Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الساحل السوري بين "المخلص" مخلوف والمجلس السياسي

رجل الأعمال يحذر من مزاعم عودة الأسد ويتحدث عن حماية دولية "روسية" لأبناء اللاذقية وطرطوس

عناصر من الأمن السوري في أحد شوارع الساحل السوري (أ ف ب)

ملخص

يعد رامي مخلوف من كبار الشخصيات الاقتصادية في سوريا والمالك الرئيس لشبكة الهاتف الجوال (سيريتل)، فضلاً عن استثمارات في قطاعات مختلفة من النفط والغاز والبناء والخدمات المصرفية وشركات الطيران والتجزئة.

سجلت الأيام القليلة الماضية حراكاً سياسياً في منطقة الساحل السوري بين محاولة رجل الأعمال رامي مخلوف تقديم نفسه كحامي لحقوق العلويين في طرطوس واللاذقية، وإعلان عدد من الشخصيات السورية تشكيل ما يسمى "المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا".

ففي إطلالة لم تخل من التهديد والوعيد ومع توقعاته التي اعتاد السوريون على سماعها أو قراءتها عبر الفضاء الافتراضي، أطل رجل الأعمال مخلوف عبر منشور جزم فيه بزوال السلطة السورية الحالية، مثيراً الجدل كما العادة حول رؤيته القريبة من التحقق خلال الأسابيع المقبلة.

وناشد مخلوف، قريب الرئيس السابق بشار الأسد (ابن خاله)، أهالي الساحل السوري غرب البلاد عدم الانصياع أو تصديق كل ما يشاع عن عودة الأسد، واصفاً إياها بـ "الأكاذيب".  وأضاف في منشور على حسابه بموقع "فيسبوك"، "من المستحيل لدول عظمى أن تعيد عائلة خسرت حكمها وانهزمت، وسجلها مليء بالقتل والسرقة والتدمير، والتهريب والمخدرات، إضافة إلى الظلم والكذب والتشريد لأهل بلدها".

وخاطب رامي مخلوف أهالي اللاذقية وطرطوس بصيغة (إقليم الساحل)، منبهاً إياهم إلى ضرورة عدم الاستماع لكل من يقول إن الوقت مناسب للتحرك، واصفاً هؤلاء بـ"تجار الدماء" لا يرون إلا مصالحهم. وتابع "لقد رأينا ما حصل في الماضي القريب، فلا تخاطروا بأنفسكم، ولا تتحركوا مهما حصل من أحداث، فنحن نعلم الوقت المناسب الذي سيواكبه رعاية دولية واضحة من تحضيرات كاملة".

وعن الحماية الدولية لـ"إقليم الساحل" والضغوطات التي يتعرض لها من أتباع الرئيس السوري أحمد الشرع أو كما وصفه بـ"السفياني"، قال "أطمئنوا يا أهلنا، فلم ولن نقبل أية رعاية دولية إلا من أصدقائنا في دولة روسيا الاتحادية، وكل من يتعاون معهم".

الوصول السريع

ويعد رامي مخلوف من كبار الشخصيات الاقتصادية في سوريا والمالك الرئيس لشبكة الهاتف الجوال (سيريتل)، فضلاً عن استثمارات في قطاعات مختلفة من النفط والغاز والبناء والخدمات المصرفية وشركات الطيران والتجزئة.

وكانت قوى المعارضة صنفته منذ بدء الحراك الشعبي ضد النظام عام 2011 بكونه رمزاً من رموز الفساد، واستفاد من كونه من أبناء العائلة الحاكمة وقربه من صنع القرار الرئاسي من تشكيل شبكة من التجارة. وكثيراً ما أكد المعارضون لنظام الأسد منذ اندلاع الثورة أن تجارة مخلوف جاءت بطريقة غير شرعية، عبر النفوذ اللامحدود الذي كان يتمتع به.

في الأثناء يرى مراقبون أن حديث مخلوف لا يخلو من تحريض وطائفية وتشجيع على التقسيم، واستدعاء الحماية الدولية، بينما يراه فريق من معارضي السلطة الجديدة الخيار الوحيد لنجاة السوريين من أبناء الطائفة العلوية وحقاً لحماية نفسهم من الإبادة التي ارتكبت في حقهم خلال شهر مارس (آذار) الماضي.

 

لكن أحداث الساحل هذه وصفتها الحكومة السورية بأنه نوع من أنواع الأخطاء الفردية، وشكلت لجنة تقصي حقائق لم يكن لها الصدى المطلوب بمحاكمة مرتكبي الجرائم.

يقول الباحث في العلاقات الدولية محمد حاج عثمان في حديثه لـ"اندبندنت عربية" إن رجل الأعمال مخلوف انتقل بخطابه من الغمز واللمز إلى طلب استقدام الحماية الدولية عن طريق الروس، في خطوة تستهدف "قطع الطريق على الأتراك الطامحين في توسيع نفوذهم  والهيمنة غير المباشرة على شمال سوريا وغربها بعد سقوط الأسد".

وينبه عثمان إلى خلافات مخلوف مع الأسد حين جرده النظام من نفوذه المالي والسياسي والاقتصادي، نتيجة نزاع داخل بيت السلطة الواحد، إذ كانت وقتها أسماء الأسد إحدى أطرافه، وبعد إزاحته برز ماهر الأسد المترئس للفرقة الرابعة، وهي أكثر الفرق العسكرية شراسة كقوة فشلت في إزاحتها أيضاً.

في غضون ذلك يرى فريق آخر أن مخلوف يمثل "فتى الساحل" ومخلصهم ومؤسس الإقليم المنتظر، ولديه جمهور شعبي واسع يراه "كضحية" في الصراع الدائر سابقاً بين عائلة الأسد الحاكمة في وقت كان لدى مخلوف مشاريع خيرية، منها جمعية البستان التي تحرص على تقديم الدعم المادي والمعنوي والمالي لشريحة واسعة، وأسهم بصورة أساس في الصراع المسلح عبر قوات الدفاع الوطني، إذ أغدق المال على مدنيين وتسليحهم طوال سنوات النزاع.

يحاول مخلوف أن يرسم ملامح جديدة في الوضع الحالي بعد فتحه النار على الحكومة في دمشق، لكن بدا وكأنه يختبأ بين المصطلحات والشيفرات مثل "السفياني"، والتلميح إلى أنه "فتى الساحل" مع الإبقاء على تجليات خاصة به بدأت قبل سنوات في صراعه مع الأسد بطريقة عفوية وغير مدروسة.

وعن هذا يقول مصدر مقرب من رامي مخلوف، "كانت مفاجأة حين ظهر مفترشاً الأرض ووراء ظهره تبدو كومة حطب، وهو يوجه اتهامات ونصائح لسلطة الأسد التي عرته من نفوذه، لقد فاجأ الجميع حتى أقرب المستشارين لديه".

وحول تطعيم كلامه بالاستشهادات الدينية، بينما هو رجل اقتصاد ومعروف عنه شراكات وأعمال غير مشروعة، يعقب المصدر بقوله "نعم هذا الحديث الديني جديد في خطابه منذ أول إطلالة له قبل سقوط الأسد، ولكن أجزم أنه يمتلك سجادة صلاة وملتزم بصلاته".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل رد اللواء كمال حسن أحد ضباط نظام الأسد على مخلوف ببيان استنكر فيه ادعاءاته، واصفاً إياه بـ"رأس الفساد والنهب والظلم. لسنوات طويلة أكلت خيرات الوطن، واستحوذت على أرزاق العباد وجعلت من سوريا ملكية خاصة لعائلتك واتباعك".

وتابع "محاولتك لتلميع صورتك لا تنطلي على أحد، والشعب السوري عموماً يعرف أن الفساد له عنوان واضح واسمك في مقدمته، كفاك لعباً بعقول الناس"، واصفاً إياه بـ"الفتى الموهوم" في ظل إصراره على جعل نفسه فتى الساحل الأول، مستفيداً من الفراغ الذي تركه بشار الأسد الداعم الأول لطائفته ومن قبله والده لمدة خمسة عقود وسخر تلك الطائفة لحماية حكمه، بينما اليوم يسعى العلويون إلى العيش بسلام بعيداً من الصراعات والعمليات الانتقامية التي تدور بين القوات السورية وفلول النظام.

كيان سياسي

وأعلن عدد من الشخصيات السورية تشكيل ما يسمى "المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا" بغية خلق كيان سياسي يعبر عن منطقة الساحل، ويشمل محافظات اللاذقية وطرطوس وأجزاء من حمص وحماة.

وجاء في بيان التأسيس الذي تلاه أحد مؤسسي المجلس كنان وقاف "الجميع أصبح يدرك خطورة استخدام القوة، والفيدرالية هي استبدال القوة بالقانون، والمجلس ينادي بالفيدرالية، لأنها تعني تطبيقاً وتوزيعاً للصلاحيات".

وتعكس تصريحات كل من مخلوف ومن جهة ثانية المجلس السياسي المحدث أخيراً حالاً من التخبط الواضح الذي يعيشه الساحل، إذ لا توجد كلمة موحدة على رأي واحد، فقد بدا خطاب قريب من الأسد يناشد الحلفاء الروس من أجل الحصول على رعاية دولية، بينما الكيان السياسي الجديد يضع بنصب عينه قرار مجلس الأمن رقم 2254 لتشكيل هيئة انتقالية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات