ملخص
جمعت السوق هذا العام نحو 45 مليار دولار من عمليات بيع الأسهم، مقابل 6.3 مليار دولار فقط قبل عام.
تحولت هونغ كونغ فجأة إلى خط المواجهة الجديد في الحرب المالية بين واشنطن وبكين، إذ تحولت المدينة، الواقعة على ساحل الصين الجنوبي، أخيراً، إلى مركز تمويلي رئيس للشركات الصينية الساعية للتوسع عالمياً، مما أعاد النشاط إلى قطاعها المالي بعد أعوام من الركود، لكن في الوقت ذاته جعلها ذلك في قلب الصراع بين الصين والولايات المتحدة.
شهدت هونغ كونغ طفرة في جمع رؤوس الأموال بفضل صفقات كبرى لعمالقة صينيين مثل "كونتيمبوراري أمبيركس تكنولوجي" و"بي واي دي"، إذ تجاوزت الطروحات الأولية 16 مليار دولار هذا العام. وتتوقع "برايس ووترهاوس كوبرز" أن تتصدر المدينة أسواق الإدراج عالمياً بحلول 2025.
وارتفع مؤشر الأسهم بنسبة 24 في المئة متفوقاً على أسواق الولايات المتحدة وأوروبا، بينما يتجه إصدار السندات نحو مستوى قياسي تاريخي.
ما دور الشركات الصينية في هذا الصعود؟
تهيمن الشركات الصينية على عمليات الإدراج وصفقات الاندماج والاستحواذ، فيما تدعم البنوك الصينية طفرة السندات المحلية، ويزداد تأثير المستثمرين الصينيين الذين يصلون بسهولة إلى السوق عبر آلية الربط التجاري.
وتقول فيكتوريا ميو من "جانوس هندرسون"، إن "الصين تحتاج إلى مركز اتصال مالي عالمي، وهونغ كونغ هي الموقع المثالي".
لماذا هونغ كونغ مهمة استراتيجياً لبكين؟
كثيراً ما استفادت بكين من كون هونغ كونغ لا تخضع لقيود تدفقات الأموال، ومع الوقت أصبحت منصة رئيسة لجمع التمويل للشركات الصينية التي تسعى إلى التوسع الخارجي.
على سبيل المثال، جمعت "كونتيمبوراري أمبيركس تكنولوجي" 5.2 مليار دولار لتمويل مصنع ضخم في المجر، فيما خصصت "بي واي دي" جزءاً من حصيلة طرحها البالغة 5.6 مليار دولار للتوسع الدولي، وجمعت "علي بابا" 1.5 مليار دولار لتمويل استثمارات في الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.
كيف دعمت بكين هذا الدور المالي لهونغ كونغ؟
عززت الصين موقع هونغ كونغ كمحرك تمويلي عبر تخفيف قيود رؤوس الأموال، وتسريع المدفوعات عبر الحدود، وتشجيع الإدراجات. وسهلت بورصة المدينة شروط الإدراج للشركات الصينية، في وقت أبطأت فيه الجهات التنظيمية الموافقات على الإدراج في الولايات المتحدة، مما دفع مزيداً من الشركات نحو هونغ كونغ.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
منذ عودة هونغ كونغ إلى الصين عام 1997، شاب علاقتها بالبر الرئيس توترات، وزادت الضغوط بعد فرض قانون الأمن القومي في 2020، مما أدى إلى نزوح كوادر مالية أجنبية، ودفع إحكام بكين قبضتها بعض الشركات الدولية لتشديد إجراءات الأمن السيبراني، وعلى رغم ذلك، فتحت الصين الباب مجدداً للإدراجات، مما أنهى فترة ركود قاسية للقطاع المالي.
ما حجم الطفرة بالأرقام؟
جمعت السوق هذا العام نحو 45 مليار دولار من عمليات بيع الأسهم، مقابل 6.3 مليار دولار فقط قبل عام، وبلغ إصدار السندات المقومة بالدولار الهونغ كونغي 47 مليار دولار حتى 12 أغسطس (آب) الجاري، وهو أعلى مستوى مسجل منذ بداية العام. وارتفعت أصول مديري الثروات المرتبطة بالبر الرئيس بنسبة 15 في المئة لتصل إلى 3.1 تريليون دولار هونغ كونغي (395 مليار دولار).
من المستفيد من هذا النشاط؟
تهيمن بنوك كبرى مثل "أتش أس بي سي" و"ستاندرد تشارترد" و"بنك أوف تشاينا" على السوق المحلية، لكن البنوك العالمية مثل "مورغان ستانلي" و"كريدي أغريكول" تحقق أيضاً مكاسب كبيرة.
ويقول ويل كاي من مكتب "كولي" للمحاماة إن النشاط الحالي سيستمر عاماً آخر في الأقل.
هل هذا يعيد هونغ كونغ لمكانتها العالمية؟
يرى بعض المحللين أن الدور الجديد للمدينة هو منصة تمويل للصين أكثر من كونه عودة لمكانتها كمركز مالي عالمي مستقل، ويشير ستيفن روتش، الرئيس السابق لـ"مورغان ستانلي آسيا"، إلى أن هذا التحول يعكس تبعية متزايدة لخطط بكين.
وأثارت مشاركة بنوك أميركية في صفقات صينية كبرى مثل إدراج "كونتيمبوراري أمبيركس تكنولوجي" انتقادات من مشرعين أميركيين بدعوى ارتباطات عسكرية، مما دفعهم لطلب انسحاب هذه البنوك، وعلى رغم المضي في الصفقة، تلقت البنوك طلبات رسمية لتقديم وثائق للكونغرس.
هل الطفرة الاقتصادية شاملة؟
على رغم انتعاش القطاع المالي، لم ينعكس ذلك على الاقتصاد الأوسع، إذ تراجعت أسعار العقارات للعام الثالث على التوالي، وارتفعت الديون المعدومة، وبلغت البطالة أعلى مستوى في أكثر من عامين. لكن زيادة نشاط الطروحات تعزز سوق تأجير المكاتب، مع دخول شركات عالمية جديدة للمدينة.
وهناك أكثر من 200 شركة تسعى إلى الإدراج في هونغ كونغ، بينها شركات كبرى مثل "شي أن"، كما يتوقع أن تتزايد "الإدراجات العائدة" لشركات صينية مدرجة سابقاً في الولايات المتحدة، مثل "علي بابا" و"جي دي دوت كوم" و"بايدو". ومع ذلك ستظل الأخطار السياسية قائمة حتى مع ترجيح بعض القيادات المصرفية أن الفوائد تفوق التحديات.