ملخص
رسوم الأراضي البيضاء جاءت لمعالجة مشكلة الاحتكار وتحفيز أصحاب الأراضي الكبيرة داخل النطاق العمراني على تطويرها أو بيعها، بما يزيد المعروض السكني ويسهم في خفض الأسعار وتحقيق التوازن بين العرض والطلب.
بعد بدء تطبيق رسوم الأراضي البيضاء في السعودية لجأ بعض ملاك الأراضي إلى ما اعتبروه ثغرة قانونية عبر استخدام عقود الهبة لتفادي الرسوم المفروضة على الأراضي الكبيرة، وتنص التعديلات الأخيرة على فرض الرسوم على من يملك أراضي تزيد مساحتها على 5 آلاف متر مربع داخل النطاق العمراني، ولهذا يقوم بعض الملاك بتجزئة أراضيهم ومنحها لأقاربهم حتى الدرجة الثالثة بحيث تقل المساحة المملوكة لكل فرد عن الحد الخاضع للرسم.
بيانات وزارة العدل أظهرت ارتفاعاً غير مسبوق في معاملات نقل الملكية عبر عقود الهبة بنحو 50 في المئة مقارنة بالمتوسط السنوي المعتاد، وهو ما تزامن مع دخول الأنظمة الضريبية الجديدة حيز التطبيق.
الأراضي الصغيرة الأكثر إفلاتاً
أوضح العبودي بن عبدالله الرئيس التنفيذي لشركة حاضنة المساكن العقارية أن الهدف من رسوم الأراضي البيضاء هو تشجيع التطوير وزيادة المعروض السكني، مبيناً أن استغلال الثغرة القانونية أصعب على أصحاب الأراضي الكبيرة بينما الأراضي الصغيرة عند حدود 5 آلاف متر قد تفلت من التطبيق بسهولة.
تزايد توثيق الهبات العقارية بعد فرض رسوم الأراضي البيضاء
— د. بدر الشويعر (@Dr_Alshuwaier) September 7, 2025
بالاطلاع على المنصات الرسمية، يُلاحظ تزايد حالات توثيق العقارات بصيغة “هبة” عقب بدء تطبيق رسوم الأراضي البيضاء، ويُفهم من ذلك أن بعض هذه التصرفات قد تهدف إلى الإعفاء من دفع الرسوم أو الضرائب المقررة.
▫️ الإعفاء نظامًا:
لا… pic.twitter.com/dH1o6PtiCv
وضرب مثالاً بأن من يملك 5 آلاف متر يمكنه نقلها كهبة لفرد واحد من عائلته لتفادي الرسوم، في حين أن من يملك 200 ألف متر يحتاج إلى أكثر من 40 فرداً من عائلته لتوزيعها، وهو أمر شبه مستحيل عملياً، وتوقع العبودي أن تشهد هذه الفترة التصحيحية ضوابط موقتة على عمليات الهبات للحد من هذه الممارسات.
"التهرب" حل غير ناجح للتوفير
رسوم الأراضي البيضاء جاءت لمعالجة مشكلة الاحتكار وتحفيز أصحاب الأراضي الكبيرة داخل النطاق العمراني على تطويرها أو بيعها، بما يزيد المعروض السكني ويسهم في خفض الأسعار وتحقيق التوازن بين العرض والطلب. ويرى المختص بالعقار خالد المبيض أن اللجوء إلى الهبات يضعف الأثر المقصود من النظام، إذ تبقى الأراضي مجمدة من دون تطوير مما يضر بالسوق على مستويين، أولاً يبطئ دخول أراض جديدة مطورة، وثانياً يضعف العدالة التنافسية بين الملتزمين بالرسوم ومن يتجنبونها، وهو ما ينعكس سلباً على تحقيق أهداف الإسكان ورؤية المملكة 2030.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يرى خالد المبيض أن الرسوم تمثل أداة إصلاحية قوية، إلا أن استمرار وجود ثغرات في التطبيق مثل الهبات يقلل من فعاليتها، مما يستدعي معالجتها وتشديد الرقابة لضمان تحقيق أهدافها في زيادة التطوير وخفض الأسعار. ومن زاوية استثمارية أوضح المبيض أن تجنب الرسوم عبر الهبات ليس حلاً ناجحاً، فعلى رغم أنه قد يوفر نسبة بين خمسة و10 في المئة سنوياً، إلا أنه قد يحرم المالك من الاستفادة من بيع الأرض أو إدخالها في مشروع بسعرها الحالي، خصوصاً في حال انخفضت الأسعار مستقبلاً بنسبة تفوق نسبة الرسم نفسه.
تعديلات شملت الأراضي والعقارات الشاغرة
شملت التعديلات على النظام الجديد جوانب عدة، منها فرض رسم سنوي يصل إلى 10 في المئة من قيمة الأرض وفق ضوابط تحددها اللوائح، وذلك على الأراضي البيضاء المملوكة لشخص أو أكثر سواء من ذوي الصفة الطبيعية أو الصفة الاعتبارية، مع استثناء عقارات الدولة من هذا التطبيق. كما جرى تحديد نطاق تطبيق الرسوم والمساحة الخاضعة لها، بحيث لا تقل هذه المساحة للأرض الواحدة أو لمجموع الأراضي المملوكة للشخص نفسه عن 5 آلاف متر مربع، وذلك وفقاً لما تنص عليه اللوائح التنفيذية للنظام.
أما بالنسبة إلى العقارات الشاغرة، والمقصود بها المباني الواقعة داخل النطاق العمراني وغير المستغلة لفترة زمنية طويلة من دون مسوغ مقبول، التي يؤدي عدم استخدامها أو استغلالها إلى تقليص حجم المعروض المتاح في السوق العقارية، فقد نصت التعديلات على فرض رسم سنوي بنسبة من أجرة المثل وبما لا يزيد على خمسة في المئة من قيمة العقار، وذلك وفقاً لأحكام النظام وما تحدده اللوائح ذات الصلة. ولا يشمل هذا البند عقارات الدولة، على أن يكون لمجلس الوزراء صلاحية زيادة هذه النسبة إلى 10 في المئة بناء على اقتراح يرفع من اللجنة الوزارية المختصة، مما يعكس جدية التوجه في معالجة اختلالات السوق وضمان استثمار الأراضي والمباني داخل النطاقات العمرانية، بما يتوافق مع أهداف التنمية العمرانية وزيادة المعروض السكني.
بدوره أكد الكاتب والمحلل الاقتصادي والمصرفي طلعت زكي حافظ أن التعديلات الأخيرة على نظام رسوم الأراضي البيضاء تمثل خطوة محورية نحو تنظيم القطاع العقاري وتعزيز التنمية المستدامة وزيادة المعروض العقاري، بخاصة في الرياض، وأضاف أنها تسهم في تحقيق التوازن بين العرض والطلب وتحفز التنمية العمرانية والإسكانية.