ملخص
قال المبعوث الأميركي الخاص إلى أوكرانيا كيث كيلوغ إن ترمب لمح إلى أنه يتعين على كييف الآن أن تكون قادرة على تنفيذ ضربات بعيدة المدى داخل روسيا. وأضاف كيلوغ "أعتقد، بالنظر إلى ما قاله (الرئيس ترمب) وما قاله نائب الرئيس فانس… فالإجابة نعم. استخدموا القدرة على الضرب في العمق. لا وجود لما يُسمى المناطق المحصنة". وتندرج هذه التصريحات في سياق تبدُّل ملحوظ للموقف الأميركي من الحرب في أوكرانيا.
قتلت عائلة مكونة من أربعة أفراد في غارة جوية روسية بمسيرة ليل الإثنين - الثلاثاء في منطقة سومي شمال أوكرانيا، وفق ما أفاد به رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية أوليغ غريغوروف صباح اليوم الثلاثاء.
وكتب غريغوروف على "تيليغرام"، "هذه الليلة، استهدف العدو مبنى سكنياً في قرية تشيرنيتشينا في كراسنوبيليا، بمسيرة". وتابع "كان يعيش في هذا المنزل زوجان مع طفلين صغيرين، للأسف لم يتمكن أحد من النجاة"، مشيراً إلى أن "عناصر الإنقاذ انتشلوا جثث أربعة أشخاص من تحت الأنقاض: امرأة وزوجها وولداهما البالغان ست وأربع سنوات".
وأطلقت روسيا هجوماً في منطقة سومي بعدما طردت القوات الأوكرانية في أبريل (نيسان) الماضي من منطقة كورسك الروسية ،التي احتلت كييف جزءاً صغيراً منها منذ صيف 2024، لكن معظم المعارك تدور في شرق البلاد حيث نجح الجيش الروسي في تسريع تقدمه في الأشهر الأخيرة في مواجهة جيش أقل عدداً وتجهيزاً.
وتحتل القوات الروسية نحو 20 في المئة من أراضي أوكرانيا، وبعد ثلاث سنوات ونصف سنة من الهجوم الروسي على أوكرانيا، تعثرت الجهود الدبلوماسية التي يبذلها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء القتال.
التقدم الميداني
أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها سيطرت على زاريتشني في منطقة دونيتسك بأوكرانيا. وتشير روسيا إلى البلدة باسمها السابق كيروفسك.
ولم يتسن التحقق من صحة التقرير الوارد من ساحة المعركة.
وفي وقت سابق، قالت روسيا أمس الإثنين إنها ستحلل بعناية ما إذا كانت أي صواريخ توماهوك أميركية ربما يتم توريدها إلى أوكرانيا أُطلقت باستخدام إحداثيات الاستهداف التي قدمتها الولايات المتحدة. وذلك غداة قول نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس أول من أمس الأحد إن واشنطن تدرس طلباً أوكرانياً للحصول على صواريخ توماهوك، التي يبلغ مداها 2500 كيلومتر، وهي مسافة كافية بسهولة لضرب موسكو إذا ما أُطلقت من أوكرانيا.
وسبق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن قال إن الدول الغربية ستجعل من نفسها طرفاً مباشراً في الحرب إذا ما زودت أوكرانيا بإحداثيات استهداف ومعلومات استخبارات لتمكين أوكرانيا من إطلاق صواريخ في عمق روسيا.
تحليل وتساؤلات
ورداً على سؤال حول تعليقات فانس قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن روسيا تقوم بتحليلها بعناية. وأضاف، "السؤال، كما في السابق، هو: من يستطيع إطلاق هذه الصواريخ؟ هل يمكن للأوكرانيين وحدهم إطلاقها، أم يتعين على الجنود الأميركيين القيام بذلك؟".
وتساءل بيسكوف "من الذي يحدد إحداثيات أهداف هذه الصواريخ؟ الجانب الأميركي أم الأوكرانيون أنفسهم؟"، مضيفاً أنه "يجب إجراء تحليل متعمق للغاية". وقال، "حتى لو حدث ذلك، فلا توجد عصا سحرية قادرة على تغيير الوضع على الجبهة لمصلحة نظام كييف الآن. لا سلاح سحري. وسواء كانت توماهوك أو صواريخ أخرى، فلن تتمكن من تغيير الوضع".
وطلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من الولايات المتحدة بيع صواريخ توماهوك إلى الدول الأوروبية لإرسالها إلى أوكرانيا.
وقال فانس في برنامج "فوكس نيوز صنداي" إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب هو مَن سيتخذ القرار النهائي في شأن السماح بالصفقة من عدمه.
وقال المبعوث الأميركي الخاص إلى أوكرانيا كيث كيلوغ إن ترمب لمح إلى أنه يتعين على كييف الآن أن تكون قادرة على تنفيذ ضربات بعيدة المدى داخل روسيا. وقال كيلوغ لقناة "فوكس نيوز" في وقت لاحق أول من أمس الأحد، "أعتقد، بالنظر إلى ما قاله (الرئيس ترمب) وما قاله نائب الرئيس فانس… فالإجابة نعم. استخدموا القدرة على الضرب في العمق. لا وجود لما يُسمى المناطق المحصنة".
تبدل ملحوظ
تندرج هذه التصريحات في سياق تبدّل ملحوظ للموقف الأميركي من الحرب في أوكرانيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الرئيس الأميركي الأسبوع الماضي إنه في مقدور أوكرانيا استعادة كامل أراضيها من روسيا "وحتى أبعد من ذلك"، بعدما بقي يقول لأشهر إن كييف قد تضطر إلى التخلي عن بعض أراضيها.
وصرح فانس من جهته أن صبر ترمب بدأ ينفد إزاء موسكو، في حين دعا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو نظيره الروسي سيرغي لافروف إلى وقف "المقتلة" في أوكرانيا.
وبعدما آثر ترمب الحوار مع فلاديمير بوتين مبكّتاً أحياناً نظيره الأوكراني، شبّه الرئيس الأميركي روسيا أخيراً بـ"نمر من ورق" يبدو قوياً لكنه ليس كذلك في واقع الحال. وكان زجر زيلينسكي في فبراير (شباط) الماضي قائلاً له في المكتب البيضاوي إن "الأوراق ليست بين يديه" في هذه الحرب التي اندلعت إثر الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.
درع دفاعية جوية مشتركة
إلى ذلك قال زيلينسكي أمس الإثنين إن كييف ترغب في بناء درع دفاعية جوية مشتركة بالتعاون مع شركائها الأوروبيين للحماية من التهديدات الروسية.
وأشار زعماء حلف شمال الأطلسي إلى أن روسيا كانت تختبر جاهزية التحالف وقوته من خلال اختراق المجال الجوي لبولندا ودول منطقة البلطيق. وتقول كييف إن خبرتها في التعامل مع التهديدات الجوية ستكون ذات قيمة.
وقال زيلينسكي في كلمة ألقاها في "منتدى وارسو للأمن" عبر رابط فيديو "تقترح أوكرانيا على بولندا وجميع شركائنا بناء درع مشتركة موثوق بها بالكامل ضد التهديدات الجوية الروسية". وأضاف، "هذا الأمر ممكن. أوكرانيا قادرة على التصدي لجميع أنواع الطائرات المسيرة والصواريخ الروسية. وإذا عملنا معاً في المنطقة، فسنمتلك ما يكفي من الأسلحة والقدرة الإنتاجية".
وعندما سُئل عن ترمب، قال زيلينسكي إن موقف الرئيس الأميركي تجاه أوكرانيا والأمن في أوروبا تغير. وأضاف، "حتى اليوم، فإن موقف الرئيس ترمب من وجهة نظري متوازن حقاً ويدعم موقف أوكرانيا، لكنه بلا شك يريد الاستمرار وسيطاً بيننا وبين روسيا من أجل إنهاء هذه الحرب".
المسيرات المجرية والسيادة الأوكرانية
في الموازاة قلل رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان الإثنين من أهمية أن تكون طائرات مسيرة مجرية حلّقت فوق المجال الجوي الأوكراني، مؤكداً في الوقت ذاته أن الدولة المجاورة التي تعيش حالة حرب تفتقر إلى السيادة الكاملة بسبب اعتمادها على الغرب.
وقال أوربان، "ليس مهماً ما إذا عبرت طائرتان أو ثلاث أو أربع طائرات مسيرة مجرية الحدود أم لا"، مضيفاً أنه يميل إلى "تصديق وزير دفاعه" كريستوف سالاي بوبروفنيتسكي الذي نفى هذه الاتهامات. وتابع في بودكاست يقدمه الناطق باسم حزبه، "لنفترض أنها حلقت بضعة أمتار داخل البلاد، فما المشكلة؟"، مؤكداً أن على كييف "أن تقلق إزاء الطائرات المسيرة الروسية على حدودها الشرقية". وأضاف، "إن أوكرانيا ليست دولة مستقلة وذات سيادة، نحن مَن نحافظ عليها، لذا لا ينبغي لها أن تتصرف كما لو كانت كذلك". وقال "إذا قرر الغرب غداً عدم دفع حتى فورنت واحد (العملة المجرية)، فستنهار أوكرانيا"، علماً أن الفورنت الواحد يساوي 0.0030 دولار أميركي.
وكان الرئيس الأوكراني قال يوم الجمعة الماضي إن "مسيّرات استطلاع على الأرجح مجرية" انتهكت المجال الجوي الأوكراني. ووصفت وزارة الدفاع المجرية حديث زيلينسكي بأنه "مزاعم لا أساس لها".
والمجر التي تعد من الدول النادرة في شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي التي عززت علاقاتها السياسية والاقتصادية مع موسكو منذ اندلاع حرب أوكرانيا، تشترك في حدود تمتد على نحو 140 كيلومتراً مع غرب أوكرانيا.
وترفض المجر تقديم مساعدة عسكرية لكييف وتعرقل مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، وتُعيق إقرار عقوبات من الاتحاد الأوروبي على روسيا.
وتصاعدت التوترات بين كييف وبودابست منذ بداية الحرب، وكان أوربان وصف أوكرانيا سابقاً بأنها دولة تابعة.
واستنكرت أوكرانيا التي تضم أقلية ناطقة باللغة المجرية في منطقة ترانسكارباتيا المتاخمة للمجر، مرات عدة قيام بودابست بمنح عشرات الآلاف من جوازات السفر لمواطنيها.