Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السودان... سجال بين "الحرية والتغيير" والمعارضة حول تمديد الطوارئ

البعض يرى أن هذا الإجراء ضروري في ظل المخاطر وآخرون يؤكدون ألا أسباب مقنعة

محتجون سودانيون يحرقون الإطارات خلال تظاهرة في العاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)

 

سبق تمديد المجلس السيادي في السودان حالة الطوارئ في جميع مناطق البلاد لمدة ثلاثة أشهر، اعتباراً من الجمعة 11 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، سجال بين قوى "الحرية والتغيير" المؤيدة لهذه الخطوة بسبب الوضع الاستثنائي الذي تمر به البلاد، والمعارضة التي تمثل القوى الحزبية غير المشاركة في الحكومة وغالبيتها تيارات إسلامية مؤيدة للنظام السابق، والتي لا ترى وجوداً مهدداً يسمح بإعلان حالة الطوارئ، ما اعتبرتها مسعى "للديكتاتورية وتضييق على الحريات".

حالة استثنائية

وأوضح المتحدث باسم مجلس السيادة في السودان محمد الفكي سليمان، أنه "وفقاً لنص المادة 40 من الوثيقة الدستورية، يجوز لمجلس الوزراء أثناء سريان حالة الطوارئ أن يتخذ أية تدابير لا تقيد أو تلغي جزئياً أو تحد من آثار هذه الوثيقة"، مضيفاً "مع ذلك في حال وصول الحالة الاستثنائية إلى درجة تهدد سلامة الأمة، يجوز للمجلس بالتشاور مع مجلس السيادة، تعليق جزء من وثيقة الحقوق، ولا يجوز مع ذلك الانتقاص من حق الحياة أو الحرمة من الاسترقاق أو التعذيب أو عدم التمييز على أساس العرق أو النوع أو المعتقد الديني أو الإعاقة أو حق التقاضي أو الحق في المحاكمة العادلة".

إجهاض الثورة

ويرى القيادي في قوى "الحرية والتغيير" وجدي صالح، أن "تمديد حالة الطوارئ ضرورة في ظل المخاطر التي تحيط بالبلاد حالياً، وما تواجهه من تحديات من عناصر النظام السابق، وهو ما يستدعي تفكيك مؤسسات هذا النظام، لكنها ليست سيفاً مسلطاً على المواطنين أو منع تسيير المواكب والتعبير عن الحريات". وأكد صالح لـ "اندبندنت عربية" أن "هذه الخطوة لا تتعارض مع الوثيقة الدستورية التي تتيح وتعطي الحق بإعلان الطوارئ في الحالة الاستثنائية وهذا هو السبب الحقيقي، إذ لا يزال جيوب النظام القديم متعمقين في مؤسسات الدولة ويشكلون تهديداً حقيقياً للدولة، لكن بالطبع سترفع حالة الطوارئ مع زوال تلك الأسباب". لكنه لفت إلى أن "مؤشرات استقرار البلاد وشيكة ولن تأخذ وقتاً طويلاً". واستنكر القيادي تصريحات من ينتقدون التمديد، خصوصاً أنصار نظام الرئيس السابق عمر البشير الذين يسعون لإجهاض الثورة بأي شكل وثمن، وإفشال الحكومة الانتقالية، متناسين أن النظام السابق الذي يؤيدونه حكم البلاد بالطوارئ مدة 30 عاماَ، مؤكداً "ألا تهاون مع من يريد أن يجهض الثورة التي دفع ثمنها شباب أفنوا أرواحهم فداء للوطن وللحرية والديمقراطية، إذ سيجري التصدي لأي فعل مخالف للقانون، بكل قوة وحزم".

تضييق للحريات

في حين وصف بيان لحزب "المؤتمر الشعبي" المعارض، وهو الحزب الذي أسسه حسن الترابي عقب اختلافه مع الرئيس السابق عمر البشير، موقف قوى "الحرية والتغيير" المؤيد للطوارئ بـ "المناقض لثورة الشعب السوداني"، واعتبره "سعياً ديكتاتورياً جديداً وذريعة للتضييق على حرية التعبير، وتقديم لسلطان السلطة على قيم الحرية، وذريعة لحرمان المواطنين من حقوقهم الأساسية التي تفجرت من أجلها ثورتهم"، مشيراً إلى أن "تمديد حالة الطوارئ يعني أن تُقدم الحكومة ومن خلفها قوى الحرية والتغيير إذناً جديداً بمزيد من سفك الدماء لأبناء شعبنا، بل وتحرض على ذلك بتبريراتها الشائنة بتوالي أزمات المعيشة وخلافها".

تأييد شعبي

ومن جهته، انتقد المحامي نبيل أديب تمديد حالة الطوارئ، مؤكداً أنه "لا توجد حاجة ماسة تستدعي تمديدها، لأن مسألة التمديد تتطلب توافر أسباب مقنعة وحقيقية، أي أن تكون هناك حالة استثنائية تهدد الدولة أو الأمة إما في عامة البلاد أو في جزء معين من أقاليم السودان". وأشار في حديث لـ "اندبندنت عربية" إلى أن "الدولة السودانية الآن في حالة من الاستقرار وأنها تجد تأييداً شعبياً واسعاً لم تجده حكومة منذ 50 سنة ماضية"، لافتاً إلى أن "ما يحدث من خلافات يمكن حلها دستورياً، لكن لا يجوز تعليق الحريات مهما يكن"، وبيّن أن "الوضع الحالي لا يحتاج لفرض حالة طوارئ وأن قضايا الاعتقالات لرموز النظام السابق تسير بشكل طبيعي، بالتالي لا يوجد تحد ماثل لأي ظرف استثنائي يقود لهذه الخطوة".

تصاعد الاحتجاجات

وكان الرئيس السابق عمر البشير، ومع تصاعد الاحتجاجات على حكمه، لجأ في 22 فبراير (شباط) الماضي إلى فرض حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر، وأردفها بجملة من الأوامر، منها سجن المتظاهرين لمدة تصل إلى ست سنوات، في مقابل أوامر أخرى خاصة باحتواء أزمة الشح في الخبز والنقود والوقود. في حين لجأ المجلس العسكري الانتقالي آنذاك، عقب سقوط النظام السابق في 11 أبريل (نيسان) الماضي، إلى تمديد فرض الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر.

وتنص الوثيقة الدستورية الموقعة بين المجلس العسكري الانتقالي "المحلول" وقوى "إعلان الحرية والتغيير" في 17 أغسطس (آب) الماضي، على أنه "عند وقوع أي خطر طارئ أو كارثة طبيعية أو أوبئة، تهدد وحدة البلاد أو أي جزء منها أو سلامتها أو اقتصادها، يجوز لمجلس الوزراء أن يطلب من مجلس السيادة إعلان حالة الطوارئ في البلاد أو في أي جزء منها، على أن يعرض إعلان حالة الطوارئ على المجلس التشريعي الانتقالي خلال 15 يوماً من تاريخ إصداره، وإذا لم يكن المجلس التشريعي الانتقالي منعقداً، فيجب عقد دورة طارئة".

المزيد من العالم العربي