Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ريفورم" يدفع "العمال" و"المحافظين" إلى ارتكاب الخطأ نفسه

من خلال تركيز هجماتهما على نايجل فاراج، يخاطر الحزبان التقليديان بتقوية منافسهما ومساعدته على رسم الخطاب العام وكشف قصورهما وإخفاقاتهما في ملف الهجرة

تعهد نايجل فاراج بتنفيذ ترحيل جماعي إذا انتخب رئيساً للوزراء (غيتي)

ملخص

الحزبان الرئيسان في بريطانيا، "العمال" والمحافظين"، يركزان هجماتهما على نايجل فاراج وحزب "ريفورم"، في نهج قد يعزز مكانته ويضعفهما، بينما يواجهان انقسامات داخلية ورسائل متناقضة في شأن الهجرة، مما يهدد بفقدان الناخبين التقدميين لمصلحة أحزاب أخرى.

حاول حزب "العمال" اتباع نهج جديد في الهجوم على نايجل فاراج في محاولة لاستعادة زمام المبادرة منه، إذ هاجم وزير شؤون العلاقات مع الاتحاد الأوروبي نيك توماس-سيموندز تعهد فاراج إلغاء اتفاقية التجارة التي وقعها كير ستارمر مع الاتحاد الأوروبي، محذراً من أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

كان غياب زعيم "ريفورم" لافتاً عند إبرام الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي خلال مايو (أيار) الماضي. من الواضح أنه لا يريد أن يذكر الرأي العام بدوره في إنجاز "بريكست"، بعدما باتت الغالبية ترى أن الخروج كان خطأً.

ولحسن حظ فاراج، فإن الهجرة – وليس الاتحاد الأوروبي – أصبحت تحتل أولوية متزايدة لدى الناخبين اليوم. حزب "العمال" منقسم، إذ دعا وزيران سابقان للداخلية، ديفيد بلانكيت وجاك سترو، إلى تعليق عضوية بريطانيا في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان للمساعدة في مواجهة أزمة المهاجرين غير النظاميين الذين يصلون البلاد في قوارب صغيرة عبر القنال الإنجليزي.

وعلى رغم أن الحكومة تراجع كيفية تطبيق المحاكم البريطانية للبنود الخاصة بالحياة الأسرية والتعذيب الواردة في هذه الاتفاقية، فإن ستارمر لن ينسحب منها. بصفته محامياً، ألف ستارمر مجلداً من 900 صفحة ينظر إليه باعتباره المرجع الأساس في قانون حقوق الإنسان الأوروبي. والعام الماضي، استعاد ذكرى تعرفه على الاتفاقية في مكتبة كلية الحقوق بجامعة ليدز، قائلاً إنها "ألهمتني في كل ما قمت به منذ ذلك الحين، ولا أزال أستمد منها القوة والقيمة كل يوم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أعتقد أن الوزيرين محقان في رأيهما بأن الانسحاب من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان سيجعل من الصعب تحقيق التعاون الدولي اللازم لوقف قوارب المهاجرين الصغيرة. لكنهم في حاجة إلى إصلاح الطريقة التي تُفسر بها الاتفاقية من قبل المحاكم البريطانية والانضمام إلى الدول الأخرى في إصلاحها وإصلاح الاتفاقيات الدولية القديمة الأخرى.

ثمة انقسامات داخل الحكومة في هذا الصدد أيضاً. على رغم أن ستارمر قال "إن أحداً لا يمكنه أن يتفوق على فاراج في لعبته"، لا يبدو أن مستشاريه استوعبوا الرسالة. يعتقد كبير موظفي رئاسة الوزراء النافذ مورغان مكسويني أن حزب "العمال" قادر على هزيمة الشعبويين اليمينيين في ملعبهم ذاته. ولهذا السبب جرى تفويض الوزراء بمهاجمة فاراج واعتباره يتخذ الجانب نفسه مع المتحرش بالأطفال جيمي سافيل في ما يخص تنظيم الإنترنت.

ومع ذلك هناك رسائل متناقضة، إذ قدمت الاتفاقية المبرمة مع فرنسا لإعادة المهاجرين والمسماة بصورة غير رسمية "واحد يدخل وواحد يخرج" على أنه نقطة تحول، لكن الحكومة لم تتمكن من تحديد عدد المهاجرين الذين سيعادون إلى فرنسا. وكما قال لي أحد حلفاء ستارمر، "يعد الأمر مربكاً. الإشارة الملتبسة ليست واضحة، ولا هي إشارة يريد الناس الإصغاء إليها".

كذلك تتجاوز توترات حزب "العمال" الداخلية في شأن أثر فاراج في مسألة الهجرة. قيل لي إن خبراء استراتيجيين في رئاسة الوزراء يريدون حظر الحديث عن إصلاح القطاع العام لأنهم يعدونه مرتبطاً بتيار "اليقظة"، ويخشون أن يستخدمه فاراج من ضمن انتقاداته للإجراءات التي تعزز التنوع والعدالة والشمول. هو رد فعل غريب مبالغ فيه، إذ من المؤكد أن حزب "العمال" يجب أن يدعم إصلاح القطاع العام.

هذا التوجيه حير الوزراء من اليسار المعتدل ومن تيار "توني بلير"، الذين يشتبهون في أن مستشاري ستارمر الرئيسين يريدون تقليد فاراج (ودونالد ترمب) عبر افتعال معارك مع الخدمة المدنية، والنقابات، والجناح اليساري في حزب "العمال". لكن الوزير في مكتب مجلس الوزراء المنتمي إلى تيار بلير والمسؤول عن إصلاح الإدارة العامة بات مكفادين يرفض هذا النهج. هو يريد "نسيان المنشورات الكهربائية والكرات الهدامة" [الإصلاح الجذري]، مؤكداً أن "هذا ليس نهجنا"، ويفضل التغيير التدريجي.

نجح النهج التصادمي الذكوري مع ستارمر حين كان في المعارضة – عندما كان حزب "العمال" يعرف نفسه بأنه في مواجهة مع تيار رئيسه السابق جيريمي كوربين – لكنه لا ينجح مع ستارمر وهو في الحكومة. لا بديل عن نهج ستارمر المتأني في ملف القوارب الصغيرة، وهو النهج الذي يعكس شخصيته كرجل عملي يبحث عن حلول.

وفي توجيه نيران حزب "العمال" نحو فاراج، يخشى منتقدو رئاسة الوزراء أن يخاطر النهج بتعزيز مكانة فاراج وتضخيم رسالته في أقوى ملفاته – الهجرة. على رغم أن حزب "العمال" لا يستطيع ترك هذه الساحة لفاراج، يملك المشككون وجهة نظر وجيهة. في سعي حزب "العمال" لمحاكاة "ريفورم"، يخاطر بتنفير الناخبين الأكثر تقدمية، من انفضوا بالفعل عن حزب "العمال" والتفوا حول حزب "الخضر"، و"الديمقراطيين الليبراليين"، وحزب "كوربين الاشتراكي الجديد"، فاقوا عدداً أولئك الذين اتجهوا إلى "ريفورم".

والمحافظون منقسمون في شأن فاراج أيضاً. قالت لي بعض شخصياتهم إن كيمي بادينوك، في مواجهتها "ريفورم"، الجوهر في قولها "’ريفورم‘ على حق، لكن لا تصوتوا له!". في الواقع، قال رئيس حزب "المحافظين" كيفن هولنرايك لـ"راديو تايمز" أول من أمس الأربعاء إن مخطط فاراج للهجرة هو "نسخ كامل" لسياسات المحافظين، لكنه اعترف بأن المحافظين "ارتكبوا أخطاء" في هذا الملف. ولهذا السبب لا يصغي الناخبون إليهم في هذا الشأن.

ويخشى منتقدو بادينوك من المحافظين أن ينفر الهوس بفاراج الناخبين الوسطيين. والغريب أن بادينوك لا تبذل أي جهد لاستمالة عدد من المحافظين الذين انتقلوا إلى "الديمقراطيين الليبراليين" في انتخابات العام الماضي – على رغم أن حزبها يحتاج بشدة إلى استعادة المناطق المحسوبة على "المحافظين" التي خسرها في جنوب إنجلترا.

في ضوء قلق "العمال" و"المحافظين" من تقدم "ريفورم" بـ10 نقاط في استطلاعات الرأي، فإنهما يرتكبان الخطأ نفسه: تنفير الداعمين التقليديين في يسار كل من الحزبين اللذين يهتمان بالاقتصاد والخدمات العامة أكثر من اهتمامهما بالهجرة. وإذا اعتقد الناخبون أن هذه المسائل لا تعالج من قبل الحزبين، يخاطر الحزبان بالوقوع في فراغ سياسي بينما يحاولان منافسة فاراج في مجال الهجرة – على رغم أن خطابه الثلاثاء الماضي أثبت أنه سيتفوق عليهما دوماً.

وإضافة إلى مهاجمة فاراج، يحتاج "العمال" و"المحافظين" إلى رعاية شؤونهما الداخلية أيضاً.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء