Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يطلق كوربين العنان لليسار البريطاني المتشدد؟

النائبة زارا سلطانة تستقيل وتعلن تأسيس حزب جديد مع الزعيم السابق لحزب العمال الحاكم

النائبان البريطانيان جيرمي كوربين وزارا سلطانة خلال تظاهرة في لندن (غيتي) 

ملخص

بعد استقالتها من الحزب الحاكم أعلنت النائبة العمالية زارا سلطانة نيتها إطلاق حزب جديد مع جيرمي كوربين الزعيم السابق لحزب العمال، تردد كوربين أولاً في التعليق على تصريح سلطانة لكنه أصدر لاحقاً بياناً كشف فيه عن محادثات "لبلورة تيار سياسي جديد يشكل بديلاً أمام هؤلاء الذين يبحثون عن الأمل في النظام السياسي المتضعضع".

كان يمكن أن تكون استقالة النائبة العمالية زارا سلطانة حدثاً عابراً لا يستحق اهتماماً كبيراً لولا أنها فجرت مفاجأة الإعلان عن حزب جديد تؤسس له مع الزعيم السابق لحزب العمال الحاكم والنائب المستقل اليوم في مجلس العموم جيرمي كوربين.

قصة خصومة كوربين و"العمال" تمتد على أعوام طويلة، لكن ملخصها أنه استبعد قبل نحو عامين من الحزب اليساري لأنه أكثر يسارية مما يجب، فاتهم بمعاداة السامية وانتهت لجنة تحقيق داخلية إلى ضرورة تهميشه ومحاصرة مؤيديه في الحزب.

رفض زعيم "العمال" الحالي ورئيس الوزراء كير ستارمر ترشيح كوربين على قوائم الحزب في الانتخابات العامة الماضية، لكن إرث كوربين في منطقة مثلها عقوداً ساعده على العودة إلى البرلمان كمستقل، وهنا ظن الجميع أن الخصومة انتهت.

لم يتوقف كوربين ونواب مستقلون في مجلس العموم عن مطالبة الحكومة بوقف حرب غزة أو وقف تسليح إسرائيل في أقل تقدير، لم تلقَ مطالبهم أذاناً صاغية لكن أصواتهم أثرت في نواب في البرلمان من بينهم سلطانة التي استقالت أخيراً.

عندما خرجت سلطانة لتعلن عن مشروعها السياسي الجديد مع كوربين، قالت مصادر مطلعة لـ"اندبندنت عربية" إن كوربين تفاجأ بالصيغة التي طرحتها النائبة المستقيلة من "العمال"، ولكن بعدما تهافتت عليه اتصالات الإعلاميين كسر صمته.

كوربين كان يناقش فكرة الحزب الجديد مع أشخاص عدة قبل الانتخابات البرلمانية الماضية، لكن استعجال رئيس الحكومة السابقة ريشي سوناك موعد الاستحقاق البرلماني وتحديده في يوليو (تموز) الماضي، أجل المحادثات إلى حدود الصمت.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بعد إعلان سلطانة خرج كوربين ببيان بدأه بإدانة "فشل" الحكومة في إحداث التغيير "المتوقع والمستحق" الذي وعدت به في انتخابات 2024، فـ"الجوع والحرب وعدم المساواة ليست أقداراً، والمملكة المتحدة تحتاج إلى تغيير اتجاهها اليوم".

بعد ذلك هنأ كوربين النائبة المستقيلة سلطانة على قرار مغادرة حزب العمال، وقال إنه سعيد بمساعدتها في إيجاد "بديل حقيقي"، معلناً "اقتراب تبلور الأساسات الديمقراطية لنوع جديد من الأحزاب السياسية في البلاد"، إذ قال إن النقاشات جارية وهو "سعيد بالعمل مع كل المجتمعات المحلية للقتال من أجل مستقبل يستحقه الناس".

ختم الزعيم السابق لحزب العمال بجملة فحواها "إنه يمكن خلق الأمل الذي يفتقده الناس بشدة في النظام السياسي المتضعضع"، لكن إلى أي مدى فعلاً يسهل إطلاق حزب جديد منافس في بريطانيا، وما طابع حزب كوربين المرتقب إن ولد أصلاً؟

إجرائياً ليس من الصعب تأسيس حزب جديد في المملكة المتحدة، لكن على الصعيد السياسي تحتاج إلى أفكار ومبادئ تجذب الناس ولا يجدونها في سوق الأحزاب الحالية، مما يدفعهم مباشرة إليك سواء كانوا مستقلين أو منتمين لتكتلات أخرى.

يمكن لشخصين فقط أن يطلقا حزباً في بريطانيا، ولكنهما يحتاجان إلى دستور يُحدد الهيكل والتنظيم والحوكمة، كذلك يجب عليهما تسجيل ثلاثة مناصب هي الرئيس وأمين الصندوق ومسؤول الترشيح، لأن هؤلاء هم المسؤولون قانونياً عن الحزب.

يتطلب الأمر أيضاً تقديم نسخة من المخطط المالي للحزب باشتراكاته وتبرعاته، إضافة إلى اختيار اسم وشعار لا يشبهان حزباً قائماً، ثم دفع رسوم غير قابلة للاسترداد مقدارها 150 جنيهاً إسترلينياً إلى اللجنة الانتخابية التي ستمنح الموافقة للحزب.

 

ثمة حزبان صغيران أُسسا أخيراً خلال العام الأول من عمر الحكومة الحالية، كل منهما أطلقه نائب خرج من عباءة حزب "ريفورم" الذي يتتزعمه السياسي الشعبوي نايجل فاراج، لكن أياً منهما لم يؤثر فعلياً في تيار اليمين بصورة ملحوظة.

خلفية كوربين وتوجهاته تقول إننا ننتظر حزباً يعبر عن أقصى اليسار في المملكة المتحدة، فهذه الفئة لم تعد تجد من يمثلها بقوة بعدما نزعت البلاد نحو اليمين ومضى زعيم "العمال" نفسه نحو مجاراة هذا التوجه الشعبي المتزايد في بريطانيا.

كل الذين يطالبون بإنهاء حرب غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 يمكن أن ينضموا إلى كوربين، كذلك المتمسكون بالمبادئ الاشتراكية والمنادون بتحقيق المساواة واجتثاث الفقر وقلب المعادلات البيئية وقبول المثلية وغيرها من الأفكار.

هناك أيضاً من يشعر بالقلق من اليمين المتطرف في البلاد، ويرى أن "العمال" لا يفعلون ما يكفي لوقف تمدده، حتى إن البعض يتهم الحزب الحاكم بمحاولة التودد للشعوبيين بسبب التقدم المستمر لفاراج وحزبه "ريفورم" في استطلاعات الرأي.

ما قد يجمع "أتباع كوربين" هو المطالبة بالكمال في تحقيق أهدافهم، ليقفوا على نقيض أحلام الشعبويين في التخلص من المهاجرين واستعادة الهوية الوطنية في دول هرمت حتى احتاجت إلى مواليد جدد وتمددت حتى فاق نفوذها حدودها الجغرافية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير