Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانقسام ثغرة قد يستغلها الخارج للتدخل في شؤون تونس

يعتبر بعضهم أن الخارج يحاول التسلل من شقوق الجسم السياسي وإفشاله يكون عبر جسْر الهوة بين مختلف الفرقاء السياسيين

رفضت بعض أحزاب المعارضة التدخل الخارجي في تونس (أ ف ب)

ملخص

يُجمع التونسيون بكل أطيافهم على رفض التدخل الأجنبي في إدارة شؤونهم الداخلية، إلا أن الراهن السياسي الذي يتسم بغياب الأجسام الوسيطة الفاعلة سياسياً ونقابياً عجّل بالدعوة إلى فتح قنوات الحوار، وتعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة آثار محاولات التدخل الخارجي.

أعاد طرح نائبين في الكونغرس الأميركي مشروع قانون يدعو إلى "استعادة الديمقراطية في تونس"، وتنديد عدد من الدول الأوروبية بالأحكام الصادرة بحق عدد من المتهمين في قضية التآمر على أمن الدولة للواجهة السياسية، موضوع التدخل الخارجي في شؤون البلاد الداخلية.

وتفاعلت الساحة السياسية والمدنية والنقابية في تونس مع تلك الدعوات وسارعت إلى التنديد بمحاولات التدخل في شؤون البلاد الداخلية، وعلى رغم الجفاء في علاقته بالسلطة، رفض "الاتحاد العام التونسي للشغل" في بيان "التدخل في الشأن الداخلي التونسي"، مؤكداً أن "معركة السيادة الوطنية مترابطة جوهرياً مع معركة الديمقراطية والحريات والعدالة الاجتماعية، وأن حسمها لن يكون إلا بأيدي التونسيين بعيداً من أي تدخل خارجي أو هيمنة أجنبية".

وأصدر المجلس الوطني للجهات والأقاليم بياناً أكد فيه أن "تقديم نائبين من الكونغرس الأميركي مشروع قانون لفرض عقوبات على تونس بذريعة ما سمي خروجاً عن الديمقراطية، يأتي في ظل حملة ممنهجة تشنها بعض اللوبيات داخل أروقة الإدارة الأميركية استهدافاً لوطننا وسيادته".

كما رفضت بعض أحزاب المعارضة التدخل الخارجي في تونس، إلا أنها حمّلت السلطة الراهنة مسؤولية "الانفراد بالحكم"، داعية إلى "ضرورة فتح قنوات الحوار مع مكونات المشهد السياسي في الداخل من أجل وحدة الصف لمواجهة أية محاولة للتدخل في شؤون تونس الداخلية".

ودأب رئيس الجمهورية قيس سعيد على التأكيد في كل مناسبة أن "تونس دولة مستقلة وليست تحت الحماية أو الانتداب أو وصاية أية جهة"، فما هي حدود وتأثيرات محاولات التدخل الأجنبي في شؤون تونس الداخلية؟ وهل تحتاج تونس إلى وحدة وطنية لمواجهة محاولات التدخل الخارجي في شؤونها؟

عُرفت تونس على مرّ تاريخها السياسي المعاصر بثوابتها الدبلوماسية التي مكنتها من ربط الصلة مع مختلف الدول، بناء على ما راكمته منذ الاستقلال من حراك دبلوماسي مكثف على الصعد الأفريقية والعربية والدولية، التزاماً منها بمبادئ الأمم المتحدة وبالقضايا الإنسانية العادلة.

ثمن مساندة القضايا العادلة

وجددت تونس دعمها الثابت للشعب الفلسطيني من أجل "استرجاع حقوقه السليبة التي لن تسقط بالتقادم، وفي مقدمها حق إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على كل أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف"، ويرى أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة التونسية منتصر الشريف أن "تونس ثابتة في موقفها من القضية الفلسطينية، وهي اليوم تدفع ثمن ذلك من خلال محاولات الإرباك أو التدخل في شؤونها الداخلية"، مضيفاً أن "موقف تونس من القضية الفلسطينية يعتبر من بين المواقف الدولية القليلة الثابتة على المبدأ من دون مزايدات سياسية، وهو موقف بدأ يثير قلق دول غربية عدة"، وبحسب الشريف فإن "مجموعات دولية تدفع إلى الضغط على تونس بشتى الطرق، بسبب موقفها الثابت من القضية الفلسطينية وتنديدها الصريح بالعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، إلا أن نتائج هذا الموقف تظهر في محاولات التدخل في شؤونها الداخلية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اختلافات تونسية - تونسية  

من جهته يؤكد النائب في البرلمان عن "حركة الشعب"، عبدالرزاق عويدات، في تصريح خاص، أن "تونس ترفض أي شكل من أشكال التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية، وما تحدث عنه السيناتور الأميركي شأن داخلي لا يخص أحداً إلا التونسيين"، معتبراً أن "الخلافات والاختلافات داخل البلاد تونسية - تونسية، ولا يحق لأحد التدخل فيها"، وقال "نحن مجندون جميعاً كوطنيين للدفاع عن استقلال تونس واستقرارها واستقلال قرارها السياسي، من دون تدخل أو إملاءات من أية جهة أجنبية، وكل من يحاول التدخل في شؤون تونس الداخلية سنتصدى له بكل قوة".

ولا يمكن للتونسيين، مهما اختلفت آراؤهم وميولهم السياسية، أن يقبلوا التدخل الخارجي في شؤون بلادهم الداخلية، إلا أن هذا الإجماع يحتاج إلى أرضية متينة وصلبة لا تتزعزع أمام المحاولات المتكررة للتدخل الأجنبي من ثقب الراهن السياسي الذي يحتاج إلى وحدة وطنية صماء تتكسر عندها كل محاولة للتدخل.

وتُرجع بعض الجهات محاولات التدخل في شؤون تونس الداخلية إلى تعقيدات الوضع السياسي الداخلي، بينما يذهب آخرون إلى أن التدخل الخارجي ليس جديداً في العلاقات بين الدول.

جبهة داخلية هشة

ويرى أستاذ الأنثروبولوجيا الثقافية والناشط السياسي الأمين البوعزيزي أن "محاولات التدخل الأجنبي لم تغب عن تونس منذ الاستقلال"، لافتاً إلى أن "القاعدة في العلاقات الدولية مبنية بطبعها على تدخل الدول في شؤون بعضها بعضاً"، ومستدركاً أنه "كلما كانت الجبهة الداخلية ضعيفة كلما تعززت فرضية التدخل الأجنبي"، لافتاً إلى أن "الراهن السياسي في تونس يغيب عنه الفعل السياسي والنقابي والمدني، ولذلك لا يمكن الحديث عن جبهة وطنية لصد أية محاولة للتدخل الأجنبي في تونس".

ويضيف الناشط السياسي أن "التدخل الأجنبي يتسلل من شقوق الجسم السياسي، وإفشاله يكون عبر سد الشقوق وجسْر الهوة بين مختلف الفرقاء السياسيين"، معتبراً أن "الجبهة الداخلية متصدعة وتشكل حقلاً خصباً لمثل تلك التدخلات".

ويرى البوعزيزي أن "تاريخ تونس السياسي يزخر بمحاولات التدخل الخارجي، وكلما حاولت جهة أجنبية التدخل سارعت السلطة إلى فتح نوافذ الحوار الداخلي والقيام بالإصلاحات السياسية المطلوبة"، مشيراً إلى أن "تونس تحتاج إلى حكومات سياسية لإدارة شؤونها"، ومحملاً السلطة تبعات خياراتها السياسية في مواجهة محاولات التدخل.

ويتقاسم الحزب الجمهوري الموقف نفسه، فقد دعا إلى "إطلاق حوار وطني شامل يضم مختلف القوى السياسية والاجتماعية والمدنية، إضافة إلى مصالحة وطنية تنهي الانقسام وتعيد الثقة بين التونسيين".

وفي بيان عالي اللهجة، حمّل الحزب السلطة المسؤولية الكاملة عن تعريض تونس للمبادرات والضغوط الخارجية، واصفاً المشروع الأميركي بأنه "اعتداء صارخ على السيادة الوطنية وتدخل مرفوض".

وتحتاج تونس اليوم الى تعزيز جبهتها الداخلية عبر فتح قنوات الحوار مع مختلف مكونات الطيف السياسي من أجل تشكيل جبهة وطنية داخلية قوية قادرة على مواجهة محاولات التدخل الخارجي، وهو ما تجمع عليه مختلف الأحزاب والمنظمات الوطنية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي