Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

في بيان شديد اللهجة... السيستاني يحمّل الحكومة العراقية مسؤولية قتل المتظاهرين

"مشاهد فظيعة تنمّ عن قسوة بالغة فاقت التصور وجاوزت كل الحدود"

أصدر المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، بياناً شديد اللهجة ضد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في بغداد، التي يرأسها عادل عبد المهدي، بحق المتظاهرين الأسبوع الماضي، وأدت إلى مقتل وجرح واعتقال الآلاف.
وقال السيستاني، في بيان تلاه ممثله خلال خطبة الجمعة في كربلاء، إنه "في خطبة الجمعة الماضية أكدت المرجعية الدينية على إدانتها ورفضها الاعتداءات التي تعرض لها المتظاهرون السلميون وعناصر القوات الأمنية، خلال الاحتجاجات التي شهدتها البلاد الأسبوع الماضي، كما دانت ما حصل من حرق وتلف بعض المؤسسات الحكومية والممتلكات الخاصة في تلك المظاهرات". وأضاف البيان أن المرجعية الشيعية في العراق عبّرت خلال خطبة الجمعة الماضية "عن أملها بأن يعي الجميع التداعيات الخطيرة لاستخدام العنف والعنف المضاد في الحركة الاحتجاجية الجارية في البلد، فيتم تجنب ذلك في كل الأحوال".

عنف حكومي غير مسبوق
ولفت البيان إلى ما حصل خلال الأيام التالية، إذ تصاعدت أعمال العنف بصورة غير مسبوقة واستُهدِفت أعداد متزايدة من المتظاهرين بإطلاق النار عليهم، وتعرض بعض وسائل الإعلام لاعتداءات سافرة لمنعها من نقل ما يحدث في ساحات التظاهر.
وقال السيستاني في البيان إنه "في الوقت الذي أعلنت الجهات الرسمية أنها أصدرت أوامر صارمة بمنع القوات الأمنية من إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، سقط الآلاف منهم بين شهيد وجريح في بغداد والناصرية والديوانية وغيرها، باستهدافهم مباشرةً بالأسلحة النارية على مرأى ومسمع الكثيرين، في مشاهد فظيعة تنمّ عن قسوة بالغة فاقت التصور وتجاوزت كل الحدود".
"الحكومة مسؤولة عن الدماء"
ورأى السيستاني أن "الحكومة وأجهزتها الأمنية مسؤولة عن الدماء الغزيرة التي أُريقت في تظاهرات الأيام الماضية، سواء من المواطنين الأبرياء أو من العناصر الأمنية المكلفة التعامل معها، وليس بوسعها التنصل من تحمل هذه المسؤولية الكبيرة"، مشدداً على أن الحكومة "مسؤولة عندما يقوم بعض أفراد قوات الأمن باستخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين، ولو بسبب عدم انضباطهم وانصياعهم للأوامر الصادرة لهم، أو لعدم كونهم مؤهلين ومدرّبين للتعامل مع الاحتجاجات الشعبية بحيث يتجنّبون وقوع ضحايا في صفوف المشاركين فيها".
وأكد السيستاني أن الحكومة "مسؤولة عندما تقوم عناصر مسلحة خارجة عن القانون، تحت أنظار قوى الأمن، باستهداف المتظاهرين وقنصهم، وتعتدي على وسائل إعلام معينة بهدف إرعاب العاملين فيها"، مؤكداً أنها "مسؤولة عندما لا تحمي عناصرُها الأمنية المواطنين والمؤسسات الحكومية والممتلكات الخاصة من اعتداءات عدد قليل من المندسين في التظاهرات من الذين لم يريدوا لها أن تبقى سلمية خالية من العنف".
السيستاني يتضامن مع المحتجين
وقال السيستاني إن "المرجعية الدينية إذ تدين بشدة ما جرى من إراقة للدماء البريئة واعتداءات جسيمة بمختلف أشكالها، تبدي تعاطفها مع ذوي الشهداء الكرام ومع الجرحى والمصابين، وتؤكد على تضامنها مع المطالب المشروعة للمتظاهرين السلميين. كما بيّنت ذلك في تظاهرات السنوات السابقة أيضاً، وتطالب المرجعية بقوة الحكومة والجهاز القضائي بفتح تحقيق يتسم بالمصداقية حول كل ما حدث في ساحات التظاهر، ثم الكشف أمام الرأي العام عن العناصر التي أمرت أو باشرت إطلاق النار على المتظاهرين أو غيرهم، وعدم التهاون في ملاحقتهم واعتقالهم وتقديمهم إلى العدالة مهما كانت انتماءاتهم ومواقعهم".
وطالب السيستاني بأن تتم هذه الإجراءات "خلال مدة محددة، كأسبوعين مثلاً، ولا يجري التسويف فيها كما جرى في الإعلان عن نتائج اللجان التحقيقية في قضايا سابقة".
واعتبر أن "هذا هو الإجراء الأكثر أهمية وإلحاحاً في الوقت الحاضر، وهو الذي يكشف عن مدى جدية الحكومة وصدق نيتها في القيام بخطوات واسعة للإصلاح الحقيقي"، مشيراً إلى أنه "لن يتيسّر المضي في أي مشروع إصلاحي، بما يتطلّبه من مكافحة الفساد المالي والإداري وتحقيق درجة من العدالة الاجتماعية، ما لم يتم فرض هيبة الدولة وضبط الأمن وفق سياقاته القانونية، ومنع التعدي على الحريات العامة والخاصة التي كفلها الدستور، ووضع حدٍّ للذين يهدّدون ويضربون ويخطفون ويقنصون ويقتلون، وهم بمنأى من الملاحقة والمحاسبة".
وأوضح السيستاني أن "المرجعية الدينية العليا لا مصلحة أو علاقة خاصة لها مع أيّ طرفٍ في السلطة، ولا تنحاز إلا إلى الشعب ولا تدافع إلا عن مصالحه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

صمام أمان الشعب... لا الساسة
وأجمع ساسة وناشطون وصحافيون على أن بيان السيستاني يدعم المتظاهرين ويتبنى مطالبهم.
وصرح إحسان الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، بأن "المرجعية صمام أمان للشعب وليس للسياسيين".
وقال الصحافي منتظر ناصر إن "المرجعية الدينية تتهم اليوم عصابات خارجة عن القانون باستهداف المتظاهرين ووسائل الإعلام وتطالب الحكومة بالكشف عنهم في غضون أسبوعين، وأكدت على ضرورة ضمان الحريات الخاصة والعامة التي كفلها الدستور"، مشيراً إلى أن "الحكومة والمرجعية تعرفان تلك العصابات".
ورأى ناصر أن بيان السيستاني يشمل "رفضاً قاطعاً لنهج الإسلامويين الشيعة الذين يريدون سبغ تعاليمهم وخطاباتهم المليئة بالكراهية والتطرف على المجتمع"، فضلاً عن "التأكيد على تعددية الآراء وحرية تداول المعلومة ورفض الدعوات إلى إغلاق وسائل الإعلام المعارضة".
وقال السياسي العراقي حيدر الملا إن "خطبة المرجعية وضعت النقاط على الحروف، من حيث توصيف الجاني والضحية"، مطالباً بإقالة رئيس الوزراء وإحالة قادته الأمنيين إلى القضاء "بعدما عرفنا القاتل والمسؤول عنه".

تجريم عبد المهدي

وقال المدوّن علاء الهويجل إن تحميل المرجعية الدينية الحكومة مسؤولية إراقة دماء المحتجين "فتوى شرعية صريحة بإدانة رئيس الوزراء وتجريمه بقتل المتظاهرين"، مشيراً إلى أن بيان السيستاني "دعوى للأحزاب الدينية التي تدعي طاعة المرجعية، بالعمل على (إقالة عبد المهدي) في أسرع وقت ثأراً للشهداء وطاعة لله ورسوله والمرجعية".

 

المزيد من العالم العربي