Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أستراليا مثالا... هكذا غيرت غزة الرأي العام العالمي

قراراها الاعتراف بالدولة الفلسطينية وخلافها مع إسرائيل يسلطان الأضواء على التحول الحاصل

فلسطينيون ينزحون في غزة وينقلون أغراضهم على عربة يجرها حمار (أ ف ب)

ملخص

أعلنت أستراليا اعترافها بدولة فلسطينية بعد ضغط شعبي متزايد وتحول في الرأي العام تجاه حرب غزة. القرار أثار توتراً غير مسبوق مع إسرائيل، التي ردت بإجراءات دبلوماسية. ألبانيزي واجه انتقادات حادة من نتنياهو، بينما عبرت الجالية اليهودية عن قلقها من تصاعد التوترات والهجمات المعادية للسامية داخل أستراليا. هذه الأزمة بين البلدين تسلط الضوء على التغير الحاصل في الرأي العام العالمي تجاه غزة.

جاء قرار أستراليا الاعتراف بدولة فلسطينية بعدما استشعرت الحكومة تحولاً كبيراً في الموقف الداخلي تجاه حرب غزة، وأظهر أن كانبيرا لا تخشى إثارة غضب إسرائيل التي كانت تاريخياً من أوثق حلفائها.

وأعلنت أستراليا نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية خلال الـ11 من أغسطس (آب) الجاري بعد أيام من خروج عشرات الآلاف في مسيرة عبر جسر هاربور الشهير في سيدني، مطالبين بالسلام وتوصيل المساعدات إلى غزة.

وبدأت إسرائيل حملتها العسكرية على غزة قبل نحو عامين رداً على هجوم حركة "حماس" عليها خلال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وتقول السلطات الصحية في غزة إن أكثر من 62 ألف فلسطيني قتلوا منذ بدء الحملة العسكرية الإسرائيلية على القطاع، بينما حذرت الأمم المتحدة من حدوث مجاعة.

توتر العلاقات الأسترالية – الإسرائيلية

قال مارتن كير، وهو أكاديمي في جامعة سيدني متخصص في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، "أصبح من غير المقبول سياسياً الاستمرار في الدفاع عن إسرائيل وإلقاء اللوم كله على ’حماس‘".

وأدى هذا القرار إلى توتر العلاقات بين إسرائيل وأستراليا لدرجة لم يسبق لها مثيل منذ عقود.

وتبادل كبار السياسيين في البلدين الانتقادات اللاذعة، وشن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هجوماً شخصياً على نظيره الأسترالي أنتوني ألبانيزي، وألغت إسرائيل تأشيرات دبلوماسيين أستراليين لدى السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، ومنع نائب إسرائيلي من دخول أستراليا.

ودعت جماعة يهودية بارزة في أستراليا إلى التهدئة، ووجهت توبيخاً نادراً لنتنياهو. ويقول بعض اليهود في أستراليا إن التوتر يجعلهم يشعرون بعدم الأمان بعد موجة من الهجمات المعادية للسامية شهدتها البلاد العام الماضي.

 

الرأي العام

تشير استطلاعات الرأي في أستراليا حول الصراع في غزة، وهي قضية مثيرة للانقسام في بلد يضم أقليات مسلمة ويهودية كبيرة، إلى زيادة التعاطف مع القضية الفلسطينية.

وأظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة "ديموس أي يو" خلال أغسطس أن 45 في المئة يؤيدون قرار أستراليا الاعتراف بدولة فلسطينية قبل التوصل إلى اتفاق سلام ارتفاعاً من 35 في المئة العام الماضي، بينما بلغت نسبة المعارضة 23 في المئة.

وقالت صحيفة سيدني "مورنينغ هيرالد"، إحدى أبرز الصحف في أستراليا، ضمن مقالة افتتاحية الشهر الجاري، إن التعاطف الشعبي مع إسرائيل في أستراليا بدأ "يتآكل بسرعة بمجرد أن حل شبح المجاعة المروع في غزة".

وذكر المحاضر في مجال العلاقات الدولية بالجامعة الوطنية الأسترالية تشارلز ميلر أن الصور المقبلة من غزة قوت عزيمة المشرعين. وأضاف "أعتقد أنها غيرت تفكير كثير من صناع السياسات في أستراليا ودول أخرى".

قلق بين اليهود

أثارت التداعيات السياسية قلق المجلس التنفيذي ليهود أستراليا، وهو منظمة تضم أكثر من 200 جماعة يهودية، والذي بعث برسائل إلى ألبانيزي ونتنياهو أول من أمس الأربعاء، يحثهما فيها على تخفيف حدة التوتر.

وجاء في الرسائل "إذا كان لا بد من التحدث علناً، فيجب أن تقال الأمور بلغة مدروسة تليق بزعماء دول".

وتشهد أستراليا هجمات معادية للسامية على المعابد اليهودية والمباني والسيارات منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" في غزة، ويخشى بعض اليهود من أن يؤدي تصاعد التوتر بين أستراليا وإسرائيل إلى مزيد من الهجمات.

وقال الحاخام في كنيس نيوتاون داخل سيدني إيلي فيلدمان، حيث كتبت عبارات معادية للسامية على الجدران خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، "عندما يكون تركيز الخطاب السياسي في وسائل الإعلام منصباً على انتقاد إسرائيل، ستكون هناك تداعيات على الطائفة اليهودي المحلية، وهذا أمر يجب أن نفكر فيه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حليف تاريخي

كانت أستراليا من أوائل المؤيدين لإنشاء دولة يهودية ودافعت دائماً عن إسرائيل في النزاعات الدولية، على رغم أن كلا الحزبين السياسيين الرئيسين هناك يدعمان حل الدولتين من حيث المبدأ.

وكان ألبانيزي شخصياً يؤيد قيام دولة فلسطينية منذ فترة طويلة، إلا أن نزعته السياسية الواقعية جعلته يتردد في دعم الاعتراف الرسمي.

وقالت الأكاديمية في جامعة فلندرز المتخصصة في النزاعات الدولية جيسيكا جيناور إن ذلك تغير مع التحول في المزاج العام وبعد فوزه الساحق في الانتخابات العامة التي جرت خلال مايو (أيار) الماضي، مما قلص من خطر ردود الفعل المحلية.

وأوضح محللون أن حلفاء رئيسين، مثل المملكة المتحدة وفرنسا وكندا، قالوا جميعاً إنهم سيعترفون بدولة فلسطينية قبل أستراليا بأسابيع، مما سهل مهمة ألبانيزي.

وقالت جيناور "لا يريدون أن يقودوا عملية تشكيل مسارات جديدة في ما يتعلق بسياساتهم في هذا الشأن، ولكن من ناحية أخرى لا يريدون أن يتخلفوا عن الحلفاء الرئيسين في العالم". وأضافت "لا يزال ألبانيزي شخصاً براغماتياً وحذراً بطبيعته".

وانتقد نتنياهو مراراً ألبانيزي ضمن سلسلة من المقابلات والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي منذ الـ11 من أغسطس الجاري، واصفاً رئيس وزراء أستراليا "بالضعيف" ومتهماً إياه "بخيانة" إسرائيل.

وبينما قلل ألبانيزي من أهمية الخلاف، لم يظهر نتنياهو أية علامة على التراجع. إذ واصل انتقاد ألبانيزي في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز أستراليا" بثت خلال وقت متأخر من أمس الخميس. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي "أنا متأكد من أنه يتمتع بسمعة طيبة كمسؤول عام، ولكنني أعتقد أن سجله سيلطخ إلى الأبد بسبب الضعف الذي أظهره في مواجهة هؤلاء الوحوش الإرهابيين من ’حماس‘".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات