Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المدارس السعودية تفتح أبوابها بين تحديات النوم وإيقاع البيت

فرحة الأهالي ببداية العام الدراسي تتداخل مع قلق السهر وضغوط التهيئة المبكرة والتحول إلى فصلين واعتماد البصمة للحضور والانصراف

من أبرز التغييرات التي رافقت العام الدراسي الجديد في السعودية العودة إلى نظام الفصلين الدراسيين بعد تجربة امتدت مع نظام الفصول الثلاثة (وزارة التعليم)

ملخص

لا يقتصر دور المدرسة على تلقين المناهج، بل هي فضاء اجتماعي يعلم الطلاب قيم المشاركة والانضباط، ويمنحهم فرص تكوين الصداقات التي قد تستمر مدى الحياة.

مع انطلاقة العام الدراسي الجديد في السعودية تعود تفاصيل الحياة اليومية لتتشكل بإيقاع مختلف عن العطلة الصيفية. النوم المبكر يصبح عادة ضرورية، والبيت يستعيد انضباطه، والأهل يعيشون مزيجاً من الفرح والقلق، فيما يدخل الطلاب تجربة جديدة مع العودة إلى نظام الفصلين الدراسيين بعد أعوام من تطبيق ثلاثة فصول.

من ثلاثة فصول إلى فصلين

من أبرز التغييرات التي رافقت العام الدراسي الجديد في السعودية العودة إلى نظام الفصلين الدراسيين بعد تجربة امتدت مع نظام الفصول الثلاثة. القرار أثار نقاشاً واسعاً بين خبراء التعليم وأولياء الأمور.

المؤيدون رأوا أن الفصلين يمنحان الطلاب وقتاً أطول لاستيعاب المناهج ويقللان من كثافة الاختبارات المتكررة، فيما اعتبر آخرون أن ثلاثة فصول كانت توزع الجهد بصورة أفضل وتمنع تراكم المواد.

لكن الاتجاه العام يرى أن العودة للفصلين تحقق قدراً أكبر من الاستقرار الأكاديمي وتمنح الأسر إجازة صيفية أطول يمكن استثمارها في السفر أو البرامج التعليمية.

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

ويرى المستشار التربوي والأسري سعود المصيبيح خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن توجه وزارة التعليم سابقاً لاعتماد نظام الفصول الثلاثة بحجة تعويض الأيام الدراسية الباقية لم يكن موفقاً من وجهة نظره، مشيراً إلى أنه تسبب في تذمر واسع بين أولياء الأمور والطلاب وخلق حالاً من الانزعاج العام. وأوضح أن ذلك أثر في طبيعة اليوم الدراسي وأسهم في ضعف التفاعل بين الأسرة والمدرسة، مما انعكس سلباً على جودة التعليم ومخرجاته. وأوضح أن السعودية تختلف عن كثير من الدول في ما يتعلق بتوزيع الأيام الدراسية، أولاً بسبب وجود مواسم دينية كالحج والعمرة، وثانياً بسبب المناخ الحار جداً صيفاً، مما يتطلب أن تكون مدة الإجازة الصيفية ثلاثة أشهر، معتبراً أن تعويض الأيام الدراسية الناقصة ينبغي أن يتم في فصل الشتاء من خلال إطالة اليوم الدراسي، لا العام الدراسي.

وأشار إلى أن قرار العودة للفصلين يحل كثيراً من المشكلات التي واجهت الأسر، ودعا وزارة التعليم إلى التركيز على تطوير مخرجات التعليم وتعزيز العلاقة بين المدرسة والأسرة وفتح قنوات الحوار مع أولياء الأمور وتبني مقترحاتهم والاهتمام بالبيئة التعليمية وتطويرها بما يخدم الطالب والمعلم.

نظام حضوري جديد

أقرت وزارة التعليم في السعودية بدء تطبيق نظام حضوري جديد مع مطلع العام الدراسي الجاري لإثبات حضور وانصراف المعلمين والمعلمات، في خطوة تهدف إلى رفع كفاءة الانضباط الإداري داخل المدارس. ويعتمد النظام على ثلاث وسائل تقنية متطورة هي: بصمة الوجه، وبصمة الصوت، وبصمة الإصبع، مما يعكس توجه الوزارة نحو تعزيز التحول الرقمي في قطاع التعليم، وضمان شفافية أكبر في متابعة الدوام اليومي للكادر التعليمي.

 

 

النوم... الشرط الأول للتركيز

النوم المبكر يظل أحد أكبر التحديات مع بداية العام، فالعطلة الصيفية غيرت مواعيد الاستيقاظ لدى كثير من الطلاب. ويشير أطباء النوم إلى أن الأطفال في سن المدرسة يحتاجون إلى ما بين 9 و11 ساعة نوماً يومياً، بينما يحتاج المراهقون إلى 8 ساعات في الأقل، وهو ما لا يتحقق غالباً مع انشغالهم بالألعاب الإلكترونية أو الأجهزة الذكية.

دراسة حديثة نشرت في مجلة "نيتشر ريفيوز لعلوم الأعصاب" عام 2022 خلصت إلى أن النوم يلعب دوراً محورياً في تثبيت المعلومات داخل الدماغ بعد عملية التعلم، مما يجعله عاملاً أساساً لنجاح الطلاب في استيعاب المناهج وترسيخها على المدى الطويل.

وفي حديث سابق لـ"اندبندنت عربية" علق الطبيب السعودي المتخصص في "طب النوم" أحمد باهمام عن أضرار نقص عدد ساعات النوم على الإنسان، يوضح أنه ينتج منها زيادة النعاس في النهار وتغيرات فسيولوجية مهمة في كل أعضاء الجسم الحيوية ونقص النوم قد تكون له أسباب عدة، في مقدمها السهر في مجتمعنا، أكثر من نتيجة بحثية قمنا بها كشفت عن أننا ننام أقل من كثير من المجتمعات الأخرى، وهذا يشمل جميع الفئات العمرية، حتى أطفال المدارس. ويضيف "أجرينا دراسة حديثة على أكثر من 1000 تلميذ في المرحلة الابتدائية، ووجدنا أن أكثر من 71 في المئة من أطفال المدارس السعودية لم يحصلوا على قسط كافٍ من النوم ليلاً، المقدرة بسبع ساعات، ورصدت دراسة أخرى أن أكثر من 1200 شاب لا ينالون كفايتهم من النوم".

وأشار باهمام إلى ارتفاع نسبة الخلل في ساعات النوم بالسعودية، حيث أبلغ عن الحرمان من النوم (أقل من سبع ساعات في اليوم) بنسبة 46 في المئة خلال أيام الأسبوع و33 في المئة خلال عطلات نهاية الأسبوع، كما أفاد ثلاثة أرباع المراهقين بأنهم شعروا بالنعاس عند الاستيقاظ. وتابع "هدفت دراسة سعودية حديثة إلى توصيف النوم لدى المراهقين السعوديين، ومقارنة ملفات نومهم بنظائرهم في المملكة المتحدة، وجاءت النتائج بأن مدة النوم للمجموعة الأولى أقل مقارنة مع الأخيرة". وأرجع المتخصص السبب إلى سوء السلوكيات والأخطاء المتكررة في نمط الحياة اليومية.

البيت مناخ الانضباط الأول

المدرسة وحدها لا تستطيع فرض النظام ما لم يكن البيت شريكاً. فالانضباط المنزلي يبدأ من مواعيد النوم والاستيقاظ، مروراً بمتابعة الواجبات، وصولاً إلى توفير بيئة هادئة تشجع الأبناء على الدراسة.

وبحسب المتخصصين فإن "البيت هو المؤسسة الأولى للانضباط، وإذا افتقد الطالب النظام في منزله فسيصعب على المدرسة وحدها أن تعالج الفوضى". ولهذا تعمل مبادرات حكومية، مثل منصة "مدرستي" وبرامج التواصل الأسري، على تعزيز دور الأسرة كشريك في العملية التعليمية، بما يرفع من جودة التعليم ويحد من ظواهر الغياب أو التسرب.

وتمثل العودة إلى المدرسة لحظة وجدانية للأهل بقدر ما هي التزام للطلاب. فكثير من الآباء والأمهات يوثقون أول يوم دراسة لأبنائهم بالصور، باعتباره محطة فاصلة في مسيرة حياتهم.

تقول هدى، وهي أم لثلاثة أطفال في الرياض، "على رغم التعب من التحضيرات المبكرة، فإن لحظة ذهابهم إلى المدرسة تمنحني شعوراً بالفخر والأمل في مستقبلهم".

لكن الفرحة لا تنفصل عن القلق، إذ تتوزع مخاوف الأهل بين ضغط المناهج، وتأثير التكنولوجيا، وظواهر مثل التنمر. وهي قضايا تجعل العلاقة بين الأسرة والمدرسة علاقة تكاملية وليست تبادلية.

ولا يقتصر دور المدرسة على تلقين المناهج، بل هي فضاء اجتماعي يعلم الطلاب قيم المشاركة والانضباط، ويمنحهم فرص تكوين الصداقات التي قد تستمر مدى الحياة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات