ملخص
أثار إعلان وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي في مذكرة صدرت في السادس من يوليو (تموز) الجاري، أنهما لن ينشرا أي ملفات إضافية عن إبستين، بعدما كانت إدارة ترمب قد وعدت سابقاً بذلك، غضب كثير من مؤيدي الرئيس.
يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب اتهامات بمحاولة إلهاء الأميركيين عن وثائق جيفري إبستين، الملياردير الأميركي المتهم بإدارة شبكة واسعة للاتجار الجنسي بالفتيات القصر، من خلال الإفراج عن آلاف الوثائق المتعلقة باغتيال زعيم حركة الحقوق المدنية الأميركي مارتن لوثر كينغ عام 1968.
ونشر أكثر من ستة آلاف وثيقة تتعلق باغتيال كينغ، وتضم ما يقارب ربع مليون صفحة، على موقع الأرشيف الوطني مساء الإثنين، في خطوة وصفتها إدارة ترمب بأنها انتصار للشفافية. لكن وفق صحيفة "نيويورك تايمز" فإن عدداً من المؤرخين البارزين المتخصصين بكينغ أشاروا إلى أنهم لم يجدوا معلومات جديدة تذكر في شأن مقتل زعيم الحقوق المدنية في تلك الوثائق، لافتين إلى أن هذه المجموعة لا تتضمن تسجيلات التنصت التي أجراها مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) على كينغ، ولا مواد أخرى لا تزال خاضعة لأوامر قضائية حتى عام 2027.
وجاء النشر من دون إعلان مسبق، في وقت تسعى فيه إدارة ترمب ومسؤولو البيت الأبيض إلى صرف الأنظار عن الضغوط المتزايدة من اليمين ومؤيدي ترمب المطالبة بنشر ملفات متعلقة بوفاة الملياردير الأميركي، الذي عثر عليه ميتاً داخل زنزانته في سجن مانهاتن بنيويورك في أغسطس (آب) 2019، والذي كانت تجمعه علاقات صداقة بكبار السياسيين ورجال الأعمال بما في ذلك ترمب والرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون.
وقال مسؤولون في إدارة ترمب إن الوثائق الخاصة باغتيال كينغ تتضمن ملاحظات حول الخيوط التي تبعها المحققون، ومقابلات مع أشخاص كانوا يعرفون قاتله جيمس إيرل راي، إضافة إلى تفاصيل غير منشورة سابقاً حول التفاعلات مع أجهزة استخبارات أجنبية خلال عملية ملاحقة راي.
محاولة إلهاء
ومنذ أيام، يواجه الرئيس ترمب اتهامات بمحاولة تشتيت الانتباه عن ملفات إبستين، في وقت تواجه فيه الإدارة ضغوطاً متزايدة لمزيد من الشفافية في شأن القضية. وبعد إعلان إدارة ترمب عن نشر 230 ألف وثيقة تتعلق باغتيال مارتن لوثر كينغ، قال القس آل شاربتون وهو أحد الشخصيات البارزة في الكفاح من أجل الحقوق المدنية، إن هذه الخطوة تمثل "محاولة يائسة لصرف انتباه الناس عن العاصفة التي تحيط بترمب بسبب ملفات إبستين والانهيار العلني في صدقيته بين قاعدة مؤيديه من حركة ماغا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كذلك اتهم السيناتور عن ولاية كاليفورنيا آدم شيف الرئيس بمحاولة التغطية على أزمة إبستين. وفي منشور على حسابه بمنصة "تروث ميديا"، واصل ترمب هجومه على شيف، مدعياً أن النائب الديمقراطي يجب أن يسجن بزعم تزويره مستندات قرض تتعلق بمنزله في ولاية ماريلاند. وكان شيف قد قال سابقاً إن هذا الاتهام "مجرد وسيلة ملائمة لصرف الأنظار" عن فضيحة إبستين، وأوضح في رسالة مصورة الأسبوع الماضي "ما يجري حقاً هنا هو أن دونالد ترمب يحاول ممارسة الانتقام السياسي والتشويش، في محاولة لصرف الانتباه عن مشكلته المتعلقة بملفات إبستين."
وكان إعلان وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي في مذكرة صدرت في السادس من يوليو (تموز) الجاري، أنهما لن ينشرا أي ملفات إضافية عن إبستين، بعدما كانت إدارة ترمب قد وعدت سابقاً بذلك، أثار غضب كثير من مؤيدي الرئيس. وذكرت المذكرة أن السلطات توصلت إلى أنه لا وجود لـ"قائمة عملاء" لإبستين، وهي النقطة التي كانت محور نظريات مؤامرة روج لها كل من كاش باتيل ودان بونجينو قبل انضمامهما إلى إدارة ترمب، مما زاد من غضب بعض من أشد أنصاره صخباً.
تشويه سمعة كينغ
ولقي كينغ حتفه برصاصة قاتل في ممفيس بولاية تينيسي في الرابع من أبريل (نيسان) 1968، في وقت كان يوسع مجالات اهتمامه لتشمل القضايا الاقتصادية والدعوات إلى السلام، إلى جانب الحملة السلمية من أجل المساواة في الحقوق للأميركيين من أصل أفريقي. وهزت وفاته الولايات المتحدة في عام شهد أيضاً أعمال شغب عرقية وتظاهرات مناهضة لحرب فيتنام، واغتيال الرئيس روبرت كينيدي.
واحتفظ مكتب التحقيقات الفيدرالي بملفات عن كينغ في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، حتى إنه كان يتنصت على مكالماته، بسبب ما زعمه المكتب زوراً آنذاك حول صلات مشبوهة بالشيوعية خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، وأقر المكتب في الأعوام القليلة الماضية بأن ذلك يعد مثالاً على "الانتهاكات والتجاوزات" التي ارتكبها في تاريخه.
كانت تسجيلات التنصت التي أجراها مكتب التحقيقات الفيدرالي، إلى جانب عمليات مراقبة أخرى، جزءاً من جهود تهدف إلى كشف مواد مسيئة عن القس الأميركي من أصل أفريقي، سعى المكتب إلى استخدامها في حملته لتقويض حركة الحقوق المدنية. وتعد الأشرطة والنصوص الناتجة من تلك المراقبة من بين المواد التي لا تزال خاضعة لأمر قضائي يمنع نشرها، على رغم أن ملخصات ووثائق مرتبطة بها قد تم الإفراج عنها في وقت سابق.ورفض قاضٍ فيدرالي الشهر الماضي طلباً من وزارة العدل لرفع السرية عن تلك السجلات قبل الموعد المحدد بعامين.
وعقب نشر الوثائق، طلبت عائلة زعيم الحقوق المدنية من الذين يتعاملون مع الملفات أن "يفعلوا ذلك بالتعاطف وضبط النفس والاحترام لأحزان العائلة المستمرة"، ونددت أيضاً "بأي محاولات لإساءة استخدام هذه الوثائق". وقالت في بيان "الآن أكثر من أي وقت مضى، يتعين علينا تكريم تضحيته من خلال التزام تحقيق حلمه، مجتمع متأصل في التعاطف والوحدة والمساواة".
وأضافت العائلة، التي تضم اثنين من أبناء كينغ اللذين ما زالا على قيد الحياة، وهما مارتن الثالث (67 سنة) وبرنيس (62 سنة)، "خلال حياة والدنا، كان هدفاً بلا هوادة لحملة تضليل ومراقبة عدائية ومفترسة ومزعجة للغاية، دبرها جيه إدغار هوفر من خلال مكتب التحقيقات الفيدرالي"، وذلك في إشارة إلى مدير المكتب آنذاك.