Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لاعبة كرة القدم سيلين حيدر... قصة شغف غلبت الموت

تعرضت لإصابة في رأسها جراء غارة إسرائيلية في نوفمبر الماضي ودخلت في غيبوبة

تزور سيلين ملاعب كرة القدم باستمرار لاشتياقها إلى رياضة هي الشغف والحياة بالنسبة إليها (مواقع التواصل الاجتماعي)

ملخص

التجربة التي مرت بها سيلين لم تكن سهلة أبداً، فمن رياضية تخصص معظم ساعات النهار لتمارس هوايتها المفضلة، تعيش اليوم حالاً من الفراغ في مرحلة العلاج بعد هذه التجربة التي حرمتها فرصة تحقيق أهدافها في كرة القدم. فيبدو لها يومها مملاً، يبدأ بالعلاج الفيزيائي وينتهي بساعات من الراحة، إلا أن هذه الفترة التي تمضيها في المنزل بانتظار التعافي والعودة للملعب ولحياتها الطبيعية كما قبل الإصابة، ليست إلا موقتة بالنسبة إليها.

العام الماضي، تعرضت لاعبة كرة القدم سيلين حيدر لإصابة في رأسها جراء غارة إسرائيلية ودخلت في غيبوبة خلال أشهر، وعلى رغم آراء الأطباء، عادت للحياة متمسكة بشغفها وأحلامها.

كان منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2024، تاريخاً مفصلياً في حياة لاعبة منتخب لبنان بكرة القدم سيلين حيدر. ففي ذلك اليوم، دخلت في غيبوبة على إثر إصابة تعرضت لها في رأسها بغارة جوية إسرائيلية على أحد المباني في الضاحية الجنوبية لبيروت. من حينها، حصل تحول جذري في حياة اللاعبة الشابة، وتبدلت أحلامها التي طمحت طويلاً إلى تحقيقها في ملاعب كرة القدم. لا تشبه حياتها اليوم أبداً ما كانت عليه قبل ذلك اليوم المشؤوم، بل تبدو فارغة وخالية من أية متعة وتغلب فيها العلاجات الهادفة إلى إعادتها لحياتها الطبيعية وللملاعب التي تفتقدها في كل لحظة. لكن ما لم تغيره الإصابة في سيلين، فهو ذلك الشغف بكرة القدم الذي لم تفقده للحظة، فظلت تتمسك به بإرادة صلبة واندفاع نادرين، على رغم التجربة الصعبة التي مرت بها والغيبوبة التي أدخلتها فيها إصابتها لمدة ثلاثة أشهر بسبب حرب لا دخل لها فيها.


عندما يكون حب الحياة أقوى من الموت

وعلى رغم التجربة التي مرت بها سيلين، تبدو اليوم أكثر عزماً على العودة لتحقق أحلامها المؤجلة. وإذا كان الأطباء يتوقعون أن تستعيد عافيتها التامة وتعود لحياتها الطبيعية ولأرض الملعب خلال ثلاثة أشهر، فهي أكثر إيجابية بتوقعاتها وتأمل أن تعود للملاعب خلال فترة أقصر. ألم تكُن للأطباء نظرة متشائمة إزاء حالها بعد الإصابة عندما دخلت في غيبوبة وأثبتت لهم أنهم على خطأ عندما استفاقت وعادت للحياة؟

ها هي اليوم تؤكد خلال حديثها لنا بثقة أن أحلامها لم تختلف عما كانت عليه قبل الإصابة، بل أضيف مزيد إليها. فكانت تحلم بافتتاح أكاديمية باسمها لكرة القدم، وهي اليوم متمسكة بهذا الحلم وتنوي تحقيقه بمزيد من العزم بعد تعافيها بصورة تامة. في الوقت نفسه، تدرك أن الحلم لا يتحقق بين ليلة وضحاها، بل خطوة بخطوة. لذلك، هي اليوم أكثر حماسة وتتمسك أكثر بعد بشغفها، خصوصاً أنها تعلم جيداً أن العوائق تزيد الإنسان اندفاعاً لتحقيق أهدافه "أنا ألعب كرة القدم بقلبي من شدة تعلقي بها، ولو بقي من عمري يوم واحد، أنا مصرة على العودة للملعب ولعب كرة القدم، ولن يقف شيء في وجهي".

لو لم تُصب في الحرب، لكانت لسيلين أحلام كبيرة ومتعددة، خصوصاً في مجال شغفها. وكانت تخطو أولى الخطوات في الطريق إلى تحقيقها قبل أن تتعرض للإصابة، إذ كانت تقدمت للحصول على شهادة في التدريب، وحازت الموافقة عليها بانتظار الامتحان، لكن الإصابة الخطرة التي تعرضت لها حالت دون ذلك. وعلى رغم التحديات، تنوي أن تتابع في هذا الطريق ما أن تستعيد عافيتها بالكامل، فضلاً عن هوايتها الأخرى التي فقدت القدرة على ممارستها وهي ركوب الدراجة النارية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويبقى شغفها الأول ومحور اهتمامها اليوم كرة القدم، على رغم أنه ليس من الشائع في بلادنا أن تمارس فتاة هذه الرياضة، لكنها من الطفولة تخطت التحديات في سبيل تحقيق أهدافها حتى بلغت هذه المراحل، وتلك الانتقادات التي تعرضت لها في البدايات ضمن محيطها لم توقفها يوماً بل زادتها إصراراً، حتى اكتشف موهبتها أحد المدربين، وبدأت العمل على تطويرها لتبلغ مراحل متقدمة في الطريق لتحقيق أحلامها. حالياً، تتطلع إلى لاعبات كرة القدم الناجحات في العالم، وكثيراً ما اعتبرتهن مثالاً حتى تصل إلى تحقيق الحلم فتصبح لاعبة كرة القدم في أوروبا، خصوصاً أنها بدأت بتحقيق النجاحات مع منتخب لبنان خلال مباريات شاركت فيها بالأردن.

الأمل سلاح سيلين في مواجهة لحظات الضعف

التجربة التي مرت بها سيلين لم تكُن سهلة أبداً، فمن رياضية تخصص معظم ساعات النهار لتمارس هوايتها المفضلة، تعيش اليوم حالاً من الفراغ في مرحلة العلاج بعد هذه التجربة التي حرمتها فرصة تحقيق أهدافها في كرة القدم. فيبدو لها يومها مملاً، يبدأ بالعلاج الفيزيائي وينتهي بساعات من الراحة، إلا أن هذه الفترة التي تمضيها في المنزل بانتظار التعافي والعودة للملعب ولحياتها الطبيعية كما قبل الإصابة، ليست إلا موقتة بالنسبة إليها. في الأثناء، اكتشفت هواية جديدة لها إذ تغوص حالياً في قراءة كتب الشعر، لكنها في الوقت نفسه، لا تنكر أن ما مرت به جعلها تضعف وتتخبط من وقت إلى آخر بين الرغبة في العودة والعيش وحال اليأس التي تغرق فيها بسبب التجربة الصعبة التي تعيشها، أما ما يزيدها عزماً أنها في النهاية، تمكنت من أن تغلب الموت وتعود للحياة على رغم التحديات.

وبوجود كل الدعم الذي تلقاه من أهلها إلى جانبها وأشقائها، تتغلب على اليأس وعلى لحظات الضعف، فهم لا يسمحون لها بأن تضعف أو تنظر إلى الوراء، ويرغمونها على المتابعة والمضي قدماً لتحقق أهدافها. واليوم، هي لا تحتاج إلا إلى قليل من الوقت، فتشعر بأن لحظة العودة باتت قريبة جداً. وبفضل إصرارها، عندما قيل لها إنها ستمشي خلال عام، استطاعت أن تمشي خلال ما لا يزيد على ثلاثة أشهر، وها هي اليوم مستعدة لتثبت للكل أنها قادرة على استعادة عافيتها والعودة لشغفها. وبانتظار تلك اللحظة، لا تتردد في زيارة الملعب من وقت إلى آخر لاشتياقها الكبير له وللكرة التي تفتقدها في كل لحظة وتحملها لتستعيد ذكرياتها الجميلة معها، كما أن زياراتها هذه هدفها تشجيع من تصفهم بعائلتها الثانية في الأكاديمية التي كانت تتدرب فيها قبل الإصابة، وتترقب حالياً حفل تكريمها في الأكاديمية، لاعتبارها تحولت إلى أيقونة ومثال يحتذي به كثر، إذ استطاعت أن تغلب الموت بالأمل واليأس بشغف لا يقهر.

اليوم المشؤوم

لا تتذكر سيلين كثيراً من اليوم المشؤوم الذي تعرضت به للإصابة، وتحمد الله على ذلك. فبعد إصابتها دخلت في غيبوبة دامت ثلاثة أشهر، كانت خلالها بين الحياة والموت، لكن بفضل دعوات أهلها وأصدقائها وكثير من المحبين الذين وجدوا فيها قدوة، وبفضل إصرارها وتمسكها بالحياة، استفاقت لتجد إلى جانبها، أولاً، أهلها الذي يترقبون اللحظة التي استيقظت فيها.

في الذكرى السنوية المؤلمة لإصابتها، تنوي سيلين الوقوف في المكان الذي أصيبت فيه، وتدعو كل من مرّ بتجربة مماثلة إلى التحلي بالإرادة والصمود والعزم، تماماً كما فعلت لأنه من دونها لا يمكن تحقيق أي هدف في الحياة، إذ تدرك سيلين أنها أصبحت رمزاً للبنان وأيقونة، لذلك ترفض أن تضعف أو تتهاون، وتدرك جيداً أنه لا يمكن أن تتوقف اليوم أو تعود للوراء، وتصر على المثابرة كما تفعل أية أيقونة في عالم الرياضة أو في أي مجال آخر.

المزيد من تقارير