ملخص
على وقع تواصل المعارك، أصدر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان قراراً بإخضاع القوات المساندة العاملة مع الجيش وتحمل السلاح، لأحكام قانون القوات المسلحة لسنة 2007 وتعديلاته على أن يطبق على منسوبيها. وأوضح مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة أن القرار أتى تأكيداً لسيادة حكم القانون ومن أجل إحكام القيادة والسيطرة، مشدداً على أن تكون كل تلك القوات تحت إمرة قادة الجيش بمختلف المناطق.
تمكنت قوات "الدعم السريع" من التسلل والتوغل داخل معسكر أبو شوك للنازحين شمال مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، في ظل قصف مدفعي عنيف ومتزايد على الأحياء السكنية بالمدينة أدى إلى موجة فرار ونزوح جديدة، كما خلف حالاً من الذعر والهلع وسط السكان.
توغل وتصفيات
وأكد بيان لتنسيقية لجان المقاومة بالفاشر أن عملية اقتحام المعسكر بدأت، منذ يومين، وقامت "الدعم السريع" فور توغلها داخل المعسكر بتنفيذ عمليات تصفية مباشرة لعدد من المواطنين داخل المعسكر من دون سبب أو مقاومة، فضلاً عن اعتقالها عدداً آخر من السكان.
وأعلنت "الدعم السريع" على منصاتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن قواتها سيطرت على "قاعدتي أبو شوك ونيفاشا العسكريتين بالفاشر". وحذر بيان التنسيقية من أن وجود هذه القوات داخل المعسكر يعرض حياة آلاف النازحين لخطر الانتهاكات، مطالبة المجتمعين المحلي والدولي بالتدخل العاجل "لوقف الاعتداء السافر على أضعف الفئات المتأثرة بالحرب".
ويعد مخيم أبو شوك من أكبر معسكرات النازحين في إقليم دارفور حيث يؤوي عشرات آلاف الأسر التي نزحت من قراها منذ اندلاع النزاع الأول في الإقليم عام 2003.
واتهمت اللجان "الدعم السريع" باستهداف المطابخ الجماعية "التي بالكاد توفر لقمة تسد رمق الجوعى تحت الحصار بعدما دمرت الأسواق والمستشفيات"، وذلك إثر تعرض أحد المطابخ الجماعية داخل المدينة للقصف.
ولثمانية أيام متتالية تتابع "الدعم السريع" هجماتها العنيفة على الفاشر، مستهدفة دفاعات الفرقة السادسة - مشاة للجيش التي تحمي المدينة. وأوضحت مصادر ميدانية أن "الدعم السريع" واصلت هجماتها على المدينة واستهدفت مسيراتها الاستراتيجية أحياء سكنية عدة، وواصلت قصفها المدفعي بعيد المدى على معسكر أبو شوك.
ومع تواصل المواجهات للسيطرة على المدينة، تتفاقم الأزمة الإنسانية وتتزايد معدلات ضحايا الجوع والمرض نتيجة النقص المزمن في الغذاء والخدمات الصحية بالمدينة المحاصرة منذ ما يقارب 15 شهراً.
وقالت المنسقية العامة للنازحين بدارفور إن وباء الكوليرا يواصل تمدده في كثير من المناطق لا سيما معسكرات النزوح المكتظة ومحليات طويلة وجبل مرة وزالنجي ونيالا وشعيرية. وكشف آخر تحديث للمنسقية عن تجاوز عدد الإصابات اليومية التراكمية 6909 إصابات، في وقت ارتفع عدد الوفيات إلى 297.
قصف المسيرات
وللمرة الثانية خلال الأسبوع الجاري استهدفت طائرات الجيش المسيرة مواقع "الدعم السريع" بمدينتي مليط والكومة بشمال دارفور. كما واصل الطيران الحربي غاراته على مواقع وتجمعات هذه القوات بغرب كردفان حيث دمر تجمعات هذه القوات وكبدها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد. وأوضحت مصادر ولائية أن هجوماً شنته مسيرة تابعة لـ"الدعم السريع" على محلية الطينة الحدودية مع تشاد حيث يسيطر الجيش بشمال دارفور، أدى إلى مقتل تسعة مدنيين وإصابة آخرين.
وفي محور الصحراء، استهدفت مسيرات الجيش رتلاً عسكرياً للإمدادات البشرية واللوجيستية كانت في طريقها لـ"الدعم السريع"، وبحسب المصادر، نفذ الطيران الحربي أول عملية إسقاط جوي لقيادة اللواء 54 بمدينة الدلنج المحاصرة بولاية جنوب كردفان.
وتعيش كل من مدينتي الدلنج وكادوقلي عاصمة الولاية أزمة إنسانية وظروفاً معيشية قاسية نتيجة إغلاق "الدعم السريع" وحليفتها الحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو الطريق القومي الرابط بينها وبين شمال كردفان.
إعدام ميداني
في هذا الوقت فجر مقطع فيديو صادم، جرى تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر جندياً بزي "الدعم السريع" وهو يعدم بالرصاص أحد المدنيين في مدينة الفاشر، موجة من الغضب.
ودان حزب الأمة القومي ما وصفها بالجريمة البشعة التي تجسد التمادي الخطر في الانتهاكات والاستخفاف بالقانون الدولي الإنساني، "وتكشف زيف ادعاءات ’الدعم السريع‘ في شأن التزامها بحماية المدنيين"، وناشد بيان للحزب المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والمنظمات الحقوقية والإنسانية، إدانة وتوثيق مثل هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف الانتهاكات وحماية المدنيين الأبرياء. لفت البيان إلى أن استمرار هذه الحرب الإجرامية لا يعني سوى مزيد من الجرائم والفظائع، وتعميق الكارثة الإنسانية التي تضرب الشعب، بما في ذلك الحصار والتجويع والتدمير الممنهج، كما هي الحال في الفاشر وجنوب وغرب كردفان.
جريمة حرب
واعتبر المرصد الحقوقي لهيئة شباب دارفور "مشاد" أن حادثة الإعدام الميداني تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، وترقى إلى مستوى جريمة حرب، كما تندرج ضمن سياسة ممنهجة لـ"الدعم السريع" باستهداف المدنيين في إطار حملة التطهير العرقي. وطالب المرصد بفتح تحقيق مستقل من قبل المحكمة الجنائية الدولية حول هذه الجريمة وتقديم مرتكبيها إلى العدالة.
"الدعم" تحقق
في المقابل، دانت "الدعم السريع" الحادثة مؤكدة رفضها القاطع مثل هذا السلوك والتزامها الكامل حماية المدنيين وتمسكها الصارم بقواعد الاشتباك. وأكد الناطق الرسمي باسمها أن لجنة للتحقيق باشرت مهامها بصورة فورية للتأكد من تبعية المعتدي لها، "وإذا ثبت ذلك فسيتم محاسبته فوراً وفق القانون العسكري وتعليمات القيادة والقانون الدولي الإنساني".
مناوي يتعهد
واتهم حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي "الدعم السريع" وعناصرها بمواصلة ارتكاب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في حق مكونات عرقية بعينها في دارفور، وتعهد مناوي، في منشور على "فيسبوك"، بكسر حصار الفاشر وهزيمة "الدعم السريع"، وعبر عن استغرابه وجود جهات تمد يد العون لهذه القوات على رغم "الفظائع التي ترتكبها تحت ذرائع واهية باسم تحالف تأسيس الذي يقوم على الدماء والمجازر"، واتهم الحاكم المجتمع الدولي بمناصرة وتأييد الإبادة الجماعية والتطهير العرقي واكتفائه بمشاهدة صور الضحايا وسماعه أنين المحاصرين في الفاشر من دون أن يتحرك لإيقاف الجرائم المستمرة.
انفلات واغتيالات
في مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان أثارت حادثة اغتيال وكيل النيابة الأعلى بالولاية بواسطة مسلحين ملثمين أمام منزله، حالاً من الغضب والقلق، وقالت النيابة العامة في معرض نعيها منسوبها "إن أيادي غادرة وجبانة اغتالته بعد مسيرة حافلة بالعطاء".
وشكا عدد من المواطنين من حال الانفلات الأمني التي تشهدها المدينة مشيرين إلى اغتيال ثلاثة مواطنين خلال الأسبوع الماضي على أيدي مجموعات مسلحة.
تأهب أمني
وبحسب شهود تشهد المدينة حالاً من الانفلات الأمني في ظل انتشار السلاح، وتعدد الجيوش التي ترابط في المدينة، إذ تكررت حوادث القتل من طريق المجموعات المسلحة المجهولة. وشدد اجتماع طارئ للجنة أمن الولاية برئاسة الوالي المكلف عبدالخالق عبداللطيف على ضرورة كشف ملابسات جريمة اغتيال وكيل النيابة الأعلى بالولاية.
وأكد مدير شرطة الولاية اللواء عبدالله عبدالرحمن وضع قوات الشرطة والقوات النظامية الأخرى في حال تأهب قصوى لضبط الجناة وتقديمهم للعدالة على وجه السرعة، كما تم تكوين فريق ميداني مشترك من مختلف القوات لكشف ملابسات هذه الجريمة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إخضاع الحلفاء
في الأثناء أصدر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان قراراً بإخضاع القوات المساندة العاملة مع الجيش وتحمل السلاح، لأحكام قانون القوات المسلحة لسنة 2007 وتعديلاته على أن يطبق على منسوبيها. وأوضح مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة أن القرار أتى تأكيداً لسيادة حكم القانون ومن أجل إحكام القيادة والسيطرة، مشدداً على أن تكون كل تلك القوات تحت إمرة قادة الجيش بمختلف المناطق.
إحالات للمعاش
وفي قرار آخر أحال البرهان عدداً من الضباط إلى التقاعد، وترقية آخرين من دفعات مختلفة للرتبة الأعلى. وأبقى البرهان على رئيس هيئة الأركان المشتركة الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين، لكنه عين مفتشاً عاماً جديداً وقائداً جديداً للقوات الجوية.
وتأتي هذه الإجراءات طبقاً لقانون القوات المسلحة واللوائح المنظمة لها وفق تعميم صحافي من القيادة العامة للقوات المسلحة. ووصف مراقبون عسكريون قرارات قائد الجيش بأنها أشبه بإعادة هيكلة وترتيبات جديدة داخل المؤسسة العسكرية، من شأنها أن تفرز قيادات ميدانية جديدة لتتولى إدارة العمليات الحربية في الفترة المقبلة.
قمع وترهيب
إلى ذلك اتهمت مجموعة "محامو الطوارئ" الخلية الأمنية في العاصمة الخرطوم، بالعمل كأداة أساسية لقمع وترهيب المدنيين وتصفيتهم لمصلحة الجيش. وأشار بيان للمجموعة إلى رصد تنامي خطر في الانتهاكات التي ترتكبها الخلية باعتقال المواطنين في مكاتبها المعروفة داخل العاصمة وتمارس في حقهم التعذيب وسوء المعاملة بصورة ممنهجة. وتابع البيان "تقوم الخلية في بعض الحالات بنقل المعتقلين إلى معتقلات كبرى مثل جبل سركاب ليواجهوا مصائر متعددة، في ظروف غير إنسانية، أو إحالتهم إلى أقسام الشرطة لتلفيق بلاغات ضدهم، بينما يطلق سراح بعضهم في الشوارع بحال صحية ونفسية متدهورة". وأشارت المجموعة إلى أن بعض المحتجزين يعثر أحياناً على جثثهم بعد التصفية أو الموت تحت وطأة التعذيب، إلى جانب الضغوط التي تمارسها الخلية الأمنية على أسر الضحايا تصل إلى حد التهديد بالقتل أو الاعتقال. وأكدت المجموعة توثيقها مئات حالات الاعتقال، وعشرات المفقودين الذين تتعمد الجهات المسؤولة التعتيم على مصيرهم وعدم الكشف عن أماكن احتجازهم، محملة الخلية الأمنية والسلطات القضائية والجيش المسؤولية عن تلك الممارسات، ومطالبة بالإفراج الفوري عن المعتقلين وكشف مصير المفقودين.
الموقف الصحي
وفي إطار إكمال تهيئة البيئة بالعاصمة الخرطوم لعودة الحكومة المركزية والمواطنين، بحث رئيس الوزراء كامل إدريس مع وكيل وزارة الصحة الاتحادية هيثم محمد إبراهيم في تأهيل المرافق الصحية والمستشفيات وسير الحملة التي تم تدشينها بالولاية لمكافحة نواقل الأمراض.