Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحكومة اللبنانية تقر تنفيذ خطة حصر السلاح بعد انسحاب الوزراء الشيعة

مصادر حكومية ومن قصر بعبدا تكشف لـ "اندبندنت عربية" ما حصل خلال الجلسة وتفاصيل من خطة الجيش

ملخص

قال دبلوماسي ومصدر لبناني إنه مع حرص الجيش على تجنب المواجهة مع "حزب الله"، فربما يجري تجنب تحديد جدول زمني لنزع السلاح في هذه الخطة.

أعلنت الحكومة اللبنانية مساء اليوم الجمعة أن الجيش سيبدأ بتنفيذ خطة نزع سلاح "حزب الله" وفق إمكاناته "المحدودة"، وذلك في ختام جلسة خُصصت لمناقشة هذه القضية الشائكة، انسحب منها الوزراء المحسوبون على الحزب وحليفته "حركة أمل".

وبحسب مصادر وزارية لـ "اندبندنت عربية" فإن خطة الجيش لحصر السلاح حددت 3 أشهر للمرحلة الأولى التي تشمل المنطقة الممتدة حتى جنوب نهر الليطاني، ووقف أي حركة تسليح ونقل أسلحة في شمال الليطاني. أما المرحلة الثانية من الخطة فتشمل كل لبنان لكن من دون مهلة زمنية، ما أدى إلى اعتراض الوزراء التابعين لحزب "القوات اللبنانية".

في الموازاة، كشفت مصادر القصر الجمهوري أنه عند انسحاب الوزراء الشيعة من الجال قال وزير الصحة ركان ناصر الدين، المحسوب على "حزب الله"، إن "خطوتنا بالانسحاب ليست موجهة ضد قائد الجيش وإنما مرتبطة بموقف سياسي" وبدأ الوزراء بعدها بالانسحاب مؤكدين الموقف نفسه.

وعلمت "اندبندنت عربية" أن قائد الجيش العماد رودولف هيكل أعد خطة مفصلة شكلت محور إشادة الحكومة، وقد تولى ومدير العمليات في الجيش عرض تفاصيل الخطة في كل منطقة بشكل منفصل، مع مقاربة لواقعها ووضعها الاجتماعي.
وكشفت المصادر ذاتها أن هذه الخطة ستكون على مراحل تبدأ بجنوب الليطاني مروراً ببيروت والبقاع وصولاً إلى باقي المناطق اللبنانية.
وعُلم أن رئيس الجمهورية جوزاف عون طلب توزيع البيان الذي جُهِّز حول رؤية مجلس الوزراء لحصرية السلاح، قبل أن يطلب بعض الوزراء إضافات، من بينها ضرورة تقديم تقارير شهرية من قبل قيادة الجيش حول تنفيذ الخطة التي لم تشر إلى مهل محددة. وذُكر أن الوزراء المحسوبين على "القوات اللبنانية" كانوا في صدد التحفظ على البيان لكن رئيس الجمهورية تمنى عدم القيام بالأمر، فردّ هؤلاء الوزراء عبر المطالبة بمهل غير مفتوحة لتسليم السلاح.

مؤتمر وزير الإعلام

وقال وزير الإعلام بول مرقص بعد تلاوته بيان الحكومة، إن "الجيش اللبناني سيباشر بتنفيذ الخطة، لكن وفق الإمكانات المتاحة التي هي إمكانات لوجيستية ومادية وبشرية محدودة في النهاية". وقرر مجلس الوزراء بحسب بيان الحكومة الإبقاء على مضمون الخطة "سرياً".

وصرح مرقص بأن "مجلس الوزراء استمع إلى عرض قائد الجيش (رودولف هيكل) حول الخطة لسحب السلاح، فرحب بها لضمان بسط سلطة الدولة وقرر الإبقاء على مضمونها سرياً". وأضاف أن "قيادة الجيش سترفع تقريراً شهرياً للحكومة حول تطبيق خطة حصر السلاح، ولبنان يؤكد سعيه لتحقيق الأمن والاستقرار على حدوده الجنوبية. وأي تقدم في تطبيق مندرجات الورقة الأميركية مرهون بالتزام إسرائيل".

وقال الوزير مرقص إن الرئيس جوزاف عون شدد على أهمية إجراء الاستحقاق الانتخابي النيابي في موعده وبدء التحضير له، وتوقف عند سقوط الضحايا وخصوصاً من الجيش اللبناني مقدماً لأهلهم أحر التعازي، مستنكراً الاعتداءات الإسرائيلية. وأضاف أن "عون اعتبر التمديد بعام لقوات ’اليونيفيل‘ إنجازاً بعد التحركات الرامية لإنهاء ولايتها".

ونقل وزير الإعلام عن رئيس الحكومة نواف سلام تأكيده أنه "مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان حرص على حشد الدعم العربي والدولي للضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها والانسحاب من النقاط التي تحتلها" جنوب لبنان. وتابع أن "سلام شدد على أن أية عملية إصلاحية في البلد يجب مواكبتها بحصر السلاح بيد الدولة، ولا استثمارات تأتي واقتصاداً ينمو ما لم تتوافر شروط الأمان والاستقرار في البلد".

انطلاق الجلسة

وكانت جلسة الحكومة اللبنانية انطلقت عند الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا، برئاسة الرئيس جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام. وقد حضر الجلسة كل الوزراء بما فيهم وزراء "الثنائي الشيعي" وقائد الجيش العماد رودولف هيكل.

وبعد انطلاقتها بنحو ساعة، خرج الوزراء الشيعة الخمسة من الجلسة، فيما أفادت تقارير إعلامية بأن خروجهم أتى اعتراضاً على بدء طرح خطة الجيش لحصرية السلاح بيد الدولة، بما يشمل سلاح "حزب الله".

منعطف حاسم في المواجهة 

وتعد جلسة اليوم منعطفاً حاسماً في المواجهة بين الجماعة، المدعومة من إيران التي ترفض التخلي عن سلاحها، وبين خصومها الذين يريدون نزع سلاحها وفق مطالب الولايات المتحدة.

وبرزت الدعوات إلى نزع سلاح "حزب الله" منذ الحرب المدمرة مع إسرائيل العام الماضي، التي قلبت موازين القوى بعد أن هيمنت عليها الجماعة لفترة طويلة.

وعلى رغم تنامي الضغوط على "حزب الله"، فإنه يرفض خطوة لتفكيك ترسانته من الأسلحة، مما عمق الانقسام بينه وحليفه الشيعي "حركة أمل" من جهة، وبين لبنانيين آخرين، منهم ساسة بارزون من المسيحيين والسنة، من جهة أخرى.

وتنعقد جلسة مجلس الوزراء على خلفية تصعيد الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان، التي تسببت في مقتل أربعة أفراد الأربعاء، مما زاد من المخاوف في لبنان من وقوع مزيد من الهجمات إذا لم يتخل "حزب الله" عن سلاحه، وقال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف موقعاً يخزن فيه "حزب الله" أدوات هندسية يستخدمها في "تعافي التنظيم".

وزادت حدة التوتر القائمة منذ فترة طويلة في لبنان بسبب سلاح "حزب الله" منذ أن كلفت الإدارة، التي يقودها الرئيس جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، الجيش المدعوم من الولايات المتحدة في الخامس من أغسطس (آب) بوضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة بحلول نهاية العام.

جدول زمني محدد

لم يتضح بعد كيف ستسير الجلسة، وقال دبلوماسي ومصدر لبناني إنه مع حرص الجيش على تجنب المواجهة مع "حزب الله"، فربما يجري تجنب تحديد جدول زمني لنزع السلاح في هذه الخطة.

ومن المرجح أن يؤدي أي قرار وزاري يعارضه "حزب الله" إلى انسحاب الوزراء الشيعة الموالين للحزب و"حركة أمل"، مما يحرم الحكومة من توافق طائفي، وربما يصبح تأجيل التصويت على الخطة أحد الاحتمالات.

وأشارت إسرائيل الأسبوع الماضي إلى أنها ستقلص وجودها العسكري في جنوب لبنان، إذا ما اتخذ الجيش اللبناني إجراءات لنزع سلاح "حزب الله".

لكن "حزب الله" استبعد نزع سلاحه، قائلاً إن ترسانته تحمي لبنان من الهجوم الإسرائيلي، وانتقد المسؤول الإيراني الكبير علي أكبر ولايتي الشهر الماضي تحركات بيروت في شأن نزع السلاح.

وقال السياسي في "حزب الله" محمد رعد الأربعاء "من موجبات الدفاع عن لبنان، وحفظ السيادة الوطنية"، أن تمتنع السلطات اللبنانية عن الموافقة على أي خطط تتعلق بسلاح "حزب الله".

وأضاف أن على السلطة "أن تراجع حساباتها وتتوقف عن تقديم هدايا مجانية للعدو، وتتراجع عن قرارها غير الميثاقي وغير الوطني في موضوع سلاح المقاومة وتمتنع عن الخطط المزمع تمريرها بهذا الصدد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتضمن اقتراح أميركي بحثته بيروت الشهر الماضي نزع سلاح "حزب الله" بحلول نهاية العام، وانسحاب إسرائيل وإنهاء عملياتها العسكرية في لبنان، وأشار المقترح أيضاً إلى احتمال تقديم دعم اقتصادي.

وقال مصدر مقرب من "حزب الله" إن لبنان واجه كثيراً من الضغوط الأميركية لتنفيذ هذا الاقتراح، لكن الحزب واصل التأكيد، بما في ذلك للجيش، أنه لن يسلم سلاحه ولن يسمح لأحد بأخذه.

"كرة النار"

قال المصدر إن زعيم "حركة أمل" رئيس مجلس النواب نبيه بري، يصر على أن يخلو أي نقاش من تحديد جدول زمني.

وأشار بري، في خطاب ألقاه في الـ31 من أغسطس الماضي، إلى أن الأطراف الشيعية مستعدة لمناقشة مصير سلاح "حزب الله"، لكن في إطار حوار هادئ وتوافقي.

وقال بري "من غير الجائز وطنياً، وبأي وجه من الوجوه، رمي كرة النار في حضن الجيش اللبناني"، عبر مطالبته على نحو مفاجئ بمعالجة قضية ظل نقاشها محرماً على مدى سنوات طويلة، مثل نزع سلاح "حزب الله".

واشترط اتفاق وقف إطلاق النار الذي تسنى التوصل إليه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 بدعم أميركي نزع سلاح "حزب الله"، بدءاً من المناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني القريبة من إسرائيل.

ويقول "حزب الله" إن الاتفاق ينطبق فقط على تلك المنطقة، وإنه سلم أسلحته إلى القوات اللبنانية هناك، ولا تزال القوات الإسرائيلية تحتل قمم خمسة تلال في الجنوب، وتواصل شن غارات جوية على عناصر "حزب الله" ومستودعات أسلحته.

"الوقت ينفد"

أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب حذرت من أن الوقت ينفد أمام قادة لبنان لنزع سلاح "حزب الله"، قبل أن يخاطروا بفقدان الدعم المالي الأميركي أو حملة عسكرية إسرائيلية متجددة.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين، "القلق الأميركي" من احتمال تراجع الحكومة اللبنانية عن اتخاذ موقف حازم تجاه "حزب الله".

ويأتي هذا التحذير في وقت يصفه مسؤولون أميركيون بأنه "لحظة حرجة" في تاريخ لبنان، إذ تدرس حكومة البلاد خطة لإجبار الجماعة المدعومة من إيران منذ عقود على تسليم أسلحتها.

وقال مسؤولون في الإدارة الأميركية، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إنهم يخشون من أن تحجم الحكومة البرلمانية اللبنانية عن مواجهة محتملة مع "حزب الله".

 وحذر أحد المسؤولين من أن التقاعس أو اتخاذ إجراءات جزئية قد يدفع الكونغرس إلى قطع التمويل الأميركي السنوي، البالغ نحو 150 مليون دولار للجيش اللبناني.

ويقول مسؤولون أميركيون إن الخطر الأكبر على لبنان من التأخير أو الإجراءات غير المكتملة هو أن إسرائيل ستخلص إلى أنها يجب أن "تنهي المهمة"، على حد تعبير أحدهم، من خلال حملة عسكرية متجددة قد تسبب أضراراً وخسائر فادحة.

المزيد من الأخبار