ملخص
في شمال دارفور جددت قوات "الدعم السريع" قصفها المدفعي والصاروخي بمسيرة استراتيجية على مدينة الفاشر مستهدفة المستشفى السعودي وبعض الأحياء السكنية، وفق مصادر عسكرية
شهد محور كردفان أمس السبت عمليات حربية عنيفة على ثلاث جبهات في المواجهات المستمرة منذ أسابيع عدة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" غرب السودان، ودارت معارك عنيفة في مناطق كازقيل والسدرة والعيارة وجبرة الشيخ، تمكن الجيش خلالها من السيطرة على منطقة السرد والاقتراب من جبرة الشيخ بشمال كردفان.
مسيرات الأبيض
تصدت الدفاعات الجوية للفرقة الخامسة مشاة (الهجانة) في مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان أمس لهجوم جديد بالطائرات المسيرة التابعة لقوات "الدعم السريع" على المدينة.
وظلت مدينة الأبيض بموقعها الاستراتيجي الرابط بين ولايات كردفان ودارفور وبقية مدن السودان هدفاً متكرراً لهجمات قوات "الدعم السريع".
وأعلن بيان للناطق الرسمي باسم الجيش العميد نبيل عبدالله أن المضادات الأرضية تصدت أمس بفاعلية لاستهداف مسيرات الميليشيات الانتحارية لبعض المنشآت بالأبيض، من دون وقوع أي خسائر تذكر، مشيراً إلى أن ما سماه "العبث الصبياني" لن يوقف مسيرة النصر.
أكد الجيش أن قواته ستواصل تعزيز قدراتها الدفاعية لحماية المدن والمناطق الحيوية، مشدداً على أن الاعتداءات المتكررة لن تثنيه عن القيام بواجبه الوطني في التصدي لأي تهديدات وتأمين المواطنين.
هجوم مضاد
قالت مصادر محلية إن قوات الجيش تصدت لهجوم مضاد شنته الميليشيات أمس بقوات كبيرة مدينة كازقيل وبسط سيطرته على قرى (فارس، ريشا والشوشاية)، وتابع التقدم نحو منطقة الحمادي.
وكان الجيش استعاد السيطرة على كازقيل قبل أسبوع بعدما تبادل الطرفان السيطرة عليها أكثر من مرة، نظراً إلى أهميتها اللوجيستية بوقوعها عند مفترق الطرق الرابطة بين شمال وغرب وجنوب كردفان، وتوسطها الطريق الحيوي بين مدينتي الدبيبات والدلنج.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والخميس الـ11 من سبتمبر (أيلول) الجاري أعلن الجيش استعادة السيطرة الكاملة على مدينة بارا الاستراتيجية بولاية شمال كردفان بعد معارك ومواجهات شرسة مع قوات "الدعم السريع"، مؤكداً أن هذا التقدم يمهد الطريق نحو مدينة الفاشر ويمثل نقطة تحول في مسار المعارك المستمرة.
اختراق الأبيض
في المقابل قالت قوات "الدعم السريع" إنها حققت أمس السبت انتصارات ساحقة على الجيش في جبهات عدة باختراقها المحور الغربي لمدينة الأبيض والوصول إلى مواقع مهمة، تمهد للسيطرة الكاملة على المدينة.
وأوضح بيان للناطق الرسمي لتلك القوات المقدم الفاتح قرشي أن قواتهم ألحقت خسائر بشرية ومادية فادحة بالجيش والقوات المتحالفة معه وتتأهب لمواصلة الزحف والتقدم في شمال كردفان.
تمبور في بارا
قال نائب الحاكم ووالي وسط دارفور القائد مصطفى تمبور إن الجيش والقوات المساندة له دحرت ميليشيات "الدعم السريع" من محاور شمال كردفان، مؤكداً أن تلك الجيوش ستلتقي قريباً في الفاشر عاصمة شمال دارفور.
وصرح تمبور لدى زيارته مدينة بارا التي حررها الجيش قبل ثلاثة أيام بأن "مصير المرتزقة والخونة والمتمردين على الدولة سيكون الهلاك على يد الجيش"، معتبراً أن ذلك مؤشراً إلى اقتراب خلو البلاد من التمرد.
قصف ومساعدات
في شمال دارفور جددت قوات "الدعم السريع" قصفها المدفعي والصاروخي بمسيرة استراتيجية على مدينة الفاشر مستهدفة المستشفى السعودي وبعض الأحياء السكنية وفق مصادر عسكرية.
وأعلن وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية معتصم محمد صالح تخصيص الحكومة نسبة 10 في المئة من موارد الزكاة للربع الأخير من العام لدعم المناطق المحاصرة، منها سبعة في المئة لسكان الفاشر وثلاثة في المئة لمناطق جنوب كردفان.
أشار صالح إلى أن الأوضاع الإنسانية داخل الفاشر بلغت مستوى خطراً من حيث الندرة الخانقة في السلع الأساسية وارتفاع أسعارها بصورة جنونية، داعياً إلى تكثيف الجهود لإغاثة أكثر من مليون مواطن محاصرين داخل المدينة.
ويوالي تفشي الوباء الكوليرا انتشاره الواسع في دارفور إذ ارتفعت الوفيات التراكمية منذ تفشي الوباء إلى 441 حالة والإصابات إلى 11.272 إصابة، بينما سجل يوم أمس السبت 416 حالة إصابة جديدة و12 وفاة.
وقال تحديث للمنسقية العامة للنازحين بدارفور أن أكثر المناطق التي انتشاراً أوسع للوباء هي مناطق جبل مرة ومحيط مدينة زالنجي التي يتفشى فيها المرض بمعدلات غير مسبوقة، في ظل نقص الإمدادات الطبية والخدمات الأخرى في مراكز العزل الصحي.
الحكومة ترفض
إلى ذلك أثار بيان وزراء الرباعية في شأن إنهاء الحرب في السودان مواقف وردود فعل متباينة بين قوى السياسية والمهنية في البلاد.
أعلنت حكومة السودان رفضها أي تدخلات دولية أو إقليمية لا تحترم سيادة الدولة السودانية ومؤسساتها الشرعية، وحقها في الدفاع عن شعبها وأرضها، وأي محاولة للمساواة بينها وبين ميليشيات إرهابية عنصرية تستعين بالمرتزقة لتدمير وطمس الهوية السودانية.
وأكد بيان للخارجية ترحيبها "بأي جهد إقليمي أو دولي يساعدها في إنهاء الحرب ووقف هجمات ميليشيات آل دقلو الإرهابية على المدن والبنية التحتية ورفع الحصار عن المدن وتفكيكها بحيث لا يتكرر ما ارتكب من مآسٍ وجرائم في حق شعب السودان مرة أخرى".
وأوضح البيان أن "انخراط الحكومة مع أي طرف في الشأن السوداني يعتمد وبصورة واضحة على احترام سيادتها الوطنية وشرعية مؤسساتها القومية"، معربة عن أسفها "لعجز المجتمع الدولي عن إلزام الميليشيات الإرهابية بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي ورفع الحصار على مدينة الفاشر".
صمود ترحب
من جهته رحب التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) ببيان وزراء خارجية المجموعة الرباعية (الولايات المتحدة الأميركية والسعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة)، وخطة العمل التي طرحها لإنهاء النزاع في السودان.
أكد التحالف في بيان تأييده الكامل للخطة ودعا أطراف النزاع إلى الالتزام بها بصورة فورية، مع التشديد على وحدة وسيادة السودان وعدم وجود حل عسكري للنزاع وضرورة السماح بوصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق.
أشاد (صمود) بموقف الرباعية ووصفه بالقوي، مطالباً أطراف الصراع والأسرة الإقليمية والدولية للتنسيق المحكم لضمان تنفيذ هذه الرؤية، بما يقود لإنهاء المعاناة التي يعيشها الشعب السوداني، والوصول لسلام دائم وعادل يجعل من هذه الحرب آخر حروب السودان، ويقود لأمن واستقرار البلاد ومحيطها الإقليمي والدولي.
مدخل عملي
رحب حزب الأمة القومي ببيان الرباعية ووصفه بأنه مدخل عملي لإنهاء الحرب وتحقيق سلام عادل ومستدام.
جدد بيان للحزب تأكيد أهمية الالتزام بالمبادئ الواردة في (بيان الرباعية)، وعلى رأسها صون وحدة السودان وسيادته، وضرورة وقف إطلاق النار الفوري، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.
دعا الحزب إلى الشروع في عملية سياسية شفافة وذات صدقية يقودها السودانيون بدعم من المجتمع الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة (إيغاد).
بدوره اعتبر حزب التجمع الاتحادي تأكيد الرباعية على سيادة ووحدة السودان وعدم وجود حل عسكري وضرورة الامتناع عن دعم الأطراف المتحاربة بأنه يمثل أساساً سليماً لحل الأزمة وللضغط عليهما للانخراط في التفاوض.
تشخيص سليم
نوه بيان للتجمع بأن تأكيد الرباعية على أن مستقبل السودان لا يُملى من قبل الإخوان، يعكس تشخيصاً سليماً للحرب والجهة التي أشعلتها وتعمل على استمرارها.
أعرب التجمع عن تطلعه إلى أن يضع اجتماع وزراء خارجية الرباعية المقرر عقده نهاية هذا الشهر آليات واضحة وسقوف زمنية محددة بهدف ممارسة أقصى الضغوط على الأطراف المتحاربة للذهاب إلى طاولة التفاوض والتوصل إلى وقف إطلاق النار.
بدورها اعتبرت مجموعة محامو الطوارئ بيان الرباعية مؤشراً إيجاباً إلى إدراك المجتمع الدولي لمعاناة المدنيين والكارثة الإنسانية التي يشهدها السودان، وتشكل دفعة نحو وقف نزف الدم وإيجاد حل سلمي للنزاع.
التيار الإسلامي يرفض
في المقابل رفض التيار الإسلامي العريض في السودان الذي يقوده علي أحمد كرتي بيان الرباعية ووصفه بأنه "تدخل سافر في الشؤون الداخلية للسودان ومحاولة فرض حلول خارجية لا يرتضيها الشعب السوداني".
شدد البيان على أنه "لن تستطيع أي جهة في العالم فرض ميليشيات (الدعم السريع) كطرف في أي تسوية سياسية أو عسكرية في السودان"، مشيراً إلى أنه "من العبث محاولة المساواة بين ميليشيات التمرد والقوات المسلحة التي اصطف خلفها كل أهل السودان الشرفاء". ورأى أن "الخيار الوحيد للميليشيات أن تلقى السلاح وتنسحب من المدن التي احتلتها قبل الحديث عن أي تسوية سياسية أو عسكرية".
وكان وزراء خارجية مجموعة (الرباعية) أصدروا الجمعة بياناً مشتركاً تضمن مصفوفة زمنية لإقرار هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر تقود إلى وقف إطلاق النار وعملية انتقالية في السودان، متهماً التيارات الإسلامية بإشعال الحرب وتأجيجها وإعاقة جهود السلام في السودان.
من جهته رفض حزب المؤتمر الشعبي بيان الرباعية بشدة وأي تسوية سياسية من الخارج، مستغرباً عدم إجبار قوات "الدعم السريع" على تنفيذ مخرجات مفاوضات جدة. كما انتقدت قوى الحراك الوطني البيان الرباعي ورأت أن فيه إرضاءً لأحد أطرافها غير المؤهل للوساطة وبالأدلة الموثقة المودعة لدى الأمم المتحدة.
عقوبات جبريل
رداً على العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية على رئيس الحركة ووزير المالية جبريل إبراهيم أكدت حركة العدل والمساواة السودانية رفضها التام للعقوبات ووصفت القرار بأنه تعسفي ولا يستند إلى أي أساس قانوني.
وأوضح بيان للحركة أن أنشطتها السياسية والعسكرية لم تكن امتداداً لأي مشروع عقائدي أو للنظام السابق، بل في إطار نضال مسلح وسياسي ضده، وأسهمت في إحداث التغيير في السودان، وهي طرف أصيل في اتفاق جوبا لسلام السودان وفاعل في العملية السياسية لتعزيز الانتقال الديمقراطي والاستقرار.
وأشار البيان إلى أن "قواتها انخرطت في الدفاع عن المدنيين ووحدة البلاد، في مواجهة ميليشيات (الدعم السريع) التي ارتكبت جرائم حرب وضد الإنسانية، مؤكدة التزامها القانون الدولي الإنساني وفق اتفاقيات جنيف، بما ينفي أي ادعاء بتسبب الحركة في تشريد المدنيين".
تواصل خارجي
في تأكيد على تواصله الخارجي بحث قائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو (حميدتي) في اتصال هاتفي أمس السبت مع الممثل الخاص للمملكة المتحدة في السودان ريتشارد كراودر العلاقات التاريخية بين السودان والمملكة المتحدة.
وفق منصات "الدعم السريع" قدم حميدتي شرحاً مفصلاً حول التطورات السياسية الجارية ودواعي تشكيل حكومة السلام ورؤيتها لوقف الحروب ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب السوداني.
وأشاد قائد "الدعم السريع" بالجهود التي تبذلها المملكة المتحدة في دعم الشعب السوداني، لا سيما في مجال تقديم المساعدات الإنسانية وتعزيز حماية المدنيين وإسهاماتها المقدرة في إنهاء الحرب وتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد.