ملخص
"روكي الغلابة" فيلم قادت بطولته الممثلة الموهوبة دنيا سمير غانم في محاولة منها لإعادة بريق سينما المرأة وإحياء اسم النساء في شباك التذاكر المصري ضمن موسم المنافسة الأكثر سخونة، وقد نجحت في الرهان لتتصدر الإيرادات وتقترب من رقم جيد جداً على رغم توقعات الهزيمة أمام منافسيها من كبار النجوم الرجال.
حملت تجربة دنيا سمير غانم كثيراً من المخاطرة فقد كانت تحتاج إلى مغامرة في موعد العرض لتكشف حقيقة مهمة وهي هل سيُقبل الجمهور خلال الصيف على فيلم بطولته لامرأة، أم أن هناك حالاً من التنوع فرضت نفسها حالياً وأصبحت تتيح المنافسة بين الأعمال، بغض النظر عن كونها بطولة نسائية أم غير ذلك.
ويعتبر ما حققه فيلم "روكي الغلابة" حتى الآن من إيرادات اقتربت من 20 مليون جنيه مصري (417 ألف دولار) خلال أقل من أسبوع محاولة ناجحة لإنعاش شريط سينمائي حمل اسم ممثلة كبطلة أولى، وعلى ملصقه الإعلاني تصدرت صورتها مثلما كان معتاداً خلال عهود سابقة انتهت تقريباً منذ منتصف التسعينيات بعد نادية الجندي ونبيلة عبيد، باستثناء محاولات مهمة من ياسمين عبدالعزيز ومنى زكي ومنة شلبي وهند صبري وأيضاً دنيا سمير غانم.
خلطة مختلفة
ويبدو أن تحدي الحضور في موسم الصيف بفيلم ينافس بطولات الرجال كان يلزمه خلطة مختلفة ومحددة أدركت دنيا تركيبتها، فابتعدت من الأفلام العميقة التي تقترب منها منى زكي مثل "الرحلة 404" والذي حقق نجاحاً فنياً ضخماً وإيرادات متوسطة تجاوزت 30 مليون جنيه مصري (625 ألف دولار)، وعرض خلال موسم الشتاء بعيداً من الحرب الصيفية وشراسة مواسم الأعياد، كما تجنبت دنيا تجربة منة شلبي التي قدمت فيلماً رومانسياً مميزاً أجبرها بحكم موضوعه على العرض خلال موسم الشتاء السابق وهو "الهوى سلطان"، وكان موفقاً لدرجة كبيرة بسبب توقيت الطرح وحقق 80 مليون جنيه (1.6 مليون دولار)، ليعيد هذا الرقم الضخم الروح والثقة لسينما المرأة والمواضيع العاطفية الحالمة.
وكانت خلطة دنيا بوصفها ممثلة كوميدية بالأساس تعتمد على الاضحاك والخيال والـ "أكشن" وكثير من العبارات التي تناسب صغار السن والأطفال، إضافة إلى قليل من الرومانسية التي تمنح ثقلاً للتجربة، فتبدأ المشاهد بالتعرف على رقية الطفلة التي تمتلك قدرات دفاعية وموهبة خاصة وتعيش في دار أيتام وتحب الدفاع عن المظلومين، يكتشفها معلمها (محمد رضوان) ويتبنى موهبتها ويساعدها في ثقلها حتى تصبح بعد أعوام حارساً خاصاً محترفاً.
حارس خاص
وتتصاعد الأحداث بعد ظهور الدكتور ثابت (محمد ممدوح) الشاب الثلاثيني الذي ينجح في اختراع جهاز من شأنه إحداث طفرة في حياة الناس، وبسبب أهمية اختراعه تحاول جهات خارجية النيل منه ومطاردته للحصول على سر الجهاز، ومن دون التفكير في إبلاغ الشرطة أو محاولة الاحتماء بطرق رسمية يقرر ثابت بناء على نصيحة من ابن عمه أن يستعين بحارس خاص لتأمينه من الأخطار التي تطارده، فيستعين بروكي الفتاة التي تبرز مواهبها في الحماية بصورة فريدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتتوالى المشاهد التي لا تحمل أي منطق من حيث الدراما أو التنفيذ، فيهاجم مجموعة من الرجال الأقوياء التابعين للعصابة الدولية ثابت لتقوم روكي الفتاة الضعيفة جسدياً بضرب الرجال ذوي الأجساد الضخمة وتقهرهم واحداً تلو الآخر، بطريقة تبدو على الشاشة غير منطقية في التنفيذ أو التكنيك.
اعتلال المنطق
ولم يجر تنفيذ مشاهد الـ "أكشن" المتوالية بين روكي ورجال العصابات بطريقة محترفة وبدرجة تتلافى انعدام المنطق الجسدي والدرامي والبصري، فظهرت كأنها مشاهد عبثية تهدف للكوميديا أو تخاطب الأطفال في مسلسلات وأفلام الكارتون، وعزز فكرة تعمد التوجه للأعمار الصغيرة في معظم الأحداث ظهور أشخاص يرتدون زي حيوانات مضحكة، مثل الدببة، ضمن المطاردات التي تقع بين العصابة وبين روكي والدكتور ثابت.
واعتمد الفيلم أيضاً على قصة قُتلت بحثاً وهي هرب رجل وامرأة، سواء محبين أو غرباء أو تجمعهم أية صفة، من عصابات تطاردهما، وهي فكرة جرى تقديمها في مئات الأفلام والأعمال الفنية بأشكال وقصص مختلفة، ولأن هذه التوليفة مضمونة النجاح فيلزمها تفاصيل توضع بشكل شبه إجباري، مثل أن تكون البطلة مثالية ولها أهداف نبيلة أو تعاني ظروفاً صعبة يعرفها البطل فيدرك قيمتها الإنسانية ومدى تضحياتها، وأن يجمع الحب بين الهارب والهاربة بعد مشاكسات كثيرة وإنكار من الرجل لأنوثة الفتاة التي تصاحبه في الرحلة، فتضطر أن تعلن جمالها بطرق محفوظة، مثل ارتداء ز
أنثوي في مناسبة أو فرح يظهر خلال الأحداث بلا سبب، أو تغنى له أغنية تعرب فيها عن مشاعرها وتستعرض جمالها، فيكتشف البطل أنه غارق في الحب مع امرأة مكتملة المثالية والأنوثة، ومن أمثلة هذه الأفلام "أبو علي" و "لف ودوران" و "مافيا" وغيرها.
تجديد الثقة
أفضل ما في فيلم "روكي الغلابة" أنه حاول تجديد الثقة في بطولات السيدات للأعمال السينمائية وقدرتهن على المنافسة، وكذلك اختياره فكرة تعتمد على الـ "أكشن" وتقدم المرأة في صورة حارس خاص، وكان يمكن أن يكون العمل أكثر جودة إذا اشتملت خلطته الفنية على عمق أكبر في المشاهد والمشاعر، ومنطقية في الأحداث وبعد عن المحفوظات التي يعرفها كل المشاهدين، فكل المشاهد بدت متوقعة مسبقاً لأننا بالفعل "رأيناها في 100 فيلم عربي قبل ذلك".
كما كان يمكن تدارك عدم منطقية الجزء الجسدي لدنيا سمير غانم أو اقتناعنا بها في مشاهد ضرب الرجال المفتولين بأن يلجأ صناع الفيلم لوضع مبرر درامي أو خيالي خلال الفيلم يرفع الحرج عن الشكل الكارتوني الذي جرى فيه تنفيذ المشاهد، مثل أن يقال إنها تملك قوة خاصة، لكن روكي جاءت فتاة عادية لديها مواهب قتالية جيدة، لكنها لا تعتبر بطلة خارقة حتى يمكن تصديق ضربها للرجال الأقوياء بجسدها القصير الصغير وقبضتيها الناعمتين.
ومن العيوب أيضاً أن العمل قام على فكرة أن هناك اختراعاً عبقرياً سيغير مجرى البشرية، وأن العصابات تحاول النيل من المخترع بإرسال رجال لضربه أو طلب سر الاختراع منه، ولا يوجد سبب منطقي مع التطور الرقمي والذكاء الاصطناعي واختراقات التكنولوجيا لأن تجري الاستعانة بعصابات للحصول على الاختراع، وكأنه موجود في حقيبة يجري النزاع عليها بين العصابة والمخترع.
استنساخ لهفة
حاولت دنيا سمير غانم أن تقدم أفضل ما لديها لإنجاح "روكي الغلابة" فاعتمدت على أكثر من حيلة، ومنها اقتباس بعض الشخصيات التي قدمتها من قبل بنجاح مثل "لهفة"، واتخذت روكي من عالم لهفة الكثير مثل أن تدعي الثقافة وتمطر الجميع بمعلوماتها وكلماتها الإنجليزية غير الصحيحة التي تثير
الضحك، ولكن إفراط دنيا في استخدام معالم "لهفة" جعل "روكي" وكأنها استنساخ منها، وعلى جانب آخر استخدمت دنيا قدراتها الغنائية فقدمت أغنية جيدة مع أحمد سعد كانت جزءاً موفقاً من توليفة العمل التي تعمدت أن تجمع فيها بين الـ "أكشن" والكوميدي والغناء والرومانسية، ولمحات من الشخصيات التي نجحت في أعمال أخرى.
وقد شارك في بطولة الفيلم محمد ممدوح ومحمد رضوان وسلوى عثمان، وللأسف لم يكن لأي منهم علامة مختلفة، فمحمد ثروت يقدم الشخصية الكوميدية نفسها والمبالغة في انفعالاتها في كل الأعمال، وكذلك محمد رضوان لعب دور المدرب الطيب الذي يحتضن الفتاة الفقيرة روكي لأنها يتيمة، وهي تحاول رد الجميل له بعد أن كبر وأصابه مرض خطر، وربما كان ظهور أحمد الفيشاوي بكل ما تحمله شخصيته من جدل على الشاشة أفضل ما خُتم به الفيلم، إذ ترك بصمة واضحة في دور غير مألوف عليه ومناسب جداً لشكله الحقيقي والوشوم وطريقة الحديث التي يتميز بها، أما محمد ممدوح فهو ممثل يمتلك قدرات تمثيلية مميزة جداً لم تظهر في "روكي الغلابة"، واكتفى بأن يظهر حبيباً للبطلة فقط من دون أن يكون له بصمة تتناسب موهبته التي لا خلاف عليها.