Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأزمة الكبرى في الوقود تهز روسيا وتقلق بوتين

الهجمات الأوكرانية على مصافي النفط تؤتي ثمارها مع تفاقم النقص في المحروقات وانتشار حال الذعر وتزايد الضغوط الاقتصادية

تعرضت ما لا يقل عن 16 من أصل 38 مصفاة نفط روسية لهجمات منذ بداية الشهر الماضي (أ ف ب)

ملخص

صمد الاقتصاد الروسي حتى الآن أمام وابل من العقوبات الغربية، لكنه يشهد حالياً تباطؤاً، متأثراً بشدة العقوبات المشددة ونفقات الحرب المرتفعة، إلى جانب مواجهة معدلات تضخم مرتفعة وأسعار فائدة قياسية.

في محطات الوقود في مختلف أنحاء روسيا، يقف السائقون في طوابير طويلة وسط ارتفاع قياسي في أسعار المحروقات، وبدء تطبيق نظام الحصص، وانتشار أجواء من الذعر.

وخلال الأسابيع الخمسة الماضية، اجتاحت أزمة النقص في الوقود البلاد من أقصى الشرق الروسي حتى العاصمة موسكو، نتيجة واحدة من أنجح الحملات الأوكرانية منذ اندلاع الحرب، والمتمثلة في الضربات الجوية بعيدة المدى بالطائرات المسيرة التي تستهدف مصافي النفط.

وقد أدت هذه الهجمات وفقاً لصحيفة "التليغراف" إلى خفض القدرة التكريرية للنفط الروسي بما يقارب الخمس في بعض الأيام، وإلى تراجع الصادرات من الموانئ الرئيسة، مما دفع موسكو إلى الاقتراب من تقليص إنتاجها النفطي، وواصلت كييف استهداف خزانات النفط وخطوط الأنابيب ومحطات الضخ بوتيرة متصاعدة.

وفي وقت بدأ فيه أن "أسطول الظل" من ناقلات النفط الروسية يواصل التحايل على العقوبات، شنت أوكرانيا في مطلع هذا الشهر هجوماً على ميناء بريمورسك النفطي في منطقة لينينغراد، وهو أكبر محطة تصدير روسية على بحر البلطيق ونقطة النهاية لخط أنابيب البلطيق، مما يجعله مركزاً حيوياً لصادرات موسكو البحرية.

وتأمل كييف أن تسهم هذه الحملة الجوية في تقويض قدرة روسيا على تمويل آلة الحرب، وإثارة السخط الداخلي، ودفع الرئيس فلاديمير بوتين إلى طاولة المفاوضات.

وشنت الطائرات المسيرة الأوكرانية، الأربعاء الماضي، هجوماً جديداً على مجمع "سلافات"، أحد أكبر المجمعات البتروكيماوية في روسيا والواقع على بعد أكثر من 600 ميل عن خطوط القتال، وذلك للمرة الثانية في أقل من أسبوع.

وفي اليوم التالي الخميس، أعلنت موسكو تمديد حظر تصدير الوقود حتى نهاية العام، إلى جانب فرض حظر جزئي على صادرات الديزل بهدف حماية السوق المحلية وضمان تلبية الطلب الداخلي.

وعلى رغم محاولة نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، التقليل من خطورة الوضع، يؤكد محللون أن السلطات لم تعد قادرة على تجاهل الأزمة المتفاقمة، خصوصاً مع انتشار مقاطع الفيديو التي تظهر طوابير السيارات الطويلة في محطات الوقود، بما يعكس حال اليأس التي يعيشها السائقون.

وقال المحلل في مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف (مستقل متخصص في البيئة) لوك ويكندن، إلى الصحيفة نفسها، "على الصعيد الداخلي، تحدث الهجمات الأوكرانية تأثيراً كبيراً"، مضيفاً "الطائرات المسيرة تستهدف بصورة خاصة المنشآت المسؤولة عن تزويد السوق المحلية بالوقود، ومع تزايد الطلب مع اقتراب فصل الشتاء، باتت أزمة النقص في المحروقات واضحة في مختلف أنحاء روسيا، مما يزيد الضغوط على توازنات داخلية تعاني أصلاً من التوتر".

ضربة مباشرة لصلب الاقتصاد الروسي

وكثفت أوكرانيا منذ أغسطس (آب) الماضي هجماتها على البنية التحتية للطاقة في روسيا، مستهدفة مصافي نفط رئيسة وخطوط أنابيب ومحطات تصدير استراتيجية.

وتهدف كييف من خلال هذه الضربات إلى توجيه ضربة مباشرة لصلب الاقتصاد الروسي عبر تعطيل إنتاج النفط والغاز، الذي يشكل نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي.

وفي تطور لافت، صعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب من موقفه تجاه الكرملين، معتبراً أن خنق عائدات روسيا النفطية قد يجبر فلاديمير بوتين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

ويطالب ترمب الدول الأوروبية بوقف كامل لوارداتها من الطاقة الروسية، ملوحاً في الوقت ذاته بفرض رسوم جمركية بنسبة 100 في المئة على الصين والهند في حال لم تتخليا عن الاعتماد على هذه الإمدادات.

وتعرضت ما لا يقل عن 16 من أصل 38 مصفاة نفط روسية لهجمات منذ بداية الشهر الماضي في موجات كبيرة ومنسقة، غالباً ما استهدفت نفس المنشآت بصورة متكررة لإلحاق أقصى قدر من الضرر.

كيف بدأت أزمة نقص الوقود تصل إلى موسكو؟

وكانت أولى المناطق المتضررة من أزمة الوقود في أغسطس الماضي هي أقصى الشرق الروسي وشبه جزيرة القرم المحتلة، تلتها مناطق الفولغا وجنوب ووسط روسيا.

وفي عدد من المناطق، قيد توزيع الوقود، إذ يسمح للعملاء بشراء 10 إلى 20 لتراً فحسب لكل شخص، أو يتم بيع الديزل فحسب، وفق ما ذكرت صحيفة "إزفستيا" الموالية للكرملين.

وفي الآونة الأخيرة، بدأت أزمة النقص في الوقود تصل إلى موسكو، مما تسبب في اضطرابات بالعاصمة التي ظلت إلى حد كبير بمنأى عن تأثيرات الحرب،

ويبدو أن المواطنين في العاصمة لا يعرفون سبب هذه الأزمة.

وقال أحد موظفي محطات الوقود في وسط موسكو، "لم نعد نمتلك أي بنزين أوكتان 92 منذ ما يقارب من يوم كامل، أو حتى أسبوع، ولا أحد يعلم السبب بعد لقد اختفى ببساطة، وقد منعونا من تعبئة الحاويات،

في القرم، قالت السلطات إن نصف محطات الوقود نفدت منها الإمدادات".

وقال أحد السكان لموقع "ميدوزا" (منصة روسية مستقلة) "الوضع حرج وعديد من المحطات أغلقت بالكامل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأفاد قناة "كريميان ويند" القناة البارزة على "تيليغرام" المؤيدة لأوكرانيا، بأن مدينة سيفاستوبول، أكبر مدن شبه الجزيرة، تكاد تخلو تماماً من البنزين.

وأضافت القناة ساخرة "حتى الآن لا توجد طوابير من أجل التبن، والأسعار للخيول والحمير مستقرة".

وقال ألكسندر نوفاك إن هناك "نقصاً طفيفاً بالفعل في المنتجات البترولية"، لكنه أضاف أن هذا "يعوض بالاحتياطات المخزنة".

ومع ذلك أقر نوفاك بأن شهري سبتمبر (أيلول) الجاري وأكتوبر (تشرين الأول) المقبلين سيكونان على الأرجح "صعبين".

وأضاف أن ما سيحدث بعد ذلك يعتمد على مدى قدرة أوكرانيا على الحفاظ على هذا المستوى المرتفع من الهجمات، وسرعة تعافي روسيا.

وقال لوك ويكندن "الإجماع العام في الوقت الحالي هو أن صادرات النفط الروسية ستظل مستقرة، لكنها هشة".

هل ستشكل أزمة الوقود كارثة للاقتصاد الروسي؟

وعلى رغم تسببها في صداع للكرملين يقول محللون، إن الأزمة لا تزال بعيدة من التحول إلى كارثة تهدد الاقتصاد الروسي أو آلة الحرب.

وقالت محللة شؤون روسيا في معهد الدراسات الدفاعية الملكي في لندن " "RUSIإميلي فيريس، لصحيفة "الـتليغراف"، "هذا مصدر كبير للإحباط لموسكو، إذ تعترف بأن هجمات الطائرات المسيرة الأوكرانية على المصافي كان لها تأثير في الاقتصاد".

لكنها شددت على أن هذا من غير المرجح أن يكون السبب الذي يدفع الكرملين إلى الدخول في محادثات سلام، مضيفة "الوضع ليس حرجاً، لدى روسيا احتياطات كافية من النفط والغاز والمال لتجاوز هذا الإزعاج، والهدف من إخضاع أوكرانيا يظل الجائزة الأكثر قيمة بالنسبة إليها".

وفي اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، عدل ترمب لهجته تجاه روسيا، قائلاً إنها "تواجه مشكلات اقتصادية كبيرة وتواجه خطر فقدان جميع الأراضي المحتلة لمصلحة أوكرانيا".

ومع ذلك لم يظهر أي مؤشر إلى استعداده للانصياع لمطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وفرض عقوبات شديدة على موسكو.

واختارت إدارة ترمب حتى الآن فرض رسوم تجارية عقابية لاستنزاف صندوق حرب روسيا والضغط على أوروبا لوقف استيراد النفط والغاز الروسي.

ورد الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع بالإعلان عن تسريع خططه لإنهاء واردات الغاز الروسي بحلول نهاية 2026 بدلاً من 2027، في إطار حزمة عقوبات تهدف إلى تقليص عائدات روسيا من الوقود الأحفوري، وزيادة كلفة حربها في أوكرانيا، والضغط على بوتين لإنهاء الصراع.

ومن المتوقع أن تعارض كل من المجر وسلوفاكيا هذه الحزمة بقوة، التي تتطلب موافقة جميع الأعضاء، إلا أن ترمب مارس ضغوطاً على رئيس المجر الموالي لبوتين، فيكتور أوربان، لوقف الواردات.

لقد صمد الاقتصاد الروسي حتى الآن أمام وابل من العقوبات الغربية، لكنه يشهد حالياً تباطؤاً، متأثراً بشدة العقوبات المشددة ونفقات الحرب المرتفعة، إلى جانب مواجهة معدلات تضخم مرتفعة وأسعار فائدة قياسية.

لكن كما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في وقت سابق من هذا الشهر "أكثر العقوبات فعالية، تلك التي تحقق نتائج سريعة، وهي الحرائق في مصافي النفط الروسية، ومحطاتها، وخزاناتها النفطية".

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز