات الجيش، خلال الأيام الماضية، عملياتها العسكرية التي كانت تستهدف منصات "الدعم السريع" ومواقعها في محيط المدينة ومقر الفرقة السادسة للجيش.
وكانت دفاعات "الدعم السريع" قد أسقطت، في يونيو (حزيران) الماضي، طائرة شحن عسكرية مما تسبب في توقف عمليات الإمداد الجوي.
عملية فاشلة
في المقابل قللت "الدعم السريع" من خطوة الإسقاط المظلي الجوي التي نفذها الجيش، ووصفتها بأنها كانت عملية فاشلة وأن قواتها تمكنت من تسلم معظم التعيينات المسقطة، متوعدة بشن هجوم كاسح على المدينة يقوده في الصفوق الأمامية الفريق عبدالرحيم دقلو قائد ثاني "الدعم السريع" للقضاء على ما تبقى من دفاعات الجيش والقوات المشتركة. أضافت على منصاتها بمواقع التواصل الاجتماعي أن طيران الجيش قام بعملية إسقاط جوي موجهة نحو مواقع الفرقة السادسة - مشاة، غير أن قواتها تمكنت من السيطرة على ستة صناديق من مجمل الحمولة، بينما لم يتمكن الجيش والقوات المشتركة من الحصول سوى على صندوق واحد فقط.
حصار وفرار
في هذا الوقت كشف تقرير حديث لمختبر الأبحاث الإنسانية التابع لكلية الصحة العامة في جامعة "ييل" بالولايات المتحدة عن توسيع "الدعم السريع" نطاق الحواجز الترابية التي نصبتها حول مدينة الفاشر، بينما تحاول أعداد كبيرة من المدنيين الفرار سيراً على الأقدام من المدينة المحاصرة. وأشار التقرير، الذي اعتمد على مصادر مفتوحة وصور عبر الأقمار الاصطناعية، إلى أن طول الحواجز الترابية المحيطة بالفاشر يبلغ أكثر من 68 كيلومتراً، كما تمت إضافة ثلاثة كيلومترات أخرى من الحواجز خلال اليومين الماضيين، لتقترب بذلك من إحاطة الجانب الغربي من الفاشر بالكامل، وبقيت فقط ثلاثة إلى أربعة كيلومترات لإحاطة المدينة بالحواج، وكشف التقرير، أيضاً، عن توثيق فريق الجامعة لحقوق الإنسان هجمات حرق متعمدة في مخيم أبو شوك للنازحين، في وقت تتزايد مساحة المقابر في المدينة المنكوبة، إذ حدد المختبر عبر صور التقطت بالأقمار الاصطناعية خلال الفترة بين الـ18 والـ26 من سبتمبر (أيلول)، أكثر من 70 تلة دفن جديدة شمال الفاشر خلال أسبوع تقريباً.
تكثيف وتوغل
منذ نحو شهرين تكثف "الدعم السريع" هجماتها وقصفها على مدينة الفاشر ما مكنها من تحقيق بعض التقدم وتضييق الخناق بتوغلها داخل أحيائها، بخاصة معسكر أبو شوك للنازحين واقترابها من مقر الفرقة السادسة للجيش. وظلت هذه القوات تحاصر المدينة وتمنع وصول السلع الغذائية والأدوية والمساعدات الإنسانية إليها منذ ما يقارب العامين، ما تسبب في كارثة إنسانية.
تحشيد وتأهب
في محور كردفان تتواصل عمليات التحشيد والتعزيزات باتجاه منطقة جبرة الشيخ المنفتحة على غرب كردفان والهدف المقبل للجيش، وتلاحق مقاتلات الجيش ومسيراته متحركات وقوافل إمدادات "الدعم السريع"، وأوضحت مصادر ميدانية أن الغارات الجوية والهجمات المسيرة للجيش تمكنت من تحييد عشرات العناصر والعربات المقاتلة على هذا المحور. وأكدت المصادر أن غارة جوية نفذتها طائرة مسيرة استراتيجية تابعة للجيش على مدينة أبو زبد بغرب كردفان، تبعد 166 كيلومتراً من مدينة الأبيض عاصمة ﺷﻤﺎﻝ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ، أسفرت عن مقتل عدد من القيادات الميدانية لـ"الدعم السريع" وتدمير عرباتهم القتالية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مكافحة العصابات
في سياق مساعي بسط الأمن وهيبة الدولة، شكلت لجنة تنسيق شؤون أمن محلية الخرطوم آلية خاصة لمكافحة المتفلتين المعروفين بعصابات "تسعة طويلة" التي روعت سكان الخرطوم، بمشاركة القوات الأمنية عبر ارتكازات ثابتة ودوريات متحركة. وأكدت اللجنة استمرار جهودها في مكافحة الظواهر السالبة وتعزيز الضبط الأمني، إلى جانب تنفيذ خطة محكمة للقضاء على بؤر الجريمة.
تحركات أميركية
دولياً أكد المستشار الأميركي للشؤون الأفريقية مسعد بولس مواصلة بلاده اتصالاتها وتحركاتها لمعالجة الأزمة الإنسانية في السودان، بعدما تسببت المجاعة وسوء التغذية في وفاة عشرات الآلاف من الأطفال ووصول الأوضاع في مدينة الفاشر إلى مستويات مأسوية من انعدام الغذاء. وأوضح بولس، في تصريحات صحافية، أن الإدارة الأميركية تضع حياة الأطفال السودانيين في مقدم أولوياتها، وأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب لا يريد أن يرى المزيد من الأرواح البريئة تزهق. وأشار إلى دخول التحركات الإنسانية الدولية حيز التنفيذ، بعقد اجتماع مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وآخر سابق مع برنامج الأغذية العالمي، على أن تعقبه لقاءات مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان وجهات أخرى لتعزيز التنسيق في هذا الجانب. وأكد بولس أن الولايات المتحدة ما زالت تباشر اتصالات مع قادة الجيش و"الدعم السريع" لتأمين وصول المساعدات أولاً إلى الفاشر، ثم إلى كردفان ومناطق متضررة أخرى تزامناً مع دفع الجهود الدبلوماسية لتحقيق استقرار دائم في السودان.
حصار الفيضانات
في الأثناء بدأت مياه الفيضانات باجتياح وحصار عدد من مناطق العاصمة الخرطوم حيث اجتاحت مياه الفيضانات مناطق جنوب وشمال الولاية، وسط تصاعد المخاوف من تفاقم الوضع الإنساني والصحي نتيجة تزامن الفيضانات مع موجة التفشي الواسع لحمى الضنك والملاريا بالولاية، بسبب عودة تراكم المياه وتوالد البعوض الناقل للحميات، في وقت وصلت فيه الإصابات إلى أكثر من 10 آلاف حالة بالخرطوم وحدها.
وانتظم عشرات المتطوعين في دوريات ليلية لمراقبة حركة المياه وتشييد المصدات الترابية لمنع وصول مزيد من مياه فيضانات النيل الأبيض إلى أحياء جنوب الخرطوم، بعدما اجتاحت المياه أجزاء كبيرة من الساحات ودخلت بعض المنازل في منطقة الشقيلاب، كما أظهرت مقاطع فيديو متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد غمر مياه النيل منازل ومزارع منطقة تندلتي شمال الخرطوم بصورة كاملة.
وطالب المواطنون السلطات المحلية المتخصصة بسرعة توفير المعينات وآليات إنشاء السدود الترابية الواقية، بجانب مضخات سحب المياه من الأحياء والمنازل المجاورة للنيل الأبيض التي غمرتها مياه الفيضان. وأكدت تحذيرات وزارة الزراعة والري أن الخطر ما زال ماثلاً بدخول عدد من المحطات الرئيسة في مرحلة الفيضان، بينها محطات جبل أولياء بالخرطوم، ومدني بولاية الجزيرة، وشندي وعطبرة بنهر النيل. وأطلقت غرفة طوارئ جبل أولياء جنوب الخرطوم استغاثة عاجلة للسلطات والمنظمات الإنسانية ووسائل الإعلام والخيرين، من أجل التدخل السريع وتقديم الدعم اللازم لسكان المناطق المتاخمة لضفاف النيل بعدما اجتازت المياه الحواجز الترابية بعدد من المناطق جنوب الخرطوم وبدأت تهدد حياة المواطنين.
في ولاية نهر النيل شددت السلطات على أهمية متابعة وحدات الإنذار المبكر من الجهات المتخصصة في مؤسسات الري والأرصاد الجوية والصحة كونها تمنح الفرصة لاتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة للحد من آثار الفيضانات قبل وصولها الدرجة الكارثية، ووقف المدير التنفيذي لمحلية شندي خالد عبدالغفار على مواقع الهشاشة على نهر النيل في المدينة وشمال المحلية.
وقبل ثلاثة أيام أصدرت وحدة الإنذار المبكر بالإدارة العامة لمياه النيل بوزارة الزراعة والري، إنذاراً من فيضانات على امتداد الشريط النيلي نتيجة زيادة حجم الوارد من النيل الأزرق والأبيض، منبهة المواطنين إلى ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الأرواح والممتلكات.
وفي النيل الأبيض وقفت اللجنة العليا لطوارئ الخريف على المعالجات العاجلة التي تمت في الجسور النيلية الواقية بمنطقة الجزيرة أبا بمراجعة ممرات المياه على طول الجسر الواقي بالمنطقة.
ومطلع الأسبوع الجاري حذرت وزارة الزراعة والري من أخطار فيضانات مرتقبة على امتداد الشريط النيلي في ولايات النيل الأزرق وسنار والخرطوم ونهر النيل، مطالبة المواطنين باتخاذ التدابير الوقائية اللازمة.