ملخص
قال منسق المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة في أفغانستان، إندريكا راتوات، لوكالة الصحافة الفرنسية إن العائدين الأفغان من باكستان وإيران يواجهون تحديات كبيرة بعد العودة، مثل البطالة وانعدام المأوى وغياب الخدمات الأساسية، مما يجعلهم عرضة للاستغلال والانخراط في أنشطة الجماعات المسلحة بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية.
تزامناً مع تزايد الفقر والبطالة في أفغانستان، تصاعدت المخاوف من انضمام المهاجرين الأفغان المرحلين من باكستان وإيران إلى تنظيم "داعش خراسان".
وبحسب تقارير صادرة عن الأمم المتحدة، تم ترحيل ما لا يقل عن مليونين و600 ألف شخص من باكستان وإيران إلى أفغانستان منذ مطلع عام 2025، كثر من هؤلاء المرحلين ولدوا في باكستان وإيران أو عاشوا فيهما أعواماً طويلة، ولا يملكون خبرة كافية بالحياة في أفغانستان، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر مطلعة تحذيرها من أن الزيادة الكبيرة في أعداد العائدين إلى أفغانستان، التي تعاني أزمات حادة، قد تسهم في تقوية نفوذ تنظيم "داعش" داخل البلاد.
وقال المنسق السابق لفريق مراقبة الجماعات المتطرفة في الأمم المتحدة، هانس ياكوب شندلر، لوكالة الصحافة الفرنسية إن "احتمال أن يرى تنظيم ’داعش خراسان‘ في هؤلاء الأفغان العائدين مصدراً محتملاً لتجنيد المقاتلين، احتمال مرتفع للغاية".
ووفقاً لتقارير مراقبي مجلس الأمن الدولي، شهدت أفغانستان تحسناً أمنياً منذ عودة حركة "طالبان" إلى السلطة، إذ تراجعت وتيرة الهجمات الإرهابية والتفجيرات والمواجهات المسلحة، إلا أن تنظيم "داعش خراسان"، الذي يعد أقوى جماعة إرهابية تنشط في أفغانستان وباكستان، لا يزال يشكل تهديداً قائماً.
تحذيرات من تجنيد "داعش خراسان" عناصر "طالبان" المنشقة والمهمشة
وأوضح شندلر، في سياق حديثه عن محاولات تنظيم "داعش خراسان" تجنيد مقاتلين، أن التنظيم، منذ أغسطس (آب) 2021، يسعى إلى استقطاب عناصر من "طالبان" غير الراضين عن الأوضاع الحالية، إضافة إلى أفغان لا مكان لهم في النظام الجديد.
وكانت الأمم المتحدة قد حذرت في تقرير صدر في يوليو (تموز) الماضي، من أن أفغانستان تحولت إلى بيئة خصبة لمجموعة من التنظيمات الإرهابية تشكل تهديداً جدياً لأمن آسيا الوسطى ودول أخرى.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن التهديد الأكبر يتمثل في "داعش"، الذي يضم نحو 2000 مقاتل، ونفذ خلال الأعوام الأخيرة هجمات دموية في روسيا وإيران وباكستان.
كما تنشط جماعة "تحريك طالبان باكستان"، التي تقدر الحكومة الباكستانية عدد عناصرها بنحو 6 آلاف مقاتل، في بعض مناطق أفغانستان، لا سيما المدن الحدودية مع باكستان، وتستفيد من أسلحة أميركية تُركت في البلاد، ومع ذلك يتركز نشاط هذه الجماعة على محاربة الحكومة الباكستانية، ولم تنفذ عمليات خارجية بعد.
واتهمت إسلام آباد مراراً حركة "طالبان" الأفغانية بتوفير ملاذات آمنة للجماعات الإرهابية، في حين تؤكد "طالبان" أن أي تنظيم إرهابي لم يعد ينشط على الأراضي الأفغانية، وتعتقد السلطات الباكستانية أن كثيراً من منفذي الهجمات الانتحارية ضد أهداف عسكرية ومدنية في إقليم خيبر بختونخوا يحملون الجنسية الأفغانية، وعلى رغم تقارير تفيد بأن زعيم "طالبان" أصدر أمراً شفهياً يمنع عناصر الحركة من مغادرة أفغانستان للقتال، تقول السلطات الباكستانية إن المتشددين الأفغان لا يزالون ينضمون إلى صفوف "تحريك طالبان باكستان".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
باكستان ترحل الأفغان على خلفية التوترات الأمنية والسياسية
من جهتها أطلقت الحكومة الباكستانية أواخر عام 2023 حملة ترحيل واسعة للمهاجرين الأفغان، وذلك رداً على مشاركة بعضهم في تظاهرات حزب "تحريك إنصاف" ضد حكومة شهباز شريف، إضافة إلى تزايد وجود الأفغان في صفوف "تحريك طالبان باكستان"، وفرضت قيوداً على وجودهم في بعض المناطق، لا سيما العاصمة إسلام آباد، وقلصت مدة تمديد التأشيرات العلاجية والسياحية من ثلاثة أشهر إلى شهر واحد، وقيدت إصدار التأشيرات الجديدة للأفغان.
وعلى رغم هذه الإجراءات، فلا تزال عمليات الترحيل من باكستان وإيران مستمرة. وتوقعت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن يصل عدد العائدين الأفغان بحلول نهاية العام الجاري إلى 4 ملايين شخص.
وقال منسق المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة في أفغانستان، إندريكا راتوات، لوكالة الصحافة الفرنسية إن هؤلاء العائدين يواجهون تحديات كبيرة بعد العودة، مثل البطالة وانعدام المأوى وغياب الخدمات الأساسية، مما يجعلهم عرضة للاستغلال والانخراط في أنشطة الجماعات المسلحة بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية.
ووفقاً لبيانات البنك الدولي، يعيش نحو نصف سكان أفغانستان تحت خط الفقر، ويعاني نحو ربع الشباب الذين تراوح أعمارهم ما بين 15 و29 سنة البطالة، ونقلت الوكالة الفرنسية عن مصدر دبلوماسي أوروبي أن بعض الأفغان لا ينضمون إلى الجماعات الإرهابية بدافع أيديولوجي، بل نتيجة الحاجة الاقتصادية.
زعيم "داعش خراسان" يقود هجمات عابرة للحدود
ينشط تنظيم "داعش" فرع خراسان تحت قيادة ثناء الله غفاري، وهو طالب سابق في جامعة كابول. ونفذ هذا التنظيم خلال الأعوام الماضية هجمات دموية في أفغانستان وروسيا وإيران وباكستان، كذلك اعتُقل عدد من عناصر هذا التنظيم في دول أوروبية أثناء التخطيط لهجمات إرهابية، ووفقاً لهانس ياكوب شندلر، فإن عدداً كبيراً من الهجمات الإرهابية التي أُحبطت في أوروبا بين عامي 2023 و2025 كانت مرتبطة بالتنظيم.
من جانبه، شدد إندريكا راتوات على أن السبيل الوحيد لمنع المهاجرين الأفغان من الانخراط في الجماعات الإرهابية هو العمل على بناء مستقبل كريم لهم من خلال المساعدات الدولية. ويأتي ذلك في وقت أعلنت فيه رئيسة بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان (يوناما)، رزا أوتنبایوفا، أن المجتمع الدولي قدم منذ عام 2021 نحو 7 مليارات دولار لأفغانستان الواقعة تحت سيطرة "طالبان"، ومع ذلك لا يزال عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في تزايد مستمر.
نقلاً عن "اندبندنت فارسية"