Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لن أسكت على عنصرية بي بي سي بعد الآن... ومعاملة ناغا مونشيتي مشينة

لا أسعى للنيل من "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي)؛ أنا بعيدة عن ذلك كل البعد. أنا أحبها، لكن معاملة المذيعة تدل على ثقافة بحاجة ماسة للمعالجة

 المذيعة ناغا مونشيتي خلال تقديمها برنامج "بي بي سي بريكفاست"(عن هيئة الإذاعة البريطانية ) 

نعم، أنا هنا، سمراء أخرى لا تستطيع إلا أن تحشر أنفها في قضية "ناغا- غيت". لقد قررت “بي بي سي" أن ناغا مونشيتي "خرقت" المبادئ التوجيهية بالإشارة إلى أن دونالد ترمب كان عنصرياً عندما قال أشياء عنصرية.

لو كان دونالد ترمب، على سبيل المثال، قد ركل قطة صغيرة، فإن "هيئة الإذاعة البريطانية" لم تكن لتمانع، كما أتصور، بأن يقول مذيعها إن ترمب ركل فعلا قطة صغيرة. لن يكون هناك مجال رمادي للنقاش، لا اجتماعات ولا مشاورات، ولا تركيز على السياسة لتعريف معنى فعل "ركَل". علاوة على ذلك، أتصور أن "بي بي سي" ستكون راضية تماما عن مذيعيها الذين يدينون ترمب بسبب ركله قطة صغيرة، لأننا متفقون جميعا على أن ركل القطط الصغيرة، شأنه شأن العنصرية، أمر مرفوض وغير مبرر في أي كوكب. إنه ببساطة أمر خاطئ. وعلى نحو مماثل، فإن العنصرية ليست مسألة رأي. وكما سيخبرك أي شخص تعرّض لها، مثلما قالت مانشيتي نفسها عندما سألها زميلها، فإن العنصرية واضحة جدًا للطرف المستهدف بها. إنها قضية أبيض وأسود (بكل ما تحمل هاتين الكلمتين من معاني).

ففي تصريحها، قالت مانشيتي إنه عندما كان يُطلب منها العودة من حيث أتت، كان ذلك الكلام "غارقاً بالعنصرية." وملاحظتها هذه بالكاد تثير الدهشة. لقد كانت المرة الأولى التي قيل لي فيها "عودي إلى وطنك" عندما كان عمري أربع أو خمس سنوات، وجاء ذلك من حفنة أشخاص أبطأوا حركة سيارتهم كي تُصدر ضجيجاً مفاجئاً لإزعاجي أنا وأمي الشابة. لم أدرك وقتها أن ذلك كان فعلا عنصريا، واعتقدت أنهم لم يعرفوا أننا كنا نعيش أعلى التل وكنا بالضبط ذاهبتين إلى المنزل. أطفال، صحيح؟  أدركت ذلك لاحقا وبسرعة.

تلقت "بي بي سي" شكوى واحدة. واحدة. اسمحوا لي أن أكرر ذلك: واحدة. ومما يبعث على السرور أن هذا أظهر أن أبناء بلادنا الآخرين قد فهموا أن مانشيتي كانت تقول الحقيقة وأن الغالبية العظمى من الشعب البريطاني يفهمون بأن العنصرية ليست مسألة شخصية.  وبالتالي يجب على "بي بي سي" أن تواكب جمهورها. إن ما فعلته القناة من خلال تأييد هذه الشكوى بصورة جزئية هو إبلاغ المذيعة، وهي سيدة لها بشرة ملونة، بالعودة إلى صندوقها أو حيّزها الخاص. وبصفتي ملونة البشرة كذلك (بشرتي بلون كاليكو طبيعي إن كنتم تتساءلون) وكنت دائماً أحلم بالعمل في "بي بي سي"، كان قرارهم مؤلما وذكرني بمدى استحالة التعبير عن التحيز الذي شعرت به في "الهيئة"، وكيف كان من الصعب عليّ إبلاغ أي شخص عنه خشية إلحاق الضرر بمستقبلي المهني إذا اعتبروني "متذمرة" أو مغرورة. لكن، ها أنا الآن أقولها.

أدرك أن العيون كلها على "بي بي سي "، وهناك عدد كبير من الناس الذين يريدون إسقاطها. لكنني لست واحدة من أولئك الناس. هذا مستحيل؛ فأنا أحاول جاهدةً على الدوام الظهور فيها (هل يعُقل يا برنامج نيوز كويز، ظهور واحد فقط؟ قبل عقد من الزمن؟!) لقد أصبحت هذه الأيام بعمر متقدم بما فيه الكفاية لأتمتع بالثقة للإصرار على أن تستمع "بي بي سي" لمن يحبونها بيننا، وتحاول فهم المجالات التي يشعر فيها المساهمون من أصحاب البشرة غير البيضاء بأنهم مغيّبون أو يُنظر إليهم بشكل نمطي. إننا نرى نظراءنا البيض يتقدمون ويصبحون جزءًا من نسيج القناة، في حين أن الفنانين والمساهمين غير البيض، باستثناء قلائل، يراوحون مكانهم. أطلق ليني هنري حملة للفت الانتباه إلى ذلك، لكن لا يمكننا فقط ترك الأمر إليه.

عندما كنت شخصية كوميدية ​​شابة، جديدة وواعدة في أوائل العشرينات من عمري، شاركت في نهائيات "بي بي سي" لأفضل تمثيل جديد في العام. عقدت اجتماعا مشوّقاً حيث طُلب مني تقديم فكرة لبرنامج إذاعي. كتبت ملخصاً لمسرحية هزلية عن حياتي كموديل عاري للرسامين. هكذا كنت أدفع إيجاري في ذلك الوقت، وأكتب عما أعرفه.

كانت "بي بي سي" حريصة على "رعاية المواهب الجديدة" ووعدوني بأن يكون هناك رد بنّاء. وعندما أتى الرد أخيراً، فقد تضمن ملاحظة واحدة وفي سطر واحد فقط جاء فيه "كنا نأمل في سيناريو يستند إلى تجاربك كإيرانية." هكذا وجهوني منذ البداية إلى صندوقي الخاص وطلبوا مني أن أذهب وأجلس فيه.

حدث هذا في التسعينيات وكنت صغيرةً جداً وخائفة من أن يُنظر لي كفتاة "صعبة". كانت معركة إبداعية وشخصية طويلة لتحرير نفسي من ذلك الخوف. أما تلك الرسالة فقد كانت إشارة واضحة على هدفهم في تحقيق التنوع، وأن المطلوب مني لُطفًا هو البقاء كسمراءٍ قدر الإمكان، حينها سيكون مرحبا بي للانضمام لبعض الوقت.

إن هذا النوع من التحامل يأتي بنية حسنة، وهذا ما يجعل معالجته أشدّ صعوبة. ليس لديكم فكرة عن عدد المرات التي اخترت فيها السكوت. لا يريد المرء أبدًا أن يشعر الأشخاص الطيبون بأنهم متهمون بالعنصرية، لكن يجب ألا يكون النقاش محرجًا. لقد تحدثنا عن التحيز الجنسي وبدأت الأمور في نهاية المطاف تتغير. ومثل التحيز الجنسي، يمكن أن يحدث التحيز العرقي دون وعي. لذلك لا تشعروا بالقلق، فقط استمعوا.

لا أسعى للنيل من "بي بي سي"؛ أنا بعيدة عن ذلك كل البعد. أنا أحبها. لقد نشأت على مشاهدتها والاستماع إليها وأشعر بسعادة غامرة حين أعمل معها. لكن عندما يسمي مذيع في القناة العنصرية باسمها تماماً، ثم يتعرض للتوبيخ، فهذا مثال واضح على أن " الهيئة" تكمّ أفواه موظفيها غير البيض.

إن التلاعب بنفسيات الأفراد لم يكن في قاموس إدراكي خلال التسعينيات، لكنه اليوم كذلك. ونتيجة لتعرضي على مدار سنوات للتلاعب النفسي على أساس عنصري، كان ردي شديدا على قرار القناة دعم الشكوى المقدمة ضد مونشيتي. قيل لي إنني كنت فقط أتخيل ذلك، أو أنني أحمل أحقادا في قلبي، أو أنه لا ينبغي أن أشتكي لأن لوني "ساعدني" في حياتي المهنية. هذا يكفي. يجب على "بي بي سي" أن تعتذر لمانشيتي حتى نتمكن جميع من المضي قدماً.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء