ملخص
أدى استهداف المستشفيات إلى سقوط مئات الضحايا من المدنيين والكوادر الطبية، إضافة إلى تعرض المعامل ومخازن الأدوية والمستلزمات للتدمير والحريق، وكذلك توقف وتعطل ما يصل إلى 80 في المئة من مرافق الرعاية الصحية في مناطق النزاع المسلح، إلى جانب توقف عمل نحو 45 في المئة من المرافق في المدن الأخرى.
تصاعدت في الآونة الأخيرة الهجمات على المستشفيات والمرافق الصحية في السودان نتيجة تعرضها للقصف العشوائي المدفعي والجوي من قبل طرفي الحرب الجيش و"الدعم السريع"، وسط مخاوف متزايدة من توسيع نطاق الهجمات على المنشآت الطبية لتصل إلى مدن ومناطق عدة.
أدى استهداف المستشفيات إلى سقوط مئات الضحايا من المدنيين والكوادر الطبية، إضافة إلى تعرض المعامل ومخازن الأدوية والمستلزمات للتدمير والحريق، وكذلك توقف وتعطل ما يصل إلى 80 في المئة من مرافق الرعاية الصحية في مناطق النزاع المسلح، إلى جانب توقف عمل نحو 45 في المئة من المرافق في المدن الأخرى.
انتهاك وتهديد
إلى ذلك حذرت شبكة أطباء السودان من مغبة تحويل المرافق الصحية إلى مواقع للصراع، وعدم استهداف الكوادر الطبية، ودعت في بيان طرفي الصراع إلى احترام حرمة المرافق الطبية وعدم الزج بها في العمليات العسكرية، التزاماً بالقوانين الدولية التي تحظر استهداف المنشآت الطبية والعاملين فيها أثناء النزاعات المسلحة.
وأشارت الشبكة إلى أن "تحويل المستشفيات إلى ثكنات عسكرية يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، ويهدد حياة المدنيين والكوادر الصحية ويقوض فرص توفير الخدمات الطبية المنقذة للحياة في المناطق المتأثرة بالحرب".
حماية ومحاسبة
في السياق ذاته، أوضح مدير الرعاية الصحية السابق بولاية جنوب دارفور الفاتح عبدالوهاب أن "استهداف المستشفيات يعد انتهاكاً للضمير الإنساني والقانون الدولي الذي يهدف إلى ضمان سلامة المرضى والطواقم الطبية والحفاظ على المنشآت في أوقات الحروب".
ونوه عبدالوهاب بأن المرافق الصحية ليست مباني عادية، حيث تمثل ملاذاً للجرحى والمرضى والعاملين في الخطوط الأمامية لإنقاذ حياة ملايين السودانيين، ومن ثم فإن استهداف الأماكن المخصصة لإنقاذ الأرواح ينسف روح الإنسانية والمبادئ الأخلاقية".
ودعا مدير الرعاية الصحية السابق إلى ضرورة توفير الحماية الكاملة للطواقم الطبية والمنشآت الصحية لتمكينهم من أداء واجباتهم الإنسانية على الوجه الأكمل، خصوصاً في ظل انهيار القطاع الصحي في مدن ومناطق عدة بالبلاد".
وشدد عبدالوهاب على أهمية احترام القوانين الدولية والإنسانية، وضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات التي تهدد أرواح الأبرياء وتعرقل مساعي الجهود الإنسانية".
ضحايا الهجمات
على نحو متصل، أعلنت منظمة "أنقذوا الطفولة" مقتل 933 شخصاً خلال الهجمات على المرافق الصحية في السودان خلال النصف الأول من هذا العام، وقالت في بيان، إن 933 شخصاً قتلوا حتى الآن خلال هذا العام، أثناء محاولتهم الحصول على الرعاية الصحية أو زيارة أحبائهم في المستشفيات".
وأفادت بأنها أجرت تحليلاً للهجمات على الرعاية الصحية، بناء على تقارير منظمة الصحة العالمية، حيث وجدت مقتل 933 فرداً بينهم أطفال في أكثر من 38 حادثة خلال ستة أشهر الأولى من هذا العام.
وأشارت المنظمة إلى أن عدد الضحايا في هذا العام أكثر بنحو 60 مرة من عدد الوفيات المبلغ عنها خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وذكرت أن الهجمات على المرافق الصحية خلال هذا العام أدت إلى إصابة 148 شخصاً، بزيادة تصل إلى ثلاثة أضعاف عدد المصابين خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وبحسب المنظمة وقع 136 هجوماً على مرافق الرعاية الصحية منذ اندلاع النزاع في أبريل (نيسان) 2023 إلى نهاية العام، أسفر عن مقتل 238 شخصاً وإصابة 214 آخرين، في حين وقع 13 هجوماً على المنشآت الطبية خلال النصف الأول من العام السابق مما أدى إلى مقتل 16 فرداً وإصابة 148 آخرين.
وشددت المنظمة على أن عدد الهجمات على مرافق الرعاية الصحية ظل مرتفعاً منذ اندلاع الصراع المسلح، مبدية القلق من زيادة عدد الضحايا هذا العام، الذي قتل خلاله قرابة أربعة أضعاف ضحايا خلال عامي 2023 و2024 مجتمعين.
تفاقم الأوضاع
على الصعيد ذاته، أشار الطبيب في مستشفى الخرطوم ماهر مختار إلى أن "أوضاع القطاع الصحي في السودان لا تحتمل مزيداً من الدمار والتخريب، خصوصاً في ظل الانهيار الحالي ونقص الكوادر الطبية والأدوية وتوقف مرافق عدة وخروجها عن الخدمة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت الطبيب إلى أن "تزايد الهجمات على المستشفيات تزامن مع أزمات معقدة، إذ يكافح القطاع الصحي أوبئة عدة، وفي مقدمها الكوليرا التي أصابت أكثر من 83 ألف شخص منذ يوليو (تموز) 2024، فضلاً عن مئات القتلى، علاوة على تعرض الأطباء للقتل والإصابات المؤثرة".
وطالب مختار بضرورة "حماية المرضى والمصابين والعاملين في المجال الصحي والمنشآت الطبية بجميع الأوقات، وفقاً للقانون الدولي الإنساني".
حوادث القصف
خلال عام 2025، جرى استهداف خمسة مستشفيات بالقصف المدفعي والجوي، وبحسب شبكة أطباء السودان ومجموعة "محامو الطوارئ"، وكذلك ناشطون في المجال الطبي استهدفت قوات "الدعم السريع" المستشفى السعودي في الفاشر ومستشفى النو بأم درمان ومستشفى الضمان الاجتماعي في الأبيض، في حين استهدف الطيران الحربي التابع للجيش السوداني مستشفيي نيالا والمجلد.
ويعد الهجوم على مستشفى "المجلد" بولاية غرب كردفان في الـ24 من يونيو (حزيران) الماضي الأكبر على المرافق الصحية، إذ قتل أكثر من 40 شخصاً، بينهم أطفال وعاملون في مجال الرعاية الصحية وفق منظمة الصحة العالمية.
ودعا المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إلى وقف الهجمات على البنى التحتية الصحية من دون أن يحدد هوية المسؤول عن الهجوم.
وذكر مكتب منظمة الصحة العالمية في السودان، أن ستة أطفال وخمسة مسعفين قتلوا في الهجوم، وأشار إلى أن أضراراً جسيمة لحقت بالمستشفى.
في حين قالت مديرة منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" كاثرين راسل، إن "الهجمات على مستشفيات السودان انتهاك جسيم يعرض حياة الأطفال للخطر ويعوق وصولهم إلى الرعاية الصحية"، وأشارت إلى أنه "تم توثيق أكثر من 90 هجوماً على المستشفيات والمدارس في السودان خلال عام 2024".