ملخص
قوات "الدعم السريع" اتهمت الجيش السوداني بالوقوف وراء الهجوم على القافلة الإنسانية في دارفور، بينما لم يصدر الجيش تعليقاً على الحادثة.
دعت الولايات المتحدة ودول حليفة عدة، بينها مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة، أمس الأربعاء إلى "هدنات إنسانية" في السودان، مبدية "استياءها" من تدهور الوضع في هذا البلد الذي يشهد حرباً أهلية.
وقالت واشنطن وحلفاؤها، في بيان مشترك انضمت إليه أيضاً سويسرا والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، "مع ازدياد الوضع في السودان خطورة وبلوغ الحاجات الإنسانية مستويات حرجة، على أطراف النزاع اتخاذ تدابير عاجلة لحماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى من يحتاجون إليها، تنفيذاً لالتزاماتهم".
وأعربت هذه الدول عن "استيائها إزاء تدهور الوضع الإنساني بصورة مستمرة في السودان، والعدد المتزايد ممن يعانون سوء التغذية الحاد والجوع، إضافة إلى العقبات التي تؤخر أو تعوق التدخل في مناطق رئيسة".
ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً دامية بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للبلاد منذ انقلاب عام 2021، وقوات "الدعم السريع" بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي"، وأسفر هذا الصراع عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح ملايين.
وتسببت الحرب وفق الأمم المتحدة في "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، وأدت إلى انقسام البلاد بحكم الأمر الواقع بين المتحاربين، إذ يسيطر الجيش على الوسط والشرق والشمال، في حين تسيطر قوات "الدعم السريع" على القسم الأكبر من إقليم دارفور (غرب) وأجزاء من الجنوب.
ودعت الدول في البيان إلى "إزالة كل العقبات البيروقراطية التي تعوق النشاطات الإنسانية وتمنعها"، ودعت أطراف الصراع إلى "إبقاء طرق الإمداد الرئيسة مفتوحة أمام القوافل الإنسانية والعاملين فيها".
كذلك، حضت الأطراف على السماح "بوجود إنساني مستدام للأمم المتحدة في كل أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق ذات الحاجات الإنسانية العاجلة، لا سيما في منطقتي دارفور وكردفان" وضمان الوصول إلى الاتصالات مجدداً.
وبحسب منظمة أطباء بلا حدود، يشهد السودان أيضاً أسوأ تفش للكوليرا منذ سنوات مدفوعاً بالحرب المستمرة.
هجوم على قافلة مساعدات
تعرضت قافلة إنسانية تابعة لبرنامج الأغذية العالمي أمس الأربعاء، لهجوم بالقرب من مدينة مليط التي تعاني المجاعة في شمال إقليم دارفور بالسودان، بحسب ما أفاد به متحدث باسم البرنامج وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال المتحدث باسم الوكالة الأممية غيفت واتاناساثورن إن "ثلاثاً بين 16 شاحنة ضمن قافلة كانت تحمل مواد غذائية منقذة للحياة" اشتعلت فيها النيران وتضررت، مؤكداً سلامة الطواقم الإنسانية.
وأوضح واتاناساثورن أن الهجوم وقع بالقرب من مدينة مليط "التي تتفشى فيها المجاعة"، أثناء توجهها إلى قرية الصياح في ولاية شمال دارفور.
ولم يحدد المتحدث الجهة المسؤولة عن الهجوم، إلا أن قوات "الدعم السريع" التي تحارب الجيش اتهمت الأخير بالوقوف وراءه.
وقالت "الدعم السريع" في بيان الأربعاء إنها تدين "استهداف طيران (الجيش) قافلة إغاثية تابعة لبرنامج الغذاء العالمي، وتدمير شاحنتين".
وأشار البيان إلى "سقوط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين الأبرياء"، جراء الهجوم الذي وقع "في سوق مدينة مليط".
ولم يصدر الجيش تعليقاً على الحادثة.
وشدد واتاناساثورن على ضرورة "احترام جميع الأطراف للقانون الإنساني الدولي وضمان سلامة الطواقم والإمدادات الإنسانية"، وأكد أن "عاملي ومواد الإغاثة ينبغي ألا يكونوا هدفاً" لأعمال العنف.
في يونيو (حزيران)، قتل خمسة من طواقم الإغاثة وجرح آخرون في هجوم استهدف قافلة مساعدات إنسانية مشتركة بين منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي كانت متجهة إلى مدينة الفاشر.
وتحاصر الدعم السريع مدينة الفاشر منذ مايو (أيار) 2024، في محاولة للسيطرة على المدينة التي ما زالت تحت سيطرة الجيش.
في الأشهر الأخيرة، كثفت قوات "الدعم السريع" هجماتها على الفاشر والمخيمات المجاورة عقب انسحابها من العاصمة الخرطوم في مارس (آذار).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأدت الحرب التي دخلت عامها الثالث إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح ملايين، وتسببت في ما وصفته الأمم المتحدة بأكبر أزمة نزوح وجوع في العالم.
وأعلنت المجاعة قبل عام في مخيمات النازحين المحيطة بالفاشر، وتوقعت الأمم المتحدة أن تمتد إلى المدينة نفسها بحلول مايو الماضي، إلا أن نقص البيانات حال دون إعلان المجاعة رسمياً.
وخلال أغسطس (آب)، سجلت 63 وفاة في الأقل خلال أسبوع واحد بسبب "سوء التغذية" في الفاشر، بينما أغلقت معظم المطابخ المشتركة أبوابها.
وبات كثير من العائلات تقتات على علف الحيوانات، أو بقايا الطعام.
الأطفال يعانون سوء التغذية الحاد
وفقاً لبيانات الأمم المتحدة، يعاني 40 في المئة من الأطفال دون الخامسة في الفاشر سوء التغذية، بينهم 11 في المئة يعانون سوء التغذية الحاد الشديد.
وحذرت الأمم المتحدة مراراً من محنة نحو مليون شخص محاصرين في الفاشر والمخيمات المحيطة بها، الذين أصبحوا محرومين فعلياً المساعدات والخدمات الأساسية.
وقال برنامج الأغذية العالمي هذا الشهر إن آلاف الأسر في الفاشر "معرضة لخطر الجوع".
وشهدت أسعار المواد الأساسية ارتفاعاً شديداً، بحسب برنامج الأغذية العالمي، الذي أشار إلى أن الذرة الرفيعة والقمح المستخدمين لإعداد الخبز والهريسة سعرهما أعلى بنسبة 460 في المئة في الفاشر مقارنة بمناطق سودانية أخرى.
والأسواق شبه فارغة من السلع، وقد أغلقت غالبية المطابخ المشتركة أبوابها.
وفي دارفور كذلك أسوأ تفش لعدوى الكوليرا منذ سنوات، في غياب المياه النظيفة والرعاية الصحية.
وحذرت اليونيسف من أن أكثر من 640 ألف طفل دون الخامسة معرضون لخطر الإصابة بالمرض في ولاية شمال دارفور وحدها، بينما سجلت أكثر من 2408 حالات وفاة في 17 من 18 ولاية سودانية منذ أغسطس 2024.