Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عبدالناصر ينتقد في تسريب صوتي موقف الجزائر خلال حرب الاستنزاف

الرئيس المصري الراحل قال إن الجزائريين رفضوا إمداده بالطيارين رغم طلبه وسخر من دعوات بعضهم إلى "تحرير كل فلسطين"

الرئيس المصري جمال عبد الناصر خلال استقباله نظيره الموريتاني مختار ولد داده بالقاهرة في مارس 1967 (أ ف ب)

ملخص

هذه ليست أول مرة تخرج تسجيلات منسوبة لجمال عبدالناصر حول صراع بلاده في ذلك الوقت مع إسرائيل، وهي التسجيلات التي كشفت في أجزاء منها عن مواقف مغايرة للرئيس المصري الراحل الذي ارتبط اسمه بدعوات الوحدة العربية ومقاومة الاحتلال، وفي أحد التسجيلات التي خرجت قبل أشهر كان عبد الناصر يجادل الرئيس الليبي السابق معمر القذافي في شأن الحل السلمي مع إسرائيل، وبدا غير عابئ باتهامات التخوين وكلمات المزايدة من الدول العربية التي هاجمته بعد قبوله "مبادرة روجرز" للتهدئة قبل أسابيع من وفاته عام 1970.

في ذكرى رحيله الـ55، أثار تداول مغردين لتسجيل صوتي مسرب منسوب للرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، ناقش خلاله الموقف العربي من الاحتلال الإسرائيلي لبلاده بعد حرب يونيو (حزيران) عام 1967، وتشكيكه في التضامن الجزائري مع مصر، جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي.

التسجيل الذي جمع بين عبدالناصر والرئيس الموريتاني الراحل مختار ولد داده، يعود لتاريخ السادس من سبتمبر (أيلول) عام 1970، أي قبل أيام قليلة من وفاة الرئيس المصري في الـ28 من الشهر نفسه، وتركز حديثه بصورة رئيسة على صعوبات الحصول على دعم عسكري خلال المواجهات مع إسرائيل، إذ كشف خلاله عبد الناصر عن طبيعة الخلافات العميقة مع بعض الدول العربية التي اكتفت بالدعوة إلى التصعيد، بينما تركت "القاهرة تتحمل العبء العسكري والسياسي وحدها"، على حد وصفه.

 

وهذه ليست أول مرة تخرج تسجيلات منسوبة لجمال عبدالناصر حول صراع بلاده في ذلك الوقت مع إسرائيل، وهي التسجيلات التي كشفت في أجزاء منها عن مواقف مغايرة للرئيس المصري الراحل الذي ارتبط اسمه بدعوات الوحدة العربية ومقاومة الاحتلال، وفي أحد التسجيلات التي خرجت قبل أشهر كان عبدالناصر يجادل الرئيس الليبي السابق معمر القذافي في شأن الحل السلمي مع إسرائيل، وبدا غير عابئ باتهامات التخوين وكلمات المزايدة من الدول العربية التي هاجمته بعد قبوله "مبادرة روجرز" للتهدئة قبل أسابيع من وفاته عام 1970.

 "مزايدات عربية" وانتقاد للجزائر

في بداية التسجيل المسرب وبعد تأكيده على عدم "ثقة بلاده لا في الولايات المتحدة الأميركية ولا إسرائيل"، قال الرئيس جمال عبد الناصر إن "على هذا الأساس نخشي أن يعمل (يدبر) لنا البلدان عمليات مفاجأة"، لينتقد بعدها ما وصفه بـ"المزايدات العربية" على حساب مصر.

ووفق ما جاء في التسريب، قال عبدالناصر "نواجه مزايدات عربية تسبب لنا أمراضاً نفسية أكثر من الإسرائيليين والأميركيين"، مضيفاً "نحن نتعرض لضغط اليهود، ولما وافقنا على المبادرة الأميركية (مبادرة روجرز)، طلعوا (أخرجوا) بيانات في الجزائر، وقالوا إننا استسلمنا، وإن هذه خيانة للأمة العربية وفلسطين، وإننا لا بد من أن نحرر فلسطين كلها، حسناً لكن كيف نحرر فلسطين كلها".

وأكد عبدالناصر أن موازنة القوات المسلحة قفزت من 160 مليون جنيه عام 1967 إلى أكثر من 553 مليوناً، على حساب خطط التنمية الداخلية، بينما لم يتلقَّ الدعم العربي الموعود سوى من بعض الأطراف بصورة محدودة. وتطرق إلى الخلاف مع الجزائر على خلفية تصريحات للرئيس هواري بومدين وانتقادات إعلامية وجهتها صحف جزائرية لمصر، إضافة إلى الجدل الذي أثاره قبول القاهرة بـ"مبادرة روجرز" لوقف إطلاق النار التي اعتبرها عبدالناصر خطوة اضطرارية لتقليل الخسائر وحماية الجبهة الداخلية.

وعن الجزائر التي تركز معظم الحديث حولها بين عبدالناصر وولد داده، قال الرئيس المصري "طلبنا طيارين من الجزائر لمحاربة إسرائيل ورفضوا إعطاءنا طياراً واحداً، لكن عندما طلبنا من الاتحاد السوفياتي أعطونا طيارين... والجزائريون يقولون إنهم يريدون تحرير فلسطين... فليتفضل الجيش الجزائري إذا كان يريد أن يقاتل"، ثم علق الرئيس الراحل على الدعوات إلى تحرير فلسطين بأنها "مجرد كلام وليست أفعالاً".

وتابع عبدالناصر ضمن انتقاده للموقف الجزائري في ذلك الوقت، قائلاً "عندما تحاربت الجزائر مع المغرب، لم يكن لديها جيش، والمغرب هاجمهم، وأرسلوا لي طلباً لمساعدتهم، وأرسلنا إليهم طائرات ودبابات ومظلات، أرسلنا إليهم كل ما طالبوا به بعد ثلاثة أيام، ولكن عيب الواحد يقف يتكلم، وأنا قلت لهم يا جماعة نحن على الجبهة، يعني  ما أقوله إن الأصول أن تؤيدوا ما نراه (مناسباً)، أنتم لستم على الجبهة ونحن نتعرض للقصف من الطيران الإسرائيلي، يعني نحن في يوم هنا، في منطقة قصفت بـ4 آلاف قنبلة، وكل قنبلة تزن ألف رطل".

ثم أضاف "لماذا يتخذ إخواننا في الجزائر هذا الموقف، لا أعرف، وهم متفقون مع العراق علينا، وحالياً هناك اتصالات بينهم وبين العراق ونحن نعلم، بين بوتفليقة والعراقيين، الغرض العمل ضدنا، في البلاد العربية والأفريقية وفي كل مكان حتى ضمن الطلبة العرب، لا أعرف لماذا، وفي تنزانيا هم يعملون ضدنا، حتى مع الأفارقة ومع جماعات التحرير الأفريقي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكشف التسجيل عن تعقد المواقف العربية في ذلك الوقت، مع تباين الاستراتيجيات والتوجهات تجاه الصراع العربي- الإسرائيلي، وهي الفترة التي شهدت تحركات سياسية وعسكرية متشابكة. ويشير بعضهم إلى أن العلاقات بين مصر والجزائر خلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، شهدت بعض التوترات على رغم تأكيد الدولتين على التضامن العربي تجاه القضية الفلسطينية.

ليس التسريب الأول

وخلال الأشهر الأخيرة خرج أكثر من تسريب منسوب لعبدالناصر، مما أثار "إرباكاً" في الشارع المصري حول مواقف الرجل إزاء الصراع مع إسرائيل واحتمال قبوله للسلام معها بعد أن أثر تراجع الدعم العربي في بلاده.

وفي أحد التسريبات خلال أبريل (نيسان) الماضي، والذي جمع بين عبدالناصر والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، جادل الرئيس المصري في شأن الحل السلمي مع إسرائيل، وبدا غير عابئ باتهامات التخوين وكلمات المزايدة من الدول العربية التي هاجمته بعد قبوله "مبادرة روجرز" للتهدئة قبل أسابيع من وفاته عام 1970، بدلاً من دعوات استعادة كامل أراضي فلسطين التاريخية، بما يعني عملياً القضاء على إسرائيل، بل أظهر عبدالناصر مللاً من منطق القذافي بضرورة القتال المستمر لإسرائيل، ودعاه إلى حشد جيوش الدول الرافضة للموقف المصري لمحاربة إسرائيل من الجبهة الشرقية، لكنه في الوقت نفسه حذر من أن مواجهة عسكرية مع إسرائيل وسط المعطيات المتوافرة في وقت التسجيل (3 أغسطس- آب 1970) ستؤدي إلى تكرار نكبة 1948.

هذا الموقف أثار كثيراً من الجدل بين المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي وانقسمت حوله الآراء، إذ انتقد بعضهم تغير موقف عبدالناصر تجاه إسرائيل إلى الحل السلمي، وقارنه بموقف سلفه الرئيس أنور السادات، بينما اعتبر بعضهم الآخر أن عبدالناصر يمارس مناورة تكتيكية ولم يتخلَّ عن ثوابته تجاه القضية الفلسطينية، كما ارتدى آخرون نظارة الوضع الحالي للنظر إلى حديث عبدالناصر، بخاصة في ما يتعلق بفكرة المقاومة المسلحة، بعدما أشار إلى تفوق إسرائيل عسكرياً.

الجدل امتد أيضاً إلى التساؤل حول الجهة التي نشرت التسجيل، فالحساب على "يوتيوب" ذكر أنه تابع للموقع الرسمي للرئيس جمال عبدالناصر التابع لمكتبة الإسكندرية، إلا أن المكتبة نفت عبر بيان رسمي صلتها بالحساب بعد الجدل حول التسجيل، وأعقب ذلك خروج عبدالحكيم جمال عبدالناصر في تصريحات صحافية، كاشفاً عن أن تلك الصفحة تخصه وسينشر عليها مزيداً من التسجيلات. وتبين أن وصف حساب "ناصر تي في" على "يوتيوب" عدّل لحذف ما يشير إلى تبعيته لمكتبة الإسكندرية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير